عشت حياتي وحيدة رغم كوني محاطة بالأخوات الممتعات وبزميلات الدراسة، لكني كنت لا أفشي أسراري لأي منهن، أتقوقع على ذاتي وأمشي وحدي وأحب أن أصنع لنفسي عالما فرديا.
رغم سلبيات هذا النهج فهو جميل كونه يجعلك تنظر إلى الناس بفطرية أكثر، وبحسن نية، لا تعرف كيف يفكرون؟ وما الذي يبطنون؟ فقط تحكم عليهم مما تراه عينك، براءة جميلة.
لكن، ما إن انتهت الدراسة وبدأ عالم العمل والزواج، صرت مجبرة على الاحتكاك بالناس، لأني إن لم أفعل فقدت وظيفتي أو فقدت زوجي.
إنها أول تجربة مع هؤلاء، عالم فعلا مخيف، آرائي تتصادم مع كثير من الناس، لكني أؤمن بها وأريد الدفاع عنها.
العوارض حين إبداء أي رأي كانت:
- سرعة نبضات القلب.
- تدفق الأدرنالين.
- ارتعاش اليدين.
- الخوف الكبير.
- لا أستطيع النظر إلى من أحدثه.
جربت التحدث مرة واثنتان وثلاثة في العمل، ثم سكتّ لأني أعاني من نفس العوارض وأتعصب بسرعة.
السكوت أدى إلى: أذهب إلى البيت في غليان كبير، لا أستطيع إضفاء الحيوية في البيت، زوجي يعاني من تصرفاتي كل ذلك اليوم.
يمر اليوم وأنا أفكر لِمَ لم أجب على تلك الفتاة التي كانت تسب مثلا الحجاب بكذا و كذا؟ لِمَ لم أجب على ذلك الرجل بكذا وكذا؟
أنا فعلا أعاني كل اليوم حتى صبيحة اليوم التالي.
فعلا صارت عندي مشكلة.
أتمنى أن تكون رسالتي مفهومة، مع العلم أني متزوجة ولي طفل واحد،
وخرجت مغتربة مع زوجي لمدة 5 سنوات ولم أُكوّن إلا صديقة واحدة هي من أكلمها وهي من أخرج معها فقط.
18/03/2024
رد المستشار
صديقتي
أعراضك التي وصفتيها هي خليط من الرهاب الاجتماعي بسبب تقوقعك في الماضي، ممزوجا بخوف من المواجهة، ممزوجا برغبة في إثبات أنك على حق في المناقشات أو إبداء الرأي... وغضبك من نفسك لفشلك في إثبات صحة رأيك أو تقاعسك (بسبب الخوف) في إبداء الرأي والانتصار فيه يجعلك عصبية مع نفسك ومع زوجك.
ليس هناك داع لكل هذا إذا ما فهمت أن الناس متشابهين ولكل منهم رأي مبني على تربيتهم وثقافتهم وتعليمهم وطريقة فهمهم للأمور ومعتقداتهم (وجهات نظر) .. لا أحد يملك الحقيقة المطلقة وهناك دائما سياق يحتم وجهة نظر كل شخص... ستختفي هذه الأحاسيس إذا ما فهمت أنه ليس عليك إثبات أي شيء أو الانتصار في المناقشة عن طريق إثبات صحة رأيك.
المواجهة ليست معركة وإنما فرصة لإبداء الرأي والتعبير عن النفس والأفكار... ومن حق الآخر الموافقة أو المعارضة (لكم دينكم ولي دين) .. يجب أن يكون هدفك هو (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) ... لقد فشل كل الأنبياء في الكثير من المناقشات مع الكافرين والمشركين وقال لهم الله أنه ليس عليهم هدى الناس ولكن عليهم إبلاغ الرسالة.. ما الذي يجعلك تعتقدين أنك يجب أن تنجحي فيما فشل فيه الأنبياء؟
تأكدي من رأيك وعضديه بالأدلة والحكمة ولا تبالي بموافقة الآخرين أو تغيير رأيهم أو إثبات خطأهم... واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.. سنة الله هي اختلاف الرأي بين الناس (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) انتبهي لحياتك ولعلاقتك مع زوجك واحرصي على تنمية السعادة والمودة داخل بيتك وخارجه... تقبلي الآخر وتقبلي الاختلاف بدلا من أن تحاولي محاربة سنة الله في الكون... تخيلي أن الثمانية مليار إنسان على الكوكب هم نسخة منك في كل شيء... هل تستقيم الحياة؟ بالطبع لا.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب