على أبواب الخريف: تسقط أوراقنا الهشة
سيدتي صاحبة المشكلة
لك أسلوب جزل سهل.. وتعبيرات تصويرية بديعة، ولا أعتقد أن قسم التصحيح قام بتعديل الجمل ولو كان المقام يسمح لقمت باستخراج صورك البديعية ومناقشة جمال تعبيراتها معك، ولكن الحال ليس كذلك هذه المرة على الأقل.
منذ أن قرأت عنوان رسالتك وأنا أبحث جاهدة عن قبر؛ لأني اكتشفت أنه كان يجب علي التواجد فيه من فترة، فإذا كنت في الخريف فأين مكاني الطبيعي وأنا على أعتاب الخمسين؟ وهذا الخريف جعل كلا من د. سحر ود. أحمد دون المستوى لسبب أو لآخر حتى إنك أطلقت على كل منهم صفة لأراها تجميلية علاوة على تدني مستوى ردود السادة المستشارين إلى أقل من المستوى الذي يدفعك لاستكمال قراءة أي شيء، حيث لا تجدين بين السطور ما تبحثين عنه. ولكن بعد استكمال قراءة رسالتك وجدت أنك كنت حانية رقيقة معنا.. بالمقارنة بما فعلتِه بزوجك وقلتِه عنه.
ما كل هذه الأنانية؟ ما هذا الدوران حول رغبات الذات ومتعتها وما يرضيها وما لا يرضيها؟
لم أتعرف على عمر زوجك من الرسالة، ولكن واضح أنه شاب.. وابن حسب ونسب على قدر ما تصفين، وفرح أسطوري، وجعلك تعيشين ليالي ألف ليلة وليلة.. ثم تذكرين كلمة: لم ير الدم ليلة الزفاف ذكرا عابرا، وكأن هذا هو الطبيعي.. لم تفكري في مشاعره كرجل شرقي.. لم تتفهمي أيتها المثقفة الواعية الـ.. الـ.. أنه ربما ليست لديه أي ثقافة جنسية تجعله يعلم أن البكارة ليست فقط قطرات من الدم.. لم تهتمي بكل ذلك.. لم تقلقي أنت نفسك على هذا الوضع الشائك الذي وجدت نفسك فيه.. لم تحاولي أن تحتضني هذا القلق، على الأقل لم تذكري أنك فعلت بل تعمدت ذكر أنه ارتخى وأخفق ولم يستطع أن يعاود جماعك طبيعيا إلا بعد خمسة عشر يوما.. وهذا طبعا نوع من الذم أو إنقاص قدر الرجل.. لم تجدي حرجا في ذكره.. وبالتالي أنا لا أجد حرجا أن أقول لك احمدي ربنا أنه استطاع أن يتخطى بركان القلق الذي بذر بداخله ويعطيك لقاء ليلى وعلاقة متوهجة لمدة خمس سنوات أنجبت خلالها أربعة أبناء.
وفي لحظة حين قفز القلق القديم من صدره وفاتحك في ما قهر رجولته وأرخى شهوته في ليلة زفافه وأفقده قدرته الرجولية لأكثر من أسبوعين.. حين فعل ذلك استحق كل اللعنات وغدا شخصا باهتا فاترا.. بلا طعم ولا لون.. شخصا قاسيا بلا قلب ولا رحمة وكأنه أتى جرما حين حاول أن يطفئ نارا التهبت بين جنباته سنوات فحاول أن يتخطاها لتسير مركبه ربما لأنه أحبك ولم يبخل عليك بالقلب والمال.
أصبح شخصا لا يهتم وأدخلك في ظلمات الخوف والمرض.. هل تصورت أن غياب الدم ليلة الزفاف هو مجرد: "أزمة وتعدي..!! يمكن"؟
ولماذا تركك الأهل ولم يساعدوك.. أولست ابنتهم؟ إن صلة الزوج قد تنقطع مع زوجته إذا انفصلا، أما الأهل فإن العلاقة بهم أبدية.. فلماذا اكتفوا حسب أقوالك: بالاستهجان؟
لماذا لا تذكرين عن كل من حولك إلا ما هو سيئ ومستفز، زوجك أساء إلى الأطباء النفسيين.. أهلك تعاملوا معك بنذالة.. زوجك يريد الجسد.. وكأنه حيوان يبحث عن متعة.. مع أن هذا إن دل على شيء فهو يدل على أنه رجل طيب ومستقيم.. وما معنى أنه لا يقوم بمسؤولياته الأسرية؟ هل توقف عن الإنفاق أم مجرد لم يعد ينفق ببلاهة؟ لم تجدي في نفسك غضاضة أن تحثيه وتدعيه وتطلبي منه أن يتزوج غيرك.. معناه: اذهب إلى الجحيم ليس لك بداخلي أي نوع من المشاعر.. "أنت كلب ولا تسوى، ويفضل أن ترحمني من رؤياك ولمس أصابعك ورائحة جسدك العفنة..." أنت لم تقولي كل ذلك ولكن لا يوجد أقل من هذه المعاني ستصل إليه.
