السلام عليكم ورحمة الله
أنا فتاه مخطوبة من شخص ذي خلق ودين ونحب بعضنا جدا والحمد لله، ولقد صارحته في بداية تعارفنا بأنني نحيفة بعض الشيء... خاصة منطقة الصدر فهي عندي صغيرة (وللعلم أنا لم أصارحه بذلك إلا بعد أن استشرت علماء موقعكم الرائع حيث أجابوني بضرورة إخباره بذلك حتى لا يكون هناك أي نوع من الغش أو التدليس عليه).
وقد خيرته بأن نكمل معا أو أن يبحث عن فتاة ذات مواصفات أفضل.. وقد أجابني وقتها بأنه متمسك بي وأنه لن يجد من هي أفضل مني على الرغم من أن هذا الموضوع يؤرقه حيث إنه قال لي بصراحة إن الهدف من الزواج بالنسبة له بالإضافة للسكن والمودة والاستقرار وإقامة أسرة مسلمة هو الإحصان وأنه يخشى أن تكون مشكلتي سببا في عدم تحقيق ذلك.
المهم هو طلب مني الذهاب إلى طبيب وإيجاد علاج لهذا الموضوع وبالفعل ذهبت للطبيب والحمد لله الوضع بالنسبة لي بدأ "يتحسن قليلا" ولكن لن يتغير الوضع بصوره واضحة إلا بعد الزواج وقد أخبرت خطيبي بكل شيء وهو يتابع معي ومع الطبيب الوضع مع العلم أننا نتكلم في ذلك بكل احترام ونضج وبطريقة علمية وذلك حتى لا نتجاوز الحدود الشرعية، وأدعو الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
سؤالي هو أريد أن أفهم نفسية خطيبي كرجل لماذا يؤرقه هذا الموضوع بهذه الصورة فطالما أننا مقتنعان ببعض ونحب بعضنا حيث إنه يحبني ويقدرني ويحترمني ويشيد دائما بجمالي وأخلاقي والتزامي و"مبسوط" بما وصلنا إليه من تفاهم وارتياح (هذا ما يقوله لي دائما) وأنا كذلك أحبه وأحترمه.. فلماذا كل فترة أحس بقلقه تجاه مشكلتي؟.
(ألاحظ ذلك من أسئلته لي بعد زيارتي للطبيب) لماذا كل هذا القلق أليس ما بيننا من حب وتفاهم واحترام يكفي لأن ينسيه ذلك القلق؟ أريد أن أفهم ما يدور بفكره كرجل!! وهل هو فعلا يحبني ومتمسك بي أم أنه يريد التراجع؟ .. هل يخشى أن يظلمني بعد الزواج؟ هل سأحقق له السعادة المطلوبة بين أي زوجين؟ هل أستطيع أن أحقق له هدفه وهو الإحصان؟؟ أريد أن أعرف كيف أتعامل مع هذا القلق؟ وهل آخذ أنا القرار بالافتراق من الآن على الرغم من الألم الذي سنعاني منه نحن الاثنان؟ وذلك حتى أريح وأستريح.
فأنا أحبه جدا وأريد أن أحقق له السعادة التي يتمناها حتى ولو لم يكن معي ولكني أيضا قلقة هل بعد الزواج سيكتفي بي؟ أفيدوني.
ملحوظة: لقد قرأت على موقعكم مشكلة مشابهة كان قد أرسلها شاب يسأل عن هذه المشكلة لدى خطيبته وهل تؤثر على تحقق الاستمتاع المطلوب وقد أعجبتني إجابتكم جدا.. وكذلك قرأها خطيبي أيضا مع مشاكل أخرى مشابهة وإجابتكم عليها على موقعكم الرائع ولكنني أحس بقلقه وعدم ارتياحه حتى الآن!!.
وأريدكم أن تجيبوا على أسئلتي بصورة محددة
وجزاكم الله كل الخير.
13/3/2024
رد المستشار
سأبدأ إجابتي بعرض بعض "الحقائق" التي نستند عليها في رؤيتنا لموضوع الجمال والعفة بعد الزواج.
