أنا سيدة عمري 32 عاما، متزوجة منذ عشر سنوات ولدي طفلان... زوجي رجل رائع وأب حنون، ولكن منذ سنتين وجدت نفسي في جحيم تعيشه كثير من نساء اليوم، وهو الخيانة الإلكترونية، ولم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل تطور إلى المكالمات الهاتفية، ومواعدة العديد من الفتيات.
حاولت أن أتبع نصائحكم في هذا الشأن.. كعدم التحدث عن هذا الأمر كثيرا، ومحاولة أن أكون زوجة عطوفة ومحبة.. وأن أعطيه كل اهتمامي حتى أكثر من أطفالي، وأهتم بكل التفاصيل التي تسعده في الحياة... ولكن شيئا لم يتغير لمدة سنتين حتى الآن.
زوجي لا ينكر ما أفعله من أجله ويقول لي إنه لم يحلم بالزواج من زوجة وحبيبة أروع مني... ويؤكد أنه يحبني كثيرا وأنه لا يستطيع العيش بدوني ولو ليوم واحد... هو يفعل كل شيء ليجعلني سعيدة... ووعدني أكثر من مرة أنه سيتوقف عما يفعله... ولكنه يعود وأسوأ مما كان من قبل... أحيانا يندم زوجي على ما يفعل ولكنه يلومني؛ لأنني لا أستطيع العيش مع هذا، ويقول لي إن كل الرجال يفعلون مثل ما يفعل وزوجاتهم لا يغضبن كل هذا الغضب.
أقسم أنني أحاول أن أحل الأمر بهدوء، ولكنه يلومني حتى على بكائي من هذا الأمر... أشعر بأنني رخيصة؛ لأنني أعرف كل هذا عنه وأعامله كالملك، وأنني بدأت أخسر هذه الحرب.
أنا لا أستطيع أن أعيش هكذا... وأحبه كثيرا ولا أستطيع العيش دونه، ولكني لا أثق في أي شيء يقوله... أنا أعيش في جحيم وأعاني الصداع ودائمة الصراخ في وجه أطفالي، وعندما تنظر إلينا أي سيدة في المطعم أو الشارع أشعر بأنه يعرفها... أنا أفقد من وزني وأحافظ على جسمي ليكون في أبهى صورة وهذا ما يقوله الكثيرون، ولكني أنظر في المرآة وأرى نفسي قبيحة وسمينة .
الشيء الطريف أن زوجي ينصحني بالذهاب إلى طبيب نفساني... أنا؟!.. لا أعرف ماذا أفعل ومشكلتي بدأت تدمر حياتي...
شكرا لكم وسامحوني على طول رسالتي...
16/4/2024
رد المستشار
الأخت الفاضلة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بعض الرجال لديهم ميل للعلاقات المتعددة (أحيانا بلا حدود)، وهذا ما يعرف بـ"الدونجوانيزم"، وذلك يرجع لأسباب كثيرة منها انعدام ثقتهم في رجولتهم؛ فيحتاجون من كل علاقة جديدة شهادة بصلاحيتهم كرجال، أو فقد الاهتمام العاطفي من أحد الأبوين في الطفولة خاصة الأم، أو فشل العلاقة بأحد الوالدين، أو الحرمان العاطفي بشكل عام في مراحل الحياة المختلفة، أو الشعور السريع بالملل والرغبة في التجديد المستمر، أو الرغبة التي لا تهدأ في التذوق الاستمتاعي لأشياء كثيرة ومنها النساء، أو النرجسية التي تجعل صاحبها يستخدم النساء كموضوعات للاستمتاع الشخصي وليس ككائنات لها احتياجات واحترام، أو السادية التي تجعله يستخدم المرأة لتحقيق شعوره بالتفوق والسيادة عليها، ثم يدوسها ويبحث عن غيرها أو يستمتع بغيرتها عليه، وهرولتها خلفه، وسوف تجدين مزيدا من التفاصيل حول شخصية الرجل التعدُّدي في المقال الذي نشر على الموقع بعنوان: إدمـان الفتـوحات العاطفــية(1-4)، فذلك يجعلك تقفين على هذه التركيبة النفسية، ويساعدك على التعامل الأفضل معها، أو اتخاذ القرار المناسب حيالها.
