بدأت منذ مدة بمطالعة هذا الموقع الذي أصبح اليوم هو دوائي، ولا أستطيع أن أهدأ إلا بقراءة مواضيعه. ومن ردودكم التي تبعث الأمل في نفسي قررت أن أطرح مشكلتي التي أصبحت تأخذ راحة بالي فلا أنام ولا آكل جيدًا حتى إنني أحسست بأني الوحيدة التي تواجه كل هذه المشاكل.
تزوجت منذ ثلاث سنوات من صديق أخ زميلتي ولم يكن بيننا علاقة سابقة إلا بعض الرسائل الإلكترونية بين الحين والآخر، ولقد تزايدت هذه الرسائل بمرور الوقت وأصبحنا نحن الاثنين لا نستطيع أن نعيش يومنا دون التحدث سويًّا، وبعد عدة أشهر تقدم لخطبتي، ولكن أهلي رفضوه؛ لأنه ليس من عشيرتنا وتقاليد العائلة لا تنص على ذلك. كنت حينها أقيم في بيت أهلي في ألمانيا وكان مقيمًا في الدنمارك. حاولت التناقش كثيرًا مع الأهل، ولكنهم رفضوه خوفًا من كلام الناس وبسبب تقدم هذا الشاب زادوا من الضغط عليّ، ولم أستطع التحمل فكلمت أختي الكبيرة وقالت لي دعيني أكلم هذا الشاب.
عندما كلمته قالت لي إنه طيب القلب ومحب لك كثيرًا وهذا مما شجعني على قبول الزواج منه تم الزواج، ولكن أبي وأمي اشترطوا بأن أكون أمام الآخرين ليس لي علاقة بهم على الإطلاق، وإني لا بد أن أمثل هذا الدور خوفًا من مكانتهم بين الآخرين. كنت في بداية زواجي أسعد مخلوقة في الكون، وقد عشت مع زوجي في بيت له في الدنمارك، ولكن بعد بضعة أشهر وبسبب مشاكل مادية خسر زوجي كل ما لديه وخسر مسكنه وعمله وكل ما يملك. حاولت مساعدته بقدر المستطاع، ولكن لا جدوى فهو مكتئب لدرجة أنه أصبح يكره الضوء ولا يتكلم مع أحد على الإطلاق.
إلى أن دخل بيتنا شبح الإنترنت، فمن يومها زوجي يعيش ليله نهار ونهاره ليل أحسست بأنه يخفف من همومه عندما يدخل هذا العالم الخيالي، فهو يحب السياسة كثيرًا، ولكن مشكلتي تكمن بأنه أصبح يمهلني ويهمل ابننا ويهمل بيته، وتحولت أنا إلى رجل وامرأة البيت في نفس الوقت. حاولت محادثته عدة مرات، ولكنه لا ينطق بحرف واحد حاولت التزين وتدليله، ولكنه يرفض كلما تقربت منه ويقول بأنه في حالة يرثى لها ويرجوني أن أتركه وحده.
وبالفعل كنت أتركه وحده لفترة، ولكن حاجتي إلى حنانه وعطفه واهتمامه تجعلني أحاول معه أكثر من مرة إلا أن بدأت أشك أنه لم يَعُد يحبني، وأنه يسكن معي لأجل ابنه ولسقف تحت رأسه هذه الأفكار أصبحت هاجسًا يدور في ذهني طوال الوقت.
حاولت التحدث معه، ولكن دون جدوى لا أحصل منه غير السكوت الذي يمزق قلبي. حاولت أن أخرجه من عالم الخيال وقمت بترتيب أشياء هو يحبها، ولكنه يأتي بحجة أننا لا نملك المال الكافي. حاولت أن أرجعه لأيامنا قبل الزواج بدعوته لنزهة على النهر فهي لا تكلفنا فلسًا فيقول لي إنه ليس لديه مزاج.
حاولت أن أدخل أهلي في حل المشكلة، ولكنه يتجنب الكلام في هذا الموضوع نحن لم نخرج سويًّا منذ أكثر من عام ونصف. حصل زوجي على عمل جديد وبدأت بتشجيعه، ولكنه لم يغير من أسلوبه فهو يعمل عشر ساعات يوميًّا يأتي للبيت يأكل شيئًا يذهب ليطالع صفحات الإنترنت، ثم يذهب للنوم دون أن يكلمني أو يرد عليّ عندما أكلمه، وفي يوم إجازته يقضي اليوم على الإنترنت أو في النوم. صارحته فقال إن الديون التي عليه تكاد تكسر ظهره فإن حالته النفسية ما زالت متعبة.
