ترددت كثيرا قبل الكتابة إليكم، ليس لشكي في قدرتكم على طرح حل للمشكلة؛ فأنا حقيقة أعرف الحل تماما وأعلم ما ستقولونه وسيقوله أي عاقل إذا ما طرحت عليه مشكلتي. قد تستغربون مما أقول فإذا كان الحل معروفا فلِمَ العناء والأخذ من وقتكم؟ حقيقة أن ما سأطرحه اليوم من خلال رسالتي هذه هي اعترافات قد ضاق بها صدري وشعرت أنني بحاجة لإفراغ ما في جعبتي من مشاعر مكبوتة عل وعسى أن يستفيد بها غيري من الأزواج والزوجات والمقبلين على الزواج ربما لو استمع أحد ممن يعرفني لهذه الاعترافات لذهل ولم يصدق حتى لو نطقت بها بنفسي.
فأنا في نظر الجميع سيدة محترمة ومحتشمة وفاضلة، وأظن أنني كذلك أو كنت كذلك؛ فقد نشأت في أسرة كريمة ومحافظة للغاية وكنت طوال عمري وما زلت خجولة يحمر وجهي لأقل كلمة، وإضافة إلى ذلك فأنا أملك عزة نفس كبيرة وقفت دائما كعائق أمام ما أريد تحقيقه إضافة إلى افتقاري لروح المبادرة، وهو ما أظن أنه قد تسبب فيها أسلوب تربيتي المحافظة وقد حباني الله بجمال فائق مميز ونسبة من الذكاء أظن أنه لا بأس بها.
تزوجت في سن مبكرة ولم تتجاوز سني عمري العشرين من رجل يتجاوزني بخمسة عشر عاما ولكنه يملك مؤهلات رأى أهلي وأنا معهم أنها لا تدع مجالا للتردد؛ فهو متعلم تعليما عاليا وميسور ماديا ومن عائلة كريمة ومحترمة، إضافة لأخلاقه العالية ووسامة المظهر، وقد تم الزواج بسرعة قياسية، وكأن زوجي أراد أن يعوض ما فاته من سنين في أقل من أسبوع؛ وهو ما حرمني من الوقت الكافي للتعرف على شريك حياتي والتقرب منه وفهمه، ولكني وكأي فتاة صغيرة لم أدرك خطورة ذلك الأمر في وقتها وبالفعل تم زواجنا خلال أسبوع.
اكتشفت بعد ذلك أن زوجي رجل جدي للغاية ومعتد بنفسه إلى أبعد الحدود ويظن أنه يملك كل شيء؛ فقد تربى في بيت ينظر إليه فيه وكأنه الوحيد في العالم وزاد رفاقه من تعميق ذلك الإحساس لديه بإطاعته للاستفادة منه ماديا، وفوق كل ذلك اكتشفت أنه لا يتقن فن الحب ولا يقيم وزنا للمشاعر التي تفيض بها نفسي الحساسة والرومانسية؛ وهو ما باعد بيننا.
ولكني كنت ألقي باللوم على نفسي كعادة النساء العربيات في مجتمعنا، وكان زوجي يحاول إيهامي دائما بأنه أكثر الرجال فحولة وكنت من شدة غبائي أصدق ذلك حتى غدت علاقتنا الخاصة واجبا زوجيا نقوم به ويبدأ وينتهي في دقائق؛ فلا مداعبات ولا لمسات وكلمات وإنما كل ما في الأمر قبلة وسريعة لم أشعر يوما بها، ومن ثم القيام بالواجب الزوجي يليه نوم أو انتقال سريع للحديث عن العمل أو غيره من أمور الحياة.
في البداية لم أكن أدرك أن هناك الكثير الذي لا يتقنه زوجي وأصبحت أدفعه لذلك دفعا ولكن دون جدوى؛ فهو لا يرى لذته إلا في عملية الإيلاج وكفى الله المؤمنين شر القتال، ومن ثم يترك زوجة محبطة مقهورة تشك في أنوثتها.
