الإخوة الأفاضل في هذا الموقع الأكثر من رائع، بالفعل لا يمكن لأي كلمة أن تنقل إليكم مشاعر الاحترام والحب والشكر الجزيل لكم على جهودكم، وجزاكم الله عنا وعن سائر المسلمين كل الخير إن شاء الله.
مشكلتي التي أود أن تساعدوني بها هي أنني فتاة عقد قراني على شاب -والحمد لله- على خلق ودين، وقد تم الموضوع نتيجة علاقة حب شريفة، وقد كلَّلها الله بالنجاح بعد دعائنا.
مشكلتي ولا أدري إن صح أن أقول عنها مشكلة، فأني أحب خطيبي حبًّا لا يعلمه إلا الله وهو كذلك والحمد لله، وندعو دائمًا أن يستمر هذا الحب ويكبر، ولكن مشكلتي هي أن خطيبي له 3 أخوات؛ اثنتان غير متزوجتين والثالثة سوف تتزوج قريبًا إن شاء الله تعالى، والحمد لله أحب أخواته كثيرًا ويعلم الله أني أعتبرهن أخوات لي وهن كذلك، ولكن منذ فترة أصبحت ألاحظ على نفسي أنني أصبحت أغار من أخته الأخيرة، فكلما اتصلت بخطيبي وجدت خطيبها عندها.
يعلم الله أني لا أحسدها، ولكن بداخلي أحب أن أجد خطيبي بهذا القدر، ومع علمي بأنه مشغول أحيانًا وأحيانًا أخرى وهي المشكلة الثانية يكون مرتبطًا بأمور البيت، فهو الأخ الأكبر ووالده متزوج من أخرى بعد وفاة والدته، فمثلاً في عيد الفطر قضى اليوم الأول في زيارة الأقارب مع أخواته بدل من أن يأتي إليّ، وقدرت ذلك وجاء في اليوم الثاني مع أخواته وفي اليوم الثالث وهو آخر يوم خرجنا معًا، وكنت أتوقع أن يكون أول من يهنئني بالعيد، خصوصًا أنه العيد الأول لنا، وتوقعت أن تقضي أخواته زياراتهن مع أخ آخر غير خطيبي.
أحيانًا كثيرة أودّ فيها الخروج معه، ولكن لا أحب أن أثقل عليه، خصوصًا أنني أعلم أنه يتعب في عمله كثيرًا، وبالمقابل أنظر إلى أخته التي أدعو لها بالسعادة من كل قلبي، وأتمنى أن أخرج أو حتى أراه كما ترى هي خطيبها.
أشعر بالتعاسة هذه الفترة، وأدعو الله أن يزيل همي ويزيل همَّ جميع المسلمين. ينتابني الخوف أحيانًا من أن تكون أخواته وبالأخص الأولى والثانية؛ لأنهن أكبر منه سنًّا مسيطرات عليه، ولكن لا ألمس هذا في شخصيته كثيرًا، ولكن لمست أنهم جميعًا يتشاورون في أمور البيت قبل أن يصدر من أحدهم أي قرار.
لا أعلم لماذا أصبحت هذه الأفكار وأفكار كثيرة تراودني، أرجوكم ساعدوني لأنني فعلاً تعبت من التفكير في هذا الأمر الذي قد يبدو سخيفًا، ولكنه يشغل تفكيري وقتًا طويلاً، وكذلك ألاحظ على خطيبي أنه أحيانًا يوجِّه إليّ كلامًا لا أدري بما أصفه، ولكنه نوعًا ما جاف، وعندما أراجعه في الأمر يقول بأنني أعرف مقدار حبه لي، وأنه لا يقصد الإساءة لي، وأنا أيضًا متأكدة من هذا الشيء.