وفوق هذا كله تأتيني مشاكل ثانية من مطلقته وأم ابنته البكر، فهي ما زالت تطارده وتحاول زرع المشاكل وهو لا يصدها وعندما أعاتبه يقول لي لأجل ابنتي أفعل هذا كله؛ لأنني لو لم أجاملها سوف تأخذ ابنتي لأشهر كما فعلت سابقًا وتحرمني من رؤيتها كنت أقنع نفسي أن كلامه صحيح إلى أن جاء يوم واتصلت ابنته به وكانت تعلم أنني بجانبه، وقالت له هل تذكر عندما طلبت مني أن أسأل أمي عن رأيها لرجوعكما سويًّا؟ لقد رفضت.
ومن حينها حدثت مشاكل بيني وبين زوجي.. مشكلتي أني لا أزال أحبه ولا أستطيع العيش من دونه حاولت الابتعاد، ولكن لم أستطع أنا أعلم جيدًا أن قلبه طاهر وطيب، ولكني أحس أنه لم يَعُد يريدني فهو يتكلم مع غيري ويمزح، لكن في البيت هو كالتمثال تمامًا.
أرجوكم ساعدوني فأنا لم أذق طعم النوم منذ ثلاثة أيام وأصبحت مهملة لابني ولبيتي، ولا أعمل أي شيء سوى التفكير بالمشكلة والبكاء.. أشكركم لقراءة رسالتي وصبركم لتكملتها، واعذروني على الإطالة، ولكني أحببت أن أعطيكم صورة كاملة.
18/3/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لا يستطيع أحد انتقاد زواجك منه فهذا يقع ضمن حريتك الشخصية وكان لك اتصال به قبل الزواج اتخذت القرار بالارتباط به. قد يقول البعض الزواج من رجل انفصل من زوجته الأولى وله طفلة منها لا يخلو من مشاكل ويحمل حقائب الماضي أينما رحل واستقر٬ ولكنك لست المرأة الأولى التي تتزوج من رجل مطلق وله أطفال من زوجته السابقة والكثير منهم يعيشون بسعادة.
الذي حدث بعد بضعة أشهر من الزواج ودخول زوجك الفاضل في موقع اكتئابي يتميز بشعوره بالأسى على ذاته وعدم اكتراثه بمشاعرك قد يكون سببه إصابته بالاكتئاب ولكن سلوكه وعدم مبادلته بمشاعرك لا ينعكس الا بصراحة سماته الشخصية النرجسية وضعف كيانه النفساني. لم تتحدثين في استشارتك عن علاقته مع ابنه ولكن ما يمكن القول بأن اعتزل الجميع. كل إنسان يواجه محنة في حياته والغاية من الزواج هو المشاركة في السراء والضراء العمل سوية لمواجهة التحديات. اتصاله مع زوجته الأولى يعكس ضعف شخصيته وربما شعوره بسوء الحظ والذنب لطلاقها ولكن في نفس الوقت لا يعني ذلك بالضرورة بان ما تحدثت به ابنته لا يخلوا من الشك فلذلك ما عليك أن تفعليه هو وضع ما تم سماعه من ابنته جانباً. بالطبع لا يمكن إنكار شعورك بأن ما حدث مع زوجته السابقة يحدث معك وهذه ظاهرة نفسانية يطلق عليها التكرار القهري Repetition Compulsion.
الآن عليك أن تفكري جيداً بمصلحتك وهدفك الأول هو الحفاظ على البيت العائلي ومنحه الفرصة لإصلاح سلوكه والانتباه إلى نرجسيته. لا تحاولي إشراك أهلك أو غيرهم بهذه الأزمة فهي أزمتك أنت وعائلتك. لا تبالغين في رعايته وتعطيه مهلة بضعة أسابيع لإصلاح أمره فهو قد يعاني من ضغط نفساني ويحاول بناء حياته مجدداً. بعد ذلك تتحدثي معه بصراحة عن سلوكه وضرورة الانتباه إلى وجود عائلة وامرأة تعيش معه بدلا من تكرار تجربة زواج وطلاق ثانية٬ وآخر ما يجب أن يفكر فيه تكرار قهري لطلاق ثاني وزواج ثالث.
وفقك الله.