السلام عليكم
أعتذر لكم، ولكني لم أجد خيرًا من بابكم أستغيث به، فأرجو ألا تردوني فبكم وحدكم أثق.. أنا طالبة في إحدى كليات القمة على أبواب التخرج، تعرفت إلى شاب ليس من جنسيتي "مصري" في نفس سنتي في الكلية، وهذا منذ وقت ليس ببعيد، تعودت طوال حياتي على مصارحة أهلي، حيث كانوا يعرفون عنه كل شيء، كانت علاقة نقاشات جميلة في الدين والثقافة، حيث إنه مثقف بدرجة كبيرة ومتفوق جدًّا في دراسته، حيث كان يساعدني كثيرًا في دراستي إلى درجة أنه كان يمتحنني في بعض المواد بنفسه، وقد أثمر ذلك بتفوقي أكثر.
منذ سنة ذهبت إلى مصر في تدريب، وعلى علم من أهلي أنه سيستقبلني هناك، حيث كان في قمة الاحترام والالتزام، تعرفت على أهله وزرتهم في بيتهم على علم من أهلي. مكثت في إحدى المدن قريب الشهر، وكنت أراه كل أسبوع يومين، ولم يحدث بيننا أي حديث بخصوص ارتباط أو ما شابه إلى آخر يوم، حيث صارحني بشكل غير مباشر أنه طالب وبعد أن ينهي دراسته يمكنه أن يكون مسؤولا ويقدر على الارتباط بي.
والدتي قالت لي من أول معرفتي به إننا لن نقبل ارتباطك بمصري حتى لو كان وزيرًا.. لم أُعر كلامها أي اهتمام، وكان هذا الحاجز بيني وبينه خلال أول سنة. ولكن عندما صارحني ومن غير أي إدراك تقبلت كل كلامه وعشت معه الأمل.. لكنه لم يصبر وبعد بضعة أشهر صارح أهله، مع العلم أن والديه أساتذة في نفس الكلية التي يدرس فيها وعلى مستوى راقٍ جدًّا من العلم والالتزام والأخلاق.. وافق أهله على أن يكون بعد تخرجنا، ورأوا أن يتم استقبال أهلي بضعة أيام عندهم؛ ليتعرفوا إليهم ولا يكون طلبهم مستغربًا.
وهنا بدأ عذابي.. صارحت أهلي برغبته، ولم أجد غير كلام قاسٍ جدًّا كاد يقتلني، بمعنى أني هكذا أتخلى عنهم، وكيف أرتبط بمصري، وأخذوا يرهبونني من هذا الارتباط بأسوأ التوقعات التي يمكن أن تحدث لي، وإنهم تعبوا عليّ كل هذه السنين من أجل أن أقف جانبهم.. وكلام كثير جارح، وكانت هذه أول مواجهة بيني وبين أهلي، فطوال عمري عرفت بالتفوق والطاعة والالتزام، وكنت مصدر فخرهم ومتميزة في ذلك عن كل إخوتي بشكل كبير.
تراجعت عن كلامي في بادئ الأمر؛ لأني لم أقدر أن أتحمل الغضب في عيونهم، ولكني رجعت في اليوم التالي وصارحت والدتي بأنني غير مقتنعة بكلامهم فاقتنعت، ثم تراجعت ثم اقتنعت ثم تراجعت، وهكذا استمر الحال إلى أن قاطعتني والدتي تقريبًا، وكانت دائمًا تتكلم بشكل غير مباشر في أي فرصة لتقول لي إنني أنانية ولا أفكر فيهم، وأنها جعلتني أصل لما أنا فيه من أجل أن أساعدهم، مع العلم أن أهلي والحمد لله حالتهم ميسورة، ولهم من الأملاك ما شاء الله، ووالدتي تعمل ولها راتب تقاعد عند تقاعدها فلن تحتاج لأحد ماديًّا.
كنت أرى طلبه مني أن أقنع أهلي بزيارتهم شبه مستحيل ليس لشيء إلا لما يترتب على ذلك من تكاليف مادية أهلي بغنى عنها، ولكن مع إصرار أهله في مكالماتهم الهاتفية وسفري في الصيف إلى بلد ثالث للتدريب تشجعوا للسفر إلى بلد الشاب.. سافروا وكنت أنا وأختي معهم، ولكني لم أوفق للسفر وهنا عشت أسوأ لحظات عمري.. تمنيت أن أكون معهم لعل موضوعنا ينتهي عانيت كثيرًا، وعندما رجع أهلي بعد بضعة أيام ورغم إعجابهم المطلق الشديد بالشاب، حيث إن والدتي قالت لي إنه لا يوجد له شبيه عندنا، وإعجابهم بأهله وكرمهم فإنها بدأت كالمعتاد تعقد الأمور وتختلق الأوهام كالعادة.