هذه الأمور المتراكمة جعلتني أختنق من تصرف يصدر منه، فقبل فترة اتصل به خطيب أخته والذي هو صديقه بالأصل ليلتقيا مع باقي أصدقائهما وكنت معه، ومنذ فترة طويلة وتقريبًا منذ عيد الفطر لم أخرج معه، فحدِّد له موعدًا في نفس اليوم اللقاء، وبغض النظر عن تفاصيل الموضوع شعرت بالاختناق، وتمنيت لو أنني أستطيع البكاء لأخفف عن الألم الذي بداخلي، وطبعًا شعر بي واعتذر لي ولم يذهب إليهم، ولكن بعد ماذا؟
ولكن وبعد اختلاطي بعائلته وجدت أنهم جميعهم يتعاملون بأسلوب جاف نوعًا ما حتى أنني طلبت منه في بداية خطبتنا أن يحسن من طريقة كلامه مع أخواته، ولكنه قال لي إنهم جميعًا في البيت اعتادوا على هذا الأسلوب، وأرجو ألا تفهموا من كلامي أنه أسلوب سيء، لا.. ولكن مثلاً يسأل أين كنت؟ ولم تأخرتِ؟
ومع العلم أن أكثر شيء أحبه به هو حنانه وعطفه، وخصوصًا على أخواته والحمد لله، وأحاول ويعلم الله ألا أضغط عليه حتى لا يكسر خاطرهن؛ لأنهن يتيمات الأم وغير متزوجات، ولكن هذا كله أتعبني نفسيًّا، ولكنني من ناحية أخرى مرتاحة لأنني لم ولن أقصر إن شاء الله في أخواته. أرجوكم ساعدوني في حل هذه المشكلة.
وأما المشكلة الأخرى التي أعاني فعلاً منها هي أنني عندما أغضب
من أحد لا أستطيع فعليًّا الحديث معه، ولكني أكون فعلاً غاضبة إلى درجة لا أطيق فيها الكلام مع هذا الشخص، أكره هذا الطبع بي وحاولت أن أغيره، ولكني لم أستطع.
والذي آلمني كثيرًا هو آخر موقف تعرضت له، وكان مع والدتي الغالية، حيث قالت أمام امرأة بأنني لا أساعد في أمور المنزل بالشكل الكافي يوم إجازتي، ويعلم الله أنني أساعد، وهذا السلوك الغريب أصبحت ألاحظه على أمي منذ فترة، وهو أنها تحاول أن تظهر للناس أنها دائما في كد وعمل في المنزل، ونحن لا.
مع العلم أنها لا تعمل فعليا بالقدر الكافي، وهذا ليس جديدًا بل منذ زمن، حيث إنها تتكل علينا بشكل كبير بدل من أن نتكل عليها نحن، حتى أنه أحيانا تعود أختي التي تصغرني من المدرسة وتجد المنزل لا يزال غير مرتب، فبدلا من أن ترتاح بعد عناء يوم دراسي تبدأ في العمل بالبيت، ومع هذا كله تحاول أمي تكرارًا ومرارًا أن تقول غير هذا، وأتمنى أن تفيدوني في هذا الموضوع لأنه يحيرني كثيراً.
وسأعود إلى الموضوع السابق.. وآسفة لتشعب المواضيع، فبعد أن قالت أمي هذا غضبت غضبا شديدا، ولكني لم أود أن أغضبها وأجادلها أمام هذه المرأة، ولكن غضبي دفعني ألا أتكلم معها أو أن تكون إجاباتي مختصرة أو بالإيماء، ويعلم الله أنني في هذه الأثناء كنت ألوم نفسي وأعاقبها، ولكنني لم أستطع أن أتحدث معها وبعد أن انتهى الموضوع قالت لي كلمة آلمتني كثيرا قالت: عندما تصبحين أمًّا سوف تشعرين بالجرح الذي بداخلي من تصرفك.
أعتذر كثيرا للتشعب والإطالة، وأرجوكم أفيدوني، وجزاكم الله كل الخير،
وأنتظر ردكم على أحر من الجمر وسامحوني أرجوكم.
31/5/2024
رد المستشار
أختنا الكريمة، أحيانا أجد صعوبة في فهم شخصية صاحب المشكلة، وأحيانا أخرى تكون شخصيته واضحة تمام الوضوح كما في رسالتك تلك.. فعندما قرأت رسالتك شعرت أنني أراك بعيني وأسمعك بأذني وأحس بدقات قلبك وأنت تكتبين الرسالة.
أنت حساسة ورقيقة جدًّا تطمحين في المثالية، ولكنك تعجزين أن تصلي إليها تطلبين الحنان الرفق، وتخافين أن تبالغي في الطلب حتى لا يجور ذلك على حقوق الآخرين.
