عندي مشكلة ولا أعرف ماذا أفعل؟ منذ صغري كنت فتاة نشطة مرحة لا أفكر إلا بالساعة التي أعيشها، ولم أفكر بالمستقبل.. بس الآن أصبح يحدث لي العكس.. دائما أفكر بما سيحدث.. ممكن للظروف التي مررت بها.. كان لدي ابنة وماتت عمرها سنتان.
إحنا نشأنا بعائلة تحب أن تصل رحمها.. أخوال أو أعمام.. كنا نحرص أن تظل العائلة متماسكة.. ولما تجوزت وسافرت للبلد التي فيها خالتي وبنات خالتي تفاجأت أن خالتي لم تتعرف علي، والسبب أنها خطبتني لابنها منذ 6 سنوات ورفضنا لأني كنت صغيرة.. بس هي بتعاملني لما تشوفني عادي.
وقبل ما أتجوز عادي.. والكل بيجيب اللوم علي بنظراتهم وبتعليقاتهم ولا يعرف القصة.. وأمي تقول لي ما تحكيش لحد.. فماذا أفعل؟! مرضت وجلست قرابة شهرين بالمستشفى.
الأحلام هل هي أحلام أو أضغاث أحلام أو كوابيس فماذا أفعل؟!
كل هذا يجعلني مشوشة الأفكار متشائمة.
14/3/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله، وأهلا وسهلا بك وبأهل فلسطين جميعا.. رزقنا الله وإياكم صلاة في المسجد الأقصى.
سيدتي أقدر مدى المعاناة التي تمرين بها، خاصة أن والدتك لا تريدك أن تحكي لأقاربك، وأفهم كم هو مؤلم - خاصة بالنسبة للمرأة - ألا تجد من تحكي له عن وفاة ابنتها وألمها النفسي الناتج عن ذلك...
أما بعد، فسأتحدث في ردي على مشكلتك عن مشاعرنا وعواطفنا التي تتغير مع الزمن أولا، ثم أشير إلى صلب المشكلة.
أولا: بالنسبة للتغير من حالة المرح التي كانت في الطفولة، فمعظم الناس تتغير، ومع الكبر تكثر لدينا المسؤوليات وتتراكم المهام، إضافة إلى أن نظرتنا إلى الحياة تتغير فنتحول من العالم المثالي إلى العالم الواقعي، كما تزداد ضغوط الحياة، ولهذه الضغوط أنواع مثل الضغوط المادية والأسرية والاجتماعية والصحية والانفعالية وغيرها، وكلنا يمر بهذه الضغوط أو بعضها.
ما ذكرته في كلمتين يعد هو محور الحالة التي تعانين منها الآن، فموت ابنتك الصغيرة في عمر عامين ليس بالأمر الهين، وأنت تعرفين أن مشكلتك النفسية قد بدأت في تلك الفترة، وهذا أحد الضغوط القوية التي لا تزال تؤثر عليك، وقد يصبر بعضنا في البداية ويكون قويا لدرجة كبيرة، ثم يظهر الانفعال بما حدث بعد فترة، ويتأثر التعامل مع الضغوط بعدة أمور من أهمها:
البناء النفسي: وأقصد به قوة الشخصية والقدرة على التحمل والصبر والرضا بأقدار الله تعالى.
المساندة الاجتماعية والبحث عن الدعم والصداقة وعمن يقف بجانبك، فهذه تعتبر من أهم العوامل التي تقلل من ضغوط الحياة وصعوبتها، فتكوين شبكة علاقات اجتماعية -كبيرة كانت أو صغيرة- من الأشخاص المساندين يوفر لك قوة كبيرة.
يبدو من وصفك لحالتك أنك تعانين من أعراض نفسية لا يمكن أن أحددها في ضوء الأعراض الموصوفة بالمشكلة، فقد تكون أعراضا اكتئابية تجعلك في حالة حزينة مشوشة الأفكار ولديك كوابيس، وهذا الاكتئاب لا بد من علاجه، وقد يكون هناك تشخيص آخر للأطباء اضطرهم إلى إدخالك المستشفى، على أي حال هذه "روشتة" تساعدك:
• تحدثي عن غضبك والمشاعر والأحاسيس التي بداخلك.
• اطلبي المساعدة وتابعي الاستشارة بمؤسسات الصحة النفسية.
• لا تجعلي نفسك مسئولة عما حدث، فوفاة ابنتك أمر قدره الله تعالى.
• النشاط والحركة يقلل من الحزن.
• التفاعل الاجتماعي والمشاركة تقلل من الضغوط النفسية.
• انظري فيمن حولك فستجدي من يقدم لك المشورة، ومن يقدم لك الدعم بالكلام، ومن يقدم المساندة المادية، ومن يشعر بحالتك، وستجدي على الأقل صديقة أو اثنتين مقربتين يمكن أن تحكي لهما آلامك.
• اقضي وقتك مع الأصدقاء والعائلة، والجئي إلى أشخاص معينين من الأصدقاء والعائلة الذين يمكن أن يساعدوك في التخفيف من الأعباء النفسية.
لم تتحدثي عن زوجك لا أعرف لماذا!! ولم تخبريني إن كان لديك أطفال آخرون؟ الزوج عنصر مهم، فقد يلعب دورا في الوقوف بجانبك، إن كان من النوع الحنون المتفاهم اطلبي مساندته وأخبريه عن آلامك.. سيدتي هل دخلتي المستشفى نتيجة حالتك النفسية؟ أم حالتك الجسدية؟ أم ساءت صحتك الجسمية بسبب الحالة النفسية؟
أظن أن للحالة النفسية دورا كبيرا في كل الأحوال، المهم أنك كنت في حاجة إلى الرعاية وفي الغالب تحسنت حالتك بدرجة ما جعلت بإمكانك الخروج والعودة للحياة الطبيعية مرة أخرى، ولكن هذه العودة من جديد تتطلب المتابعة مع الطبيب النفسي، أعتقد سيدتي أن استشارة الطبيب الآن أمر مفيد يساعدك على الخروج من معاناتك.
وتابعينا بأخبارك وبمزيد من التفاصيل وأهلا ومرحبا بك دوما.