إذن فالمشكلة تخصه هو وتخص احتياجات غير طبيعية لديه، وهذا أمر هام يجب أن تعيه جيدا لأن ذلك يحمل عنك الإحساس بالتقصير أو بالمسؤولية عما يحدث، أو يفقدك الثقة بنفسك ويدعك أمام تساؤلات مؤلمة مثل: هل أنا زوجة فاشلة؟.. هل أنا أفتقد الجاذبية والجمال؟.. هل عجزت عن أن ألبي الاحتياجات العاطفية والجسدية لزوجي؛ لذلك امتدت عينه وامتد قلبه وجسده إلى خارج البيت؟ هل...؟ وهل...؟ ويبدو أنك فعلا وقعت في هذا الفخ حيث ظهر من رسالتك افتقادك للثقة بنفسك، وفقدانك للكثير من وزنك، وعصبيتك الزائدة تجاه أبنائك.
ولقد قمت بمحاولات مشكورة لتصحيح الأوضاع، وافترضت افتراضا نبيلا، وهو أن يكون ثمة تقصير من ناحيتك فازداد اهتمامك به ورعايتك له حتى إنك تعاملينه كملك متوَّج، وهو لا ينكر ذلك بل يشعر به ويقول إنه لا يستطيع الاستغناء عنك أو الحياة بدونك، وأنت أيضا ترينه زوجا وأبا عظيما، وتصرحين بأنه يفعل كل شيء من أجل أن تكوني سعيدة، وأنك لا تستطيعين الحياة بدونه. وفشل محاولاتك لاستعادته من تعلقاته النسائية الخارجية المتعددة يؤكد أن المشكلة فيه هو، وفي احتياجاته النرجسية المتضخمة.
ومما يزيد من حجم المشكلة لديه أنه بدأها بالمحادثة على الإنترنت من عامين (وهو أمر يراه بعض الناس بريئا نسبيا عن العلاقات المباشرة)، ثم انتقل للمحادثة على التليفون (وهو أمر أقل براءة)، ثم انتقل للمقابلات المباشرة (وهكذا انتفت البراءة تماما)، ومع هذا هو لا يدرك أن ما يفعله خطأ، فهو يرى أن كل الرجال يفعلون ذلك، وأن زوجاتهم لا يغضبون ولا يتأثرون، وهو يتعجب من غضبك وتأثرك، ويعتقد أنها استجابات مرضية تستحق عرضك على طبيب نفسي، وهذه حالة من الإنكار لدى الزوج يتوقع أن تكون عائقا أمام توقفه عن هذه العلاقات المتعددة.
إذن نعود إليك مرة أخرى لنرى ماذا يجب عليك فعله.. أرى أن تستعيدي ثقتك بنفسك كإنسانة وكزوجة وكأم، وأن تهتمي بدورك كأم ليخفف من إحباطك كزوجة، وإذا كانت لديك فرصة للعمل فربما يقلل هذا من صراعك مع هذه المشكلة، ويفتح أمامك فرصا لتحقيق ذاتك من خلال العمل المنتج النافع، وأن تهتمي بجانب العبادة في حياتك؛ كالصلاة والصوم والزكاة وغيرها، وأن تجدي فرصة للعمل الخيري التطوعي.