حاولت وصمدت.. على من تمنين بذلك؟ استسلمت إلى واقع؟ واقع أن تسلمي قلبك وعقلك وعينيك وجسدك في الخيال لرجل لا يكلفه كل هذا إلا الكلام بالعيون.. رجل واتتك الجرأة -أيتها الملتزمة- أن تعلني حبك له صراحة، وأنت على ذمة رجل آخر حتى لو كان كلبا.. ما دمت ارتضيت أن تظلي زوجته فيجب أن تحترمي هذا.. تريدين أن تحبي وتتخيلي.. اتركيه، انفصلي أو اخلعي.. دعوتك الحارة له أن يتزوج بأخرى وجعلك على هامش حياته لن يعفيك من الالتزام تجاهه.
مرة أخرى تطل أنانيتك من بين السطور.. أين أبناؤك من هذه العواطف؟ أربعة أبناء "خايفة تموتي وتسيبيهم ومش خايفة تظل مراهقتك الفكرية عارا على رءوسهم يراه رب العباد.." إن الله لا يحاسب على ما تكنه الصدور.. ولكن في حالتك مكنون الصدر هو نوع من الخيانة؛ لأن المرأة المحصنة مطالبة ألا تفتح عينيها لغير زوجها، وأن تغلقهما فيما دون ذلك. وراجعي إذا كنت لا تصدقين عقاب الزانية المحصنة وغير المحصنة، ولا أقصد بالطبع أنك زانية حاشا لله، ولكنك على أبواب ذلك، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، والوجدان يزني وزناه الخيال وهذه من عندي.
ألا تتقين الله في أبنائك وبناتك.. كل هذا الهناء والسفر وليالي ألف ليلة والإنفاق ببذخ طار في ليلة واحدة فتح فيها الرجل قلبه ولم تحتويه ولو بتقبيل الأيدي والأرجل.. ولو بمنحه نفسك راضية طواعية راغبة فيما بعد حين هدأ وبعدم مغادرة الفراش.. حتى لو كان قد أساء أو حتى أهان ليلتها.. ليلة المحاكمة المزعومة.. ويظل هو باهتا لا تريدينه وأنت تعيشين بين أحضان رجل آخر في قلب بيته!! يا ألله ما هذه الخسة.. أفلا نظرت إلى نفسك في المرآة وضعي نفسك مكان زوجك بأمانة ولو مرة واحدة.
كل ابن آدم خطاء نعم وخير الخطائين التوابون.. ولكن خطأ مستمر أربع سنوات بدون أي شعور بالذنب بل بالمتعة المستمرة، "دي مش تبع كل ابن آدم خطاء.." "ولا تبع الملتزم أبو أجنحة.. دي تبع" من ترك نفسه على هواها وتمنى على الله الأماني: نظام "أنا قلبي أبيض وبيني وبين ربنا عمار".
وما كل هذه الرقة والهدوء التي أجاب بها د.أحمد عبد الله وكأن أنانيتك ينقصها كل هذا الاهتمام.
سيدتي:
هناك حل واحد ولن أقول للملتزمة وغيرها سنقول إذا كان لديك ذرة من كرامة وحسن تربية وحسب ونسب كما هو حال زوجك أن تعيشي مع رجل ينفق عليك معناه التزامك التام تجاهه بشروط العقد بينكما والتي ليس منها بالتأكيد أن تحلمي بأنفاس رجل آخر تداعب مجرى العبير في صدرك.. إذا كنت تموتين وتذبلين وتتوهين وتغرقين وكل البلاوي التي تحدثت بها أنك تقاسينها في صمت.. فاخلعي أو اطلبي الطلاق.. "لكن واحد يدفع والتاني يتمتع ولو في الخيال.. دي نذالة"!
والآخر يعلم ويثق أنك تحلمين بصدره يضمك، "الرجالة مش عبيطة" وتعرف أحوال المرأة حين تحب.
فما بالك إذا كانت تلاحقه بعيونها العطشى!! اتقي الله واحترمي بيتك وأولادك.
20/2/2024
رد المستشار
حبست هذه المشاركة عندي قرابة الشهرين لأسباب منها:
انتظاري أن تكتب لنا الأخت صاحبة الرسالة الأصلية متابعة بعد نشر عدة مشاركات، وبعد نشر الإجابة نفسها، ولكنها لم تفعل للأسف طوال أكثر من شهرين، وتخوفت أن ينسب إلينا الانتصار للرجال على حساب النساء "المظلومات المقهورات" إلى آخر قائمة النعوت الشائعة التي تنسب للنساء كل فضيلة، وتبرر لهن كل رذيلة بدعوى أن هناك تمييزًا ضد المرأة في مجتمعاتنا!
