في بادئ الأمر أشكركم الشكر الجزيل على هذا الموقع المفيد الذي أتاح لنا فرصة التحدث؟.. مشكلتي أتصور أنني يجب أن أبدأ الكلام عليها من البداية لغرض أن يتسنى لكم فهمها.
أنا امرأة متزوجة منذ أربع سنوات من رجل مطلق وله بنت تبلغ من العمر 11 سنة من زوجته السابقة، وأنا لي بنت منه تبلغ من العمر سنة واحدة، مع العلم بأن زوجي يكبرني بـ 12 سنة.
في بداية الأمر وقبل الزواج كان الاتفاق أن تبقى ابنته مع أمها في بلدهم الأصلي، حيث كما تعلمون نحن مقيمون بالنمسا وفي العطلة الصيفية تأتي إلى هنا لمدة شهرين وأنا وافقت على ذلك، ولكن الذي حصل الآن أنه فرضها للعيش معي، مع العلم أنني أراعيها مراعاة ابنتي، ولكن دومًا تقول لي إنها تكرهني وأنا بدوري أتكتم وأصمت حتى لا تحدث مشاكل في البيت، ولكن الأمر زاد عن حده فقد بدأت تحدث مشاكل بيني وبين زوجي وتقول له عن أشياء أنا لم أفعلها أصلاً، وبالتالي تقع مشاكل بيني وبين زوجي حتى إنني طلبت منه أن يرجعها إلى أمها، ولكن يقول ارجعي أنت مع ابنتك، ولكن ابنتي تبقى هنا.
أنا أشعر دومًا أنه يكرهني بهذا القول.. أشعر أنني فقط مربية لابنته، حيث إنه لا توجد علاقة بيني وبينه، دومًا لا يتكلم يعود من العمل يأكل ثم ينام لساعات، ومن ثَم يجلس أمام الكمبيوتر، وكلما أردت تلطيف الجو لا يتكلم معي، مع العلم أنه على هذا الحال منذ أن تزوجته، ولكن الآن الحالة زادت عن حدها حتى إنه لا ينظر إليّ. أشعر بكرهه الشديد لي، وكم من مرة تكلمت معه فيقول لي دومًا أغلقي الموضوع ولا تتكلمي.
أشعر أنني سوف أنفجر من شدة الحزن الذي في داخلي.. تسليتي الوحيدة الآن هي ابنتي.. أشعر فقط أنه تزوجني لغرض أن أخدمه، حتى إن العلاقة الجنسية بيني وبينه شبه معدومة، وإن حدثت فهي لغرض إشباع رغبته فقط وبدون أي مشاعر ولا أحاسيس، أشعر أن الكآبة بدأت تصيبني فإنني لا أستطيع أن أخرج من البيت؛ لأنني يجب أن أبقى بالبيت لأن ابنته ترجع إلى البيت ويجب أن يكون هناك من معها في البيت، وفي الليل أيضًا لا أستطيع أن أخرج لأن ابنته يجب أن تنام مبكرًا لأنها بالمدرسة، مع العلم أنها لا تسمع كلمة مني، وإن تحدثت معها تقول لي بصوت عالٍ اسكتي أنا لا أعتمد عليك بالكلام وعلى أبي، ودومًا تشكي ولا تحمد ربها على شيء حتى الطعام الذي أعمله دومًا لا يعجبها.
أشعر دومًا أنني أراعي مشاعر الآخرين، ولكن أين أنا من كل هذا.. هل أنا ضعت أم يجب أن أجد حلاًّ لهذه الحياة المملة التي بدون طعم؟ حتى إنني أنتظر العطلة بفارغ الصبر حتى نغير ونخرج، ولكن دوما زوجي يبحث عن عذر ويخرج، وأنا أبقى حبيسة البيت مع ابنته التي فرضها عليّ، ولا يريد أن يرجعها مع أمها، وكلما تكلمت معه عن أنني تعبت من ابنته وخدماتها فقط وأن أمها موجودة حتى تربيها تحدث مشكلة في الآخر، وأنا أكون الملوم.
ساعدوني رجاء في حل مشكلتي فإن الأمور بدأت أمامي تصبح مشوشة، ولا أستطيع التحمل أكثر من ذلك.. الزوج وابنته عليّ، وأنا من كل هذا آسفة على الإطالة،
ولكم جزيل الشكر.
20/3/2024
رد المستشار
أختي الكريمة،
الواقع أن مشكلتك مشكلة مركبة من محاور متعددة، والأمر يحتاج منك للتفكير المتأني للتعامل مع هذه المشكلة، وذلك حتى يمكنك الخروج منها بأقل الخسائر الممكنة، كما يحتاج الأمر للكثير من التوازنات.
ولكن من المهم أن نبدأ بتحليل مشكلتك لمحاورها المتعددة؛ حتى نتمكن من مناقشة كل محور على حدة، وبالتالي يمكننا التعامل مع كل محور على حدة.. ومن المهم بداية أن تضعي في اعتبارك كونك تعيشين في الغربة وبدون أهل وزوجك العائل الوحيد لأسرتكما.
والأمر الثاني يتمثل في كون زوجك قد أخلّ باتفاقه معك، وأحضر ابنته للعيش معكما طوال العام.
أما الأمر الثالث فيتعلق بعلاقتك بابنة زوجك.
