أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عامًا، عندما كنت في السادسة من العمر تعرضت للتحرش الجنسي على يد خالي (شقيق والدتي) عدة مرات.
توقف تحرشه بي ثم عاود ذلك عندما بدأت مرحلة البلوغ، وكانت لمرة واحدة حيث حاول ملامستي في منطقة الصدر، ولكنني قمت بمنعه وخرجت من المكان مسرعة حيث إنني كنت أقضي ذلك اليوم في منزل جدتي.
لم أخبر أي أحد عن هذا الموضوع سوى صديقة لي، وبرغم ذلك لم أطلعها على كل التفاصيل، إلا أنني كنت أشعر بالضيق الشديد، وأردت أن يشاركني أحد ويواسيني.
أنا الآن أحتقر هذا الشخص جدا؛ لأنه يعاملني كما أنه لم يحصل شيء أبدا، حتى إنني بدأت أشك في نفسي إن كان قد حصل هذا الشيء فعلا أم لا؟ مع أني كنت متأكدة جدا مما كان يفعله بي.
المشكلة أنني أعاني جدا من هذا الموضوع نفسيا وجسديا، حتى أنني قررت -ولا أدري من أين جاءتني هذه الأفكار الغريبة- أن أتخطى هذا الحاجز النفسي الذي يؤلمني، وحاولت التقرب جنسيا من صديقي.
وبدأ الأمر بالتلامس والقبلات وما إلى ذلك؛ لأنني كنت أخاف حتى من ظل الرجل أو أي شيء يتعلق به، ويبدو أنني في عقلي الباطن أريد التخلص من شعوري بالذنب للأمر الذي فعله بيخالي.
وسلكت هذا الطريق الخاطئ حتى أقنع نفسي بذلك، مع العلم أنني كنت قد أخبرت صديقي عن تعرضي للتحرش من قبل هذا الشخص، ويبدو أنه استغل الوضع أيضا.
بعدأن تخرجت من الجامعة تعرفت على أحد الأشخاص في مكان العمل، وكنا نقضي وقتا طويلا في المحادثة على شبكة العمل، وبعد شهرين أخبرني أنه معجب بي ويريدني أن أرتبط به حيث إنه سيغادر البلد ليذهب للعمل في دول الخليج.
كنا نتقابل بعد انتهاء العمل ونخرج مع أصحابه، وكنا نتلامس طول الوقت حيث إننا لا نرى بعضنا كثيرا داخل العمل، لكنني أشعر أنني أخطأت كثيرا لأنني سمحت لنفسي أن أظهر بهذا الأسلوب أمامه، وأسمح له بملامستي حتى إننا كنا نتحدث كثيرا على الهاتف ونتكلم عن الأمور التي تحصل بين الشاب والفتاة، وإن كنت سأسمح له بتقبيلي أو التواجد معي لوحدنا قبل أن يسافر؛ لأنه سيتركني لمدة عام على الأقل قبل أن يخطبني، ولن يستطيع العودة للبلاد إلا في الإجازة الصيفية.
مع كل ذلك، لم أكن أجبه بالنفي عن هذه الأسئلة فأنا أحبه جدا جدا، وفي يوم من الأيام قال لي إنه يجب أن ننفصل لأنه يشعر بالتعب الشديد من كل حياته، وأنا أعلم تماما أنه يعاني من مشاكل في العمل وفي بيته، حيث إنه ينام أحيانا خارج المنزل بسبب خلافاته مع والده.
لكني أشعر أنه كان يخضعني لاختبار أخلاقي وفشلت فيه، ومنذ ذلك الوقت أشعر أنه يكرهني ويرفض التحدث إلي حتى إذا صادفني بالعمل يمر من جانبي كأنني حشرة.
أرجو المساعدة.. أخبروني ماذا أفعل؟ هل يراني الشباب كفتاة سيئة؟
أنا أريد الخروج من شعوري بالذنب على أمر أوقعني فيه خالي.
في انتظار ردكم.. وشكرا جزيلا .
