بسم الله الرحمن الرحيم، الإخوة المستشارون في موقع مجانين، بارك الله فيكم على عظيم جهدكم، والله ما دفعني لعرض مشكلتي بهذه الصورة المفصلة والتي قد ترون فيها إسهابا لا داعي له إلا رحابة صدركم وخيركم والذي كان يمدني براحة كبيرة وأنا أقرأ استشارات الإخوة؛ فجزاكم الله كل خير.
تمت خطبتي مع إجراء العقد وذلك بعد شد ومد، تم تعارفنا في الجامعة، بطريقة غير مباشرة، من خلال الأنشطة الطلابية، وكان يكبرني بسنة دراسية، وبستة أشهر فعليا، وبعدما تخرجت جاء يحدّث والدي برغبته في الارتباط بي على الرغم من صعوبة فتح الموضوع في تلك المرحلة كونه حديث التخرج بالنسبة لأهلي وأهله، باعتباره يغطي بعض الالتزامات المادية لأهله.
وأُغلق الموضوع في تلك الفترة وعاد وفُتح من جديد بعد تسعة أشهر، وتيسر الموضوع وتمت خطبتي مع العقد، لكن في جو من عدم ارتياح عام من أهلي، ولكنهم لم يقفوا حائلا دون رغبتي وشعروا بقناعتي به.. الإيجابيات التي رأيتها في الشاب: التزامه الديني، وخلقه، وحفظه للقرآن، وقارئ، ونشيط دعويا، وفهمه لطبيعتي ومرادي وعملي، وحبه لي.
أما السلبيات فكانت الوضع المادي؛ فمعظم الالتزامات سيتم التوفير لها خلال فترة الخطبة مع الاستدانة، وعدم التكافؤ الاجتماعي.. وهاتان النقطتان كانتا محور الخلاف مع أهلي، لكني كنت أرى أن لمهنته مستقبلا وظيفيا، ويمكننا السفر للخليج لمدة مؤقتة لغرض تطوير وضعنا.
وبعد أسبوع من العقد وعلى إثر كلام حدثه به والده وأزعجه فتحت أنا وهو خياري الاستمرار والانفصال للمناقشة، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا الخيار؛ إذ وبعد خطبتي بيومين أشار لهذا الموضوع كردة فعل عندما تكلم معي هاتفيا وأحس ببكائي ولم أخبره بالسبب وقتها، وقلت له أحدثك لاحقا، كنت متضايقة من الوضع العام في بيتي من عدم الارتياح.
لكنه أخبرني أنه فوجئ بضيقي ولأنه كان في دوامة مما دفعه للقول بذلك وانتهى الموضوع مباشرة. أما عقب كلام والده له فتحنا الخيارين وحددنا موعدًا لنصل لقرار نهائي، مع أننا كنا قبل عقدنا قد اتفقنا على مواجهة الأمور بشكل إيجابي واستبعاد الحلول السلبية، لا أنفي أنني في تلك الفترة كنت أشعر بعدم ارتياح؛ إذ لم أكن أشعر بشيء من تبادل المشاعر والمدح وما إلى ذلك.
وعندما جاء اليوم الذي نقرر فيه أخبرته أني أرى الأفضلية بانفصالنا، وقال لي بعد كلام خفيف اتفقنا ثم عاد بعد خروجنا من المكان ليقول إن علينا أن نتروى وبقيت على رأيي وأخبرته لاحقا بأن والدي يريد أن يحدثه، ورأى والدي بضرورة أن نتروى وترك لنا التفاهم والقرار، وبعد ثلاثة أسابيع ذهبنا للمحكمة وتم الانفصال.
ما دفعني لهذا القرار بعد استخارة واستشارة بعض المواقف التي غيرت نظرتي تجاهه مع أني ليوم انفصالنا لم أشعر بكره أو نفور منه وانفصلنا ونحن في رضا عن بعضنا، مع أنه كان يرى أن ثمة فرصة يمكننا فيها الاتفاق بتنازلي عن تحفظاتي حول تلك المواقف.. وأن كلام والده لن يتعدى أثره علينا وهو مجرد كلام، والأمور ستكون أفضل بكثير ولست كما أتوقع.
