أرسل لكم سؤالا عن مشكلة أعاني منها ولم أجد سوى الصبر والاحتمال حلا لها.. لكن أرغب في أن أعرف رأيكم.
أنا فتاة، منذ ولدت لم أر أبي وقد انفصل عن أمي بسبب أني أتيت بنتًا، وأمي منذ أن فتحت عيني لم أشعر لحظة بأنها أمي، أغرقت أخي الأكبر والآن الأصغر في كل معاني الحب والاهتمام والرعاية في حين حرمتني منذ صغري من أبسط مشاعر الأم التي يحتاجها كل إنسان.
لم أجدها معي في مرضي، بل تزيد علي شدة ألمي، ولا يهمها مني سوى خدمة البيت والقيام بطلباته فقط وفي أوقات فرحي من فوز أو تفوق أو تخرج تحول الفرحة إلى مأساة ومشاحنات لا تنتهي... منعت زواجي برغم تعدد المتقدمين وعمري الآن 27 عامًا لأن زواجي سيوقف الراتب التقاعدي الذي يصرف من الوالد باسمي.
وعندما وجدت فرصة عمل مناسبة لتأمين مصدر جارٍ لها حين زواجي تختلق الأعذار والأسباب ولا يعجبها أي أحد وتتفحص العيوب ولو لم تكن حقيقة، وتفرضها واقعا وتأخذها مبررا لرفضها.. رضيت بما كان من قضاء الله، لكن أضيف إلى هذا وذاك أنني أتحملها وأتحمل سوء لسانها وبطش يدها واتهاماتها الباطلة والتي تصل إلى القذف وتزيد في إماتة نفسي ألما ولا أعرف ماذا أفعل؟!! ولا إلى من ألجأ في الأرض؟.
حين لجأت إلى أخي الأكبر الذي تركنا وسافر للدراسة منذ أشهر هددته إن هو تدخل في الموضوع أن تغرقه في مشاكل وبلاغات، وبالطبع كله بالزور والباطل وليس لي من أعمام ولا أخوال كي ألجأ إليهم، ولا للمعارف أو الأصحاب تأثير على أهلي.
بالله عليكم ماذا أفعل وإلى من ألجا في الأرض، وكيف أعيد إلى نفسي إنسانيتها التي أهانتها وحرمتها أبسط حقوقها في الشعور بالأمان.. وعندما حدثت أخي بما أتعرض له من إساءة في البيت وخوفي على حياتي التي أصبحت مهددة أجابني: ابحثي عمن تكون مواصفاته كالتالي.. أعزب، جامعي، قريب من سني، ملتزم، وظيفة مرموقة (طبيب أو مهندس) (ولا تكون طبيعة عمله قضاء وقت طويل خارج البيت)، راتب عالٍ، من أسرة معروفة، من حي راقٍ بمصر لو كان مصريا... إلخ.
فبماذا يمكنني الرد بما طلبه؟ كيف يمكن أن تتجمع كل هذه المواصفات في شخص واحد؟ وحتى لو اجتمعت فمن الممكن ألا أرتاح له، وأنا أشعر أني مجبرة على قبول هذا الشخص صاحب تلك المواصفات التي ترضيهم!!.
أنا نشأت في ظروف أسرية ونفسية صعبة، وقد أهملتني أمي فلا أعرف أي شيء في أمور الحياة الزوجية والعناية الشخصية ومن الصعب أن يتفهمني أي أحد أو أن أرتاح مع أي أحد.. وبرغم إيجادي بعض الأشخاص من خلال مواقع زواج أو من خلال تعارف أسري بيننا وبين أسرة ذلك الرجل؛ يرفض الأهل؛ لأنه لا يحقق أحد هذه الشروط فلا يريدون مطلقا أو متزوجا! برغم توافر المتطلبات الأساسية للزوج المناسب من التزام وخلق وعمل مناسب ودخل متوسط.
ماذا أفعل إذن في ظل استمرار الأهل في رفض من لا يروق لهم وفق هذه المواصفات التي من الصعب أن تجتمع في شخص واحد، وأضيف إلى ذلك من الممكن أن أرتاح له وأقبله زوجا؟ وأنا فتاة بكر لا يمكنني تزويج نفسي، ولا أريد سوى زوج أسكن إليه ويكون لي الأب والأخ والزوج، فيعوضني الحرمان المعنوي الذي عانيته في بيت أسرتي وأبدأ حياة أسرية جديدة براحة واطمئنان وأمان.
