السلام عليكم
الإخوة الكرام، اطّلعت منذ فترة على مشكلة (قصة ملتزم)، وقد شغلت تفكيري حتى إنني ناقشتها مع أسرتي، وكانت آراؤهم مقاربة لما ورد في إجابتكم عن المشكلة، ولو أننا رأينا أنكم حكمتم على الفتاة ببعض الأحكام دون أن تعرفوها، وكانت المفاجأة عظيمة جدًّا بعد فترة بقراءتنا للطرف الآخر يتكلم، كان حظها وافرًا حيث واتتها الفرصة للحديث والتعقيب، فعلًا تختلف الأمور كلية عندما يستمع الشخص للطرفين ثم يحكم، لا أدري إن كان ما سأكتبه مفيدا أو مهما أم لا؟!، لكنني أحببت جدًّا المشاركة في التعليق على هذه المشكلة بالذات،
يبدو من أسلوب الفتاة (إن لم تكونوا قد قمتم بالتغيير في أسلوب سردها) أنها مثقفة وواعية وناضجة وملتزمة (بغض النظر عن خطئها التي اعترفت به، وتابت عنه)، استطاعت هذه الفتاة أن تثير تعاطفنا معها بصدقها ووضوحها وأسلوبها المشوّق، لا أدري لكني لا أرى موانع حقيقية تحول دون ارتباطهما، لا أريد أن أطيل، لكن بكل اختصار أقول: إنه بعدما قرأت ما سردته، أتمنى من كل قلبي أن أجد في صفحتكم في يوم من الأيام رسالة من أحدهما يخبرنا جميعًا أنهما قد تزوجا، وأنهما سعيدان بهذا القرار،
أتمنى لهما من كل قلبي السعادة والتوفيق.
ولكم الشكر
9/3/2024
رد المستشار
أخي العزيز: لا أحد يكره النهايات السعيدة، وفي الأفلام المصرية القديمة كانت العقبات تواجه البطل والبطلة ثم قرب النهاية تنحل ويتزوجان، وقليل من الأفلام كان يجعل الزواج في منتصف الفيلم لنرى ما بعده!! ولقد توافرت لنا هذه المرة فرصة نادرة لسماع الطرفين معا، حتى لا أبالغ إن قلت لك إن "قصة ملتزم" كانت من أكثر المشكلات التي عرضناها جماهيرية فهي قد استقطبت اهتمام الكثيرين والكثيرات حتى أصبحت حديث مجالسهم وحواراتهم مع الأصدقاء والأسر، وأرجو أن نكون جميعاً قد استفدنا من التفاعل مع هذه القضية بغض النظر عن النتائج التي ستصل إليها.
وقد وصلتني رسائل وملاحظات من طرفي الموضوع، ولا أرى من المناسب أن يتحول الأمر إلى طرفين يخاطب كلا منهما الآخر عبر هذه الصفحة، وخلاصة الوضع الحالي أن الأخ الصديق صاحب المشكلة مازال متردداً في استكمال أو عقد الارتباط على الأخت ـ رغم حبه لها، وشعوره بالوحدة دونها ـ بسبب اعتراضات أهله، وبسبب بعض الشائعات التي يعلم هو أنها كاذبة، ولكنها تجعله "غير مصدق" وغير مرتاح في الوقت ذاته "على حد تعبيره"، وهو يؤجل قراره حتى إشعار آخر، وفي نفس الوقت يبدو أن أخانا لم يرق له ما كتبته الأخت في ردها، ويرى أنها تسئ الظن به، وتشك في تصرفاته وأقواله!!!
وهي أيضاً في حيرة من أمرها، وتطلب رأينا.
وعلى كل حال أقول لهما:
إن الحب الكبير هام جداً للزواج، ولكنه ليس كافياً، لأن الزواج ليس عاطفة فقط، ولكنه ثقة وارتباط، ومسؤولية وتبعات، وتفاعل مبنى على تكافؤ وتناسب.
