بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،
من فضل الله علي أني ولدت ونشأت في بيت محافظ وأتممت دراستي الجامعية ومن الله علي فحفظت كتاب الله ولكن المؤمن مبتلى وإليكم مشكلتي:
مشكلتي تتعلق بأمر هام (الصلاة).
بدأت المشكلة عندما كنت أصلي في الحرم وفجأة انتابني شعور غريب... لقد شعرت بأني أريد الضحك على صوت الإمام وقراءته .. يا ألله إنه أمر غريب ومخيف كيف يحدث هذا وأنا أصلي، المهم حاولت جهدي بأن لا أضحك وأكملت الصلاة، ولكني أعدتها فيما بعد.. بعد ذلك أصبحت هذه الحالة (الشعور بالضحك) تأتيني بكثرة كلما أردت الصلاة، فبمجرد أن أكبر تتسلط علي المواقف والحوادث المضحكة التي مرت بي وأحياناً لا يكون هناك ما يستدعي الضحك.. المهم في كل مرة يأتيني هذا الشعور أحاول جهدي في تجاهل ما يدور بذهني وأحبس نفسي كي لا يظهر أي صوت وعندما أعود للتنفس أشعر بأني قد ضحكت.. أحيانا أقطع الصلاة وأبدأ من جديد وأحيانا أكمل وكأن شيئاً لم يحدث. ولد هذا الشعور (الشعور بالضحك) إحساساً بالخوف والقلق كلما أردت أن أصلي.
سؤالي: كيف السبيل إلى العلاج؟ وهل صلاتي صحيحة ومقبولة؟ فهي أول ما سيحاسبني عليه ربي سبحانه جل في علاه.
أعاني من وسواس في النية كلما أردت أن أصلي فإنني لا أستطيع أن أصلي الفرض إلا إذا صليت نافلة قبله لذا أصبحت أصلي سنة الوضوء بالإضافة للسنن الرواتب ثم أصلي الفرض وأحياناً يأتيني الوسواس بعد الانتهاء من الصلاة وفي كل الأحوال أحاول تجاهل كل ما يمر بي، ولكن أحيانا أحس شيئاً ما بي بداخلي يستجيب لهذا الوسواس (مثلا: أقول سأجعله نافلة).
كيف السبيل إلى العلاج؟ وهل صلاتي صحيحة؟
جزاكم الله خيرا وأعتذر عن الإطالة
29/04/2024
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "أسماء" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
اعلمي أن الله تعالى يحاسبنا عما نفعل فقط وليس ما نفكر فيه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وانظري إلى لطف الله وإحسانه تعالى بأنه لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه، ومريض الوسواس القهري لا يملك دفع تلك الأفكار؛ لأنه مجبور عليها مقهور بها، وأنه لا يكلف الله أحدا فوق طاقته، وذلك عندما قال سبحانه: "لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (284) سورة البقرة
هنا يخبر الله تعالى أن له ملك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن وأنه مطلع على ما فيهن. لا تخفى عليه الظواهر ولا السرائر ولا الضمائر، وإن دقت وخفيت وإن حاسب وسأل ولكن لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه، وقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد ذلك على أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) وجثوا على الركب وقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة. وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. فأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير . فلما أقر بها القوم ونطقت بها ألسنتهم نسخ الله الآية الأولى وأنزل قوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" (البقرة:286).
وفى الصحيحين: "إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا هم بحسنة فلم يفعلها فاكتبوها حسنة، فإن فعلها فاكتبوها عشرا"، كما روى مسلم في صحيحه عن عبد الله قال: سئل رسول الله صلى الله عليه عن الوسوسة قال: "تلك صريح الإيمان" أي إن كراهية الوسوسة هي دليل الإيمان بالله تعالى، وتأكدي أن الله لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه وأنت لا تملكين دفع تلك الأفكار، وقد روى الإمام أحمد بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن آخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال: "الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقياسا على ذلك أقول لك نعم صلاتك إن شاء الله صحيحة؛ لأنك لا تملكين دفع فكرة أو شعور أنك تضحكين أو ستضحكين أو أنك ربما ضحكت، لكن عليك أن تسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية، فما تعانين منه الآن اسمه مرض الوسواس القهري ولا بد أن تدركي وتفهمي أن هذا الشعور ما هو إلا شعور كاذب لا علاقة له بالواقع.
