خطبها.. ثم قال: لا أتزوج فتاة إنترنت!!
فتاة إنترنت: جولة مع فقه الرعب م. مستشار
هذي مجموعة منتقاة من المشاركات التي جاءتنا على الاستشارة أعلاه منذ ما عرضت نهاية ديسمبر 2012... تم الرد على المشاركات حينها عبر البريد الإليكتروني ثم رأينا عرضها.
المشاركة الأولى:
السلام عليكم ورحمة الله، أستأذنكم في المشاركة معكم في موضوع خطبها.. ثم قال: لا أتزوج فتاة إنترنت!!.
أنا أعمل في مكتب للإنترنت أكتب إليك منه الآن، يجلس بجانبي شاب يتحدث عبر الشات مع مجموعة من الشباب، من بينهم فتاة سيطرت على الحجرة -أو الروم كما يسمونها- أنا أدعوك للدخول إلى هذه الروم الآن، وأن تستمع إلى هذه الفتاة، وقرر أنت بنفسك إذا كنت ستسمح لابنتك بالدخول إلى الإنترنت أم لا. يا سيدي أنا أرى أن البنت إذا دخلت إلى النت بغرض الشات كما يسمونه فهي إنسانة غير محترمة، ولم تنل حظا من التربية.
الفتاة التي تتحدث مع الشاب أحاديث خاصة تصل إلى الكلام في الجنس، أنا أتحدى أن يقبل أي شاب يكون عنده آثار للنخوة -ولا أقول نخوة- أن يتقدم إلى فتاة من هؤلاء، ولن أطيل عليكم،
وأقول: أنا ضد دخول الفتاة إلى الإنترنت إلا لجمع معلومات تكون محتاجة إليها في دراستها مثلا، لكن دخولها تحت اسم مستعار في شات أو غيره فأنا أرفض هذا المبدأ.. والسلام عليكم ورحمة الله.
27/12/2013
المشاركة الثانية:
بسم الله الرحمن الرحيم...
أحب أن أشارك في هذا الموضوع الذي طالما شغل كثيرا من الناس.. ونحن في زمن فتحت فيه جميع الأبواب أمام أعيننا.. أنا فتاة تكتب في منتدى وتطرح مواضيع وأناقش وقد أجادل.. ولكن الحمد لله أعرف متى أتوقف.. لا أكتب عن أي شيء إلا عن ديني وأمتي.. رزقني الله موهبة التعبير عما بداخلي كتابة.. فلماذا لا أستخدم تلك الموهبة من أجله سبحانه؟
سبحان الله ما المانع أن أكتب في منتدى أو ساحة حوار إسلامية؟ ما المانع أن يكون لي دور؟ هناك فرق بين الدردشة وساحات الحوار والمنتديات التي تناقش مواضيع مهمة، وتحتاج بالفعل إلى المناقشة...
أليست هناك الصحفية والكاتبة؟ أليست هناك الطبيبة والمدرسة؟ كل هؤلاء يناقشن ويكتبن ويتعاملن مع رجال قبل النساء.. بل ويخرجن إلى الناس ويحاورن وجها لوجه.. ما المانع أن نستخدم نعمة من نعم الله علينا -دون خضوع بالقول- لأجله سبحانه؟
في نظري هذا الشاب مخطئ.. بل إنه متسرع.. وإن كان هناك أمر فهو ما تكتبه تلك الفتاة، وردودها ومناقشاتها وحدودها.. لقد تقدم لي شاب ملتزم.. عامل من أجل دينه من أجل دعوة الله.. وأول ما عرفني من كلماتي في مداخلاتي.. صحيح أن الأمر ما زال في البداية، ولكن ما أعجبه هو فكري وتحاوري الذي لم يتعد يوما حدود الله.. لا أعلم لماذا نصعب الأمور على أنفسنا ونقيدها ونخنقها في دائرة دون أن نبحث عن مخرج.
أتفق مع د.أحمد أن الأمر ليس بسهل، وما كتبه السائل مجرد بداية.. ولكني أرفض بشدة تلك التسمية: فتيات المنتديات.. فتيات النت.. إن من هؤلاء من تعمل من أجل دينها، من تعمل لله.. منهن فتيات أحسبهن على خير ومحترمات وداعيات إلى الله وملتزمات.. معنى أنها تقول نعم أنا فلانة أنها لم تشعر أبدا أنها مخطئة.. لم تتوقع أن تكون تلك هي المشكلة.
