أعيش في بلد أوروبي بعيد، أطلب العلم... وأريد الزواج، ولكن برغم أني مستعد – إن شاء الله-اقتصاديًّا ونفسيًّا وعقليًّا، فإنني أعاني من بعض الصعوبات مع أهلي، فبعد أن اقتنعوا بالفكرة أجد منهم تباطؤًا شديدًا في الطلب والبحث، صار لي عامان في مناقشة هذا الموضوع والبحث، ولم أصل إلى نتيجة، فما الحل؟؟ أرشدوني عندي خياران:
1- أن أصبر على أهلي، وأنتظر حتى يجدوا لي زوجة!!.
2- أن أتصرف من تلقاء نفسي، وأبحث بمفردي عن الفتاة، وأتوكل على الله، وبعد أن أجد من تناسبني؛ أقنع أهلي بها.
ولكن المشكلة أني لو وجدت فمن الصعب أن يراها أهلي؛ لبعدهم عني، ولقلة زياراتهم وندرتها لي (لظروف معينة)، وهذا ما لا يقبله أهلي! وإذا وجدوا لي من تناسبني خارج البلد التي أعيش فيه، فمن الصعب أن أسافر إليها، لظروف متعلقة بي!!! وأنا لا أرضى أن أتزوج على الصورة فقط! فما العمل؟؟!
أنا متضايق نفسيًّا جدًّا، الوضع أصعب مما تظنون، قدرات تحمل الشباب مختلفة، وهذه مصيبة، لا يريد البعض الاقتناع بها!!.
وجزاكم الله خيرًا.
10/3/2024
رد المستشار
الأخ الحائر، شكراً لك على ثقتك بنا، ورغبتك في الزواج تبدو محمودة، خاصة في بلاد كل شيء فيها مباح ومتاح من ناحية العلاقات بين الجنسين.
يوجد بعض التناقضات في طريقة تفكيرك، وتناولك للمسألة، أو على الأقل في طريقة تعبيرك عنها:
فأنت تتحدث عن الزواج من فتاة يتهاون أهلك، أو يتباطئون في البحث عنها، وإيجادها، وفي الوقت ذاته تقول: إنك من الصعب أن تسافر لرؤيتها خارج البلد الذي تعيش فيه لظروف خاصة بك!!
وقد تجد فتاة مناسبة حيثما تعيش، ولكنه من الصعب أن يراها أهلك؛ لقلة زياراتهم لك "لظروف معينة" على حد تعبيرك!!
فإذا كنت ترى الوضع الذي يرضيك، ويرضي أهلك غير قابل للحدوث أصلًا، فلماذا ترهق عقلك ونفسك بالتفكير فيه؟!! وإذا كنت تؤثر رضا الأهل ورغباتهم فلماذا لا تستسلم لإيقاعهم وتوافق عليه، ولو عن طريق الصورة فقط، إذا تعذرت الرؤية المباشرة؟!! وإذا كنت تريد أن تتزوج من خارج بلدك الأصلي فافعل هذا، واقنع أهلك بأن هذا هو الأنسب لك ولهم!!
هل تعتقد يا أخي، أن هناك حلاً سحرياً لأي أمر من أمور الحياة؟ لا يا أخي الفاضل.. الحياة اختيارات، ولكل اختيار مميزاته وعيوبه، وعليك أن تحدد ماذا ستختار لتتمتع بالمميزات وتتحمل العيوب وتتعامل معها، والمسؤولية موجودة وراء كل اختيار.
والاختيارات المطروحة أمامك باختصار هي:
أولاً: أن تتزوج من بلدك الأصلي عن طريق الأهل أو المعارف والأصدقاء، ويأتي هذا بالترشيح من جانبهم مع مراعاة مواصفات محددة تطلبها أنت في الشكل والموضوع، ولا بد من تدبير لقاء في الوطن أو خارجه "ربما في بلد عربي آخر" مكة المكرمة مثلاً، وهذا الاختيار له ميزاته وعيوبه التي تعرفها.
ثانياً: أن تختار لنفسك حيث أنت الآن سواءً من عربية مقيمة بالبلد نفسها، أو من أوروبية مسلمة بشرط أن تلتزم بالمعايير الدينية، والاجتماعية المطلوبة والتي يمكن أن يقبل أهلك بها، أي الحد الأدنى من المواصفات التي يوافقون عليها، مع ما يناسبك، ويناسب خطتك للمستقبل سواءً استقر بك المقام حيث أنت، أو عدت إلى الوطن، أو سافرت هنا أو هناك وليس شرطاً أن يراها أهلك حتى يعطوا الموافقة، ولكن يكفي الرسائل والهاتف والإنترنت إذا توافر فهو يتيح اللقاء صوتاً وصورة كما تعلم.
وفي حالة هذا الاختيار فإن عبء الانتقاء، وتبعاته سيقع عليك وحدك، وفي حين تبدو المقيمة في أوروبا أنسب من نواحي معينة، فإنها تبدو في نواحٍ أخرى مختلفة عمن ستأتي من بلدك الأصلي في بعض نواحي الثقافة والعادات والتقاليد ونمط العيش والتفكير. ولهذا الاختيار أيضاً ميزاته وعيوبه.
ثالثاً: أن تغلق هذا الملف برمته، أو بالأحرى تؤجله حتى تتضح معالم مستقبلك من حيث إتمام الدراسة، ونية البقاء في أوروبا، أو مغادرتها، وبالتالي تحسم مع أهلك الأسلوب المناسب لاختيار زوجة المستقبل بما يتوافق مع قراراتك بشأن هذه القضايا، وفي حالة هذا الاختيار الثالث سيكون عليك أن تتحمل الإغراءات والفتن - التي هي في كل مكان وزمان بالمناسبة -- وتركز تفكيرك وجهدك في إنهاء دراستك، وعندها ستكون قدراتك وآفاق الاختيار أمامك أوسع بكثير من الوضع الحالي،
وتذكر يا أخي العزيز، أن الزواج ليس فقط مجرد معاشرة جنسية؛ لغض البصر؛ وإحصان الفرج، ولكنه حياة كاملة يلزمها استعداد وشروط نجاح، لا أعتقد أنها قد تكاملت بعد في حالتك وتابعنا بأخبارك.