أهنئكم بالشهر الكريم المبارك وأسأل الله العلي القدير أن يجعله عام خير وبركة على أمة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم.
كما أود أن أرسل لكم شكري ومحبتي عبر صفحتكم الجميلة التي تعد مرجعا متكاملا لمشاكل شباب اليوم تم الإجابة عنها عن طريق متخصصين يخافون الله ويرجون رضاه قبل كل شيء.
مشكلتي بدأت تزداد مؤخرا بشكل شبه يومي وكل ليلة وهي الحديث في أثناء النوم.. أختي التي تشاركني الغرفة لاحظت علي ذلك.. بل وأحيانا تشعر بالخوف مني وأنا أتكلم، لا أقول كلاما مفهوما..
ولكني أحيانا أستيقظ على نفسي أو عندما أختي يوقظني فأتذكر أنني كنت أحلم بأنني في موقف شجار أو شيء من هذا القبيل.. ما يقلقني أنها أصبحت بصورة شبه يومية.. وعندما أستيقظ من النوم وتخبرني أختي بما حدث الليلة الماضية أشعر بضيق في صدري وتصعب علي نفسي.. ترى ما تفسير هذه الحالة من الناحية النفسية والدينية؟
لا أخفيكم سرا أنني أعاني من ضغط نفسي كبير بسبب مشاكل مالية تمر الأسرة لا تنتهي وأشعر بالعجز أمامها وبسبب تأخر زواجي وشعوري بالوحدة وعدم الاستقرار النفسي وخوفي المستمر أن أفقد عملي.
فهل الكبت والضغط النفسي أحد عوامل هذه الحالة؟؟ وما سبب ازديادها بصورة شبه يومية؟؟ وما هو الحل لها؟ علمًا أنني أبلغ من العمر 28 عاما.
شكرا لكم.
11/3/2024
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، وكل عام وأنت وكل الناس بخير مع بداية سنةٍ هجرية جديدة.
تتحدثين عن مشكلة يبدو أنها قديمة لكن الجديد فيها هذه الفترة الأخيرة هي زيادة في كثافة حدوثها، وحقيقة خطر الأمر أبسط من مخاوفك بكثير يا ابنتي فاحمدي الله واطمئني أن كل شيء سيكون على ما يرام، فتفائلي معنا بالعام الهجري الجيد.
الكلام في أثناء النوم ظاهرةٌ قد تحدث في نسبة من الناس النائمين تصل أحيانا في بعض الدراسات إلى 5% وبالطبع يحدث ذلك، خلال فترة معينة من حياة الإنسان يكون معرضا فيها لضغوط نفسية شديدة! ويحدث لبعض الطلبة أيام الامتحانات مثلا ولكنه لا يعني حالة مرضية ولا يحتاج في أغلب الأحوال إلى علاج!
معنى أن فتاة مسلمة بمعطياتك التي ذكرت ومن بينها الحياة في فلسطين ذات الكرب الدائم، وأهلها كان الله بعونهم، ثم تمر أسرتك بضائقة مالية، وأنت في أصل سطورك تشتكين من كبتٍ وضغطٍ نفسي معنى أن هكذا فتاة في هكذا ظروف تستجيب بهذا الشكل الذي يمثل نوعا من التفريغ على أغلب الظن يا ابنتي معناه أن الأمر قد تكون إحدى جوانبه علاجية لك، لتخفف من أثر ما تعانين من ضغط وكبت يومي وكرب مستمر تفرضه ظروف قطرية ومجتمعية وعربية وعالمية و.... و.... و... كثير... فتعيشين في هكذا تهديد بالحرمان من الوظيفة وهكذا حرمان من الحق في الزواج... وغير ذلك... فتنفسين رغما عنك وأنت نائمة ليس أكثر، أرى في ذلك جانبا علاجيا مهما بل وقد يكون ناجعا... ترى هل أكون بهذا حائدا عن الصواب؟ إذن خذيها مرة أخرى مني يا ابنتي على اعتبار التفاؤل الذي دعانا إليه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
وأما ما يتعلق بالمسألة من الناحية الدينية، فلا أعرف عن الأمر أكثر من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق" رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عائشة بإسناد صحيح، ورواه أحمد وأبو داود والحاكم عن على وعمر بألفاظ متقاربة، ومن طرق عديدة يقوي بعضها بعضا، كما أخرجه الترمذي بلفظ آخر: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل"، ومعنى ذلك أنك ما دمت نائمة فإنك غير مسؤولة عن أفعالك... حتى ولو كانت صراخا أو صياحا... وأنت قلت أنه غالبا كلام غير مفهوم!
وأما من ناحية التفسير العلمي فربما يتعلق الأمر بوجود انشقاق في الوعي Dissociation، وهو ما قد يكون كلامك أثناء النوم أحد أشكاله وهو ما نسميه بالتكلم النومي Somniloquy، والذي قد يكون تعبيرا عن صراع نفسي دفين تعيشينه ولا تدرين، وهذا هو الاحتمال الأكثرُ شيوعا في مثل حالتك، ولأنك ربما من الناس العاديين الذين يتكلمون أثناء النوم أو حتى يمشون و/أو يتكلمون في أثناء نومهم.
لا أستطيع القول بأنك إذا شعرت بتأثير جدي على أدائك اليومي وهو ما قد ينتج عن خوفك وقلقك أو أي مشكلة نفسية لا يقدر الله كعواقب ممكنة في مثل ظروفك فإنني أنصح في هذه الحالة بالعرض على مختص، وأغلب الظن أن حالك الذي تشتكين منه -أي مجرد الحديث أثناء النوم-لا يستدعي علاجا عقاريا بقدر ما يستدعي لقاءً مع مختص إن لم يكن ردنا وفى بحاجتك للاطمئنان، ولتبدئي رحلة الانتصار على الواقع المؤلم، وتابعينا بأخبارك.
وأنصحك أن تقرئي:
التكلم أثناء النوم: دستور!
التخيلات الجنسية والتكلم أثناء النوم
التحدث أثناء النوم