ومما زاد الأمر سوءا الصراع الذي اشتعل في داخلي بين نظرتي لنفسي كامرأة جميلة تشعر بأنوثتها وبين معاملته وتجاهله لكل ذلك رغم أنه يحبني كثيرا وأعلم ذلك، ولكن المرأة لا يمكن أن تكتفي بمعرفتها بوجود ذلك الحب في قلب زوجها وإنما تريده أن يعبر عن ذلك الحب في الفراش وخارج الفراش؛ فكنت أتمسك ببعض جمل قالها طوال زواجنا الذي قارب على إكمال عامه السادس عشر وأتشبه في ذلك بالغريق الذي يتعلق بقشه أملا مني في أن تنقذني تلك الكلمات من الغرق في بحر اليأس.
وكم تمنيت أن يأتي لي زوجة بهديه أو أن يتذكر عيد ميلادي أو ما شابه من ذلك القبيل الذي يشعرني بحبه؛ فهو كما وصفته سابقا إنسان جاد للغاية لم أشعر يوما خلال سنوات زواجنا بأنني على راحتي أمامه أفعل وأقول ما يحلو لي؛ فالانتقاد دائما ما ينصب عليَّ لأتفه غلطة لا لأريد لأن أشغلكم بالكثير من التفاصيل.
المهم أنني وجدت في الشات ضالتي وجدت من يهتم بي وجدت من يقدر ذلك الجمال المهمل والأنوثة المتجاهلة؛ فكنت كالظمآن الذي وجد ماء؛ فإنه لا يتساءل في تلك اللحظة عن مصدر الماء إن كان معدنيا أم ملوثا، وهو ما حدث معي بالضبط أشعر دائما بأنني قد انجرفت وراء الأوهام وأن ما أفعله حرام بحق زوجي وأطفالي وأهلي وبحق نفسي أولا، وكثيرا ما أتخيل لو علم هؤلاء بما أفعل فما الذي سيحدث؟ فهل يعقل لسيدة محترمة أن تبني علاقات إلكترونية لتتطور فيما بعد إلى علاقات حقيقية وكل ذلك لأرى الاهتمام والإعجاب في عيني من أعرفهم ولا أشعر أنني امرأة؟.
أنا لا أريد حلا لأنني أعرف ذلك الحل وهو الابتعاد فورا عن تلك العلاقات، ولكني أريد من يسمعني أريد من يتعلم من تجربتي من يقدر وزن المشاعر للوصول إلى السعادة التي أفتقدها رغم تمتعي بكل ما يعتبره الآخرون طريقا معبدا للسعادة، أريد تحليلا لشخصيتي فلماذا أفعل ما أعتبره خطأ قاتلا؟.
6/5/2024
رد المستشار
أختي الكريمة:
رسالتك مؤلمة وموجعة.. أتمنى أن تكون صاعقة لتفيق كل منا، فيحرص على التعرف على احتياجات شريك حياته ويلبيها بالكيفية التي ترضيه.. حتى لا يحاول البحث عن إشباع لهذه الاحتياجات في الخارج، هذه الحقيقة التي لا بد أن يدركها الجميع، وأرجو ألا يفهم من كلامي أنني أبرر أو أتقبل الخطأ والخيانة، ولكن ما أريد أن أؤكد عليه هو أهمية ألا نتهاون في التعرف على احتياجات شريك الحياة وتلبيتها بالصورة التي ترضيه.
ولقد حاولنا أن نؤكد على هذه المعنى في دورة فن التواصل بين الزوجين، التواصل الذي يتم من أجل بناء العلاقة الزوجية، طرفا عملية التواصل هما الزوجان، وتتم عملية التواصل من خلال رسائل مرسلة ومستقبلة، رسائل مستمرة، تحمل معنى مهمًّا جدا ومتبادلا بين الزوجين، "أنا أهتم بك وأريد أن أحقق لك السعادة من خلال تلبية احتياجاتك وتوقعاتك يا شريك حياتي". هذه الاحتياجات الإنسانية تتدرج من الاحتياجات البيولوجية (احتياجات الجسد المختلفة) ثم الاحتياج للأمان والاحتياج للإشباع العاطفي، ثم التقدير وتحقق الذات واكتشاف كل آفاقها، وفي النهاية الانتماء للمجموع.