أنا لا أجد فرقا بين من تكتب في جريدة ومن تكتب في منتدى.. وليس معنى أنها ترد على فلان وتثني على فلان أنها تخضع بالقول وتتعدى حدودها؛ لأنها لا تثني عليه كشخص؛ فهي لا تعرفه، لا تعرف مَنْ هو.. إنما هي تثني على فكره وعلى كلماته التي رأت أنها صائبة.
لا أحب أن أكون منحازة إلى جانب دون الآخر.. ولا أحب أن أدافع بشدة عن تلك الفتاة.. ولكني أدافع عن مبدأ وهو الفهم.. أدافع عن الثبات على المبدأ حتى على النت.. وبالطبع ليس معنى دفاعي أن كل من تستخدم النت على صواب.. فهناك للأسف من تسيء استخدام النت.. من لم تحسن استغلاله.. من جذبها سحر النت وأضلها بدلا من أن تسخره هي لصالحها ولصالح هدفها.. هناك للأسف من أصبح النت وسيلة للتسلية وليس للاستفادة.
أشكركم على سعة صدركم.. وأقترح أن يناقش هذا الأمر، ليس هنا فقط في "استشارات مجانين" إنما أيضا في ساحة الحوار إن أمكنكم إضافتها للشبكة.. لأني أثق أنها مليئة بالفتيات، وبالتأكيد رأيهن سيكون مفيدا، وكذلك رأي من يتعامل معهن من أهل الساحة وأسرتها.
20/1/2014
المشاركة الثالثة:
بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أولا أشكر فاتح هذا النقاش الشيق والمهم، كما أشكر صاحب الإجابة في دقته، وأود أن أقول: إن هذا النقاش هو عبرة للفتيان والفتيات، كما أنه محطة لنقاش علمي رزين.
بخصوص استعمال الإنترنت فهو ليس عيبا، وإنما القضية في كيفية استعماله، وأنا أرى -والله أعلم- أن كل تقدم تكنولوجي هو بحد ذاته مدعاة للتقرب إلى الله عز وجل أكثر؛ فالإنترنت محطة يختبر فيها الإنسان مراقبته لنفسه بنفسه، وللتفصيل فإن للعلاقة بين الجنسين ضوابط حددها الشرع؛ لذلك يجب مراعاة هذه الضوابط في الشارع كما في الإنترنت، والمرء أمام الجهاز يتأرجح بين النفس الأمارة بالسوء والنفس المطمئنة والنفس اللوامة.
فالفتاة التي تستجيب للنفس الأمارة بالسوء، وتستحيي من الخلق ولا تستحيي من الخالق، تفتح لنفسها باب الاتصال غير الشرعي عن طريق سماع ما لا يليق، والمراسلة مع من هب ودب، وتبادل ما لا يحق تبادله إلا مع الشريك الشرعي.
أما التي تستجيب للنفس اللوامة؛ فإنها دائما تحس بالرقابة، ولو كانت الإنترنت متاحة لها طول اليوم دون رقيب، وهي دائما تحاول أن تكون معاملاتها عبر الإنترنت كما هي خارجها، وبذلك تحصل الحالة المتوسطة للنفس وهي النفس المطمئنة؛ إذ لا يتحرج مستعمل الإنترنت من أن يكشف أسرار لا يؤتمن عليها جهاز صنعه العقل البشري، وهو قادر على استنطاقه وكشف خباياه. ونفس الأمر ينطبق على الفتى؛ إذ الأمر في نهاية المطاف يبقى رهينا بالمستوى التربوي والأخلاقي الذي يتسم به الفرد.
ويجب ألا ننسى أن الإنترنت ساهم في تكوين فتيات من الجانب الأخلاقي والثقافي..
وأذكر لكم قصة وقعت لإحدى الفتيات كانت تحاور فتى عبر الإنترنت؛ لتكتشف من بعد أنه تابع للمؤسسة التي تعمل بها، وتعرّف على اسمها، وحتى لا تتمادى الفتاة في مراسلاتها أخبرها أنه تعرف على اسمها.. ولي تعليق بسيط حول عنوان الموضوع، وهو: "لا أتزوج فتاة الإنترنت"؛ إذ كان من الأولى أن يكون "لا أتزوج الفتاة التي لا تحسن استعمال الإنترنت".