أما زوجك فمن الأفضل في هذه المرحلة -وبعد أن فعلت ما تستطيعينه- أن تكفي عن الكلام في هذه المشكلة معه، وأن تتركيه لضميره يستيقظ متى شاء إن قدر له أن يستيقظ، فهناك بعض الأزواج يستمتعون بمظاهر الغيرة البادية من زوجاتهم، وقد يكون هذا الأمر معززا لعلاقاتهم المتعددة حيث يرضي هذا غرورهم حين تتشاجر الزوجات معهم بسبب علاقاتهم، ولهذا نطلب من الزوجة في هذه الحالة أن تكف عن ذلك حتى لا يجد هذه المتعة التي يرجوها من العلاقات، ومن الغيرة المترتبة عليها والخلافات الناشئة بسببها، كما أن شجارك معه قد يخفف من إحساسه بالذنب ويمنحه القدرة والجرأة على مزيد من العلاقات، لذلك فتوقفك عن لومه أو معاتبته أو التشاجر معه يضعه وجها لوجه أمام ضميره، ويحرمه من تخفيف الإحساس بالذنب الذي يمنحه له موقفك الغاضب أو المعاتب أو المحاسب أو المعاقب.
أعلم أن هذا الأمر صعب على نفسك، وصعب على أي زوجة أو امرأة لها مشاعر، ولكن البديل لذلك أسوأ بكثير، وهو التفكير في الانفصال (وهو خيار قد تفكرين فيه في حالة انعدام قدرتك على التحمل ومواجهة هذه الأزمة) أو السقوط في هاوية القلق أو الاكتئاب، وكلها احتمالات سيئة خاصة في وجود ولدين يحتاجانكما معا في بيت واحد، وخاصة أن في زوجك أشياء إيجابية كثيرة، وكلاكما يحب الآخر بشدة، ولا يستطيع الحياة بدونه.
اعتبري ما لدى زوجك مرضا وابتلاء تصبرين عليه، وواصلي الدعاء له بالشفاء منه، ولكن افصلي نفسك وبيتك قدر الإمكان عن آثار ومضاعفات هذا المرض، ولا تشغلي نفسك بمعرفة علاقاته ومغامراته واتصالاته، ولكن اشغلي نفسك بعلاقتك بربك وتنمية ذاتك ورعاية أبنائك.
وإذا كان زوجك متعاونا ومخلصا في البحث عن مخرج لهذه الأزمة التي تهدد الأسرة فهناك ما يسمى بالعلاج الأسري يمكن أن يكون فيه الكثير من المساعدة لكما وللأسرة ككل، وهذا العلاج يكون على يد أحد المعالجين النفسيين المتخصصين في هذا النوع من العلاج؛ حيث يغوص في التركيبة النفسية للطرفين، وفي شكل العلاقة الزوجية ومحتواها ودينامياتها بما يحقق الاستبصار المناسب، ويحفز على اتخاذ القرار بالتغيير، ويساعد على تنفيذه.
ومن الأشياء التي يمكن أن تعطي أملا هو أن زوجك لم يكن هكذا قبل عامين، وقبل دخول الإنترنت في بيتكما (هكذا فهمت)، وهذا ربما يشير إلى أنه يمر بأزمة منتصف العمر (المراهقة الثانية)، وهذا الاحتمال يجعل الأمل في عودته إلى سابق عهده كبيرا، فهذه الأزمة غالبا ما تأخذ فترة من الوقت ثم تمر؛ حيث ينضج الشخص، وتنضج اهتماماته، وتترشد احتياجاته.
وأخيرا نسأل الله لك الصبر والقدرة على تجاوز الأزمة وحسن إدارتها بما يحفظ على الأسرة استقرارها واستمرارها، وندعو للزوج الحبيب بالهداية والبصيرة قبل أن يضيع أسرته الحبيبة بالجري خلف احتياجاته ونزواته العابرة.
واقرئي أيضًا:
لماذا يخون الرجال؟!
متى يخون الرجل؟
الخيانة الإليكترونية: محاولة للفهم والتحليل!
الخيانة الإلكترونية.. غواية الخجلاء
زوجي والأخرى نمط شائع في الخيانة!
خيانة زوجي أونلاين وأوفلاين
الإسقاط والخيانة العاطفية: أريد قتله!
خيانة منتصف العمر.. خطوات الاستعادة والتعافي