فهل هذا ليس من حقي وأبسط مطالبي كي أتمكن من الاستمرار؟ فماذا أفعل وكيف أخرج من كل هذه الحياة التي أماتتني وأنستني إنسانيتي وأوقفت كافة مناشط حياتي من استكمال دراسة وعمل بصورة طبيعية من غير ضغوط تفوق طاقتي وعلاقات اجتماعية مع رفيقات صالحات... إلخ، وجزاكم الله خيرا
25/2/2024
رد المستشار
ابنتي.. ما علاقة الإعلان عن مواصفات العريس بأحوالك؟ ولماذا سترضخ أمك لخاطب أتيت به لها أو أتى إليك، وهي حسب قولك لم ترضخ لأي خاطب من قبل؟ ولماذا حدد أخوك شخصا مصريا وأنت كويتية؟ أليس من باب أدعى أن يكون كويتيا أو خليجيا حتى لا يحدث صدام ثقافي وفكري أو اجتماعي؟.
الجزء الأول من مشكلتك يختلف تماما عن نصفها الثاني، وأكاد أشعر أنه لا علاقة بينهما.. فأنت بعد الشكوى من والدتك التي تستطيع أن تختلق المشاكل والبلاغات زورا وبهتانا وتهدد كل من يحاول أن ينقذك من براثنها بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتقف حجرة عثرة أمام زواجك وارتباطك للمحافظة على معاشك أو راتبك التقاعدي من أبيك.. فجأة تختفي هذه الشكوى تماما ليصبح سؤالك هل من الممكن أن تجتمع كل هذه المواصفات في رجل؟ وكأن طلبك أو حل مشكلتك ينحصر في طلب زواج من رجل طيب يحتويك ويعيد إليك إنسانيتك المهدرة.
أولا: الزواج يا ابنتي ليس وسيلة للهروب إطلاقا.. فمن تتصور أنها تبتعد عن مشاكل بيت أسرتها وما نشأت فيه من مصاعب وسوء معاملة إلى بيت الزوجية فتنعم بالراحة والسعادة والاستقرار في ظل رجل يمد ذراعيه في الأفق لتنام فيهما آمنة مطمئنة، فتتقلب في أحضانه الدافئة وقد انفصلت عن دنيا العذاب والألم.. من تتخيل ذلك فهي بلا شك واهمة وحالمة.
فالزواج مشروع اجتماعي تجتمع فيه كل العناصر الاجتماعية السابقة مع العناصر اللاحقة.. وأعني بذلك أسرتك وأهلك.. فأنت لن تتزوجي وحدك.. ولن تتبرئي من أهلك بمجرد الزواج.. ولن يتم دفنهم أو إخفاؤهم في الفراغ لمجرد أنك تزوجت.
كذلك أهل الزوج الذين سيظهرون في أفق حياتك معه.. فتصبح العلاقة الأصلية بينك وبين هذا الرجل، وبينه وبين أهلك، وبينك وبين أهله، وبين أهلكما معا.
إذن فالقضية ليست في الشاب المصري الأسمر صاحب المواصفات الرائعة الذي قد تحبينه أو لا.. تقبلينه أو لا.. المشكلة أكبر من ذلك بكثير.. فلا أحد يهرب من الرمضاء إلى النار!.
لدي سؤال وإن كنت لا أدري هل سأحصل على إجابته أم لا.. أنت تقولين إن أباك طلق والدتك واختفى من الدنيا لأنها أنجبت بنتًا... هي أنت.. طيب لماذا والوالدة قامت بـ"الواجب" وأنجبت ذكرين قبلك؟ أي إن وجودك عامل ملطف في الأسرة وليس حرمانا من ميراث الاسم والمال.
هناك معلومة غير منطقية في ذلك.. فأنا أتفهم أو أرى أحيانا بعض الرجال ينهارون إذا كان أول إنجاب له أنثى.. وقد يبدأ في وضع صورة تبادلية أنه لن ينجب إلا الإناث من هذه المرأة، وبالتالي يسارع في تغييرها ليحصل على الذكر.. ولكن أباك حصل على ذكرين وليس واحدًا، فلماذا هذا الغضب غير المبرر من وجودك على ظهر الأرض؟ ولماذا تحصلين على راتبه التقاعدي.. هل مات فعليا؟
وأخوك الأصغر الذي أشار عليك بمواصفات العريس الـ"سوبرمان"، لماذا لا يتدخل عند والدتك لتقلل من إهاناتها.. واضح أنه لم يتعرض للتهديد بعد.. وأنه حاليا المفضل لديها.. أعتقد أن وجوده يحجب الأعمام والأخوال.. فبحب أمك له وتفضيله على كل شخص آخر.. قد يخفف قليلا من الإساءة إليك.. ربما حتى تعثري على مهلك على زيجة معقولة برجل طيب له أسرة حنونة تحتوي ضعفك وألمك.
تابعينا بأخبارك.