أنا شاب عمري الآن 24 سنة، قبل عامين خطبت فتاة تصغرني بتسع سنوات، وأود أن يتم الزواج في أقرب فرصة بعد تخرجي في الجامعة (أي قبل نهاية هذا العام) وذلك للأسباب الآتية:
1) لأن الأصل في الزواج التعجيل به قدر المستطاع كما هو مقرر في الكتاب والسنة؛ يقول الله تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم..." ويقول عليه الصلاة والسلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج".
2) الاستقرار البدني والنفسي والعاطفي لي ولمن أريد الزواج منها في وقت مبكر بتلبية احتياجاتنا في هذه النواحي، ما يعيننا على العفة ويركز جهودنا لنسير في طريق الحياة بقوة ونشاط بإذن الله.
3) الزواج بهذه الفتاة الصغيرة -نسبيا - يلبي لي احتياجا نفسيا مهما في هذا الوقت وهو احتياجي لأن أرعى شخصا ما وأتولى أمره وأعينه وأقدم القدوة له، فإن هذا يساعدني على بناء نفسي وترقيتها والشعور العام بالمسؤولية. إضافة إلى أنها (خطيبتي) على قدر عالٍ من التدين والتقى والأخلاق الحسنة (أحسبها والله حسيبها) وأنا في حاجة ماسة لرفقة زوجة صالحة مثلها تعينني وتدلني على الخير وعلى الفطرة السليمة التي هي أقرب إليها مني.
4) تبين لي بعد البحث والاطلاع في الكتب العلمية والتربوية والمقالات ورصد التجارب الواقعية عبر منتديات النت أو في محيطنا أن كل ما يثار حول الزواج المبكر وكل ما يلصق به من أضرار فيه مبالغة وتضخيم يجانب الحقيقة والواقع، وإن تفادي حدوث ما ذكر من تبعات سلبية لزواج الفتاة في سن صغيرة ليس أمرا صعبا إن شاء الله، ولدي بحث صغير حول هذا الموضوع.
5) إن أبي - أسأل الله أن يحفظه وأمي وأن يرزقني برهما - لديه القدرة المادية والتفهم الكافي الذي يتيح لي إقناعه بتزويجي، وقد وعدني بالفعل أن يتكفل بتكاليف زواجي لكن بشرط تخرجي في الجامعة وحصولي على دخل (ولو كان قليلا) أنفق منه على نفسي وأسرتي.
6) اعتقادي أن الفتاة التي اخترتها تمتلك شخصية متميزة تسبق سنها، وإن ما وجدته من رعاية وتربية من أبوين كريمين عاقلين كفيل بتهيئتها للزواج في سن مبكرة إن شاء الله.
7) إنني آنس في نفسي كفاءة وتهيؤا نفسيا لمثل هذا الزواج (المخصوص) الذي بلا شك يحتاج إلى قدر كبير من التهيؤ. السؤال: هل أنا مخطئ في تعجلي للزواج أم أنني مصيب؟ والله ولي التوفيق، وجزاكم الله خيرا.
ملحوظة: صاحبة الشأن لم تعلم بالأمر لأن والدها استأذنني أن يؤجل إخبارها قليلا.
والآن وقد مرت سنتان تقريبا وأنا أنتظر فإنني أثق بحكمة والدها في ذلك.
4/4/2024
رد المستشار
الأخ الكريم.. لقد تحدثت في رسالتك عن كل تفاصيل هذا الزواج، عن موافقة والدي الفتاة، وعن المساعدة المادية التي يمكن أن يقدمها أهلك لك، وعن احتياجك للزواج وأهمية تبكيره و... و... لكن الجانب الوحيد الذي لم تحدثنا عنه -وهو أهم جانب- هو الشريك الحقيقي لك في هذا المشروع، وهو الفتاة!!! ما مدى استعدادها النفسي للزواج الآن؟ هل هي حريصة على إتمام دراستها أم أن الأمر لا يهمها؟
هل ستترك دراستها وتتزوج تحت ضغط الأهل أو تحت إغراء فكرة الزواج بشاب مناسب؟ وإذا تركت دراستها، هل سيأتي الوقت -ولو بعد حين- وتندم على هذا القرار؟ أم أنها تنوي استكمال دراستها في أثناء الزواج؟
ومن ناحية أخرى... هل أنت متأكد من قبولها لك، وسعادتها بالارتباط بك؟ أم أنك تعتمد فقط على حكمة أبيها، وعلى قبولها باختيارك؟
الفتاة هي شريكك الحقيقي في هذا المشروع، وقبل أن تستمر في اندفاعك في أحلامكم وتصوراتك وحدك، عليك أن تتأكد أن هذا الشريك على نفس الدرجة من المسؤولية والحماسة والسعادة.. تبقى نقطة أخيرة وهي في الحقيقة ليست مرتبطة بفكرة الزواج المبكر، ولكنها مرتبطة بفكرة وجود فارق كبير بين الزوج والزوجة عند بداية علاقتهما، ومدى تأثير هذا الفارق على هذه العلاقة في المستقبل.
أنت شاب في الرابعة والعشرين، قد أنهيت دراستك الجامعية، وتنوعت مداركك ومعارفك، وسيزداد هذا النضج مع التحاقك بعملك وزيادة خبراتك، أما زوجتك فهي طفلة في الخامسة عشرة من عمرها، حاصلة على الابتدائية، ثم مع زواجها واهتمامها بمسؤوليات البيت والطعام والشراب والولد يصيبها الجمود والبلادة والسطحية.
وهنا يأتي سؤال مهم: لماذا اخترت فتاة بينك وبينها هذه المسافة الكبيرة؟ لماذا اخترت أن تتزوج طفلة؟ ثم يأتي السؤال الأهم: ترى كيف ستكون العلاقة بينكما بعد عشر سنوات؟
سيحدث أحد أمرين:
- إما أن يقبل كل منكما دوره ويسعد به فتظل أنت المدرس المستعلي، وتظل هي التلميذ التابع.
- وإما أن يتمرد أحدكما -أو كلاما- على هذا الوضع، فتشتاق أنت لامرأة كفء ناضجة، وتسأم هي من دور التابع الذليل.
هذا التحدي هو في الحقيقة أهم التحديات التي ستواجهك، والتي ستحتاج منك جهدًا كبيرًا حتى لا تظلم الفتاة التي ستشاركك حياتك، وعليك عندئذ أن تتحلى بالحكمة والصبر، وأنت تشهد فترات مراهقتها ثم نضجها، وأن تتعلم كيف تساعدها في أن تكون لها شخصيتها وخبرتها.
وإذا وجدت في نفسك القدرة على تحقيق هذه المعادلة، واستعدادًا لخوض هذا التحدي تكون قد استكملت عناصر إتمام الزواج بإذن الله ولم تتجاهل أهم ركن فيه وهو: الزوجة نفسها.
أخانا الكريم.. ندعو الله لك بالتوفيق فلا تنسَ الاستخارة واللجوء إلى الله تعالى لعله يقدر لك الخير وييسره لك.
ويتبع>>>>>: الزواج.. أستاذ وتلميذة أم شريك وشريكة؟! م