والأمر الرابع هو التردي الملحوظ في علاقتك بزوجك.
وبعد تفكيك مشكلتك إلى المحاور السابقة تعالي نبحث معًا أهم مشكلة تؤرقك، وهي أن زوجك قد فرض عليك ابنته بعد أن كان الاتفاق بينكما على أن تعيش مع أمها، وأنا أقدر أن معك الحق في أن ترفضي ما لم تتفقا عليه منذ البداية، ولكن تعالي نتباحث حول الخيارات المتاحة أمامك الآن، حيث إن زوجك يرفض أن يعيد ابنته إلى والدتها، وقد تكون له مبرراته التي دفعته لذلك، ومنها خوفه على ابنته من تربيتها بعيدًا عنه وعن رعايته، أو شعوره بأن والدتها لن تكون أمينة عليها أو لن تحسن تربيتها وكلها احتمالات واردة، والمهم أنه الآن يرفض أن يتخلى عن ابنته.. فما الذي يمكنك فعله؟
يمكنك أن تستمري في الضغط عليه وتستمعي لما يضايقك من ألفاظ وتعبيرات من قبيل: "ارحلي أنت وابنتك"، ويمكنك أن توسطي بينكما من تثقين في حكمته بحيث يتفاوض معه حول إمكانية رجوع ابنته إلى والدتها أو حتى أن يخفف عنك عبء خدمتها، وذلك بأن يشارك هو بجهد في هذه الرعاية أو حتى بتوفير من تعينك على هذا الجهد بأجر إن كان هذا الأمر في مقدوره، ولكن من المهم أن تتوقعي كافة النتائج. حيث من الممكن جدًّا أن يظل زوجك مصرًّا على أن يبقى الوضع على ما هو عليه، وهنا يأتي التساؤل:
ماذا يمكنك أن تفعلي؟ هل الأفضل لك ولابنتك أن تطلبي الطلاق؟!! وهل سيمكنك وحدك تحمل المسؤولية؟ هل ستستمرين في الغربة أم ستعودين إلى بلدك؟ وهل ستحتملين العيش كمطلقة؟ وهل أحوالك النفسية والمعيشية ستكون أفضل بعد الحصول على الطلاق؟ أسئلة لا بد من حسمها قبل الإقدام على أي خطوة غير محسوبة، وهل مشاكل ما بعد الانفصال ستكون أهون على نفسك من مشاكل التعايش مع ابنة زوجك؟!!
أختي الكريمة،
الخيار الآخر المطروح أمامك هو أن تحاولي النظر للأمر بشكل آخر؟ لا تنظري للأمر على أن هذه الفتاة الجميلة مفروضة عليك، ولكن انظري لها على أنها أخت لابنتك ويمكنك بقليل من الجهد وبكثير من الحب والتقبل أن تحتويها وأن تكسبيها بصفك، وأحسبك ستتذرعين بأنك تخدمينها منذ أول يوم، ولكنني أقول لك إن للأطفال قرونًا لاستشعار الحب، فلو شعرت بحبك وحنانك وحدبك عليها، ولو شعرت بتقبلك لها وسعادتك بوجودها معك... لو شعرت بكل هذا منك لتغير الكثير من أسلوب تعاملها معك، تقربي منها... أخبريها بحبك... قدمي لها الهدايا... امتدحي كل تصرف إيجابي تقوم به وغضي الطرف عن كل تصرف سلبي الآن حتى تتوطد أواصر المحبة بينكما، وساعتها يمكنها أن تتقبل منك أي جهد تبذلينه لتقويم سلوكياتها.
تقبليها كما هي فهي فتاة مقبلة على مرحلة المراهقة، ولن يمكنك السيطرة عليها إلا بالحب والتفاهم والعلاقة الودودة بينكما، حاولي أن تستمتعي برعايتها كما تستمتعين برعاية طفلتك وتعتبرينها تسليتك الوحيدة في الحياة، وخلاصة الأمر هو أن تحاولي أن تتعاملي معها لا من منطلق الرفض، ولكن من منطلق أنها ابنة لك رزقك الله بها بدون جهد الحمل والولادة والسهر، ويمكن لهذه الفتاة إذا شعرت بحبك وتقبلك لها أن تكون عونًا لك في رعاية صغارك وشئون منزلك مثلما يتحمل الكبار من أبنائنا معنا بعض المسئوليات، وما أقصده أن هذه الفتاة يمكن ببعض الجهد وبالكثير والكثير من الحب أن تصبح جانبًا مضيئًا ومشرقًا في حياتك بدلاً من أن تعتبرينها دومًا خصمًا من حياتك.
وأعتقد أن انتهاء مشكلتك مع ابنة زوجك على هذا النحو ستخفف كثيرًا من توترك النفسي وستزيل الكثير من أسباب الخلاف والتشاحن بينك وبين زوجك، وستتيح أن تقيما بينكما حوارًا صحيًّا (ويمكنك أن تستمعي لفنون وضوابط إقامة الحوار البناء بين الزوجين)، والمهم أنه من خلال هذا الحوار يمكنك أن تعبري عن مشاعرك واحتياجاتك بحرية؛ وهو ما يتيح تقاربًا وتواصلاً أكثر عمقًا.
وتقبلي دعواتي بأن يبارك الله تعالى لك في أسرتك الجميلة، وأن يعينك على إصلاح الأحوال فيما بينكما.