الحقيقة الأولى:
هي أنه لا توجد امرأة "كاملة" الجمال، فالجمال –فعلا– موزع بين الجسد والشخصية والأخلاق، وحتى على مستوى "الجسد" –وحده– لا توجد امرأة تحصل على الدرجة النهائية في كل مكوناته.
الحقيقة الثانية:
أن المرأة تستطيع رفع أسهم جمالها قدر استطاعتها، وذلك بتركيزها على أوجه القوة لديها، وتنمية أوجه الضعف –إن كان هذا ممكنا- أو على الأقل "عدم إبرازها" إن كانت التنمية مستحيلة.. على سبيل المثال: امرأة جميلة العينين ولكنها ممتلئة الجسد، وخفيفة الظل؛ فهذه السيدة عليها أن تبرز جمال عينيها فلا ترتدي نظارة مثلا، وأن تحافظ على جسدها بالتخفيف من الطعام والإكثار من ممارسة الرياضة، وأن تبرز خفة ظلها بحيث يكون الجلوس معها ممتعا.
الحقيقة الثالثة:
إن كان دور المرأة هو رفع أسهم جمالها –قدر استطاعتها– فعلى الجانب الآخر يكون دور الرجل هو "الرضا" بهذا الجمال غير الكامل لسبب بسيط جدًا وهو أنه إن لم يرض به وارتبط بأخرى فسيجد عنصرا آخر "للجمال" غائبا ومفقودا.
الحقيقة الرابعة:
أن "إثارة" الشهوة عند الرجل تتوقف على جودة "الأداء" أكثر مما تعتمد على مقاييس ثابتة وجامدة، والدليل على هذا أنك تجدين (النحافة مثلا) هي الموضة المثيرة للرجل –لأنها وضعت على الشاشة في إطار مثير– بينما كانت (البدانة) هي التي تثير الرجل قبل بضعة عقود!! بل والمعنى الأعمق من هذا هو أن إثارة الشهوة تخضع لدوافع "نفسية" داخلية وليس خارجية ظاهرة فقط.
والآن أنتقل إلى أسئلتك لأجيبها –بعد هذه المقدمة- والتي يمكن تلخيصها في سؤالين:
الأول: لماذا يورق خطيبك هذا الموضوع؟ ما الذي يدور في رأسه؟
السبب أن صدر المرأة –كما تعلمين– هو أحد مظاهر الجمال والإثارة، ولذلك فإن خطيبك خائف وقلق ألا يكتفي بك وألا يجد الإحصان معك رغم حبه الشديد واحترامه لك. هو يخشى من رد فعله إذا نظر إلى صدرك بعدما ينظر إلى "إليسا"!! ويخاف أن يؤثر هذا عليه سلبيا ويدفعه للتطلع إلى أخرى.
الثاني: كيف تستطيعين أن تحققي له الإحصان؟
وهنا أقول لك إن هناك جزءا من الحل بيدك، والجزء الآخر بيده هو، أما الذي بيدك فهو أن ترفعي أسهم الجمال عندك –قدر استطاعتك– وأن تحافظي على "الحب" بينكما، ولا أعني هنا حب "الخطوبة" فهذا ليس هو الحب الحقيقي، إنما "الحب" الذي أقصده هو الذي ينمو مع السنين، مع المواقف الصعبة التي تتجاوزانها معا، مع الطباع السخيفة التي يتحملها كل منكما في الآخر، مع الصبر والرفق وحسن الظن، والبذل وحسن الخلق والعشرة.
أما الجزء الذي بيده هو فهو "الرضا"، وهو أمر "مكتسب" يمكن أن يتدرب عليه زوجك، عندما يدرك أن زوجة صالحة ذات صدر صغير (في اليد) خير من عشرة من أمثال "إليسا" (على الشجرة)، أي أن الجمال غير الكامل الذي نمتلكه خير من جمال كامل في "الخيال"!.
وأخيرًا.. أود أن أهمس لك بكلمة أخيرة: (لا تجعلي صغر حجم الصدر يصيبك بضعف ثقتك في نفسك).. فهذا هو "عيبك" الذي توجد في مقابله قائمة طويلة من المميزات، هذه ليست دعوة (للغرور) الذي يعطل تنميتك لجمالك وعلاقتك بزوجك، ولكنها دعوة (للثقة) التي تجعل طريق التنمية أقل إحباطا، وأكثر عدلا