ودرجة هذه الاحتياجات وسبل تلبيتها تختلف من شخص لآخر، ولكن وجود الاحتياج يخلق عند الإنسان الدافع الذي يجعله يسلك السبل المختلفة لتلبية هذه الاحتياجات.
هذه هي مشكلتك الآن يا أختنا الكريمة، عندك احتياجات لم يلبها زوجك لك، فخلقت عندك دوافع لتلبية هذه الاحتياجات، ولكنك للأسف اخترت الطريق الذي بدا في عينيك الطريق الأيسر، ولكنه للأسف طريق محفوف بالمخاطر في الدنيا والآخرة، وأخطار هذا الطريق الدنيوية لا حصر لها، منها ما يتهددك من تلاعب الرجال الذين تبحثين عندهم عن كلمة إطراء لجمالك، وبالطبع لن يقدموها بدون مقابل، ومنها احتمالية أن ينكشف أمرك لزوجك أو لأولادك، والأخطر من كل ذلك هو شعورك الداخلي باحتقار النفس، ولن أفصل في الأخطار الأخروية؛ لأنني أحسب أنك تعلمينها جيدا، ولكنك تحتاجين لإرادة قوية وذاكرة حديدية تذكرك بها كلما هممت بضغط زر الكمبيوتر.
وفي رسالتك لم تذكري لنا مدى تطور العلاقات التي تقيمينها عبر الشات، ولكن أيا كان مقدارها وعمقها فإنها بالطبع لن تشبع لك احتياجا، وكأنك عطشى انكببت على الماء المالح ليروي عطشك، ولكنك كلما شربت منه ازددت عطشا، ولذلك لا مفر من أن تبحثي عن سبل أخرى لتلبية هذه الاحتياجات، وهنا مكمن الفرس كما يقولون.
أنت عطشى لكلمة حب وللمسة حنان، ولا يوجد لك مصدر آمن للارتواء إلا زوجك الذي يحبك، ولكنه لا يقدم لك ما تريدين لأنه لا يدرك هذا الاحتياج، هو رجل عملي يقدم لك الحب بطريقته الخاصة ويحرص على تلبية احتياجاته هو بالطريقة التي ترضيه، وهو كمعظم الرجال لا يفهم احتياجات المرأة النفسية والجسدية، وفي المقابل أنت غير مبادرة وتتمتعين بعزة نفس كبيرة كما تذكرين، ولا حل أمامك الآن إلا أن تتخلي عن عزة نفسك هذه وأن تتغيري وتصبحي أكثر مبادرة.
ولا يعني كلامي أنك ستوجهين لوما لزوجك أو ستطلبين منه صراحة ما تريدين، ولكن أتمنى أن تستعلمي كل ذكاء الأنثى التي تصرخ بداخلك، واستغلي لحظات اللقاء الخاص بينكما لتحصلي على احتياجاتك العاطفية، لا تنتظري أن يقول لك كلمة حب، ولكن كوني سباقة وقدميها أنت، ولا تنتظري لمسة حنان، ولكن قدميها أنت، تدللي عليه بذكاء بحيث تشعرينه بلطف أنك بحاجة للمداعبة القبلية، ولا مانع من أن تتعلمي فنون ممارسة الحب وأن تشجعيه على أن يشاركك القراءة، مثلا من خلال صفحتنا استشارات مجانين أو غيره من المواقع أو الكتب العلمية المنضبطة.
وأسمعك تترددين كيف يمكنني أن أنطق كلمة الحب وأنا لا أشعر بها الآن؟ كيف يمكنني أن أنطقها باللسان دون القلب؟ وأنا أقول لك انطقيها وردديها من منطلق "إذا لم تبكوا فتباكوا"، وبثي هذه الكلمات واللمسات وكل ما يعتمل في صدرك من حرمان واحتياج، وحاولي أن تركزي في هذه اللحظات على ميزاته وغضي الطرف عن عيوبه.
لا يوجد حل لمشكلتك إلا هذا، احتمي بزوجك من نفسك وممن يتربصون بك على الشات أو في أرض الواقع، واحمدي الله الذي سترك حتى الآن واسأليه الستر في الدنيا والآخرة، وتضرعي إليه أن يلين قلب زوجك عليك وأن يجعله لك أفضل مما تحلمين.