وأقول لك يا أختي: إن غيرتك الحميدة من أخوات زوجك أمر طبيعي، وهي صفة لدى الكثير من النساء لا ألومك عليها، ولكن فقط ضعي أمام عينيك الضوابط والنصائح التالية:
1- اعلمي أن هذه الغيرة مثل النبتة الصغيرة التي إذا رويتها بالظنون السيئة وتراكم الأفكار الخبيثة فإنها تكبر وتترعرع، أما إذا تجاهلتها واستعذت بالله منها وقاومتها فإنها تذبل وتموت.
2- واعلمي أيضا أن بذور الغيرة بداخلك ربما يوجد مثلها في قلوب أخوات زوجك، فأنت من أخذته منهن وشاركتهن فيه؛ لذلك فإن هذه البذور إذا كبرت واستفحلت فإن قذائف الغيرة لن تكون من طرف واحد، وإنما ستكون متبادلة، وإنها الحرب عندئذ.
3- من الواضح أن خطيبك شخص عملي، وأنه لا يدرك أسرار قلوب النساء؛ لذلك فمن الوارد جدًّا أن يختل توازنه فيميل هنا أو يميل هناك ليس؛ لأن أخواته مسيطرات عليه كما تقولين عندما يميل تجاههن، ولا لأنك مسيطرة عليه كما ستقول أخواته إذا مال تجاهك، ولكن لسبب آخر وهو نقص خبرته في تقدير الأمور وفي تحديد موعد أذان كل وقت.
وعندئذ ستكون هذه المواقف هي الاختبار الحقيقي لك أنت فسوف يكون التوازن مطلوبًا منك أيضا بين أن تطالبي بحقوق نفسك التي تحتاجين إليها منه ولا تثريب عليك في هذا فأنت بشر وبين عدم الجور على حقوق أخواته وأهل رحمه. وعندئذ يجب أن تتقي الله في نفسك فلا تحرميها ما لا تستطيع العيش إلا به، وتتقي الله في زوجك فلا توقعيه في جحيم التجاذب بينك وبين أهله، وتتقي الله في أهله فتعينيه على حسن الصلة بهم، وتكوني أنت فعليا وعمليا أختا رابعة لأخواته.
4- أما بالنسبة للأسلوب الجاف لأهل خطيبك فهذه طباع، والأمر نسبي ولا يقدح فيهم، ولقد جاء في الأثر: "من أراد أخًا بلا عيب فليكن بلا أخ"؛ أي أنه لا يوجد أحد في الكون مطابق لك 100%، ولا شك أنك أنت أيضا بك عيوب بالنسبة لهن ربما لا ترينها أنت، فغضي البصر عن عيوب أو طباع الآخرين التي لا تعجبك، لعل الله يغض أبصارهم عن عيوبك التي لا تعجبهم.
5- وأخيرًا احمدي الله على نعمته عليك بأن منَّ عليك بالشخص الذي أحببته وأحبك، واحرصي يا أختي على شكر الله على نعمته، والشكر إنما يكون بالمحافظة على هذه النعمة وعدم السماح للشيطان بأن ينغص عليك سعادتك بها.
أما بالنسبة للمشكلة الثانية، وهي مشكلتك مع والدتك فإني أولا أدعوك لقراءة المشكلات السابقة على الصفحة عن علاج الغضب، وهي: واحفظي عني هذا الدعاء عن رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله المرء عند الغضب: "اللهم اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من الشيطان".
في الحقيقة يا أختي لا أخفي عليك مدى انزعاجي من أسلوبك في الحديث عن والدتك، وأنها (تحاول أن تظهر أمام الناس أنها دائما في كد وعمل في المنزل، ونحن لا)!
أقول لك راجعي نفسك في هذه الكلمات فإنني أشم رائحة الظلم لوالدتك فيها؛ ولعل الجملة التي ردَّت عليك بها كانت أبسط ما يمكن أن يقال في هذا الموقف، فاستغفري الله وأصلحي.
وفي النهاية يا ابنتي أدعو الله تعالى أن يوفقك في حياتك المقبلة بإذن الله.