أود شكركم على ما أتحتموه للشباب من منبع لحل مشاكلهم، ونسأل الله أن يأجركم على هذا العمل.
هويتي الشخصية:
عمري عشرون سنة، في كلية الهندسة الفرقة الثانية، التزمت في السابعة عشرة، وحافظت على التزامي وعلى عفتي في الجامعة والحمد لله.
وبالطبيعي بدخولي للجامعة كنت أحتاج لجهد مضاعف حتى أحفظ نفسي من فتن الجامعة، والمشكلة أنني أعجبت (أحببت) فتاة من غير تخصصي، فتاة جميلة ملتزمة جدا، ولا أعني بالملتزمة الحجاب فقط بل في الدعوة إلى الله وعلاقتها مع الطالبات وغضها للبصر، ملتزمة بكل ما في الكلمة من معنى.
كلما رأيتها ازداد إعجابي بها، وقد بدا لي منها ما يشعرني بأنها تبادلني نفس الشعور؛ فهي ليست بعيدة عن بيتنا كثيرا، وقد تعرفت على أختي بعد إعجابي بها ولم تكن تعرفها من قبل، وقد بدا لي من حديثها مع أختي أنها مهتمة بي، وقد لاحظت أختي هذا الشيء، أصبحت أراها كثيرا ومع المدة يزداد إعجابي بها.
وأنا والحمد لله لم أكلم فتاة قط في الجامعة منذ أن دخلتها؛ فلذلك أنا لا أعرف إن كان من الصواب أن أصارحها بإعجابي بها وإن كان صوابا فلا أعرف الطريقة.
قررت أن أخطبها، ولكني ما زلت في السنة الثانية وأمامي سنتان للتخرج والعمل، وهي في نفس عمري.
وقد حدث لي شيء شوشني، وهو أن لي ابنة خالة فقط محجبة تسمع الأغاني تلتزم بالصلاة وتقطع (فتاة اهتماماتها كأي فتاة مراهقة اهتمامات تافهة ليس لها هدف حقيقي) أصغر مني بسنتين جميلة جدا جدا جدا، وقد عرضت علي أمي خطبتها؛ فأمي تحبها كثيرا وتريد أن تسكنها معنا؛ فزواجي بها لا يعتمد على المال كثيرا؛ ما دفعني للتفكير جديا بالموضوع، لكني أحب الفتاة الأولى كثيرا ولكن فرصة زواجي بها ضعيفة لما ذكرته.
تفكيري الجدي بزواج ابنة خالتي الجميلة جعلني أشعر بأني غير صادق بحبي للأولى وأني إنسان يهتم بمصلحته؛ فهل أنا صادق بحبي للفتاة الملتزمة ذات الحياء الرائع، وماذا بين الجمال والدين؟
ملاحظة: ما يدفعني لمصارحة الأولى بإعجابي بها هو تقوية فرصة زواجي بها، وربما يكون في المصارحة حل للمشكلة.
أنا آسف فالموضوع غير مرتب الأفكار، ولكن أرجو أن يفهم ما أريد؛
فعدم ترتيبي للأفكار هو فقط أنها غير مرتبة في عقلي؛ فأنا مشوش.
7/6/2024
رد المستشار
الابن الكريم،
لقد لاحظت أنه مع موسم الامتحانات بما تمثله من ضغوط نفسية يحاول الطلبة الهروب من هذه الضغوط أو تخفيف حدتها بعض الشيء؛ وذلك بصرف التفكير صوب قضية أخرى، ولذلك تتصاعد سخونة التفكير في الزواج والرغبة فيه، وبالطبع تزداد حدة هذه الرغبة المشروعة لشاب مثلك حريص على سلوك الطريق القويم، ويرفض أن ينحرف عن جادة الصواب، فمن الطبيعي أن تفكر في مسألة الزواج، ومن الطبيعي أن تبحث عن السبيل الأيسر لتحقيق هذا الحلم الذي أصبح للأسف الشديد بعيد المنال لمعظم شبابنا.
والمهم أن هذه الرغبات هي التي دفعتك للتفكير في ابنة خالتك الجميلة عندما عرضتها عليك والدتك لأنك تتصور سهولة؛ وبالتالي قرب الارتباط بها، وهو تصور غير واقعي للأسف الشديد؛ فمن أدراك أن ابنة خالتك أو أهلها سيقبلون الارتباط بك، ومن أدراك أنهم سيوافقون على إقامتها مع والدتك؟ ومن يدريك أن الأمور ستظل بينهما على وفاق حتى بعد ارتباطك بها؟ كلها أمور اعتبرها الآن في علم الغيب.