وأستسمح إن كنت قد أطلت، وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله.
أختكم.. ح. أ. صحفية من جريدة "التجديد" المغربية.
7/2/2016
المشاركة الرابعة:
بسم الله الرحمن الرحيم..
تختلط لدينا في مجتمعاتنا الإسلامية التي لا تعرف حدا فاصلا بين الأعراف والتقاليد، وبين الحلال والحرام، وبين ما شرعه الدين وما شرعه العرف؛ فلا أدري كيف يمكن لشخص أن يتحول فكره ووجهة نظره مرة واحدة لمجرد علمه بأن زوجة المستقبل تستخدم الإنترنت، رغم أننا لو دققنا لوجدناه هو مثلا يفعل ذلك أو قد يكون فعل ذلك. وربما استغل ذلك في أمور غير مشروعة، وكلنا أعلم بما يحدث داخل هذا العالم الواسع، ولست أسيء الظن بأحد، ولكنني أعرض فكرة عامة قد لا تنطبق عليه، ولكنها تنطبق على غيره.
باختصار ودون إطالة كان الأحرى بالشاب أن يجلس مع خطيبته ويناقش معها ما تكتب أو يقرؤه بنفسه، ويرى مدى نوعية هذا الكلام، وهل يسيء إليها كفتاة أو يعطيه سببا شرعيا لأن ينهي علاقته معها، بدلا من الحمية المفاجأة، واتخاذ القرارات السريعة التي دائما ما تؤدي إلى كوارث في عالم غابت فيه معالم الحق، وأصبحت الخرافات والخزعبلات تتحكم في حياتنا أكثر من كتاب الله؟
وأختم قولي بكلمات الله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
فالرحمة الرحمة، والرفق الرفق؛ فمجتمعاتنا تحتاج الكثير من الصبر والكثير من العقل لإصلاح ما بها من تشوهات. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
7/7/2020
المشاركة الخامسة:
أولا: أظن أن النظرة المبدئية إلى الشاب الذي يستخدم النت تختلف عن النظرة إلى الفتاة التي تستخدم النت؛ فالشاب مثلا له صلاحية أكبر وأكثر من الفتاة في التعبير عن رأيه في أكثر الجهات، بعكس الفتاة التي تعتبر مقيدة بشروط، وهذا في شتى ظروف الحياة؛ لذلك قد يساء الظن فيها إذا تجاوزت ذلك، وهذا لا يبرر منعها من استخدام النت، وقد تكون النظرة السالفة الذكر ينبغي ألا تراعى في استخدام النت.
ثانيا: لا أظن أن دخول الفتاة إلى المنتديات ومحادثتها الجنس الآخر يعتبر إساءة من جهتها؛ فطالما راعت الآداب والقيم في ذلك فهي في مأمن، وكما ذكر الدكتور أحمد أن هناك فرقا كبيرا بين حديث الفتاة في المنتديات العامة وحديثها مع شاب في محادثة خاصة.
ثالثا: برأيي أنه يتوجب ألا تكون كل فتاة تستخدم الإنترنت لا بد لها من صديق، أيضا هناك فرق بين الصداقة العامة في المنتديات التي تنشأ بعد كثرة المشاركة في المواضيع المختلفة؛ مما يتطلب الردود والنقد والمشاركة برأي أو شكر أو نحو ذلك، والصداقة الخاصة في مواقع الدردشة والمحادثة الخاصة.
رابعا: أعتقد أن الفتاة يجب أن تكون فطنة في استخدامها للنت حتى لا يسيء ذلك إلى أخلاقها؛ فينبغي عليها أن تبتعد كل البعد عن المواقع المشبوهة والهدامة وغير الهادفة عموما؛ لأن ذلك قد يؤثر عليها سلبيا، ويجب عليها أيضا ألا تسرف في استخدامها للنت، وقبل كل ذلك يجب أن تراعي الله وتتقيه في أفعالها.
