أنا سيدة متزوجة من زوج طيب جدًا منذ سنتين، أحبه ويحبني، وكانت علاقتنا مبنية أصلاً على الحب، وقد رزقنا الله تعالى بطفل زاد الحب بيننا، ولكن مشكلتي بعد إنجابي لطفلي أصبحت عصبية جدًا ودائمة الغضب، وسرعان ما أثور حتى على زوجي، وأصبحت حياتنا لا تُطاق، ولكنه متسامح معي ويساعدني دائمًا.
والمشكلة فيه أيضًا أنه إذا أخطأ أحد من أهله بحقي لا يعترف بخطئهم ويقول لي: إنني أنا المخطئة، هو بنفس الوقت هادئ جدًا ولا يظهر عليه علامات الغضب بسرعة، ولكن ما بدأت أشعر به الآن والآخرون من حولي أن زوجي أصبح نحيفًا جدًا بعد أن كان ممتلئًا وجميلاً، وهذا ما يضايقني أيضًا، أعتذر له عندما أغضب وبعدها أعيد غضبي.
هذا، مع العلم أنني ملتزمة بالحجاب والصلاة، ودائمة الدعاء إلى الله أن يهديني.
ساعدوني حيث إنني أريد حياة هادئة، ماذا أفعل؟
7/6/2024
رد المستشار
أبدأ بما أنهيت أنت به سؤالك، وهو قولك بعد وصفك لأحوالك التي تزعجك ومن حولك: "مع أنني ملتزمة بالحجاب والصلاة... إلخ"، وأقول لك إن الملتزم هو إنسان مثل كل البشر يصيب ويخطئ، يغضب ويفرح، وإن كان يفزع إلى الوضوء والصلاة ليخفف من همومه، والضغوط التي يشعر بها. فالغضب نار، ولا يطفئ النار إلا الماء كما في الحديث الشريف، وكان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يقول لمؤذنه "بلال" عندما يأتي وقت الصلاة: "أرحنا بها يا بلال".
دواعي غضبك وثورتك أو عصبيتك يمكن أن تكون لأسباب متعددة منها الأسباب البيولوجية أوالجسمية، وقد لاحظنا ربطك بين العصبية وسرعة الغضب كونها تالية لإنجاب ولدك، فيلزم مراجعة أخصائي الأمراض الباطنة لفحص الأسباب العضوية للغضب السريع، وعلاقة بعض هذه الأسباب بالحمل والولادة، والتغيرات الهرمونية التي تحدث فيها. وقد تكون الأسباب شخصية بمعنى أن شخصيتك أصلاً حادة الطباع، وفي هذه الحالة فإن مسؤولية البيت تفاقم من هذا الطابع أكثر بما يصعب معه التحكم في الغضب، وقد تكون الأسباب نفسية متعلقة بمناخ العلاقة مع زوجك، ولا يكفي أن تقولي أحب زوجي ويحبني لأن الزواج ليس حبًا متبادلاً فقط، وأنت فقط تعلمين ما إذا كانت هناك مشكلات في هذا الجانب أو ذاك من علاقتكما؛ مما يخلق لك توترًا يرفع درجة حرارة غضبك بشكل متكرر.
ولا ندري هل تعتبرين هدوء زوجك، وطول باله ميزة أم عيبًا؟!!
ولا نتوقع أنه حين ينحاز لأهله – كما تقولين –فإنه يظلمك أو يؤلمك، إنما يفعل ذلك إظهارًا للود لهم، وربما كنوع من التعويض لغضبك هذا معهم، فمن المتوقع أنك لست زوجة الابن المثالية من هذه الناحية، ولعلك تتسرعين في الحكم على تصرف معين بأنه خطأ، وحجمه كذا بسبب حدة الطبع التي تضاعف من حجم المشكلات.
وربما في مواجهة هذا الهدوء والتحمل والحكمة وعدم الثورة قد ترين أن زوجك ليس بقوة الشخصية المطلوبة، رغم أن الشديد ليس بالصرعة، ولكن من يملك نفسه عند الغضب.
والحلم والإناة صفات يحبها الله في عباده كما في الحديث، وجميل أن يتحملك زوجك، ويبدو أن هذا التحمل والصبر الصامت الجميل قد أثر على صحته، وأدى إلى نحوله، فحين يكون صدره من الداخل مرجل يغلي، ولا ينفعل أو ينفجر للخارج ولا يواجهك بالنقد أو اللوم ينحر هذا في جسده.
وننصحك – بعد معرفة أسباب العصبية والغضب – بالعلاج وبالتدرب على كظم الغيظ، وضبط المشاعر وردود الأفعال، واستشعار الاحترام لزوجك الصبور الذي يتحمل، والاحترام يقي من أخطاء كثيرة، والوقاية خير من الوقوع في الخطأ ثم الاعتذار.
واتق شر الحليم إذا غضب؛ فإنه يكون كالإعصار يجتاح كل ما يواجهه، وقد ينكسر ما بينكما في لحظة بسبب تراكم الغضب مع عدم التعبير عنه أولاً بأول.
ومن علامات إظهار الحب والود والعرفان بالجميل: الإحسان إلى أهله مهما فعلوا، وهديتهم التي في بيتك تكفيهم، وتكفي باعتبارها جميلاً يستحق العرفان المستمر به.
لا تكثري من الجدال، فإذا تورطت في نقاش حاد مع زوجك توقفي أنت عن تصعيده بالخروج من المكان، أو الذهاب إلى الحمام، وغسل الوجه بالماء، وحبذا لو توضأت.
واجعلي العلاقة بينكما قائمة على الود والمصارحة أولاً بأول واختاري لذلك أفضل الأوقات، وأهدأ النبرات، وأحسن الألفاظ.. وأعلمينا بالتطورات.