وسأروي لكم هذه المواقف:
* كان قد اتفق مع والدي على المهر وتأخر عن دفع الجزء الأول منه، مع أني ذكرته به مرتين وقد تفهم ذلك، لكنه قال لي في المرة الأولى أنه سيدفعه في أول زيارة لنا، ولم يفعل، وفي المرة الثانية قال إنه فكر بزيادة الجزء الأول لذلك لم يدفعه فسيؤخره، ولم يحدد يوما بذاته، ولم يتكلم بذلك مع والدي، وقلت له ذلك، رأيت في ذلك عدم مصداقية أو تقدير أو مسؤولية لكنه أقسم لي بأن ليس ثمة شيء من ذلك وأن المبلغ معه لكنه لا يوجد سبب لعدم دفعه وأنه من جهله لا أكثر وما درى أنه ممكن أن يكون عاقبة فعله ما وصلنا إليه.
لم يكن موضوع المهر بذاته الذي يهمني وإنما كونه جزءا من الترتيبات وكنا قد رتبنا أمورنا معا كي تمشي الأمور، وذكّرته مرتين وقال لي إن الأمور (ماشية) مثلما خططنا.. إذن لماذا لم يتم ذلك؟! فرأيت أن ثمة شيئا غير واضح بالنسبة لي، وأكثر ما أحبه الوضوح والصدق. إلا أني كنت قد سألته حول موضوع يتصل بهذا الجانب مرتين وتلقيت إجابتين مختلفتين. مع أنه يؤكد لي أنه ليس ثمة سبب دَفَعَه لذلك وأنه واضح معي. وعلينا أن ننظر للأمور الأخرى التي أنجزناها بصورة جيدة (الحفل والشبكة).
* هو خجول وهادئ وغير متحدث مع أنه قارئ ولديه نشاطه الدعوي، ووجدت علاقاته محصورة بفئة معينة، وقد كنت أحب الارتباط بشخصية تطورني وتكملني وهي تبنيني وتوجهني. حتى من حولي يرون أن شخصيتي أقوى منه، مع أنني لست قوية الشخصية لدرجة كبيرة، وأن هذه المعوقات ستقف حائلاً أمام طموحاتي ولن أستطيع عملها إن كانت بداية حياتي ضعيفة. مع رؤيتي أننا نملك مقومات التطوير، وظيفته مع صعوبة دوامه الطويل وحملي للجنسية الأمريكية.
* لم أرتح مع أهله، ومع أنه لم يحصل خلاف أو ما شابه، ومع اختلاف طبيعة السكن وو.. إلا أنه ليس هذا ما ضايقني وإنما طريقة الحديث والتعامل والافتقار لبعض الذوقيات. أما من ناحية المادة وموضوع الثقافة العاطفية والتعامل فهي قد تكون قابلة للتغير.. هذه هي جوانب الموضوع بشكل عام.
مع العلم أن الموضوع عندما انتهى وقلت له إني على رأيي سلّم مع حزنه لكنه لم يقم بشيء عملي يدل على تمسكه بي وقلت له ذلك فقال إنه يقدرني، ولكنه ظن أنه لو جاء وقدم المهر مثلا فلن يغير شيئا طالما أن هذا الموضوع بالنسبة لي معنوي وإنه على خطئه، إلا أنه كان ينبغي علي أن أساعده وأقول له أن يفعل ذلك فيما إذا كان عمل ذلك سيدفعنا للاستمرار كوننا واحدا لا اثنين. (كما قال) وفي قراري المجرد من العاطفة تماما لم أكن أرى أن ثمة فرصة قد تغير قراري لذلك بقيت على رأيي وانتهى موضوعنا دون تدخل أهله.
ولم تستمر خطبتنا سوى ستة أسابيع، خمسة أسابيع منها في هذه الدوامة. ولم يسئ لي قط عند الانفصال سواء بما كان قد قدمه لي أو حتى معنويا. وللآن وبعد انفصالنا يرى هو أن ثمة أملا علينا أن نحييه ويريد إعادة فتح الموضوع.