خامسا: إذا رأت الفتاة أن النت بالنسبة لها ليست إلا مضيعة للوقت والمال والأخلاق أو مضيعة لأي من ذلك؛ فأظن أن هذا هو الخط الأحمر الذي يجب أن تتوقف عنده.
سادسا: بالنسبة لي أنا فلو أن لي أخوات يجدن النت؛ فسوف أسمح لهن باستخدام النت تحت متابعتي التي سوف تكون على فترات ليست بالمتقاربة ولا المتباعدة، ولكن المستمرة نظرا لثقتي في أخلاقهن وتوجهاتهن.
والله أعلم.
17/9/2021
المشاركة السادسة:
في البداية أحب أن أشكركم؛ لأنكم سمحتم لنا بإبداء آرائنا المختلفة ومناقشتها من مختلف الأجيال والأعمار والأقطار.
أما بالنسبة إلى رأيي فإني أرى أن كليهما قد أخطأ؛ فبالنسبة إلى الدور الجيد الذي كانت تقوم به تلك الفتاة على النت في أحد المنتديات المختلطة كان يمكن أن تقوم به على المنتديات الخاصة بالفتيات؛ ليس لأن الرجال أعرف بالرجال فقط، ولكن لأن بنات جنسها أولى بتوجيهاتها من الشباب.. لقد كانت تشعر بأنها تخطئ، وإلا لما أبقت هذا الموضوع سرا، ولم تخبر به إلا صديقة لم تكن على القدر المتوقع من الصداقة بل ولم تكن أمينة لتحفظ لها هذا السر..
أما بالنسبة إلى ذلك الشاب؛ فإن خطأه كان جليا للجميع؛ فقد أُحرج من صديقه الذي أخبره بأن خطيبته هي فلانة التي تكتب بالاسم المستعار الفلاني في المنتديات، ومن أخطائه أيضا أنه نظر لجانب رد الفتيان والشباب، ألم يكن في المنتدى فتاة واحدة تجيب على خطيبته ليقرأ ردودها؟! وأما خطؤه الفادح الذي نحن بصدده؛ فهو السبب الذي ذكره لخطيبته التي جرحها وأهانها، ليس وحدها، وإنما بنات جنسها أيضا (آسف، أنا لا أتزوج فتاة إنترنت وأغلق السماعة) فقط أريد أن أسأل هذا الشاب: ما هي فتاة الإنترنت في نظره؟ وبأي مقياس يقيس به؛ فيحكم على كل فتاة إنترنت بهذا الحكم الخاطئ القاسي؟ فقد يتضح لنا من رأيه شيء آخر قد غاب عن أذهاننا فنعذره، أو قد تكون تلك طريقة تفكيره فلتحمد الفتاة ربها على كل ما حدث، ولتعلم أن كل شيء قسمة ونصيب..
وعذرا إن كنت أطلت عليكم،
وأعتذر إن كنت قد أحرجت أحدا أو جرحته برأيي بدون قصد، وشكرا.
26/2/2024
رد المستشار
نجح التكتيك الذي استخدمته حين أجبت على سؤال الأخ الذي أثار قضية "فتاة الإنترنت"، وقد قصدت يومها أن تكون إجابتي مختصرة ومركزة، رغم أن في الموضوع جوانب كثيرة تستحق النقاش، وكان غرضي هو فتح باب الحوار على مصراعيه حول قضية هامة تنبع أهميتها من اتساع استخدام شبكة الإنترنت بشكل متزايد، وبنسبة كبيرة للفتيات، ولأن الشبكة تتيح للجميع فرصة غير مسبوقة للتواصل، وهو أمر جديد وفريد خاصة بالنسبة للفتاة العربية التي طال صمتها وتحفظها، أو حرمانها من التعبير عن نفسها ومشاعرها وأفكارها بانفتاح وحرية؛ بحيث تتيح الإنترنت للفتاة أضعاف مشاعرها وأفكارها بانفتاح وحرية، وتتيح الإنترنت للفتاة أضعاف ما كانت تحلم به الداعيات لحرية المرأة.
فماذا بعد الحصول على هذه المساحة الشاسعة من الحرية؟!
