مساء الخير جميعا
قصتي طويلة ومعقدة، وعذابي شديد يقتلني ببطء، أتمنى لو أجد عندكم حلا يريحني، أنا فتاة في العشرين من عمري، أدرس بالجامعة، بدأ كل شيء من حوالي سنة ونصف، قابلت شابا على الشات من نفس جنسيتي، ويقيم في نفس البلد الذي أقيم فيه، في تلك الأيام كنت مدمنة الدخول إلى الشات، وكان لدي عشرات الأصدقاء على الشات، وكان ذلك الشاب بالنسبة إليّ صديقا مثله مثل الجميع، ولكني مع مرور الوقت اكتشفت نبل أخلاقه وتدينه وفكره القريب جدا جدا لفكري، قد لا تصدق أني وجدت فيه نسخة طبق الأصل من فارس أحلامي، ويوما بعد يوم ازداد إعجابي به إلى أن جاء في يوم وأخبرني أنه حدث أهله عني، وأنه يريد التقدم لخطبتي، كل هذا وأنا لم أسمع صوته، ولم أرَ حتى صورته، وكان حديثنا طوال تلك الفترة عاديا جدا حتى أني لم أعرف أنه يحبني، ففي نظره لا يجوز أن نتحدث عن الحب ما دام لا يوجد رابط بيننا، وهكذا كان تفكيري أيضا، فنحن متفقان في طريقة التفكير، عندما أخبرني بعزمه على خطبتي أخبرت أمي بكل شيء ويومها سألتني سؤالا واحدا "هل يعجبك؟" فقلت لها: نعم، وقالت لي إذن أنا موافقة، بعدها جاء لخطبتي وكان ذلك اليوم أول يوم أراه فيه وأسمع صوته، وأقول لكم إنه من ذلك اليوم وأنا أحبه أكثر وأكثر في كل ثانية تمر،
ومن ذلك اليوم بدأت المشكلات، أبي لم يوافق على الخطبة؛ لأن الشاب الذي أحبه كان مستواه المادي ضعيفًا بعض الشيء؛ ولأنه ليس لديه شهادة جامعية، وأمي التي وعدتني بالمساعدة كانت أول من وقف بوجهي رغم أني أعلمتها بكل ظروفه من قبل، اتفقت أنا وأمي على أن تسمح لي بالحديث معه بالهاتف إلى أن يحسن من ظروفه المالية والدراسية، استطاع حبيبي أن يجد عملا أفضل براتب أكبر، كما أنه التحق بدورات متخصصة في الحاسب، وأيضا الآن بدأ التسجيل في جامعة، وكانت لديه ظروف قاهرة حرمته من دخول الجامعة، وأنا لا أرى أن عدم حصوله على الشهادة الجامعية مشكلة،
المهم أنه عاد الآن وتقدم لخطبتي مجددا، ولكن أمي وقفت بوجهي وجرحتني فهي كل مرة تعدني بالمساعدة، ثم تخذلني حتى لم أعد أستطيع أن أثق بها، وأبي رفض بحجة أني ما زلت صغيرة، وحبيبي ما زال أمامه عدة سنوات قبل التخرج، صدقوني أحبه، أعشقه، ولا أستطيع الحياة دونه، مع أني أحدثه بالهاتف يوميا لأكثر من ساعتين إلا أني أبكي بمرارة كل يوم؛ لأنه بعيد عني ولا أستطيع رؤيته، أمي تقول إنه لا يناسبني؛ لأن أهله أقل مستوى منا، وأبي يريده أن يكمل تعليمه أولا، أليس من الممكن أن نتزوج ما دام قادرا على فتح بيت ويكمل دراسته في أثناء الزواج؟، ثم أليس المهم هو خلقه ودينه؟؟ إنه يعرف ربه بخلاف أهلي فالإسلام بالنسبة لهم كلمة في جواز السفر، إنه كل ما تمنيته من هذه الدنيا، المشكلة الحقيقية الآن أن والده لن يعود مطلقا لخطبتي بعدما رفض طلبه مرتين، وهكذا لم يعد عندي أمل بالزواج منه، ارحموني ماذا أفعل؟؟
إنني أبكي في هذه اللحظة من الألم وأحس بالدنيا سوداء ولا معنى لها، وحبيبي يتألم أكثر مني أضعافا، لقد اقترح علي أن أرفع قضية ضد أهلي، ولكني لم أقبل أن أفضح أهلي وأقف ضدهم بالمحكمة مع أنهم وقفوا ضدي بحياتي، وحرموني أن أعيش حياتي كما أتمنى، فعرض علي حبيبي أن نهرب سويا، ولكنني لا أستطيع أيضا فرغم الألم الذي أحسه من أهلي لا أستطيع خيانتهم، ولكن بربكم أفيدوني إلى متى يتحكم الآباء في حياتنا بحجة مصلحتنا، ويحيلون حياتنا جحيما؟؟ هل كتب علي أن أعيش حياتي كما يريدون هم، وما معنى حياتي إذن؟؟ أنا لست صغيرة ويحق لي أن أختار على الأقل الإنسان الذي سأمضي بقية عمري معه، الذي سأراه صباحا ومساء، الذي سأعيش من أجله وأحس بالسعادة معه،
لا أريد أن أجد نفسي على فراش الموت وأنا أقول لنفسي: لماذا عشت إن لم أفعل شيئًا بإرادتي؟؟ ماذا جنيت من الدنيا؟ ولماذا كتب أهلي عليَّ الشقاء؟ إن من حقهم علي أن ينصحوني وينيروا طريقي، ولكن ليس من حقهم هدم حياتي؛ فأنا من ستتحمل النتائج بالنهاية، وأريد أن أتحمل نتائج قرار أخذته بنفسي لا قرار فرض علي،. آسفة على الإطالة، ولكنني أحتاج لمن يسمعني، كما أنني أتمنى أن يقرأ كل أب وأم هذه الرسالة، ولا يحرمون أبناءهم حق الاختيار،الآن أريد أن أسألكم: هل من طريقة أستطيع بها الزواج ممن أحب غير الهروب معه؟
مع العلم أننا يجب أن نتزوج سريعا فكل يوم يمر يزداد شوقنا لبعضنا، ولا أريد فعل ما يُغضب الله،
وشكرًا على وقتكم.
