أنا رجل متزوج عمري 33سنة، وعندي ولد عمره تسعة شهور.
المشكلة في علاقة والدة زوجتي مع والدتي، فهذه العلاقة يشوبها الكثير من المشاكل والمنغصات، حيث إنها أثرت بشكل كبير على علاقتي بزوجتي من جهة، وعلاقتي بأهلها من جهة أخرى، بعد أن كانت هذه العلاقة قمة في التفاهم والمحبة.
فينظرهم أنا منصاع جدا لأوامر والدتي (الأرملة منذ أن كان عمرها 28سنة) والتي ضحت وبذلت الكثير في سبيل تربيتنا وتعليمنا.
فهل طاعتي لها (طاعة عمياء) تسمى انصياعا؟ وهل هو صفة ذميمة؟
أنا لا أنكر أن والدتي لها أخطاء وعيوب.. لكن ما العمل؟؟
والدتي تسكن بمعزل عنا، فكرت كثيرا في أن أجعل العلاقة بيني وبين أهل زوجتي رسمية جدا، فلا أزورهم إلا في المناسبات.. فما رأيكم؟ بماذا تنصحوني؟
علما أنه كان بيني وبين خالة زوجتي خلاف أيضا، فهي أساءت لوالدتي جدا، وقبل أن أذهب إلى الحج أرسلت لها رسالة لنصفي القلوب، ولعلها تبادر بمصالحة والدتي كونها الأصغر، لكن لا حياة لمن تنادي، فاكتفت بإرسال رسالة تشكرني بها وتمدح تصرفي.
أنالا أريد ذلك، بل أريد أن تعود العلاقة بينهم وبين والدتي كما كانت، ثم إنني أعمل عملا إضافيا عند أخي زوجتي، فتركت العمل عنده؛ لأنه لم يزر أخي الكبير عندما مرض، بل اكتفى بالاتصال به هاتفيا. وكان الواجب أن يقوم بزيارته.
أفيدوني..
جزاكم الله كل خير.
6/5/2024
رد المستشار
قدر الله سبحانه وتعالى أن نبر آباءنا؛ وذلك لعظم حقهم علينا، فحتى الـ "أُف" لا يجب أن تخرج من فم الابن مهما فعل أبويه عفا الله عنا جميعا.
وبر الوالدين ليست صفة ذميمة، ولكنها صفة حميدة جدا، يشكرك عليها أهل الأرض والسماء، ويكافئك بها الله بجنات عرضها السموات والأرض.. فلماذا لا يتعامل كل الناس من هذا المنطلق ويقدرون ذلك ولا تحدث بسببه مشاكل؟!
ببساطة يا ولدي إن لكل شخص حق منفصل عن الآخرين..بر أمك فرض عليك، عليك أنت ولك أن تطيعها وتسعدها، ولكن إذا كان لها أخطاء وعيوب مثلها مثل كل البشر فما ذنب زوجتك وأهلها أن يدفعوا ثمن هذه الأخطاء؟!
ما ذنب أسرتك الصغيرة؟ زوجتك وابنك وأسرتك الأخرى أهل زوجتك، ما ذنبهم أن يتحملوا عواقب طلباتها إذا كانت هذه الطلبات أحيانا ليست منطقية أو متعنتة أو حتى ظالمة؟
يبدو من حديثك أن أهل زوجتك أسرة كريمة تعرف حق الله بدليل رد خالتها عليك وشكرك.
وبدليل فتح أخيها لك فرصة عمل آخر إضافي ليعينك على معاشك، وبدليل أهم وأكبر أن علاقتهم بوالدتك كانت طيبة في البداية.
الحل كله في يدك يا ولدى.. افصل تماما بين حبك وبرك لوالدتك وطاعتك لها، وما يصلح لتسيير عجلة الحياة مع الآخرين،فكلمة (حاضر) التي تقولها لها ليست شرطا أن يتبعها تنفيذ حرفي للأوامر على رأس زوجتك وأهلها، فهي ليست أوامر عسكرية، ولا قرآنا يتلى، وإذا كان كل شخص يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب العصمة عليه ألف صلاة وسلام.
وإذا كنت بنفسك -ورغم حبك- ترى أنها قد لا تكون على صواب في اختياراتها وطلباتها فحكم عقلك فيم تفعل بعد أن تسعدها بكلمة طيبة، لا تقف عند كل صغيرة وكبيرة، ولا تتدخل بين خالة زوجتك ووالدتك، ولا تربط صفو علاقتك بهذه السيدة الطيبة بعلاقتها بوالدتك، فلا تزر وازرة وزر أخرى، والمرأة (الخالة) قد تكون أساءت -حسب قولك- إلى والدتك ردا على إساءة أكبر أو دفعا لظلم، فهما كبار بما يكفى أن يحلا مشاكلهما معا.
وأخو زوجتك يكفيه جدا أن يتصل بأخيك ليطمئن عليه في مرضه، فزيارة المريض وإن كانت واجبة فهي ليست فرضا يحاسب تاركه، ولا يعلم أحد ظروف هذا الشخص أو ذاك، فلماذا تفقد مصدر رزق آخر لمجرد غضبة بلا معنى ولا مدلول؟!
لا تخسر بيتك وزوجتك وحياتك واستقرارك يا ولدي.. لقد اتخذت قرارا بفقد باب رزق لمجرد أن أخا زوجتك "لم يقم بالواجب كما ينبغي" .. هل أنت من سيمنحه الثواب على زيارة المريض؟!
إن فكرة عدو أبى عدوي، وصديقة أمي صديقتي، فكرة لا يصح أن تكون عند شاب مسلم متدين حاج لبيت الله وزائر لروضة نبيه، هذا نوع من العصبية القبلية المنهي عنها.. اتبع الحق يا ولدى واجعله دليلك.
فإن التعصب للأهل قد يؤدي بك إلى ظلم فتاة استأمنك أهلها عليها، وأنجبت لك وليدا جميلا بارك الله لكما فيه وقد أعانوك وأحبوك وصرت ابنهم بشرع الله، فلا تضيع كل ذلك.
وإذا كانت والدتك -مأجورة إن شاء الله- ترملت في ريعان الشباب وفضلت أن تربي أبناءها وتعلمهم
فلقد كافئها الله بأبناء بارين صالحين محبين، وهذا لا يخص أهل زوجتك في كثير أو قليل، بل يكفيهم أن يكنوا لها الاحترام الواجب، ويجب عليها أن تتقي الله فيما تطلبه منك، فإن كان سنها لا يسمح لها أن تفند ما تريد على الحكمة والتعقل، فعليك أنت أن تفنده، فلقد بدأت تفكر أنت نفسك مثل النساء العجائز، وبدأت تفقد رجاحة عقل ومرونة الشباب في التعامل مع المواقف والأشخاص.