أعتذر مقدمًا عن الإطالة، ولكني أرجوكم القراءة حتى النهاية... أنا عمري 25 عامًا، أعمل حاليًّا بالكويت وأهلي مقيمون بالأردن، لي من الإخوة 5.
3 منهم انشقوا عن العائلة؛ بسبب مشاكل وقضايا متعلقة بالميراث، واثنان منهم بالأردن، عندما كنت في السابعة عشرة من عمري تُوفِّي والدي وتعهد أحد إخوتي (وكان ولا يزال ميسور الحال) بتعليمي أنا وأختيّ الاثنتين، حيث كنا قُصرًا.
سأتحدث في قصتي عن أخي راضي ولن أتطرق لأخي الثاني أكرم؛ لأنه عبارة عن تابع للأول ويؤيده بكل شيء... وأعمارهم متقاربة جدًّا 34 و35 على ما أظن.. المهم أخي راضي الذي تعهد بتربيتي أنا وأختيّ الاثنتين الأصغر مني بسنتين كان يمتلك مجموعة من المحلات، وكنت أعمل معه عندما ذهبت للجامعة، وكان يدفع لي راتبًا قليلاً في مقابل معاملة سيئة يكسوها الضغط الشديد عليّ، فكنت مسؤولاً عن موظفين في محلاته وأحصل على راتب أقل منهم، وكانت علاماتي الجامعية بتدهور وتخرجت بطلوع الروح الحمد لله.
خلال دراستي الجامعية كان هو المنفق عليّ والمنفق على البيت بأكمله المكون مني أنا وأختيّ الاثنتين وخادمة لمساعدة أمي.. كان -وما زال- متكفلاً براعيتنا من جميع ما نحتاجه، وقد يسر الله له جميع أموره وازدهر عمله والفضل كله لله تعالى... ولكن معاملته لي كانت مختلفة كثيرًا، ففي أيام دراستي الجامعية كنت أحيانًا أمل من العمل أو أتضايق من الراتب الذي أحصل عليه لقلته، وكنت أحاول أن أستقيل فكان دائمًا يعايرني بأنه ينفق عليّ وأني من دونه لم أكن لأصبح رجلاً بكامل قوتي، ولولاه لما أكملت تعليمي الجامعي ولكنت بالشارع، ولولاه... إلخ.
وفي مرة من المرات في فصل التخرج طلبت منه أن أستقيل لكي أستطيع التركيز في دراستي، ووصلنا إلى مشادة كلامية انتهى به الأمر بأنه قال لي اخرج من المنزل، واكتب على نفسك ورقة (بجميع الأموال التي أنفقها عليّ منذ وفاة والدي لكي أسددها له!!)، ويومها خرجت من المنزل واتصلت بعمي (الذي لا يظهر إلا فقط في المشاكل، فليس بالعم الذي يتخيله أي شخص) المهم اتصلت به وصالحنا، وتم الاتفاق على أن آخذ عطلة حتى أتخرج، وبعدها أعود للعمل معه بشهادتي، وهذا ما حدث...، ولكن أيضًا الوضع لم يعجبني، وذلك لسوء الراتب الذي كان يدفعه لي، وبدأت بالبحث عن وظيفة أخرى حتى وفقني الله بعمل بالكويت.. وسافرت.
وتركت الأردن وكل شيء خلف ظهري لأبدأ حياتي من الصفر بعيدًا عنه، ولكن تعرضت لظروف اضطرتني إلى مغادرة الكويت للأردن، ومن ثَم العودة للكويت من جديد (لتغيير إقامتي)، وعندما عدت إلى الأردن ذهبت لأقابله وطلبت منه أن يعطيني بعضًا من المال على أن أسدده له، ولكنه رفض وقال لي إنه لا يملك أي شيء!.
فقررت المحاولة في أن أطلب من عمي الذي تفاجأت به يتصل على موبايلي (ولم يكن يعرف الرقم لأنه جديد)، ويسألني عن أحوالي ويسألني إذا كنت استطعت أن أحوش شيئًا من الأموال، فاستوعبت أن أخي اتصل بعمي وطلب منه ألا يعطيني مالا فتداينت مالاً من الأصدقاء، ثم عدت للكويت، وبدأت أقف على قدمي من جديد واستطعت تسديد ديوني والحمد لله، بل بدأت بإرسال مصروف شهري لوالدتي للمساعدة بقدر الإمكان بما أستطيع، وأحضرت والدتي وأختيّ أيضًا إلى الكويت (من باب السياحة)، وقد فرحوا جدًّا بهذه الزيارة.
