ما زلنا ننتظر الوسواس يا فلك!
وسواس الحلف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أساتذتي الأفاضل أريد استشارتكم في مشكلتي، أنا من صغري أعاني من وسواس النظافة وإعادة الوضوء لفترات وذهب عني وكل فترة يأتيني وسواس الحلف بالله ويذهب عني
لكني من حوالي ٥ شهور عاد لي وبشكل قوي بحيث أصبحت أحلف على كل عمل سأقوم به وكل شيء وكل ما خطر ببالي مرة ثانية أحلف وأؤكد أحيانا أحلف أن أفعل عمل معين ثم أنسى أنني حلفت وأرجع أحلف أنني سأفعله بطريقة ثانية وهنا يصبح لدي حلفانان بطريقتين مختلفتين على نفس الشيء
أحيانا أحس أنني أحلف على كل عمل قبل أن أقوم به كأنني بدل اتخاذ قرار بفعل أمر ما أصبحت أحلف على فعله فورا أو عدم فعله، لا أدري من أين يأتي الحلف على بالي، ذلك بالإضافة إلى أنني أكرر الأعمال والحلف على ترتيب الأشياء بشكل معين وأعود وأكرر وأحلف وهكذا
لا ألبث أرتاح من حلف يأتي الذي بعده فأبقى طوال النهار مشغولة بالتفكير والتبرير وطمأنةِ نفسي أحاول أن أقوم بعمل ما لألهي نفسي عن الحلفان فيلاحقني الحلفان وأنا أعمل أو أطبخ أحلف أني سأقطع الخضار بشكل ما وسأضعه بهذا الوعاء وإلخ من الحلفانات إلى أن أنتهي من الطعام وأكون مثقلة بالحلفانات
يعني حتى لما أكون ملتهية بشيء أو عمل ما يخطر الحلف على بالي وأحلف متعمدة، أخرج للخارج لأرتاح قليلا أحلف أنني سأذهب من هذا الطريق أو ذاك وأرجع للمنزل وأنا مهمومة وحزينة حتى أنني إذا قررت أن أفعل شيئا من قبل يوم أفكر وأحلف أنني سأقوم بالذهاب من هنا وأشتري من هنا كأنني أخطط لعملي بالحلفان ومن قبل يوم
إنني مرتبطة دائما بحلفانات مسبقة تقيدني لا أدري كيف أصف حالتي قرأت الكثير عن وسواس الحلف أحيانا أطمئن وأقول لنفسي هذا وسواس قهري، وأحيانا، بل دائما أشعر أنني أطمئن نفسي كي لا أقوم بالتكفير فهناك شيء بداخلي يقول أنت حانثة وتطمئنين نفسك كي لا تكفري عن يمينك فأصبحت أكفر لكنني وجدت نفسي أنني مثقلة بأيمان كثيرة الأمر الذي لا يمكنني التكفير عن كل ذلك
وإنني لا أتوقف عن الحلفان الحلفان وأحيانا أقول لنفسي ذلك الشيطان يريد أن يفقرني ويلعب بي ويجعلني أخسر مالي، أحيانا لا أنفذ العمل الذي حلفت عليه وأقول هذا وسواس وأحيانا أنفذه وأنا مكرهة، أحيانا أشعر أنني أفكر بالشيء وأناقشه ثم أحلف متعمدة وأحيانا أشعر أنني بدون تفكير أحلف.... الحلفان معي أينما ذهبت وأنا أقرأ القرآن وأنا أكتب وأنا آكل وأنا أطبخ حتى وأنا نائمة أكرر أعمالا قهرية وأشعر أنني حلفت ثم أستيقظ وأقول إنني حتى بالمنام أحلف
أنا لا أعرف ماذا أفعل وهل كل الأيمان التي أعقدها هي من الوسواس أم لا قرأت عن موضوع الوسواس كثيرا وعلمت أن أساسه هو مرض الخوف وأنا دائما خائفة ومتوترة من كل شيء بحياتي لأنه ليس هناك شيء يريحني أبدا وحياتي كلها توتر وعدم استقرار
وأشعر بالخوف من الله وبغضبه لأنني لا أكفر عن يميني ولكنني دائما أستغفر وأدعي وأقول لو أن الله غاضب علي لما يسر لي الاستغفار والدعاء،
أفيدوني جزاكم الله خيرا
5/3/2024
رد المستشار
الابنة الفاضلة "فلك" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك ومتابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
بداية دعيني أشكرك على هذا النص الذي وصفت فيه معاناتك مع وسواس الحلف -أو وسواس الأيمان كما سبق وسميناه على مجانين- والذي جاء شارحا وموضحا لكثير من ألاعيب هذا النوع من الوسواس، سواء من جهة الطيف الوسواسية (الحلف وربط الأشياء) أو القهرية كالقطع والتكرار والإعادة من الأول، وكذلك التذكر القهري وربما العَدُّ القهري ومراقبة حركة اللسان... إلخ، فهو بحق نص جدير بالتأمل للمتعلمين والمتعالجين على حد سواء.