ولكن عليك لكي يكونَ كلامنا شرعيا أن تتعاملي مع الداء الذي أصابك بطلب العلاج منه واقرئي في ذلك مسلم يعاني من الوسواس القهري: ماذا عن العلاج؟، والعلاج يكونُ بأن تعرضي نفسك على طبيب نفساني يستطيع تقديم العلاج السلوكي المعرفي اللازم إضافة إلى العلاج العقاري، وتذكري دائما أن الهدف من العلاج هو السيطرة على ردود أفعالك وليس السيطرة على الأفكار والاندفاعات القهرية نفسها.
وبدايةً مرني نفسك علي أن تقولي :-
- أنا لا أعتقد أنني أنا التي تضحك أو ستضحك في الصلاة إنه الوسواس القهري
- أنا لا أعتقد أنني أنا التي تخطئ في النية إنه الوسواس القهري
- أنا لا أعتقد أنني أنا التي تقول سأجعله نافلة أبدًا إنه الوسواس القهري
- أنا لدي دافع قوي قهري لكي أفعل كل ذلك.
وكرري ذلك مرات ومرات واكتبي ذلك عشرين "20" مرة يوميا.
عليك أن تتبعي استعارة القطار أحادي الوقوف فهي حل لكل وساوس الصلاة، وتذكري أيضًا نصائحي السلوكية التالية:
- لا تفعلي ما يطلبه منك مرض الوسواس القهري حتى لو هُدَّت الدنيا.
- لا تكرري الصلاة... استغرقي في نشاط آخر، وأوقفي التكرار والإعادة .... سوف تشعرين بأن القلق يتصاعد ويزيد، اصبري ... مرة بعد أخرى سوف تتعودين على القلق... سوف يقل القلق ثم يبتعد عنك تدريجياً حتى يختفي إن شاء الله.
- تأكدي أن الوقت الذي يمضي بين بداية الدافع للتكرار والتفكير في طاعته سوف يجعل هذا الدافع أضعف. ويمكن أن يزول أو يتغير.
- عندما تأتيك فكرة أنك ضحكت أو ستضحكين في الصلاة أو أنك لم تخشعي الخشوع السليم ... قولي لنفسك هذه الأفكار ما هي إلا وسواس وهذا الدافع ما هو إلا دافع قهري
- أمر آخر أود أن أطلعك عليه وهو أنك لا تشكين في النية إلا بعد أن تكون قد نويت النية الصحيحة فعلاً ولأن مخك بسبب مرض الوسواس القهري لم يشعر بأنك قد نويت فإنه يشك، إذن خذيها علامة على ذلك بمعنى ... عند الشك هل نويت نية صحيحة أم لا أو ... أو ... تأكدي أنك قد نويت فعلاً .
- حتى لو غلبك الوسواس واستجبت له مرة أو مرتين لا تشنقي نفسك واعلمي أنه كلما قمت بالخطوات السابقة وسلوكك تغير فإن مشاعر الخوف والشك وفعل الخطأ وعدم الثقة بالنفس ستتغير أيضا.
- احتفظي بسجل يومي عن العلاج السلوكي ... ارجعي إليه لمعرفة أي سلوك كان ناجحا وساعدك أكثر على النجاح
– سجلي النجاح فقط.
إذن باختصار عليك مقاومة تلك الدوافع المرضية حتى تبدأ في التراجع والاختفاء وذلك من خلال قراءة النصوص الشرعية الصحيحة التي ذكرنا لك هنا بعضها، وأما بقيتها وكذلك كثير من خطوات العلاج السلوكي سنحيلك إليها على موقع مجانين:
أشك في صلاتي: وساوس الصلاة!
وسواس الوضوء والصلاة والصيام هل هو قهري؟
وساوس دينية شديدة جدا
وساوس الصلاة: لا شيء يبطل صلاة الموسوس
وساوس الصلاة: وسواس الشك التحقق القهري و.ش.ت.ق
الشك ككل وساوس الصلاة: استعارة القطار!
-عند الالتزام بالعلاج العقاري، والانتظام على مواعيده سوف يكون من السهل عليك جداً تنفيذ كل التعليمات السابقة مع التأكيد المتكرر أن علاج الوسواس الدوائي لا يسبب إدمان أو تعود أو أي أضرار للمخ كما يقول العامة، ولك منا كل الأمنيات بالشفاء والخشوع في الصلاة إن شاء الله.