الإخوة الأعزاء، بدأت مشكلتي يوم أن عرض عليَّ أهلي الزواج من مطلقة، وذهبت لرؤيتها مع أمي وأختي وخالتي وأعجبتني، وفي يوم عقد القران حدث موقف غير مقصود نتج عنه خلاف دائم حتى الآن؛ وذلك من ناحية ما كتبناه بالعقد من مؤخر صداقها مقارنة بزوجة أخي.
ومن ناحية أخرى فأنا أشعر أن المادة تسيطر على تصرفات زوجتي؛ فهي تطلب خُمس مرتبي كمرتب شهري مخصص لها، رغم تكفلي الكامل بالإنفاق على البيت، وهي دائمة الشك في تصرفات أهلي رغم أنهم كانوا السبب في زواجي منها، وهم يحبونها، ويمتدحونها في كل مكان يذهبون إليه،
ولكن يبدو أنها ورثت عن أمها وأخواتها كره الحموات، رغم أن والدتها مربية اجتماعية محبوبة، وأنا أحبها فعلاً، ولكن علاقتها بأخوات زوجها "والد زوجتي" تبدو على غير ما يرام، لا أريد أن تظنوا بأن زوجتي امرأة سيئة الخلق، إنها عابدة صالحة تحفظ جزءاً كبيرًا من القرآن، وأعتقد أنها تحبني كثيرًا كما أحبها،
ولكن لا أدري كيف أجعلها تتغير تجاه أهلي،
وتعتدل في نظرتها إلى الأمور المادية في حياتنا.
23/2/2024
رد المستشار
الأخ العزيز، أهلاً بك، وشكرًا على ثقتك، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك بنا، وقد تداولنا في أمرك، وتبادلنا رسالتك لنحلل الأمر، ونصف العلاج بإذن الله.
بداية يا أخي، فإن الرجل يتحمل تبعات الزواج كاملة في بلدكم، وبالتالي فإن النساء في سورية، بل والعائلات تقيس قيمة العروس، وحب الزوج لها، وتمسكه بها بما يدفعه مقدمًا، ويكتبه مؤخرًا لها، والخطأ غير المقصود الذي حدث من طرفكم عند العقد من شأنه أن يُغضب زوجتك وأهلها، ولهم بعض الحق في هذا، ورد فعلهم كان طبيعيًّا في هذا الظرف، وبمرور الأيام، وبحسن التعامل، والصبر سيكتشف أهل زوجتك أن ما حدث كان عارضًا لا يعبر عن أخلاقكم الحقيقية أنت وأهلك، وعليك أن تدرك يا أخي أن نفسية زوجتك ستحتاج منك إلى جهد نظرًا لظروف زواج سابق لم توفق فيه، ونظرًا لتركيب نفسي معين لدى والدتها وأخواتها تجاه أهل الزوج يبدو أنه حصاد تجربة غير سعيدة في التعامل مع أهل والد زوجتك، هذه الظروف التي مرت بها زوجتك ستؤثر عليها لوقت طويل، ولكن سيخفف هذا التأثير، ويقصر هذا الوقت بجهدك أنت، خاصة وزوجتك إنسانة فاضلة ومتفهمة بشهادتك، وحين تشعر زوجتك تجاهك بكامل الأمان، والثقة، ومن أهلك بالحب المتبادل، والود الصافي، ستكف عن المطالبة بمال لنفقة خاصة بها، وهو تعبير – غير واعٍ - عن عدم الشعور بالأمان في العلاقة.
وتفهمك لعيوب زوجتك شيء هام، وينبغي ألا يلغي مميزاتها، وبالتالي تعتبر أن عيوب زوجتك المعدودة هي ميدان اجتهادك بحكمة في السير بمركب حياتكما الزوجية.
وفي الوقت الحالي فإن الحرص ينبغي أن يكون متوجهًا لسلامة صدر زوجتك وأهلك تجاه بعضهما، وهذا منوط بحسن إدارتك للعلاقة بين الطرفين بما يكفل مراعاة الأصول في التعامل، والمجاملة في المناسبات، وحسن الكلام، وأدب السلوك، وحسن معاملتك لهم جميعًا حتى تجد المثل من زوجتك تجاه أهلك، كما ينبغي أن تظل على حبك وتقديرك لأهل زوجتك، والحب والود درجات، ونرى ألا تطمح حاليًا في الدرجات العليا منه، كما نرى ألا تلح في إثبات عكس ما تشك زوجتك فيه "بالكلام"، ولكن دع الوقت والتصرفات يثبتان لها أنك ذلك الزوج المحب، وأن أهلك لا يضمرون لها إلا كل خير، ولا تنفق الكثير من الجهد في محاولة الإقناع اللفظي المنطقي؛ لأن مخاوفها نفسية لا منطق وراءها، ولا عقل.
وتوقع منها – على الأقل في الشهور الأولى - سوء الظن، والشك على خلفية تجاربها السلبية، وقابل هذا بهدوء واستيعاب وتفهم، وتلافي أسباب تعكير الأجواء بخطأ آخر غير مقصود منك أو من أهلك.
وشيء أخير ننصحك به هو أن تفكر في ازدياد نصيب زوجتك من التعليم، وخروجها لعمل بسيط مناسب تستثمر فيه وقتها، وبعض طاقتها الذهنية، فإن المرأة فارغة الذهن عدوة نفسها، وتكون نهبًا للظنون والهواجس أكثر من التي تشعر بأن لها دورًا في الحياة، وذلك حتى يرزقكما الله بالذرية الصالحة، ولعلها يومئذ تتغير إلى الأفضل، وليتك تخبرنا بالتطورات.