أشكركم على جهودكم وجزاكم الله خيرا.. أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، وقبل أن أسرد مشكلتي اسمحوا لي أن أعرض بعض ملامح شخصيتي علها تساعد في حل معضلتي:
يمكن أن أصف نفسي بأني ذات شخصية مرحة، حيث إن علاقاتي طيبة مع الجميع، غالبا ما أصنع المستحيل لتحاشي المشاكل، حيث إنه في كثير من الأحيان أتحاشى التصادم برغم أني على يقين أني مظلومة.
المشكلة تتلخص في أنه إذا حدثت مشكلة أو أخطأت في حق أحد فإني أجد صعوبة في الاعتذار... لا أعرف ماذا يحدث، حيث إني أريد أن أعتذر، لكن الكلمات تعجز عن الخروج من فمي.
أعرف نفسي.. فأنا غير متكبرة، لكن لا أعرف ماذا يحدث لي؟؟
ما يزيد الطين بلة هو أنه تقع هده المواقف مع بعض أفراد الأسرة، فيصير الموقف في غاية السوء.. حدث وتخاصمت مع أختي لمدة 6 أشهر حتى تدخل الوالدان.
في بعض الأحيان أرجع هذه المشكلة إلى أني أصبر أكثر مما ينبغي، في بعض الأحيان أفكر في أن أعمل بعض التدريبات للتغلب على هذه الخصلة السلبية، فمثلا أفكر في أن أكتب بعض الجمل التي تتضمن اعتذارًا حسب الموقف فأرددها بيني وبين نفسي ثم بعد ذلك أمام المرآة ثم المرحلة الثالثة أردد كلمات الاعتذار وصورة الشخص في مخيلتي.
أرجو أن تساعدوني في حل هذه المشكلة
وشكرًا.
19/4/2024
رد المستشار
عندما يذهب المريض للطبيب، فإنه بعد الانتهاء من شرح حالته يسأل: (أنا عندي إيه يا دكتور؟!) .. وهذا هو أول ما سأبدأ به حديثي معك، وهو أن أقول لك (عندك إيه) .. إن الذي تعانين منه يمكن أن نسميه: مشكلة في مستوى "النضج" الاجتماعي.. ولكن لماذا أنا حريصة على أن أذكر التشخيص؟
في الحقيقة أنا أذكر هذا لأن هذه المشكلة منتشرة جدًّا جدًّا –وإن اختلفت أعراضها من شخص لآخر– وهذا الانتشار الشديد للمشكلة هو السبب في فشلنا في كثير من علاقات الصداقة أو القرابة.. فـ"عدم النضج الاجتماعي" وباء منتشر في مجتمعاتنا.
وأعود إليك.. ليست مشكلتك هي فقط عدم القدرة على الاعتذار، وبالتالي ليس الحل هو فقط الوقوف أمام المرآة، والتدريب على هذا السلوك، وإن كانت هذه الفكرة طيبة ومفيدة بنسبة ما.
ولكن المشكلة في الحقيقة هي أن مشاعرك، وأفكارك تجاه الآخرين بحاجة إلى أن تكون أكثر نضجا، وهذا –في الواقع– هو الذي يحتاج إلى تدريب طويل.
ومن علامات عدم النضج في المشاعر والأفكار:
• شعورك الدائم بأنك مظلومة.
• حرصك المبالغ فيه على تحاشي التصادم.
• إحساسك بالصبر أكثر مما ينبغي.
لا مانع من المواجهة إن كان فيها حفاظا على حقك، ولا مانع من الإيثار وكرم الأخلاق بشرط أن يكون عن طيب خاطر، وليس ضعفا أو عجزًا، ولا مانع من الصبر من أجل الآخرين، ولكن أيضا يجب ألا تكلفي نفسك ما هو فوق طاقتك.
أختي الكريمة.. المهمة المطلوبة منك ليست صعبة، فلقد منحك الله تعالى قدرة طيبة على حب الناس والرغبة في ودهم والتواصل معهم، والآن قد بقي الشق الثاني من هذه النعمة وهو تنمية هذه البذرة الاجتماعية الطيبة حتى يكون أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.