يستقر في قناعتي أن الله سبحانه حين خلق الذكر والأنثى أودع في كل منهما من المشتركات والاختلافات ما يجعلهما عنصرين متكاملين مؤهلين للتعاون في عمارة الكون، ولا أدري بأي منطق ديني سليم أو عقلي ناضج يمكننا التمييز؛ فنمنح للرجل حقوقًا في المجال العام، ونحرم النساء منها؟!
وأنا هنا أتحدث عن استخدام الإنترنت تحديدًا، ولو اعتبرنا مجرد استخدامها عيبًا فادحًا يمنع من الزواج؛ فإن من ستلاحقهم هذه العقوبة يعدون بالملايين شبابا وفتيات.
وإساءة استخدام الشبكة ليست حكرًا على الفتيات وحدهن، وفي مقابل كل فتاة تتعابث سنجد شبابا بالعشرات يتبادلون معها العبث، هما في الخطأ -أي الولد والبنت- سواء؛ فليس الحياء مطلوبًا من الفتاة دون الفتى، ولا أوامر الشرع مشددة للنساء، ومخففة على الرجال!
الحقيقة أننا أمام وضع غير مسبوق في تاريخ الإنسانية، وأمام مساحة من حرية في التعبير والتواصل لم نتعود ولم نستعد أو نتدرب على الاستفادة منها، وهذا الوضع خطير جدًّا بسبب الجهل بطبيعة أداة مذهلة في إمكاناتها، وواسعة في آفاقها.
ومعالجة الأمر بتبسيط يقتصر على الجانب الأخلاقي للمسألة -رغم أهميته القصوى- هي معالجة محزنة وعاجزة، إنما ينبغي أن يوضع ذلك في سياق توظيف واستثمار الإنترنت في خدمة خططنا للتنمية الذاتية والمجتمعية، ولكي يحدث هذا لا بد أن تكون لنا أصلا أهداف وخطط من هذا النوع، ولا بد أيضًا أن نمتلك مهارات وأدوات الفعل الإلكتروني النافع، والتواصل الإيجابي عبر الإنترنت، وهذا ما نحاول بلورته معكم على هذه الصفحة.
هذه هي السنة الثابتة فيما يتعلق بالنفوس الإنسانية؛ فهي إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والطرق التي كنا نتبعها في استثمار وتأطير طاقات الشباب الراغب في الإيجابية لم تعد تناسب الشكل الذي جاءت به الإنترنت، وكل وسائل الاتصال الحديثة.
لدينا جمهور جديد تمامًا لا يهمه أو يلفت نظره أن ينتمي إلى جماعة دينية ليعرف عن أمر دينه، أو يتعاون مع غيره في فعل خير أو غيره، ولكن لديه مداخل جديدة، وسبل جديدة للتعرف على العالم، وعلى الإسلام، وعلى البشر في كل مكان، والتواصل معهم، دون أن يكون محتاجًا لجماعة، أو ملتزمًا بشيخ، أو مرتبطًا على مرجعية محددة، أو إطار هو أضيق -مهما اتسع- من هذه الآفاق التي فتحها الإنترنت للمعلومات، وللفعل التفاعل.
وبدلا من الانشغال بذكر وطرح ما لا ينبغي أن يكون على الشبكة دعونا ننشغل ونتحاور ونبدع فيما ينبغي أن يكون؛ لأن التواجد العربي الإسلامي على الشبكة، واستخدام الملايين من شبابنا وفتاتنا لها ما زال دون المستوى بكثير.
بديهي أن نستخدم مساحة التواصل مع الناس في الدعوة إلى الله وإلى الفضائل؛ فهذا نفعله في كل المساحات، ولا يجوز على الشبكة ما لا يجوز في الواقع من أفعال وكلمات، والتواصل الإلكتروني له خصائصه ومحاذيره، والأداة جديدة علينا جميعًا، واستخدامنا لها ما زال قاصرًا.. وأستطيع أن أكتب قائمة طويلة مما صار عندنا من البديهات عبر سنوات الخبرة في هذه الصفحة، ولكن السؤال الأهم يبقى: ماذا بعد؟ ما هي خطتنا للاستفادة من هذه الإمكانية الهائلة غير تبادل النصائح، والتذكير بالفضائل؟.. هل لدى البعض خبرات مختلفة؟! للمشاركة برأيك.