أشكركم على هذا الموقع الجميل الذي تشاركون فيه الشباب مشاكلهم، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيراً.
أنا فتاة في الـ24 من عمرها، جامعية، متدينة والحمد الله. ولدي مشكلة أريد أن أستشيركم بها وتساعدوني في حلها. قبل ست سنوات اعترف لي أحد زملائي في الثانوية العامة بحبه لي، ولكني رفضت متذرعة بأني في السنة الأخيرة من الدراسة الثانوية وعلي أن أجتهد ولا أريد أن أشغل نفسي بأشياء أخرى، فقبل عذري وتركني، لكن بعد ثلاثة أشهر تقريبا عاد يعترف لي بحبه ثانية، هذه المرة قبلت لأني أيقنت أنه يحبني حقاً وأنني مع الزمن سأحبه.
هكذا استمرت علاقتنا، بعد عدة أشهر من علاقتنا لم أقتنع بهذا الشاب، فقررت الانفصال عنه، ولكني خفت على الشاب وعلى مستقبله، لأننا كنا على مشارف أن ننهي الدراسة الثانوية، ولديه طموحات وهمم عالية لبناء مستقبله، فخفت أن أدمر مستقبله بهذا الحب الجارف الذي يكنه لي، فلم أقل له شيئا، ذهب ليكمل دراسته في إحدى جامعات الدول العربية، وقررت أن لا أتصل به أو أراسله حتى يظن أني قطعته، وينقص حبه تدريجيا، وكنا على هذه الحال سنتين تقريبا يتصل لا أجيبه إلا نادرا، يراسلني ولا أرد له الرسائل.
وبعد سنتين عاد إلى أرض الوطن، عاد ليعرف ما أصابني، ليعرف سبب الذي قطعته من أجله، وعند أول لقاء أخبرته أني لا أحبه وأني لست مقتنعة بهذه العلاقة وأريد أن نقطعها، صدم ولم يعرف ماذا يفعل، تركني، أخبرت أمي بالأمر وكيف طلبت منه أن يقطع العلاقة "أمي كانت على علم بعلاقتنا منذ البداية، وكانت مقتنعة بهذا الشاب وبأخلاقه كثيرا" عاتبتني بشدة وقالت لي لماذا تظلمين هذا الشاب المسكين الذي يحبك كثيرا، عودي إليه وقولي له: كنت مخطئة لا أريد أن نقطع العلاقة، فعلت ذلك، وعدنا كما كنا في أول علاقتنا اقتنعت قليلا، عاد إلى دراسته، واستمرت علاقتنا.
كان يبدى لي مشاعر الحب وكيف هو مقتنع بي، وكنت أنا أحترم هذه المشاعر التي يكنها لي، لم أكن أبادل الحب بالحب، بل أبادل الحب بالاحترام،أنهى دراسته الجامعية وعاد، بحث عن وظيفة، والحمد الله حصل عليها، تحدث مع ماما واتفقا على أن يستعد هو ويطلب يدي، لكني لست مقتنعة بهذا الشاب لا أعرف السبب لكني لا أريده، طلب مني مرات عدة أن يذهب إلى بابا ويطلب يدي، لكني كل مرة أرفض وبشدة لأنني لست مقتنعة به ولا أريد أن يكون شريك حياتي، ولا أستطيع أن أقول له ذلك خوفا عليه.
إنه شاب عطوف ذو أخلاق ومتدين ولكنه غير هادئ في طبائعه في كلامه في مشيه حتى، وهذه النقطة الأخيرة هي سبب عدم قناعتي كما أظن، ويكبرني بسنة أو أقل وأنا أفضل أن يكبرني شريك حياتي بخمس سنوات وأكثر، ظروفه المادية غير جيدة إلا أن هذه النقطة غير مهمة بالنسبة لي، فإني أومن إذا كان الشخص متعلما وذا همة عالية وطموحا فستتحسن ظروفه المادية إن شاء الرحمن، لذا لم أشغل نفسي بهذا الفرق، علما بأن ظروفنا المادية أحسن منه بكثير، ورغم كل هذا لم أستطع أن أقنع نفسي بهذا الشاب، صليت صلاة استخارة أكثر من مائة مرة وكل مرة نيتي قانعة بالانفصال عنه، ولا أجرؤ على قول الحقيقة له، لأني خائفة على مستقبله لأنه رقيق المشاعر ويحبني بقوة، صديقاتي وإخوتي وأمي يحبونه ومقتنعون به، وحدي أنا من لا تقتنع به، لا أستطيع أن أبني عش الزوجية معه. أنا جبانة، وعديمة الثقة بنفسي، ومترددة كثيرا وغير قادرة على اتخاذ أي قرار، كل هذه الصفات، فساعدوني على أن أتخذ القرار في وقت مناسب.