21/1/2024
رد المستشار
الأخت الكريمة..
أرسلت لك ردًّا سريعًا فور استلامي لرسالتك على بريدك الخاص المثبت ضمن بياناتك، ولا أدرى هل وصلتك رسالتي أم لا؟ أهلاً بك على كل حال.
أختي.. لو أنك تزورين صفحتنا، وتقرئين المشاكل والردود بانتظام، لاكتشفت أن وضع المسألة ليس كما تتصورين في غمرة العاطفة الرائعة المشبوبة في صدرك، بل وكل كيانك.
نعم يا أختي، تختل نظرتنا للأمور، ونحن سكارى بخمر الحب، واقعون تحت تأثيره الساحر، وعندما يزول نعود للوعي وتختلف الأمور قليلاً أو كثيرًا.
هذه حقيقة أرجو أن تكوني مستوعبة لها طالما تقولين إنك ناضجة، ومن حقك الاختيار؛ لأن أمانة الاختيار ترتكز على جدية المسؤولية وحسن التقدير.
طبعًا أنت مأخوذة بصفات فارسك العظيمة، وكل نقص فيه أو في عائلته عندك له تبرير أو تهوين.
أختي.. اعلمي أولاً: أن أهلك ليسوا مطالبين بتقدير الأمر بنفس إدراكك ومنطقك ببساطة؛ لأنهم ليسوا واقعين في هواه كما أنت! إنما هم ينظرون من موقعهم، حيث يريدون الأفضل لابنتهم، ويرون العلاقة بينكما مشوبة بشيء من عدم التكافؤ، وهم هنا على حق، ولم يكن الالتزام الديني وحده –رغم أهميته- هو الأساس المطلق لزواج سعيد يستقر ويستمر، وإلا لما تطلق زيد بن حارثة حبيب رسول الله من زينب بنت جحش، والطرفان كانا ذروة في الإيمان والتقوي، ولكن عنصر التكافؤ الاجتماعي كان مفتفدا.
هل أقول هذا الكلام لأقنعك بالاستسلام لرغبة أهلك وإرادتهم؟! في الحقيقة لا .. إنما أقوله لأساعدك على فهم موقفهم ومبرراته بعيدًا عن الخطبة العصماء التي ذكرتها، والتي كنا نرددها، ونحن في مثل سنك بشأن حقوق الأبناء، وحرية الاختيار.
أما موقفك أنت فاسمحي لي أن أرصد عليه الملاحظات التالية:
أولاً: لنا موقف واضح من العلاقات العاطفية عن طريق الشات وتناولنا هذا الموقف في إجابات سابقة كثيرة منها: تسأل عن الحب والشات بعد النت بسنوات! ومعرفتك بهذا الشاب عن طريق الشات ليست كافية لإطلاق حكم دقيق بأنه نسخة طبق الأصل من فارس أحلامك.. هذه الجزئية تحتاج إلى مراجعة.
ثانيًا: يبدو الشاب جادًا في الارتباط بك، وهذا يحمد له، وأنت صريحة في تعاملك مع أهلك، وهذا ينبغي أن يستمر بل ويزداد، ورفضه مرتين لا يعني انتهاء الموضوع إنما يعني أنه متمسك بك، وأهلك يريدون استكمال بعض الأمور قبل الارتباط.
ثالثًا: مثلما نقول لمن يريد الارتباط، ولا يوافق أهله، أن المشكلة ليست في الحصول على موافقتهم، إنما المشكلة في أن انفراده بالقرار والاختيار يعني انفراد بالمسؤولية عنه، فعندما يشترك الأهل في اختيار الشريك فإنهم يكونون متضامنين في المسؤولية، وعندما يخالف الابن أو البنت، ويصمم على اختياره المخالف لرغبة الأهل؛ فعلية أن يعلم أنه هنا اختار أن يراهن رهانًا كبيرًا، ويتخذ قرارًا هامًا بمفرده، وأنه سيتحمل تبعاته وحده.