ولكن يهم قبل كل شيء توضيح معنى قولك (كل فترة يأتيني وسواس الحلف بالله ويذهب عني)، هذا يعني بوضوح أنك ممن تعطي نفوسهم الطيبة للحلف بالله معناه وقيمته، وهذه صفة قليلا ما -ولن أقول نادرا ما- نقابلها في حياتنا يا "فلك" بل إني أحس ورعك وتقواك بعيدين بعد الفلك عن كثيرين من بني آدم لا يكاد يعنيهم الأمر... حياك الله إذن بين أصحاب الضمير الحي فهذه صفة محمودة ما اقترنت بالرحمة والتعاطف مع الذات، لكن الواقع وما تظهره السطور أعلاه هو أنك أقرب لصاحبات الضمير الصارم القسوة والمرشحين لاضطرابات الطيف الوسواسي القهري ولا يقتصر الاضطراب عندك على أعراض اضطراب الوسواس القهري الحالية، وإنما لديك خلفية سمات تجعلك ربما من صاحبات الشخصية القسرية، ويصبح عرض الوسواس القهري الحالي هو عرض "و.ذ.ت.ق أي وسواس الذنب التعمق القهري!
مجمل الصورة السريرية التي تصفين هو حلفان مستمر 24×7 حتى لكأنك لو لم تجدي ما تحلفين عليه حلفت على ألا تحلفي! أو حلفت على النَفَسِ ورمش العينين! وربما يكفي ويزيد هذا الاقتباس (أصبحت أحلف على كل عمل سأقوم به وكل شيء وكل ما خطر ببالي مرة ثانية أحلف وأؤكد أحيانا أحلف أن أفعل عمل معين ثم أنسى أنني حلفت وأرجع أحلف أنني سأفعله بطريقة ثانية وهنا يصبح لدي حلفانان بطريقتين مختلفتين على نفس الشيء) وسواس قهري "رسمي نظمي فهمي" كما نقول في مصر.
ولا تحتاج عبارة كهذي لأي تعليق (أحيانا أشعر أنني أفكر بالشيء وأناقشه ثم أحلف متعمدة وأحيانا أشعر أنني بدون تفكير أحلف.... الحلفان معي أينما ذهبت وأنا أقرأ القرآن وأنا أكتب وأنا آكل وأنا أطبخ حتى وأنا نائمة أكرر أعمالا قهرية وأشعر أنني حلفت ثم أستيقظ وأقول إنني حتى بالمنام أحلف)... ربما إلا أن أقول ليس كل هذا إلا فرط الخوف المرضي من الذنب وما هو بذنب! ولا أنت بحانثة مهما حلفت ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يعني لا تحتاج حالتك أي تأمل ليمنحك الطبيب أو المُسْتَفْتَى رخصة مريضة وسواس قهري، وكل ما تحسبينه حلفا أو أيمانا لا علاقة له بالحلف ولا بالأيمان ليس أكثر من وساوس وقهور أنت فيها بلا إرادة أو معيوبة الإرادة في أحسن الأحوال وهذه رخصة معك 24×7 حتى ولو حلفت لنا أنك أردت!! لجاءك ردنا بأنك لا تملكين "إرادة" كالتي يملكها غير الموسوس، يعني رخصة مفتوحة يا "فلك"، وما أوضح حالتك في شرح لماذا تسقط الوسوسة التكليف؟، وستجدين أدناه أكثر من إجابة لفقيهتنا د. رفيف الصباغ تظهر لك أكثر عن كيف يكون الحلف حلفا ويمينا وكيف يكون ظاهرة مرضية تسقط التكليف عن صاحبها، وهذا اقتباس قصير من واحد من إجاباتها يصلح ردا عليك (وسواس الحلف كغيره من الوساوس، يكون قهريًا، والقهر يتنافى مع الإرادة، وإذا انتفت الإرادة انتفت المسؤولية والمحاسبة. فلا داعي للخوف، ولا داعي لاحتياطات الأمان التي تقومين بها....).
اقرئي على مجانين:
وسواس الحلف لا حلف ولا أيمان ولا نذور!
وسواس الحلف.. ودائما أحرك لساني!!
وسواس الأيمان ليست أيمان، بل وسوسة
الباطن والظاهر والوسواس والنذر
بداية العلاج هو أن تبدئي عدم الاهتمام بكل ما يدور في وعيك أو يهاجمك من حين لآخر ما دام يتعلق بالحلف لأنه كله وسواس مرضي لا حكم له غير ذلك، أخيرا أنصحك يا "فلك" بأن تتواصلي مع معالج و/أو طبيب نفساني عربي في تركيا، لأن حالتك ما تزال بحاجة إلى تشخيص كامل ووضع خطة علاج، وكلامي هذا صحيح، حتى لو هدأ تماما وسواس الحلف، فلابد من علاج المرض الدائم لا العرض المؤقت... وأكمل قولك (لو أن الله غاضب علي لما يسر لي الاستغفار والدعاء) فأقول وإن شاء الله العلاج.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>: وسواس الحلف: ما زلنا ننتظر الوسواس يا فلك! م1