7/6/2024
رد المستشار
الأخت الفاضلة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد تعرضت للتحرش من خالك في صغرك ثم في مراهقتك وانتابتك شكوك ووساوس حول ما إذا كان شيئا قد حدث أم لا، وبدلا من أن تتركي لنفسك الفرصة للتعافي من هذه الأحداث المؤلمة، وبدلا من أن يصحو ضميرك أكثر وأكثر قررت -كما ذكرت- أن تتجاوزي الحاجز النفسي تجاه هذه الأمور فاقتربت جنسيًّا من صديق لك في الجامعة بالملامسة والقبلات وما إلى ذلك...!! بهدف التخلص من شعورك بالذنب لما حدث مع خالك (لست أدرى كيف؟!).
والشعور بالذنب يتأتى حين نقوم نحن بالفعل الخاطئ أو نساهم فيه أو نتساهل فيه ونشجعه، فهل فعلا كان لك دور من هذه الأدوار فيما حدث من خالك تجاهك؟ وإذا كانت الإجابة بلا فلم إذن الشعور بالذنب؟ الأولى أن تشعري بالغضب تجاه خالك الذي انتهك طفولتك ومراهقتك، وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل المنطقي أن نخفف شعورنا بالذنب بمزيد من الانغماس فيه، وكأننا نحاول قتل ضميرنا أو ما تبقى منه كي لا نشعر بالذنب مرة أخرى؟ أعتقد أن هذا ما حدث، وهو أنك قررت قتل ضميرك بمزيد من الاقتراب والملامسة والتورط في ذلك حتى لا تقوم للضمير قائمة بعد ذلك.
وحين سلمت لصديقك الثاني وزميلك في العمل وأعطيته الضوء الأخضر ثم رأيت انصرافه عنك بدأت تشعرين أنه ربما أراد اختبارك وقد فشلت في الاختبار، وربما يكون هذا صحيحا، ولكن المهم هو أن الاختبارات كانت دائما في اتجاه مزيد من التورط ومزيد من السقوط ومزيد من إضعاف الضمير. لست أدري إن كان ما يؤلمك الآن هو ضميرك أم جرح كرامتك؟
أيا ما كان فهي فرصة جيدة للمراجعة وحسن اختيار وسائل الخروج من الأزمة، وهناك قاعدة قرآنية عظيمة، وهي في نفس الوقت قاعدة نفسية فعّالة ومؤثرة وإيجابية، وهي "إن الحسنات يذهبن السيئات" فاختاري من الآن أن تصححي ما حدث من أخطاء بمزيد من الحسنات، والحسنات هنا تعني كل شيء نافع ومفيد في الدنيا والآخرة يكون متوجها نحو رضا الله سبحانه وتعالى، ففي التوبة والعبادات والأعمال الصالحة مخارج صحية كثيرة لكل من أخطأ ويريد أن يصحح مساره، ولكل من تورط ويريد الخروج، ولكل من تلوث ويريد التطهر.
وإذا نجحت في السير على هذا الطريق مع إغلاق ملف الأخطاء السابقة المتراكمة فسوف تشعرين شيئا فشيئا بالتخفف من أعباء الماضي ونفتح أمامك طرقا واسعة ونظيفة للحياة وللنجاح في العمل والعلاقات الاجتماعية، وسوف تستردين احترامك لذاتك، ذلك الاحترام الذي اهتز مع محاولات التحرش ثم سقط مع تجارب قتل الضمير، وسقط أكثر فأكثر مع هجر صديقك لك بعد اختباره لمدى صمودك الأخلاقي.
اسمحي لضميرك بالتعافي مرة أخرى حتى ولو آلمك لبعض الوقت، فألم الضمير رادع لنا عن التمادي في الأخطاء، وهو نعمة من الله لولاها لاستعذبنا الذنوب والخطايا ولغرقنا فيها دون أن ننتبه.
واقرئي على مجانين:
التحرش الجنسي.. أذى لا يزول أثره!
السيناريو المتكرر: ضحية التحرش تتألم وتلوم نفسها!
ويتبع>>>>>>: هي والرجال.. هروبًا من الحر إلى النار م