وخشيت أن ينطوي الأمر على نوع من تضخيم خيانة السائلة التي لم تكتمل بسبب رفض الطرف الآخر، أو التأنيب الزائد الذي يخلق رد فعل معاكسا ربما، فيذهب الدرس، وتضيع العبرة وسط ألفاظ التقريع، ووجدتني أعود إلى المشاركة وأعيد قراءتها مرة ومرتين لأجد أن منهاج صفحتنا يوجب علينا نشرها بنصها كما جاءت.
وأنا أشكر السيدة صاحبة المشاركة على جهدها في الكتابة، وعلى محاولة الانتصار للحق وللزوج الذي لم يأخذ فرصة في الدفاع عن موقفه أمامنا؛ لأنه غائب عن المشهد إلا بما تصفه به زوجته من صفات سلبية!
كما أشكر صاحبة المشاركة على سعيها الحثيث في الانتصار للقيم الصحيحة التي نشكو جميعًا من غيابها، ولا تصلح المبررات لتمرير انتهاكها، بل ينبغي أن تحدث وقفة تشديد من آن لآخر حتى تتضح الصورة في زمن البهتان والتشويش.
وألفت النظر إلى أننا في صفحتنا، أو على الأقل في إجاباتي، يكون الميل إلى تصديق وجهة نظر ومعلومات وانطباعات الطرف السائل؛ لأن الأطراف الأخرى غائبة، ولأننا أيضًا نحاول التركيز على دوره هو ـ أي الطرف السائل ـ في وقوع المشكلة، وفي الحل.
صاحبة المشاركة قامت بإضافة مشكورة حين حاولت استدعاء الطرف الغائب من خلال ثنايا سطور السائلة ووضعت نفسها مكان الزوج، وحاولت تحليل موقفه، والنظر من زاويته كما حاولت تقييم الموقف كله، وخاصة نظرة الزوجة لزوجها، ومن ثم سلوكها معه، ومع غيره، ووضعت هذا كله على منصة المحاسبة أمام الضمير الفردي قبل الله والناس، ولم تجد مبررًا واحدًا معقولا لصاحبة المشكلة حتى تفعل ما فعلت.
وأحسب أن إلقاء الأعذار، وانتحال المبررات يمكن أن يكون مجرد آلية دفاعية لتبرئة الذات، ولكنه فعلا قد يتحول إلى معزوفة تلفيق يصدقها المخطئ ليخفف آلام ضميره، وربما يحتاج إلى من يقول له: استيقظ، ويد الإيقاظ قد تكون قوية وقد توجع، ولكنها تعرف هدفها، وتحتسب أجرها، وحسبها أنها لخير النائم تتطلع وربما لا يوقظ إلا الكلام الخشن والصوت العالي، وبخاصة أنه يأتي من هنا امرأة أم وزوجة وملتزمة ـ نحسبها كذلك ـ وهي مثل ما تقول صاحبة المشكلة الأصلية في معلوماتها عن نفسها، فهل تقرأ وتستفيد؟! أرجو ذلك.
وتبقى الخيانة أبشع فعل إنساني يمكن أن يطيح بأنبل ما في البشر من معانٍ، ويخل بكل أسس الأسرة ويضربها في الصميم، وتظل نتيجة لمقدمات، أو جزءا من سياق؛ لأنه اختيار، وهو الاختيار الأسوأ على الإطلاق، وما وردت الخيانة في القرآن إلا مع تشديد على سفالتها، وأن جزاءها يتكفل به الله سبحانه بنفسه، والخيانة في الدين مثل الخيانة في العرض.. كلاهما أمانة بين العبد وربه، والويل للخائنين.. اللهم عافنا.
تبقى نقطة أخيرة وهي حول تعليق المشاركة على رقة ردي.. وهدوئي، وأحسب أن هدفي دومًا يكون الفهم والتحليل الذي يخدم صاحب المشكلة، لا المديح، ولا النقد، لا هجوم ولا دفاع، لا رقة ولا خشونة، إنما فهم وتفهيم لعل السائل يستفيد، وأحمد ربي وأشكره إذا أصاب هدفي، وأتوب إليه إن أخطأت فسامحوني لأن التحليل صعب، أما المديح أو الانفعال، الهدوء أو الغضب... فيستطيعه كل أحد، والله الموفق.
ويتبع>>>>>: على أبواب الخريف: معا في الجهل والغباء.. مشاركة1