كنا أنا وهو صريحين مع بعضنا طوال هذه السنة بأدق التفاصيل، حيث إننا تناقشنا بيننا في تقدم رسمي أو لا خلال وجود أهلي عندهم فخشيت أن يؤجل أهلي قبولهم بسبب تغيبي، وعندما يرجعون يرفضون بسهولة من خلال الهاتف فاتفقنا أن تصارح والدته والدتي بنيتهم، وعندما سألت والدتي عن ردها قالت لي لم يطلبك مني أحد كل الذي قالته والدته إنك محجوزة لابنها خلال حديث عادي، وكانت والدتي مستهجنة هذا الأسلوب، ولم ترد عليها إلا بإن شاء الله. وقالت لي لا تفتحي معي هذا الموضوع فليس وقته الآن قد نرفض وقد نقبل وإن كان نسبة قبولنا ضعيفة، فقلت لها كما تشائين، وهكذا مرت الأيام ولم أنقل إليهم إلا بعض الأخبار عنهم، وكان هناك بعض المكالمات الهاتفية بمناسبة العيد وغيره بين الأهل.
أحيانًا عندما أفكر مع نفسي أشعر بالحرج أنني سأترك أهلي ولن أراهم إلا بالسنة مرة أو مرتين كما اتفقت معه، ولكن عندما أنظر حولي لأرى أنها سنة الحياة، وكثيرًا من زميلاتي ارتبطن ويعشن بالخليج وحتى أمريكا، ولم يكن لهذا أدنى عائق أمامهن أو عند أهلهن!!
عندما أفكر أنني فتاة أريد أن أطمئن على حياتي مع إنسان وجدت عنده كل المميزات التي تحلم بها أي فتاة من دين وخلق وذكاء وعلم وحنان وتفاهم بيننا وحتى استقرار مادي جيد جدًّا قد يطمئن أهلي به. أرى أن هذا حقي وليس به أي أنانية.
هل أنا ملزمة أن أضحي به من أجل أن أبقى بجانب والدتي.. هل هذه أنانية مني على حسابهم؟؟ أعرف أن العادات في الزواج مختلفة بيننا وبينهم، ولكنني وضحت له كل هذا منذ البداية، واتفقنا على كل شيء، وسوف يتكفل بكل أعباء الزواج بنفسه وطمأنت والدتي ولكن بلا فائدة.. حتى إنه لديه شقة مسجلة باسمه وسيارة وتحصيله يهيئ له فرصة معيد في الجامعة وكل هذا لا تراه والدتي!!
مع العلم أنه لم يتقدم لي خلال هذه السنين أي شخص كان حتى شبه مناسب، حيث إن بيئتي بسيطة جدًّا، وقد أكون الوحيدة في كل الأقارب من حصلت على هذا التحصيل الدراسي ووالدتي لا ترى هذا أيضًا.. أحيانًا أسأل نفسي لماذا والدتي لا تشعر بي.. لماذا تتردد كثيرًا في كلامها.. لماذا تعذبني بكلامها، مع أنني لم أكن إلا ما ترضى في كل السنين التي مضت.. أشعر أن كل المعاملة الحسنة والمميزات المطلقة التي كانت تمنحني إياها؛ لأنني كنت تحت إمرتها في كل تصرفاتي، ولكن عندما ناقشتها في قرار مصيري من حقي لم يوافق رأيها لم تَعُد كما كانت!!
أرجوكم.. هل أنا مخطئة؟ ماذا عليّ أن أعمل.. هل أصبر معه سنة أخرى إلى أن يتقدم لخطبتي رسميًّا أم أن والدتي على حق وإنني أنانية ويجب أن أتركه؟
مع العلم أننا متعلقين ببعضنا إلى درجة كبيرة!!
هل أنا التي شارفت على أن أتخرج ما زلت صغيرة كما تقول والدتي، ولا أقدر أن أختار شريك حياتي مع أن أختي المتزوجتين قد تزوجتا بسن السابعة عشرة؟!!
14/05/2024