مشكلتي بدأت منذ سنين طوال، أنا أصغر إخوتي، توفي والدي وأنا في السادسة، حقيقة لا أذكر عنه شيئا، لكن عندما كبرت قليلا وأصبحت أعي ما يدور حولي أدركت الاهتمام الزائد بي من قبل أمي وإخوتي وجميع معارفي، حقيقة لم يزعجني ذلك، بل يزعجني أن أعلم أن سبب هذه المعاملة الخاصة هي لأني يتيم وأصغر إخوتي.
من فرط هذه المعاملة أصبحت وأنا في هذه السن لا أعتمد على نفسي في أدنى شيء، علما أن عائلتي لا ترفض لي طلبا أو أمرا، وهذا يشعرني أني غريبة عن هذا الكون.. المهم منذ فترة أخبرت أمي عن شعوري تجاه ما يدور حولي، وأني أريد أن أتعلم كيفية الاعتماد على النفس، وأن أبدأ باتخاذ القرارات التي تناسبني، ثارت أمي في وجهي وأحسست لأول مرة في حياتي أن هناك من يكرهني، ومنذ ذلك الحين تغيرت معاملة الجميع معي، وأصبحت أشعر بالوحدة؛ ليس لي من أتحدث معه، حيث منعتني أمي من رؤية أصدقائي؛ لأنها تظن أنهم أدخلوا أفكارا سوداء في رأسي.
ودائما تظل أمي تتهمني بنكران المعروف تجاهها، مع أنني -والله أعلم- أكن لها حبا ما أحسست به إلا لها، أليست أمي؟!
بعد دخولي الجامعة أصرت أمي على أن ألتحق بنفس جامعة أختي لتكون قريبة مني أو بالأحرى لمراقبتي، لا أعلم لماذا؟ ولكن أحوالي تغيرت بعد دخولي الجامعة إلى الأسوأ فقد كانت أمي تسعد بجلوسي قربها والآن أحس أنها تشمئز من مجرد النظر لي، وأمي دائمة المقارنة بيني وبين أختي وبين جميع من حولي من جميع النواحي مع أني لا أجد سبيلا للمقارنة، فلكل إنسان فلسفته في الحياة.
امتدت هذه المعاملة إلى درجة الإهانة، بالطبع في البداية كنت أتحملها لأنها من أمي أعز إنسانة على قلبي، لكن لم أتحمل الوضع لفترة طويلة. عاهدت نفسي على تغيير حياتي وتبديل موقفي، فإذا دار نقاش حولي أشارك فيه وأبين وجهة نظري وأدافع عن أفكاري، حاولت إثبات عزيمتي على تغيير حالي بالاجتهاد في الدراسة لأثبت لنفسي أولا ولمن حولي ثانيا أني كباقي الناس ونجحت في ذلك، ولكن دون جدوى، فبت لا أكترث بما يقال عني.
في الواقع يدور أحيانا في مخيلتي أفكار أعتبرها مجنونة، لكن لا أتردد في تنفيذها؛ لكنني آخذ في الاعتبار أنها لن تؤذي أحدا، وإن فعلت فهي لن تؤذي غيري. أبحث عن الاستقرار والأمان في كل مكان ولا أسأل غير أن أجد وسيلة تجعل الجميع يرى بوضوح ما أفكر فيه فيفهمني. أحس أحيانا بتشويش في الأفكار، وأعلم أن هذه حالة عادية بالنسبة لمن هم في سني وفي نفس ظروفي، لكني قرأت عن هذه الأمور وأصبحت أدرك أن ما يحدث لي من أمور ليست تخيلات من عندي أو حساسية مفرطة من ناحيتي.
أعينوني على ما ابتلاني به الله، فلم أعد أطيق حياة الاضطهاد النفسي وتقييد الأفكار.
قد تكون حالي أفضل من غيري من البشر، لكنني أتمنى من الله أولا ومنكم ثانيا النظر فيما أعانيه، فما عدت أطيق صبرًا.
01/03/2024
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
استشارتك تتحدث عن اضطهاد نفسي من قبل الأم أولا ومن ثم امتداد ذلك للجميع. بداية الرسالة تحتوي على وصف واضح لرعاية عائلية يحسدك عليها الكثير ومن ثم تتطرق إلى تصميمك على الاعتماد على نفسك بدلا من اتكالك على الأهل. هناك الإحساس بأن الجميع يكرهك وقرار والدتك بمنعك من رؤية أصدقائك. رغم ذلك لا توجد في رسالتك وصف كافي لما حدث أو يحدث والأهم من ذلك الفترة الزمنية لتغير علاقتك مع والدتك.
إطار الرسالة هو حديث إنسان عن مشاعر وأفكار اضطهادية من قبل الآخرين. قد تكون هذه أزمة حادة وبسبب ظروف لم تتحدث عنها بإسهاب. الاحتمال الثاني هو أنك تعاني من اضطراب نفساني في هذا المرحلة وبحاجة إلى زيارة طبيب نفساني.
الأهم من كل ذلك هو الحاجة إلى تغيير نمط تفكيرك وتقييمك لنفسك ولوالدتك بالذات. لم تكن مهمتها يسيرة برعايتكم في غياب الأب ومهما تحدثت عن اضطهادها لك فأنت ابنها ولن تتخلى عنك. هناك الحاجة إلى تقييم ذاتي موضوعي لسلوكك والتقرب من والدتك قدر الإمكان. قد الوالدة شديدة الحرص عليك وهذا ليس بغير المألوف مع غياب الأب.
اخرج من عزلتك وتقرب إلى من حولك وكن أكثر مرونة في تعاملك مع الآخرين.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
الشك في نوايا الآخرين: التفكير الزوراني
التفكير الزوراني والتفكير الوسواسي!
الوهام المزمن: جنون الاضهاد!