وكل ما تذكره عن سهولة ارتباطك بها يعتبر تكنهات وتوقعات لم تخضع للتجربة الفعلية، ولم يتم اختبارها، وهذا ما يمكنني التعليق عليه بالنسبة لتصورك بسهولة ارتباطك بابنة خالتك، وهذا لا يعني إطلاقا رفضي أو قبولي لفكرة الارتباط بها فهو أمر تستقل أنت بتقديره، ولكن ما يعنيني في الأمر هو أن تحدد بالضبط وبعقلانية ما تريده في زوجتك، وذلك بعد أن تضع رغبتك الملحة في الزواج جانبا، واضعا في الاعتبار أن الزواج لا يعتبر جنسا فقط، ولكنه حياة ممتدة وشراكة قوامها التفهم والتفاهم الذي يصنع المودة والرحمة، ويشيع السكن في ربوع الحياة الزوجية.
وأيضا مع ملاحظة أنه قد لا يوجد ارتباط كبير بين الجمال والإشباع الجنسي، فقد تقدم الأقل جمالا دفئا وحيوية للعلاقة الزوجية، وتعجز الأكثر جمالا، وهنا يبرز التساؤل الذي أدعوك لأن تجيب عليه بوعي: هل تتوافق مواصفات ابنة خالتي مع المواصفات التي أضعها لزوجتي؟ هل هي العروس الأكثر مناسبة لي؟
أما بالنسبة لزميلة دراستك وتساؤلك عن حقيقة مشاعرك نحوها، وتعجبك من كونك فكرت في الارتباط بغيرها رغم أنك تحبها؛ هذه الجزئية يمكن تفسيرها إذا أدركنا أن الحب درجات أدناها القبول، والإعجاب درجة من درجات الحب، وأعلى درجات الحب هو أن يصبح الإنسان متيما وعاشقا لمن يحب حتى يملك عليه هذا الحب تفكيره، ويمنعه من التفكير في غيره، وهذا هو الحب الذي يصفه ويتغنى به الشعراء، وهو الحب الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: "لم ير للمتحابين مثل النكاح".
ومن الواضح أنك معجب بزميلتك شكلا وموضوعا، ولكي يتطور هذا الإعجاب أكثر تحتاج أن تعرض ما تعرفه عنها لتطابقه على المواصفات التي تبغيها في زوجتك، مع ملاحظة أنك لا تعرف عنها إلا الظواهر، وأن الأمر يحتاج لتدقيق أكثر حتى تتعرف على صفاتها وطباعها عن قرب، كما يظهر من رسالتك أنك حتى الآن لم تتأكد من حقيقة مشاعرها نحوك ومدى تقبلها لفكرة الارتباط بك؛ وكل حديثك عن هذا الأمر يأتي بصورة "يبدو لي" وهي صيغة لا تجدي للحكم على المشاعر والأحاسيس؛ لأن رغبتك في الارتباط بها قد تجعلك تفسر كلماتها وتصرفاتها حسب هواك، فمن المهم تحديد حقيقة مشاعرها بالضبط، وهنا يأتي السؤال: كيف؟!!
بداية أرفض أن تصارحها بنفسك، وذلك لأن الفترة المتبقية حتى تصبح مستعدا للزواج قد تتيح لكما السقوط في سلسلة من التصرفات غير المسؤولة.
والسؤال الآن هو هل خيار الزواج مع والدتك مطروح لأي عروس؟ أم أنه يقتصر على ابنة خالتك؟ إذا كان هذا الخيار مطروحا فهل يمكن أن تساعدك أختك؛ وذلك بطرح الأمر للمناقشة العامة في حضور زميلتك؟
كما تحتاج لطرح فكرة الزواج أثناء الدراسة ومدى تقبلها هي وأهلها لها، فإذا كانت هناك إمكانية لقبول هذا الوضع فيمكن لأختك أن تصارحها برغبتك في الارتباط بها، وإن كان الوضع غير مقبول عندكم أو عند أهلها فلا مفر من أن تنتظر بعض الوقت حتى تصبح الظروف مهيأة لإتمام الزواج، ولا تتسرع بمصارحتها، وانتظر ما تأتي به الأيام، مع دعواتنا أن يقدر الله لك الخير، ويرزقك بالزوجة الصالحة.
واقرأ أيضًا:
عندما يصلح الحب يصلح السلوك!
الزواج المبكر: مشروع قومي ودعوة للمشاركة
أحبها وأخاف أن تضيع من يدي!