في الصيف الماضي قررت أن أخطب ووقع اختياري على ابنة خالتي، والحمد لله لن أجد أفضل منها دينًا وأدبًا.. ذهبت إلى الأردن لأتمم موضوع الخطبة، وأنا بالأردن مرّ علي أسبوع ولم يتصل بي أخي، وبدأت أمي تطلب مني أن أتصل به وأخبره بوصولي وأذهب لأسلم عليه فرفضت ذلك؛ لأنه بديهيًّا يعلم أنني وصلت الأردن منذ أسبوع، ومن الغريب في الموضوع أنه يتصل يوميًّا تقريبًا للسلام على أمي ويطلع على أخبارها، ولم يخطر له أن يطلب الكلام معي!! المهم رفضت أن أكلمه، وفي النهاية وافقت فقط لأرضي أمي؛ لأنها منذ بداية الحياة وهي تحب أخي أكثر من الجميع، وازداد حبها بعد تخلي إخوتي الثلاثة عنا عند الميراث، فكان أخي هو المنقذ (وهذا صحيح ولا أنكر ذلك أبدًا!) فتضاعف حبها له.
المهم اتصلت به وبدأ المكالمة بغضب يعاتبني؛ لأنني لم أتصل به ساعة وصولي إلى الأردن وأنه حسب الأصول فالمفروض الصغير يتصل بالكبير! أنا اشتطت غيظًا وقلت له إن الأصول أنه هو الذي يجب عليه الوقوف بجانبي فأنا أجهز للخطبة وعليّ التزامات كثيرة، ويجب أن أنسق عدة أشياء، فكان من باب أولى أن يعرض عليّ أي نوع من المساعدة، وأنا لا أريد مالاً والحمد لله، فقط أريد أن أشعر أنه يوجد لدي أخ!. فغضب مني وانتهت المكالمة... وبعد 5 دقائق اتصل بي أخي الثاني وكان عنده (بمنزله يعني)، وبدأ الكلام معي وهو يهزئني على الطريقة التي تكلمت فيها مع أخي، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن أكلمه بهذه اللهجة، وأني أنا المخطئ، فكان يجب عليّ الاتصال به فور وصولي للأردن... وبعدها انتقل إلى نفس الموضوع الدائم الذي أكرهه!.
فقال لي (أخوك هو الذي أنفق عليك وعلمك ولولاه لما كنت تخطب الآن، وهو الذي يدفع إيجار المنزل الذي أنت جالس فيه! ولولاه لما كنت وجدت مكانًا تنام به... إلخ)، وهنا اشتد الكلام بيني وبينه وانتهت المكالمة، وكانت حفلة الخطبة في اليوم التالي... طبعًا عاود أخي الاتصال بأمي وشكا لها أنه كان يمازحني بالعتاب، ولكني أنا الذي كبّرت الموضوع وقلبته لمشكلة، وفي يوم الخطبة اتصل عمي بي وقال لي إنه غاضب مني مما فعلت بأخي، وإنه لن يحضر خطبتي إلا إذا حضر أخي، وعليه كان يجب عليّ أن أعتذر لأخي.. وعلى مضض ذهبت له قبل الحفلة وكنت مضغوطًا بشكل قاتل، ولكني ذهبت له واعتذرت له حتى إنني عرضت عليه أن أقبل رأسه فتفاجأت بأنه خفض رأسه لي لكي أقبله، ومع ذلك قبلت رأسه وانتهى الخلاف وعدت للمنزل على أمل حضوره هو وعمي.. وطبعًا أعلمت والدتي والجميع بأني اعتذرت منه. ولكن عمي وأخي حضرا ولكنهما لم يدخلا وكانا يتحاوران عند الدرج، وعندما خرجت لأنظر ما سبب تأخيرهما أمسكني زوج أختي وقال لي بأن أدخل أجلس مع الرجال وأنهم سوف يأتون لاحقًا.
ولكن للأسف لم يحضروا خطبتي عادوا أدراجهم وأنا لا أفهم السبب... وبعد أن تمت الخطبة اتصل بأمي وقال لها (افتراء وكذبًا) إني نزلت الدرج ومررت من جانبهم (ذهابًا وإيابًا) ولم أُعرهم أي اهتمام ولم أقل لهم تفضلوا بالدخول، بل نظرت إليهم نظرة احتقار (وما عبرتهم)، والحمد لله أن زوج أختي كان واقفًا وشاهدًا بأني لم أنظر سوى ثوان ولم أنزل الدرج حتى؛ لأنه أمسك بي وأدخلني لكي أجلس مع المعازيم!! ومع ذلك بقيت أمي تعيسة، والكل يلومني بأني السبب في كل ذلك، مع أن الكل يعلم أني اعتذرت له، وأن سبب تأخري عن الحفلة أني كنت ببيته أعتذر له، المهم أنا قررت ألا أتكلم معه أبدًا وتفاجأت بعد يومين بأمي وأخواتي يذهبن لمصالحة أخي والاعتذار له عما بدر مني!!! حسبي الله ونعم الوكيل.. بعد الخطبة عدت وبقيت أسبوعًا في الأردن ولم نكلم بعضنا، ومن ثَم عدت إلى الكويت، وفي عيد الفطر حاولت خطيبتي أن ترطب الأمور، فأقنعتني أنه من ناحية دينية يجب ألا نبقى هكذا ويجب أن نتصالح... مع أني اعتذرت له وقبلت رأسه، ولكنه لم يحضر خطبتي ولم يقل لي حتى مبروك بعد الخطبة، وفعليًّا لم نتكلم أبدا منذ آخر مرة قبلت رأسه فيها.