هل تعاطفي الآن إزاء الموضوع لأني في لحظة ضعف (في جو المشكلة وألمها)؟ فما زلت أفكر بالموضوع واتجهت طريقة تفكيري فيما إذا كان ثمة سوء تفاهم وحلقة مفقودة من التواصل وفهم النفسيات بيني وبينه؟ أم أنه حقا لم يكن واضحا معي، مع إصراره على نفي ذلك واعتباره أن عليَّ ألا أحكم من موضوع واحد (المهر) على أهميته!! أم هل المواقف التي حكمت على أساسها لا تستحق ما أقدمت عليه؟ هل أطوي المرحلة أم أفكر بالتجاوب مع رغبته بالعودة والاستمرار؟ وإن طويت المرحلة فسأبقى في قلق عليه وأشعر بالغصة كلما ذكرت أهدافنا التي رسمناها معا وتفهمه لي فيها، وإن عزمت الاستمرار فمخاوفي من المستقبل ومن تحقق عواقب المواقف التي لم أرتح منها لن تزاولني، مع صعوبة اتخاذ أو مجرد التفكير بالعدول عن هكذا خطوة حينها.
هي أسئلة حائرة ومرتبكة تعكس حالي؛ إذ لم يمر سوى ثلاثة أيام على الحادثة مع تسليمي التام لرب العالمين؛ إذ دعوته واستخرته سبحانه.
وقد قرأت الكثير مما عرض من الاستشارات في موقعكم؛ فأسألكم أن تنصحوني وترشدوني للصواب وطريقة التفكير السليمة على أسئلتي الحائرة تلك.. ولأصل إلى جواب يريحني إذ لم أصل للآن لمن يدعمني وأبغي ذلك عندكم.. ولا أريد أن أدفع ثمن الوقت الذي يمضي فساعدوني جزاكم الله خيرا.
واعذروني جدا على هذه الإطالة؛ فبارك الله فيكم ونفع بكم وأبقاكم مشاعل حق تنير درب السائلين،
وجزاكم الله كل خير.
21/02/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
الخلافات بين الرجل والمرأة قبل وبعد الزواج حقيقة لا يمكن إنكارها وأي خلاف يتم حسمه بعد فترة بصورة أو بأخرى وينتقل الإنسان إلى موقع جديد في حياته. كذلك يحصل هذا الأمر أثناء فترة الخطوبة وقبل الزواج، ويتم حسم الخلافات لسبب واحد فقط وهو ارتباط الطرفين مع وجود عاطفة تشد أحدهما إلى الآخر وهي الحب. إن وجدت عاطفة الحب المتبادلة فسيتم حسم الخلاف بجلسة واحدة ومسك اليدين والقبول بأن تحديات الحياة لا نهاية لها. حين يوجد الحب توجد السعادة.
الارتباط بين الشريكين قبل وأثناء مرحلة خطوبة تمثل تحدياً لكل منهما لتجاوز العقبات والموانع التي يشيدها المجتمع والتقاليد والأهل مثل المهر وتجهيز بيت المستقبل. تجاوز الموانع هي إنجاز بحد ذاته يشعر بعده كل منهما بالسعادة.
كذلك في مرحلة الخطوبة هناك الشعور بالألم بين الحين والآخر مع التفكير بالمستقبل والخلافات البسيطة بين الطرفين، وحين ذاك يلجأ الطرفان إلى الترفيه والهوايات التي تجمعهما وبعد فترة يشعر كل منهما بأن الخلافات مهما عظم شأنها فهي لا قيمة لها.
من الصعب القول بأن هناك جملة واحدة في استشارتك تتحدث عن حبك لخطيبك السابق، وتقييمك له تقييم مادي غير موضوعي بحت حول قابليته لتطوير نفسه في المستقبل ليصل إلى مرحلة يصبح فيها الرجل المثالي من وجهة نظرك. لا أنكر بأن دورك في فسخ الخطوبة كان الدور الرئيسي ولو كنت تشعرين بالحب تجاهه لتمسكت به رغم جميع التحديات والمواقف التي تم سردها في الاستشارة، وهذا بدوره يفسر فسخ الخطوبة بعد بضعة أسابيع.
كل إنسان يستحق فرصة ثانية ولكن نادراً ما تسنح له فرصة ثالثة إن فشل مرة أخرى. أنت تستحقين فرصة ثانية وهو أيضاً يستحق مثل هذه الفرصة، والأهم من ذلك تقربي منه عاطفيا وافتحي قلبك ومشاعرك على مصراعيها. لكن إن كنت لا تقوين على الشعور بالحب تجاهه فالأفضل لكل منكما البحث عن شريك آخر في الحياة.
وفقك الله.