مشكلتي وأعتبرها مشكلة محرجة جدا لفتاة متدينة أو لأي فتاة على وجه العموم ليست مشكلة فجائية، وإنما لازمتني طوال سنين حياتي، ولكنى الآن لم أعد أستطيع التحمل أنا فتاة في الـ18 أستطيع أن أقول إني أعرف الله وأحبه ولا أتمنى إلا رضاه تدينت كمعظم فتيات جيلي في المدرسة الثانوية، وارتديت الحجاب وأحببت الله وبدأت أعرف مشاعر جميلة لم أعرفها من قبل ألا وهي حب والله وحلاوة الإيمان.
مشكلتي أني خجولة جدا وليس لدي أي ثقة بنفسي وأشعر دائما أن منظري غريب (رغم أني فتاة عادية)، وأن كل الناس تنظر إلي، أشعر بالضيق الشديد لذلك، وكنت أبكي لأبسط الأسباب عند أقل شعور بالحرج، وكذلك أشعر أني بلهاء تماما إذا ما مدحني أحد كمعظم الخجولين كنت متفوقة في دراستي، ورغم أني كليتي لا تعتبر من كليات القمة لكنها كلية علمية أحبها وأحترمها...
مشكلتي أني أريد أن أحب، خجولة أن أقول لكم هذا صراحة، ولكني أريد أن أحب وأحب - يحبني أحد- منذ الصف الثالث الإعدادي وأنا أتمنى هذا كنت في مدرسة مختلطة، وكان هناك أحد الطلبة الذي يهتم بي، وأستطيع أن أقول "زيادة شوية" ولأننا نحن الفتيات بالحاسة السادسة شعرت باهتمامه بي لكني خفت وأخبرت أخي فقال لي أن أبتعد عنه -رغم أننا كنا أطفالا وكان كل ما يفعله زميلي هذا هو إلقاء النكت علي لأضحك أنا دون غيري- وبالفعل جلست في مكان آخر وبدأت أعامله بفتور ثم انتهت الفترة الإعدادية وانتهت المشكلة.
عائلتي كلها أولاد، اثنان فقط أكبر مني والآخرون أصغر في السن جربت على كل واحد منهم مشاعر الحب في نفسي طبعا يعني أتصور أني أحبه وأتخيله زوجي، وكيف كنا سنخطط لحياتنا، وهكذا، ثم أتصور الثاني كلعبة ليس أكثر وكبرنا ولأننا قريبان "أوى" من بعض "زي الأخوات بنحكي" لبعض كل حاجة فكان أحدهم يحكي لي كيف أنه يحب فتاة معه في الجامعة ويتمنى لو يتزوجها وهكذا، ولاحظت أني من خلال هذه الحكايات لا أشعر بأي غيرة بل إني قد أنصحه ماذا يتصرف مثلا أو أنها موافقة تخبر أمها أو إذا لم تكن جيدة يبتعد عنها.
أحد أولاد خالي الاثنين الآن قد خطب وقد سعدت جدا -وكانت زميلته في الجامعة- أما الآخر والذي أشعر أني أحبه فلم يخطب بعد فما زال يدرس أتمنى لو أنه يلتفت لي، أشعر أنه يحبني لكن كأخته ليس أكثر، لكني عندما أكون معه أتمنى أن ينظر إلي "ويعبرني" وبالطبع لا يفعل فأشعر بالضيق فيسألني ماذا بي؟ فأشعر بالضيق أكثر -أكون معه لا تعني خلوة ولكن أعني أن أكون في زيارة لبيت خالي مثلا-. ولو كانت هذه مشكلتي لقلت إنها مشكلة عادية وستنتهي...
المشكلة أني لا أعرف حقا كيف هو الحب فقد أخبرني -ذلك الذي أحبه- ذات مرة أنه يحب فتاة أيضا ولم أشعر بأي مشاعر غيرة أو ضيق، بل العكس ثم بدأ الأمر يأخذ طابعا جنونيا فأي زميل في الجامعة ينظر لي -ولا أقول يحدق- أعتبره يحبني بل أتمنى ذلك.
المشكلة المضحكة أنى عندما أواجه نفسي أشعر كأني في هذه الفترة مثلا أحب 5 في نفس الوقت ولا يوجد أي تعارض -أي جنون هذا-؟.
ولو كانت لدينا أي مناسبة وأعرف أن هناك شخصا سيحضر لا يعرفني أرتدي أفضل ثيابي وأتمنى أن أكون أجمل، أعرف أن هذا كل ليس حبا، ولكن متى يأتي الحب وكيف أعرف أنه هو؟ وكيف أستطيع التوقف عن هذه العادة القبيحة، وهي أن أي فتى ينظر لي أشعر أنه يحبني أريد أن أتصرف بشكل طبيعي أشعر أني أحب الحب نفسه لا الشخص ولكن ماذا أفعل؟
وبالنسبة لموضوع الخجل فقد مرت علي فترة تمنيت لو ارتديت النقاب لإرضاء الله، وكنا في رمضان الماضي عندما اشتريت واحدا وبدأت فعلا في ارتدائه وتجربته داخل المنزل وأعجبني كثيرا وشعرت أني سأكون به مختلفة ليس فقط إرضاء لله وإنما تغلبا على مسألة الخجل لكن أمي رفضت رفضا تاما، وأنا الآن أسأل نفسي هل كنت أريده فعلا إرضاء لله وإنما لأختبئ خلفه من نظرات الناس؟ ما زلت أتمنى أن أرتديه ولا يسبب لي أي مشكلة في الدراسة وخاصة أن لدينا أكثر من معيدة منتقية.