المهم استطاعت خطيبتي أن تلين قلبي وقررت أن أتصل به أعيد عليه فاتصلت 3 مرات ولم يرد فبعثت له رسالة قصيرة أعرفه عن نفسي (في حال أنه شطب رقمي)، وقلت له بالحرف (كل عام وأنت بألف خيرأنا أخوك عبد الله، وحابب أعيد عليك وراح أرجع أرن عليك بعد شوية)، وتم استلام الماسج، وعاودت الاتصال مرتين في أوقات مختلفة، ولم يرد أيضًا.. في اليوم التالي توقعت أن أجد رسالة منه، ولكنه لم يرسل أي شيء أبدًا!! فاتصلت بوالدتي أعيد عليها وسألتها إن كان أخي أخبرها بأني اتصلت به أو أي شيء.. ولكنها تفاجأت مني ولامتني لمحاولتي الاتصال به، ثم بعد أن بينت لها أني كنت أريد أن أعيد عليه وليس المشاكل سكتت وحاولت تبرير موقفه، ولكني لم أستطع التحمل، فقلت لها إني لا أريد أن أتحدث معه طالما حييت فهو لئيم جدًّا!!.
والبارحة كنت أتكلم مع أمي وكانت إحدى أخواتي بجانبها، وأنا قررت أن أذهب في إجازة للأردن ففتحوا معي الموضوع بأنه يجب أن نتصالح وطلبوا مني أن أتصل به ساعة وصولي الأردن، وأن أذهب وأزوره وأعتذر له (ما زلت لا أعرف سبب اعتذاري والله) وأن نعود إخوة كما كنا - مع أننا في الأساس كنا دائمًا على خلاف، فدائمًا يعايرني بالمال الذي أنفقه عليّ خلال دراستي الجامعية، ولم أستطع أن أترك العمل؛ لأنه كان دائمًا يهددني بأنه لن ينفق علي إذا تركت العمل... وها أنا وأنا كبير أيضًا فهو يريد مني أن أذل نفسي له، وما زال يستعمل معي نفس السلاح.. "المعايرة". الله يشهد أني لم أحرف أي جزء من الواقع، وإني أتساءل ماذا يجب أن أفعل؟ فمن جانب كرامتي ذهبت، وأهلي كلهم بصفة عامة (لا أحد يتجرأ أن يطلب منه أن يصالحني) فهو مصدر الإنفاق علينا بالبيت ويجب عدم إغضابه وهو الكبير... ومعه الحق دائمًا... وأنا الصغير ويجب عليّ أن أكون المبادر في كل شيء.
يُرجى إفادتي بما يجب علي فعله، أرجوكم فأنا محتار فعلاً لا أريد أن أذل نفسي مرة أخرى له، وتفاجأت البارحة بأن أمي تقول لي إنه يجب عليّ أن أذهب لأسلم عليه، فأنا سوف أقيم في بيته!!
المقصود مع والدتي في بيتنا الذي يدفع هو إيجاره، أرجو منكم النصح وأنا آسف جدًّا جدًّا على الإطالة... وهذا مختصر شديد... فأنا لم أتطرق للمواقف التي كانت تحصل معي أثناء الجامعة، ولكن مجملها كانت تتمحور حول المعايرة... أخبروني ماذا يجب عليّ أن أفعل؟
شكرًا جزيلاً مقدمًا.
05/04/2024
رد المستشار
شكراً على متابعتك.
لا يوجد في رسالتك ما يشير إلى إصابتك باضطراب نفساني ولكنك تعاني من تأزم نفساني عائلي مصدره داخلي بحت في صميم تركيبك النفساني.
تفحصت رسالتك عدة مرات ولم أستطع الوصول إلى استنتاج ما يوحي بأن الحق كله معك. وصلت الآن إلى مرحلة النضج العاطفي والمعرفي ومقبل على زواج، ومع النضج عليك أن تتخلص من العصاب الذي تحمه منذ عدة سنوات. تكفل الأخ الفاضل برعاية العائلة وتحمل مسؤولية كبيرة برعايتكم جميعاً مع رحيل الوالد. لم تقدر هذه المسؤولية ولم يشغل تفكيرك سوى حقوقك، ولكنك في نفس الوقت وضعت جانباً واجباتك. لم تفشل تعليميا ولا مهنيا والفضل في ذلك هو لأخيك إلى حد ما الذي حرص على عدم انحراف أي منكم.
العصاب الذي تحمله لا فائدة منه وما عليك إلا أن تقبل بأن الماضي انتهى وتعتذر لأخيك وتطلب منه بداية صفحة جديدة ولا تتطرق إلا إلى حاضرك وتتوجه صوب تحقيق أحلام المستقبل.
وفقك الله.