وفى الآونة الأخيرة ازداد بعدي عنه، ولم أكن أحترم مشاعره كما كان من قبل، وشعر بهذا التغير وسألني عن السبب وقلت لا شيء، لأني ليس لدي الشجاعة الكافية لأقول له، فسألني مرارا وتكرارا وشجعني على أن أخبره سبب التغير، وفى النهاية وقبل أسبوع تجرأت وقلت له أنا لست مقتنعة بهذه العلاقة وأريد أن ننفصل لأن هذه العلاقة تسبب لي مشكلة لأني أجبر قلبي ومشاعري بما لا تريد، وتسبب لك مشكلة لأنك تفكر بي وكيف ستكون مشاعري وكيف سأتقبلك، قررت أن أريحك وأريح نفسي، فأبدى اقتناعه، وتناقشنا عن كيفية إقناع الأهل والأصدقاء، وطلب مني إن تبدلت مشاعري وأحببته أن لا أخفيه وأخبره، ووعدت له ذلك.
وفى نفس الليلة أرسل لي رسالة عبر الموبايل يقول فيها "لن ولا أقدر أن أنساك ما دمت حيا، فيا ريت لو تحبيني" فانفطر قلبي وحزنت من أجله، اتصل بي في الصباح وأبدى احتجاجه على القرار الذي اتخذناه ليلة أمس وقال لي "أنا أحبك ولا أستطيع أن أتحمل بعدك عنى، يا ريت لو تستطيعي أن تجبري نفسك على حبي" فلم أستطع الرد عليه وقلت له سنتحدث عن الموضوع مرة أخرى، وبعد يومين اتصل بي صديق له يقول لي لماذا تريدين قطع العلاقة، شرحت له موقفي وبأنني لست مقتنعة به ولا أستطيع إجبار مشاعري أكثر، ولا أستطيع أن أبادله الحب، وقال لي الحب سيأتي بعد الزواج، قلت له صح لكن أولا وقبل كل شيء يجب على أن أقتنع به كشريك حياتي، ولا أستطيع أن أقتنع به كشريك حياتي، توسل إلي وقال لي إنه يحبك فلا تظلمي حبه، أجبري نفسك على حبه، قلت له سأنظر الأمر وسنتحدث أنا وهو عن الموضوع، فتحدثت معه، وقلت له ظننت أننا اتفقنا وكنت مقتنعا بهذا القرار وأنت من شجعني بأخذ هذا القرار لأني لو كنت شجاعة لأخذت هذا القرار منذ ست سنوات، فلم هذا الاحتجاج الآن، ألم نتحدث عما سنقوله للأهل والأصدقاء، قال نعم اتفقنا ولكن كان لي أمل على أن تعودي إلي وتجبري قلبك على أن يتقبل بي، ولكن لا أريد أن أكون عقبة في حياتك، ولن أجبرك بما لا تريدين، سأسافر بعد شهر إلى الخارج، وسأقنع أهلي بانتهاء علاقتنا.
لم أعرف ما أقول، يبدو أنكم تتساءلون عن موقف ماما من كل هذا، أمي لا تريد أن أنفصل عن هذا الشاب، لأنها تخاف علي من سوء العاقبة، أرجوكم فهل أنا آثمة على قراري، هل أنا ظلمته بهذا القرار، أخاف سوء عاقبة قراري، وأن يعاقبني الله من أجل هذا الشاب الذي ظلمته، والله لم أتلاعب بمشاعره وبقلبه قط، كنت مقتنعة طوال تلك السنين بأني سوف أحبه يوما، لكن لم أستطع، يزداد قلبي بعداَ يوما بعد يوم بينما هو يزداد حباَ، كان يستعد لبناء عش الزوجية، وخفت أن أظلمه إن تزوجنا أكثر من الآن، خفت ألا أوفي حقه كزوج فيما بعد لأني لست مقتنعة به كشريك حياتي، أرجوكم ساعدوني.
هل أكون مصرة على قراري، أم أتراجع عنه، وإن تراجعت فكيف أقنع نفسي به أرجوكم ساعدوني، وأرجو أن تدعو الله لي بأن يوفقني في حياتي ومستقبلي، وأن يشفى قلب هذا الشاب الذي أحبني بصدق، وأن يوفقني الله في دراستي لأني على مشارف إعداد دراسات عليا في الخارج.