رابعًا: إذن، ليست المشكلة في الحصول على موافقة أهلك إطلاقًا - فهذا ممكن بطرق كثيرة - ولكن المشكلة الحقيقية التي غالبًا ما يخفيها رفض الأهل هي أن يكون الرهان على الشخص الذي يستحق، وإلا كان هذا الحب طعنة في الظهر بدلاً من أن يكون فرحة في القلب وسعادة في الحياة؛ ولأن أهلك يرفضون أو يتحفظون، فإن حسن تقييم هذا الشخص هو مسؤوليتك وحدك تمارسينه وتتحملين تبعاته، ويحتاج الأمر إذن إلى مزيد تدقيق منك.
خامسًا: نحن نصدقك حين تقولين: أحبه وأعشقه ولا أستطيع الحياة بدونه، وكنا نتمنى أن تذكري لنا عيوبه كما ترينها أنت، وليس كما يراها أهلك، وتقررين بعدها أنك قادرة على تحمل هذه العيوب، ويكون هو أيضًا قادرًا على تحمل عيوبك. وإنه إن كان جادًّا في رغبته في الارتباط بك، فمن براهين جديته أن ينجح في عمله الجديد ودراسته؛ ليكون في مستوى أفضل، ليس لأن أهلك يشترطون هذا، ولكن لأن الرجل ينبغي أن يكون مكافئًا للمرأة التي سيتزوجها، ويكون قوّاما عليها، وهذه الجدية هي المطلوب منه حاليًا، بدلاً من اقتراحات الهروب والزواج بعيدًا عن الأهل التي نناشدك عدم الاستجابة إليه فيها؛ لأن الرجل غالبًا ما يكون أول من يحتقر الفتاة التي توافق على هذا لو أصبحت زوجته؛ فإنه لا يكف عن تعييرها بذلك، رغم أنها فعلته من أجله وفي سبيله!
سادسًا: نحن إذن مع حقك الكامل في اختيار من يناسبك في إطار الضوابط التي ذكرناها لك، فكوني حقًّا ناضجة ومسؤولة، وانظري إلى فتاك هذا بإنصاف وتجرد وموضوعية. انظري إليه بعين العقل لا بعاطفة القلب. أعرف أن هذا سيكون صعبًا، ولكنه ثمن الانفراد بالقرار وتحديد المسار، ادرسي القرار الذي أنت بصدده مرة ومرات، وراجعي الرهان الذي توشكين على الدخول فيه، وأعط الزمان بعض الفرصة لإظهار حقيقة فارسك، فإن الأيام تلد كل عجيب، ولا تتعجلي فتكوني كمن يقطف ثمرة قبل اكتمال نضجها، ولو أنه صبر لذاق حلو الطعم، واشتم فوح العطر، وقرت عينه بنتائج غرسه ورعايته لها.
واتركي- بربك - لهجة التهديد بأنك توشكين أو لا تريدين فعل ما يغضب الله، فإنك إن فعلت تخسرين دنياك قبل آخرتك، تماسكي، واصبري صبرًا جميلاً، فالوقت في صالحك طالما تديرين أمرك بحكمة، وبعيدًا عن الاندفاع وراء عاطفة ليس هذا وقت إنفاذها، إنما هي ساعة العقل، وستأتي ساعة الوصل قريبًا بإذن الله.
راجعي اختيارك، واستشيري، واستخيري، واسألي عن هذا الشاب وسيرته وأسرته، كمن يجري تحريات أمنية عنه، فهو مستقبلك، وستكونين عنده أسيرة، وحين يتأكد لك بالبرهان الساطع والجدية الظاهرة والمعلومات المؤكدة أنه هو الذي تبحثين عنه، راجعينا؛ لنقول لك كيف تقنعين أهلك، وكُفّي-أرجوك- عن مكالمات الهاتف، وغيرها من الأساليب التي تزري بك في نظره، فالمكالمات لن تطفئ نار العواطف المتأججة، بل ستزيدها ويزيد الألم معها، وتكفي الاتصالات غير المنظمة في المناسبات، وبعلم الوالدة على الأقل.
أنا واثق في أن حكمتك ستقود رغبتك إلى حيث السعادة التي تطمحين إليها، وندعو الله أن يكتبها لك حيثما كانت، وأن يختار لك، ويرضيك باختياره، وتابعينا بأخبارك، وراجعي إجاباتنا السابقة والتي منها:
الحب الأول: النضج لازم أو التأجيل!
أحبها وتحبني ولن نتوقف! مقدمة كحلي!
زرقاء اليمامة تقع في مستنقع الشات!
أختنا أحبت... ولكن الشخص الخطأ
ساكن تحتنا: أحبه ويرفضني! مقدمات كارثة!