فيالبداية، أود أن أشكركم على موقعكم المتميز، بارك لكم الله فيه.
أنامتزوجة منذ ثلاثة أشهر، بعد فترة خطوبة دامت سنتين، كانت الخطوبة مليئة بالمشاكل والتردد، ولكني كان عندي ثقة قوية جدا في الله، وبما أنني استخرت فهذا هو الخير.
والحمد لله بعد الزواج تغير الحال تماما، فكل منا يحب الآخر بشدة، ويريد إسعاده بشتى الطرق حتى أننا ندمنا على عدم إتمام الزواج مبكرا.
المشكلة هي إحساسي باللامبالاة تجاه المشاكل التي تواجهنا سويا.
فمثلا، إذا حدثت مشكلة كبيرة أجد زوجي حزينا جدا حتى أنه أحيانا لا يستطيع النوم، أما أنا فأجد نفسي أقول: هذا هو قدر الله، وعندما يشاء سيرفع عنا المشكلة. وأشعر أنه لا يوجد مشكلة لأنني مهما عملت فالله وحده هو القادر على حلها وقتما شاء.
سؤالي هو: هل هذا طبيعي؟
فأنا فعلا لا أتأثر بالمشاكل، وعندما يراني زوجي هكذا يتهمني بعدم الشعور بالمسؤولية.
أفيدوني.. أرجوكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
9/4/2024
رد المستشار
أقول كلمة، وسامحيني ولا تعتبريها حسدا: "يااااااابختك" كما يقول المصريون.
باركالله فيك يا ابنتي وأتم عليك نعمته وأدام عليك فضله بجميل التوكل عليه وصحيح اللجوء إليه، والرضا الكامل بما كتب وقسم، فلن يكون في ملك الله إلا ما أراد، وكل أمر مقدر وبميعاد.
لا يا ابنتي.. ليست لا مبالاة.. وليس عدم إحساس بالمسؤولية بل هو التسليم التام الكامل لله سبحانه وتعالى، وأعتقد أنك وصلت إلى هذه المرحلة من الرضا بعد سنتين من التردد والتفكير والمشاكل، فإن أكثر الناس تسليما هم هؤلاء الذين اختبرهم الله بما لم يكن في أيديهم ولا في مقدورهم التفاعل معه وتدبيره أو إيجاد حلول ومخارج له، فيجدون أنفسهم بعد الآلام والعذاب وبعد أن كفت الحيل ونضب المعين المادي يلجئون إلى الله بالدعاء والضراعة أن يرفع عنهم ويهديهم سواء السبيل، وقد ظهر أن فترة خطوبتكما كانت من هذا النوع الذي لا يتصور أحد أن زواجا سيتم في نهايتها.. فسلمت أمرك لله فوجدته سبحانه في عونك ويدبر لك بقدرته الخير كل الخير.
ولكن.. قليل من الحكمة والذكاء يا حبيبتي.. إذا كان زوجك من النوع العقلاني الذي لا بد أن يفكر ويدبر ويتدبر فلا تسببي له أزمة قلبية بكل هذا التسليم الهادئ.. فهو لا يتصرف تصرفا غريبا ولا يطالب بمطلب شاذ.
تفاعلي معه يا ابنتي، ومع المشكلة أو المشاكل والأمور التي تمر في حياتكما، فكري فيها واحسبي لها حسابات،وضعي بدائل وحلولا، ونحن مطالبون بالسعي على حل مشكلاتنا، ومطالبون بتدبير أمور معيشتنا، ومطالبون بالأخذ بالأسباب، ثم التسليم بقضاء الله وقدره.
إن التفكير والتخطيط فريضة إسلامية؛ لأن معنى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" أن النصر من عند الله، وأن تسديد الرمية في محلها كان من عند الله، ولكن ذلك بعد أن رمى الإنسان، فإنه لو لم يرم ما أتاه النصر والتسديد من عند الله.
وأنت تملكين هذه الميزة عن غيرك، أنت تسيرين في حياتك ببساطة مستسلمة وراضية بقضاء الله، ولكن قليل من التفاعل لن يضير، فكري مع زوجك، وشاركيه قلقه بنفس واعية.. كما يقول الأطباء: "يكون انفعالك من خارج المخ وليس من داخله". لا أقول تمثيلا، ولكنه شيء يقترب من ذلك، فلا يعقل أن يطير النوم من عيون زوجك الحبيب ويجدك تغطين في سبات عميق كأن شيئا لم يكن.
تفاعلي معه، وخططي بالورق والقلم الأسباب والمسببات والنتائج والحلول المقترحة، هذا لن يضر، بالعكس قد يفيد، فستجدين نفسك دائما قادرة على استيعاب خوفه أو قلقه أو فزعه بذهن صاف، ونفس مطمئنة، وقد تخرجين عليه -بما أن دخيلتك هادئة- بالحل المطلوب للمشكلة، فيزيد القرب بينكما ويزداد الحب والتآلف، ويكون قدر الله سبحانه وتعالى قد تم بسببك.