وعذرا على الإطالة، وأنتظر ردكم بفارغ الصبر،
وأرجو لكم الخير والعافية، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
30/4/2024
رد المستشار
الأخت الفاضلة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الذي حدث هو أنك لم تحبي هذا الشاب في أي مرحلة من مراحل حياتك ولكنك أحببت حبه لك وتعلقه الشديد بك وأشفقت عليه أن تصدميه أو تصديه بعد كل هذاالحب وهذا الإخلاص وهذا التحمل الذي أبداه طوال هذه السنوات، وقد زاد من أزمتك موافقة الأم والأهل والصديقات عليه فالكل يدفعك في اتجاه الموافقة إلا قلبك، وإلى حد ما عقلك، وقد كنت صادقة مع نفسك ومعه ومع الجميع حين أعلنت أنك تحترمين مشاعره ولكنك لا تجدين في نفسك الحب أو حتى القبول أو الارتياح له كشريك حياة.
وإذا كانت هناك بعض الزيجات تقوم وربما تنجح بدون وجود الحب في بداية العلاقة ثم ينمو الحب بعد ذلك في فترة الخطبة، إلا أن الحد الأدنى لبدء علاقة خطبة أو زواج هو القبول أو حالة الارتياح النفسي والرغبة في الاقتراب من الطرف الآخر، وأعتقد أن هذا الحد الأدنى غير موجود لديك فأنت تفتقدين الإحساس بهذا الشاب بمعنى أنه لا توجد لديك مستقبلات له أو لمشاعره، وهذه علامة مهمة تضع محاذير أمام بداية علاقة زواجية، خاصة أنه مرت سنوات وأنت على هذا الحال.
أي أن مشاعرك تم اختبارها والتأكد منها على مدى طويل ولو كانت هناك فرصة للإحساس به أو تقبله أو حبه لكان قد حدث هذا، خاصة وهو يحوطك بحبه رغم هجرك ومحاولات ابتعادك عنه، أي أن كل الظروف كانت مهيأة لظهور أي درجة من القبول أو الارتياح أو الحب ولكن هذا لم يحدث، وهذا يجعلنا نستبعد حدوث ذلك بعد الزواج.
ولم يقتصر الأمر على قلبك وإنما عقلك أيضا يرفض، فأنت ترين أنه غير هادئ في طبعه وفى مشيته وفي كلامه، أي أنك ترينه أقل نضجا مما تحتاجين خاصة وأن فارق السن بسيط ومعروف أن الفتاة تكون أسبق في النضج من الفتى، ويحتمل فعلا أن تكوني أنت أكثر نضجا منه ولهذا لا تشعرين بأن هذا هو فارس أحلامك، فالمرأة تريد أن ترى في زوجها صورة الرجل الناضج المكتمل الرجولة الذي يملأ عينها وقلبها وعقلها، ويبدو أن هذا غير متوفر في هذا الشاب.
ونحن نقول بأن علاقة الزواج تقوم على أعمدة كثيرة فهي علاقة عاطفية وعلاقة جسدية وعلاقة عقلية وعلاقة اجتماعية وعلاقة اقتصادية وعلاقة روحية، لذلك لا نتوقع نجاحها بناء على وجود الحب وحده لأن الحب هو أحد عناصر هذه العلاقة وليس هو العنصر الوحيد، بمعنى أن حب هذا الشاب لك ليس مبررا كافيا لنجاح علاقة الزواج إذ ماذا يحدث حين يفتر هذا الحب بعد الزواج وكثيرا ما يحدث ذلك؟؟.
أما عن شعورك بالذنب تجاه هذا الشاب الذي يكن لك كل هذا الحب فأنت أعلنت له احترامك لمشاعره وتقديرك لها وصارحته بأنك غير قادرة على أن تبادليه هذه المشاعر وليس مطلوبا منك أكثر من هذا فالقلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وليس بيد أحد أن يجبر قلبه على حب شخص ما أو كرهه، وهذا أفضل من أن تتزوجيه كنوع من الشفقة أو رد الجميل أو حرصا على حب تخشين أن لا تجديه من شخص آخر، ويمكنك أن تبدئي في الابتعاد عنه مع تقديرك واحترامك له، وهذا يعطيه فرصة ليتدبر أموره خاصة حين يعرف أن هذا قرار نهائي لك، والله يتولى أمره ويعوضه خيرا إذا كانت نيته طيبة.
أما عن رأي المحيطين بك فيه فهو شيء يوضع في الاعتبار في حالة قبولك أو ارتياحك له أما في حالة انعدام هذا الحد الأدنى فلا يفيد ذلك شيئا، ولهذا علق الشرع صحة الزواج بقبول الفتاة ولو كان قبولها غير مهم لصح الزواج برأي الولي دون استشارة الفتاة فيمن يتقدم إليها.
وأسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير، وأن يعوض هذا الشاب خيرا، إنه القادر على كل شيء.