أنا طالبة في المرحلة الجامعية تعرفت على شاب من خارج الجامعة عن طريق الشات، وأصبحت أحادثه هاتفيًّا عن طريق هاتف صديقتي، علمًا بأنها المرة الأولى التي أحادث فيها شابًّا، ولكن عندما أنتهي من محادثة هذا الشاب تنتابني حالة من البكاء وعدم الرضا عن نفسي؛ لأني لم أكن في يوم من الأيام تلك البنت اللعوب.
في هذه الأيام أحاول ألا أتصل به ولكني لا أستطيع؛ لأنه أصبح بالنسبة لي كالمخدر، كلما حاولت الابتعاد عنه ازددت تعلقًا به. حاولت أن أقول لأمي كل شيء، لكني لا أستطيع لأني خائفة أن أفقد ثقتها. وفي هذه الأيام يحاول إقناعي أن أتصل به من هاتف المنزل لكني لا أريد وأخذ يقنعني بذلك، ولكن أنا أريد أن أسترد كرامتي التي أهينت من قبل تصرفاتي،
أريد أن أعود تلك الفتاة التي كانت ملتزمة
أرجو المساعدة.
6/3/2024
رد المستشار
الأخت الكريمة:
قلنا قبل ذلك: إن الطموح إلى الحب، وإلى الحصول على الحق في اهتمام الآخرين بنا خاصة من الجنس الآخر، أمر فطري وطبيعي، ولكن كيف يتم التعامل مع هذا الطموح، والتعبير عنه؟! هذا هو السؤال.
أنت اليوم تمرين بتجربة هامة ومؤلمة في الوقت نفسه، اتصالك بهذا الشاب يحقق لك بعض هذا الطموح المشروع، ولكن بأي ثمن يا أختي العزيزة؟!
أنت لست فتاة لعوبًا، ولن تكوني أبدًا بإذن الله، أنت فتاة طبيعية تريد أن تحب وأن تكون محبوبة، وعليك أن تسألي نفسك هل هذه هي الطريقة المناسبة للحصول على الحب؟! وما هي نهاية هذه المحادثات التليفونية مع شاب لم تعرفي عنه شيئًا سوى صوته في الهاتف، ومعلومات قالها عن نفسه، والله وحده يعلم دقتها وصحتها.
يا أختي، الشاب العربي يحب جدًّا أن تكون له صديقة أو عدة صديقات، ويحب أن يحادث هذه في الهاتف، ويجلس مع تلك على الشات، وربما يطمح إلى أكثر من هذا وذاك، ويحصل عليه من فتاة غافلة باسم الحب، والحب من ذلك براء؛ لأن الحب يعني الاحترام، ويعني المسؤولية، والذي يطلبه منك هذا الشاب بأن تتصلي أنت به من منزلك، ودون علم أهلك لا ينطوي على أي احترام لك، أو أية مسؤولية تجاهك.
هذا الشاب يتلاعب بك فلا تكوني أنت تلك اللعبة الرخيصة التي سيلقيها بعد حين، ولا تكوني أنت الغافلة التي يحصل منها على ما يريد دون مقابل سوى معسول الكلام. ولكي تتخلصي من مشاعر الذنب وتأنيب الضمير، ينبغي أولاً أن تصححي فهمك للأمر بمعرفة أن الحب حق مشروع، وفطرة إنسانية، وأن الذي بينك وبين هذا الشاب لا يمت إلى الحب الحقيقي بأية صلة من قريب أو من بعيد، وأن السبيل لإقامة علاقة حب جادة ومسؤولة يكون في العلن، وفي إطار مسار الزواج والارتباط، والهاتف أو الشات مجرد وسيلة اتصال لا تكفي لإقامة علاقة تواصل وارتباط على أساس سليم من تفاهم وتعارف صحيح؛ لأن حب الهاتف والشات فيه من الأوهام والأحلام والأكاذيب والأماني أكثر مما فيه من الحقائق.
أنت محتاجة يا أختي إلى من تتبادلين معه الاهتمام الحق، والحب الصادق الجاد، وليس هذا الشاب بهذا الوضع يصلح لهذا، فإما أن يتقدم بالعلاقة إلى العلن وفق برنامج محدد، وخطوات ملموسة وسريعة، وإما أن تقطعي كل صلة بينك وبينه، ويكون هذا أولاً بالابتعاد عن أمثال تلك الصديقة التي سمحت لك بالاتصال به بدلاً من أن تنصحك وترشدك إلى الاختيار السليم، وتحتاجين ثانيًا إلى التشاغل عن هذا الشاب، والانشغال باهتمامات نافعة وممتعة تفتح لك باب التعارف العلني مع أخريات وآخرين في إطار حركة الحياة الاجتماعية العامة، والأنشطة الخيرية والثقافية التي تنشط في بلدكم الكويت الحبيب.
ولا تنسي بالطبع دراستك، فهي من مؤهلاتك حين تدخلين طرفًا في أية علاقة، والإنسان له جوانب متعددة منها العلم الذي حصل عليه، والشهادة التي يحملها، وكذلك الأخلاق... إلخ، فاهتمي بالدراسة؛ لأنها مرتبطة بوضعك الشخصي والاجتماعي حاليًا ومستقبلاً، وحبذا لو تحددين نشاطًا رياضيًّا أو ثقافيًّا أو اجتماعيًّا تركزين على تنميته في نفسك بحسب وقتك وجهدك، وأكرر وصيتي لك بالاهتمام بالصحبة الطيبة الصالحة، وأول صديقة هي أمك فكوني أقرب إليها، ولن تفقدي ثقتها بإذن الله حين تفهمين ما ينبغي عمله، وتقومين به في أسرع وقت.
أهلاً بهذا الشاب خاطبًا جادًّا يتقدم للارتباط بك في العلن، ولا حاجة لنا فيه إن كان غير ذلك، ونحن معك، فلا تسيري في هذه الطرق وحدك أبدًا؛ لأن الشيطان مع الواحد وهو عن الاثنين أبعد
وفي انتظار رسائلك.