حضرة الأفاضل..
تحية وبعد.. لقد سررت كثيراً عندما تعرفت مؤخراً على موقعكم الفضيل. لقد طالعت بعض الرسائل التي في مشاكل القراء. أنا أعمل في وظيفة مرموقة ولدي منزل وعمل ممتازين والحمد لله. وقد تعرفت على فتاة متعلمة وصالحة والحمد لله. وقد تقدمت مع أهلي لخطبتها من والدها منذ سنة وفعلاً حصل ذلك والشكر لله. وقد تمكنت بفضل الله أن أهديها إلى الصلاة والصيام، كما أنني على علاقة جيدة بعائلتها الذين يبادلوني كل الاحترام والمودة لمعرفتهم بأخلاقي ومركزي وثقافتي. إلا أن والدها لديه مشكلة.. فهو أناني باعترافه، فهو يريد ابنته أن تبقى بجانبه من دون أن يأخذها منه أحد لأنه يحبها كثيراً.
وقد تسبب لنا هذا الأمر بمشاكل كثيرة عندما تقدمنا لنخطبها، ولكن الوالد رضخ لضغوط أهلها فتقدمنا أنا وأهلي وقرأنا الفاتحة جميعاً مع والدها، أي أن الوالد وافق على مضض لاعتقاده أنني اسلب ابنته منه. وبعد رمضان الأخير وما كنا فيه على تقى ومقربة لله والحمد له على ذلك، اكتشفنا أن خروجنا مع بعض والبقاء لوحدنا مع بعض حرام لأننا لم نكتب كتابنا بعد. فسارعنا إلى مفاتحة والدة خطيبتي أننا نريد الحلال. فوافقت معنا على الأمر ولكنها كانت موقنة أن الوالد لن يوافق لأنه يريدنا أن نكتب كتابنا قبل الزفاف لكي ننتقل للعيش في منزلنا. وبما أننا لن نستطيع الزفاف قبل ستة أشهر على الأقل فإننا واقعون في حيرة من أمرنا.
فما الحكم الشرعي لهذا الأمر؟ وهل نستطيع الزواج دون حضور والدها؟ أو هل يستطيع عمها أو خالها أو أخوها الأصغر أن يكونوا ولاة أمرها؟ أم هل نستطيع أن نعقد قراناً شفوياً بدون تسجيله في الدولة (أي بحضور شيخ وشاهدين بدون ولي أمر)؟ أو ماذا تقترح علينا حلاً؟ أفيدونا أفادكم الله.
نرجو الإجابة بسرعة لأننا على يقين أن كل يوم يمر تكتب لنا معاصي نحن بغنى عنها.
وشكراً والسلام عليكم ورحمة الله..
23/2/2024
رد المستشار
أريد أن أوضح لك نقطة في البداية يا أخي وهي أن كثير من الآباء يرفضون فكرة عقد القران المبكر لبناتهم ليس بسبب أنانيتهم أو رغبتهم في بقاء بناتهم بجانبهم ولكن لسبب آخر وهو أن فترة العقد فترة حساسة وشائك، فالزوج عندئذ يرى أن هذه الفتاة قد أصبحت زوجته، وبالتالي تحدث تغيرات كبيرة في علاقته معها سواء في العلاقة الجسدية والجنسية بينهما أو سواء في شعوره بأنه قد أصبح له عليها كل الحقوق من أمر وطاعة واستئذان وغير ذلك.
المشكلة هي أنه رغم كونه زوجها إلا أنها ما زالت في بيت أبيها!! ولم تنتقل لبيته بعد!! وبالتالي فهو - عرفا - ليس زوجا، بل هو جزء من الزوج!! وهذا الوضع يؤدي لمشاكل كثيرة جدا ليس بين الزوجين والأهل فقط، بل ربما بين الزوجين وبعضهما البعض لأنهما ربما لا يتفقان على القدر المسموح به من ممارسة الحقوق الزوجية، بل ربما تكون المشاكل بين المرء ونفسه لأنه هو نفسه بداخله تساؤلات غير محسومة عما هو مسموح به وما هو غير مسموح!! لذلك يفضل الكثير حتى من الأزواج أنفسهم الالتزام (بالصيام) بدلا من دخول هذه المعارك التي ربما تهدد الزاج كله بالانهيار، وربما تؤدي لمشاكل مع الأهل لا تمحوها الأيام.
لذلك فأنا ربما أشير عليك بهذا الحل القاسي وهو الصبر مع محاولة التعجل بإجراءات الزفاف، مع مباعدة اللقاءات بينكما تجنبا للحرام.. أما الحلول الأخرى التي تقترحها يا أخي فلا يقبلها شرع أو عرف أو عقل،وأنا أعلم أنك إذا جلست مع نفسك قليلا وفكرت في هذه الحلول فإنك لنتقبلها على أختك أو ابنتك.
وأنا أعذرك يا أخي فيما ذهب إليه تفكيرك، لأنك بين نارين: نار الخوف من الوقوع في المعصية، ونار الشوق والرغبة في حبيبتك.
أعلم أن الأمر صعب وقاس، ولكن تذكر أن بينك وبين حبيبتك ستة أشهر فقط، وبعدها تصبح في بيتك وتستمتعان بحياتكما معا بإذن الله.. أخيرا، أذكرك يا أخي، لا تتسرع، ولا تدفعك مشاعرك لتصرف تندم عليه طوال حياتك، وربما يؤدي لأن تخسر الفتاة أهلها – وهذا ما لا نتمناه لكما..
أدعو الله أن يجمع بينكما قريبا بإذن الله..