8/5/2024
رد المستشار
الابنة العزيزة "بيان" أهلا وسهلا بك..على مجانين وشكرا على ثقتك وإن شاء الله متابعتك صفحة الاستشارات بالموقع.
أحييك على تدينك والتزامك، وأستغرب في نفس الوقت فكرتك عن التدين والالتزام فأنت تقولين في التقديم لمشكلتك إنك تعتبرينها "مشكلة محرجة جدا لفتاة متدينة أو لأي فتاة" -محترمة طبعا-، وكأن المفهوم القابع في خلفية ذهنك الصغير هو أن الفتاة المتدينة أو المحترمة هي الفتاة التي لا تحب! أو أن هناك تعارضا بين أن تكونَ الفتاة متدينة وأن تحب!، وهذا ليس صحيحا يا ابنتي بل المتدينة هي التي إذا أحبت صلحَ سلوكها المبني على ذلك الحب، فعندما يصلح الحب يصلح السلوك!، وذلك لأنها أحست بمسؤولية التكليف، واقرئي أيضًا عن الحب والالتزام والمفاهيم المغلوطة.
والتكليف يا ابنتي يرتبط بالسلوك وليس بالمشاعر، ولعلني أفسر لك الفكرة بكلمات أبسط، فمشاعرك كفتاة طبيعية هي أن ترغبي في أن تكوني جميلة ومحبوبة، ويمكن أن يميل قلبك ليوجه مشاعرك باتجاه شخصٍ معين أو ربما أكثر من شخص (وليس هذا جنونا ما دامت كلها مشاعر)، ويمكن أن تتخيلي نفسك، وقد ارتبطت بهذا أو بذاك، وأن يمتلئ جزءٌ من أحلام اليقظة لديك بأيّ محتوى من التخيلات المناسبة لذلك، وطبيعي أن ترغبي في أن تظهري جميلة بعين من تنشغلين به، وأن تستعدي لذلك، كل هذا طبيعي يا ابنتي، وأنت تنتقلين من براءة الطفولة إلى حيوية الشباب، كل هذا يا ابنتي ما دام واقعا في نطاق المشاعر والنشاط الذهني ولا يتعداه إلى سلوك البنت الظاهر كله طبيعي، وليس حراما؛ لأنه لا ينتمي إلى ما يختص به التكليف.
فالتكليف يا ابنتي أمرٌ يتعلق بالسلوك أي كيف تتصرفين، وفي حالتك كيف تتصرفين بناء على مشاعر غريزية طبيعية لا يد لك فيها، ولا أجد في سطورك تصرفات تزيد عن العادي والمتوقع، وإنما أجد ما يذكرني بصويحبات استشارات من بناتنا منهن صاحبة مشكلة أحبيه لا عيب، ولكن.. وأيضًا صاحبة مشكلة القلب الطاهر ينبضُ: حبا وطهرا.
يبقى لنا الحديث معك يا ابنتي عن ما هو الحب أو عن سيكولوجية الحب، ومتى يأتي وكيف أتصرف وردي عليك هو أن أحيلك إلى رد الزميلة المستشارة فيروز عمر بعنوان في مواجهة عملاق الحب.. كيف أتصرف؟.
وأما مفهومك عن الخجل والحجاب والنقاب فيدفعنا إلى التساؤل عن موضوع ذلك الخجل، من أي شيء تخجلين أصلا؟ هل هو خجل من أفكارك ومشاعرك؟ أو هو خجل من سلوكٍ معين تسلكينه؟ أو هو خجل من جسدك كأنثى؟ فإذا كانت الأولى فليس ذلك من الخجل الذي يقيك منه الحجاب أو النقاب، وإنما هو خجل بينك وبين نفسك، وأما إن كانت الثانية فإن ما وصفت لنا من سلوكيات ليس فيه ما يستدعي الخجل، وتبقى لنا الثالثة وهي أنك تخجلين من جسدك وهنا أقول لك إن خجل البنت من ظهور جسدها أو مفاتنه هو خجل طبيعي، وعندما تخفين مفاتن جسدك عند الظهور على غير محارمك محتمية بما يقدمه لك الحجاب أو النقاب فأنت بنت ملتزمة طبيعية الفطرة، وليس في الأمر ما يستدعي أن توسوسي بالتساؤل عن رغبتك في ارتداء النقاب (هل كنت أريده فعلا إرضاء لله وإنما لأختبئ خلفه من نظرات الناس؟).
أحسب يا صغيرتي أنك تعطين الأمور أكثر من حقها في التفكير والتحليل والتساؤلات، وببساطة ليس الحب كشعور عيبا ولا حراما ومن لا يحبُّ ولا يُحبُّ ليس هو الإنسان السوي، ولكنني في نفس الوقت أخشى أن يكونَ انشغالك بهذا الأمر أو غيره متعديا حدوده الطبيعية، والفيصل هنا هو تأثير ذلك على أدائك الدراسي وعلاقاتك بالناس ومنهم أسرتك وعائلتك وجيرانك وصديقاتك، فإن كنت طيبة الأداء فيما يجب عليك أداؤه فلا تقلقي، وإن كان غير ذلك فتابعينا وأهلا وسهلا بك دائما على استشارات مجانين.