وكنت قد رددت على مشكلة أحالها إلينا قسم الفتوى، ولا أدري هل ظهرت على صفحتهم، أم أرسلوها في رسالة خاصة لصاحبها!! قلت لصاحب المشكلة أن هناك مواقف الحياة ما يشبه اثنين من الناس تقابلا في محطة مشتركة، وقضيا بعض الوقت معاً، وقامت بينهما علاقة بقدر هذه الصحبة المشتركة، وبقى عليهما أن يقررا هل سيركبان قطاراً واحداً معاً، أم سيعود كل منهما إلى قطاره الذي كان قادماً من مكان مختلف عن الآخر ومتجه إلى هدف مختلف؟.
وأرى أننا هنا في هذه المسألة بصدد شيء قريب من هذا:
فمن البداية يبدو الاختلاف ظاهراً بين المسارين:
الفتاة من أسرة مرنة ومنفتحة بالقدر الذي يسمحون لها فيه بالسفر والإقامة للدراسة في بلد آخر، ويبدو أيضاً أنها سافرت لبلدان أخرى، وتجيد لغات أخرى، وبالتالي لها خبرتها وتجاربها وطريقة تصور وتعامل مع الأمور ظهر بعضها في رسالتها إلينا، أما أخونا فهو من أسرة محافظة بالقدر الذي يعترضون فيه على الزواج من عربية لأن شكل حجابها كذا، أو بلدها كذا.. إلخ.
وفي الوقت الذي تبدو فيه الفتاة معتمدة على نفسها مستقلة في حركتها مع ارتباط بأسرتها يبدو متخففاً من قيود كثيرة شائعة في العلاقة بالأهل، فإن أخانا شديد الارتباط بأسرته وجماعته، وشديد التأثر بأقوالهم وتصوراتهم رغم محاولاته لمقاومة ذلك وأنا هنا لا أزكي أحد الطرفين وظروفه على الآخر، ولكن أنبه أننا بصدد نمطين مختلفين من الشخصيات، والأسر والبيئات وبالتالي فإن المطلوب للزواج هنا ليس مجرد الحب أو التعاطف، أو الرغبة في إصلاح خطأ سابق، ولكن المطلوب يبدو تغييراً كبيراً في شخصية أحدهما أو كلاهما لتتوافق الأمور وتكون مرشحة لسير مستقر في المستقبل.
ربما يكون المطلوب أن يغادر كل منهما قطاره ليستقلا معاً قطاراً ثالثاً مع ما يعنيه هذا من تغيير في الأهداف والتكوين الشخصي، والاجتماعي المحيط بهما ويبدو وهذا صعباً على الأقل في تصوري.
أكرر ولن أمل من التكرار أننا لا نستطيع ولا نريد أن نختار لأحد، لكننا في الوقت ذاته نحاول تقديم مسوغات القرار والاختيار بعرض ما قد يخفى على أطراف المسألة، وأرى أن الحسم السريع سيكون هو النهاية السعيدة لهذه القصة فإن اجتمعا كان ذلك على بينة بالجهد المطلوب بذله في المستقبل، "وإن يتفرقا يغني الله كلاً من سعته" مع ما يسببه الفراق من ألم.
"والله يقول الحق وهو يهدي السبيل" هو وحده يعرفه بيقين، أدعوه أن يوفقنا جميعاً لما فيه السداد والتوفيق.أخي العزيز: لا أحد يكره النهايات السعيدة، وفي الأفلام المصرية القديمة كانت العقبات تواجه البطل والبطلة ثم قرب النهاية تنحل ويتزوجان، وقليل من الأفلام كان يجعل الزواج في منتصف الفيلم لنرى ما بعده!! ولقد توافرت لنا هذه المرة فرصة نادرة لسماع الطرفين معا، حتى لا أبالغ إن قلت لك إن "قصة ملتزم" كانت من أكثر المشكلات التي عرضناها جماهيرية فهي قد استقطبت اهتمام الكثيرين والكثيرات حتى أصبحت حديث مجالسهم وحواراتهم مع الأصدقاء والأسر، وأرجو أن نكون جميعاً قد استفدنا من التفاعل مع هذه القضية بغض النظر عن النتائج التي ستصل إليها.
واقرأ أيضًا:
قصة ملتزم.. دعوة لإعادة النظر م. مستشار