السلام عليكم أسرة موقع مجانين.. منذ فترة طويلة للغاية وأنا أفكر في إرسال مشكلتي، وفي كل مرة أتردد وأقول لعلي أستطيع حلها بنفسي، لكن الأمور وصلت معي إلى حد متعب جدًّا، ولم أعد أستطيع علاجها وحدي وأطلب منكم المشورة.
أتذكر مشكلتي هذه منذ الصغر فهي شيء أزلي معي وليس جديدًا أو طارئًا.. المشكلة أنني أحب نفسي وأعتز بها بشدة.. لست طبعًا راضية كل الرضى عن حياتي، لكني أحب تفوقي، مثلاً وأفخر به -مع علمي أنه نعمة من الله سبحانه وتعالى يمنحها لمن يشاء- وكنت أسعى دائمًا للمحافظة على هذا التفوق..
عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي تقريبًا، كنت أكثر التلاميذ تفوقًا، وكان عندي اعتقاد معين أن من يأخذ مثلاً قلمي ليكتب به فسوف يفقدني جزءًا من تفوقي ويحتفظ هو به، وعلى هذا المنوال قيسوا العديد من الأمور.. لو لمس أحدهم كراساتي، أو مثلاً كنت أحل مسألة هامة واتصلت إحدى صديقاتي وعدت بعدها لإكمال المسألة فلم أستطع فأتهم صديقتي -في نفسي- أنها السبب وأنها سرقت ذكائي.
واستمر معي هذا الموضوع حتى الآن بعد أن أتممت العشرين من عمري -تقريبًا- وشارفت على انتهاء جامعتي، وامتد الموضوع ليشمل الكثير من الأشياء غير التفوق.. ربما الجمال، خفة الظل مثلاً، أناقة ملابسي، وزنى المثالي.. كلها أشياء أحسها تتأثر بالمحيطين بي، فلو مثلاً بقيت طوال الأسبوع بشكل جميل وأنيق ونشيط وتفوق، ثم زارتنا مثلاً إحدى القريبات وبدأ الأسبوع التالي معاكسًا تمامًا للأول فإني أشعر أن زيارتها لنا هي السبب، وأنها لو عاودت زيارتها مرة أخرى فسوف أسترد صفاتي التي سرقتها.
وصدقوني لقد حاولت كثيرًا جدًّا حل هذه المشكلة مع نفسي فكنت أجلس بالساعات أتحدث مع نفسي وأقنعها أن كل هذا هراء، فليس من العدل مثلاً أن أجلس أذاكر بالساعات، ثم تتصل إحدى الصديقات فتأخذ مجهودي فجأة إن الله سبحانه وتعالى لم يكن ليخلق العالم هكذا..، وأقتنع ثم يأتي مثلاً امتحان هام تبدأ المشكلة من جديد، وكأنها لم تكن، ومهما تتحدث إليَّ نفسي لا أقتنع، وقد أقضي اليوم بأكمله أتحدث إلى الصديقات لأسترد تفوقي أو خفة ظلي، وهكذا.. وأحيانًا أخرى أتصور أن الأمر يمتد ويشمل أسرتي أيضًا، فإذا اتصلت مثلاً صديقة أمي بها وعندما تنتهي أمي من الكلام معها تصبح عصبية، ومعروف عن صديقتها العصبية أشعر أنها أعطت لأمي عصبيتها.
في الفترة الأخيرة كانت حياتي تسير بصورة رائعة، فعلاماتي بالجامعة مرتفعة، واستيعابي في المحاضرات جيد، وعلاقاتي بصديقاتي هادئة ومستقرة.. كل شيء ممتاز، وفجأة زارتنا إحدى القريبات وباتت معي يومًا، في الصباح أحسست أني مختلفة نوعًا ما. وبعد أن رحلت أصبحت أشعر أن كل شيء اختلف، وأن نفسيتي نفسها اختلفت وأن كل شيء عاد كما لو لم أمر بالفترة المتميزة السابقة، وأنا الآن أفعل أي شيء حتى تأتي وتبيت عندنا يومًا آخر؛ لاعتقادي أن هذا كفيل بإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي.
صدقوني داخليًّا والله أشعر أن كل هذا هراء، ولكني وبنفس القوة أشعر أن الأمر حقيقي وأني اختلفت جدًّا -ربما تأثير نفسي ليس أكثر-، وقد تبدو مشكلة تسهل السيطرة عليها، ولكنها العذاب بعينه.. عندما تسيطر عليّ فقد أقضي أيامًا كاملة أذهب إلى أماكن عديدة حتى أسترد ما فُقد مني، وقد أعجز أيضًا فأقضي اليوم بطوله في بكاء مرير.. أعرف أن حياتي -في المستقبل- لو استمرت بنفس المنوال فسوف أصاب بالجنون، تخيلوا عندما أشعر أن حب زوجي مثلاً أو حب أطفالي لي يزيد وينقص تبعًا لزيارات الصديقات؟! والأمر أيضًا معكوس فإذا زرت إحدى الصديقات ورحلت أشعر أني تركت أو أخذت شيئًا منها..
في غير أيام الامتحانات أحيانًا أسيطر على الموضوع بسهولة، فأقول سأثبت لنفسي أن الموضوع هراء وسأفعل ما أفعله كل يوم، ولن ألتفت إلى الموضوع إطلاقًا وأنجح في معظم الأحيان.. أما في أيام الامتحانات بالذات فأتعب جدًّا جدًّا، ولا أستطيع إخراج الفكرة من رأسي مهما فعلت، وقد تحدث بعض الأمور قدرًا توحي إليّ أني مثلاً أخذت من صفات فلانة وهي أخذت من صفاتي، فأجدني أتحدث مثلاً بطريقة تشبه كلامها لم أكن أفعلها من قبل -كمجرد مثال-، فيترسخ اعتقادي بالفكرة أكثر وأكثر.
ففي رأيكم ماذا أفعل الآن؟؟ لقد حاولت قدر المستطاع عدم الاختصار أو الإطالة،
وأرجو أن تكون المشكلة قد وصلتكم كاملة.
12/6/2024
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "أسماء" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
أشكرك كثيرا كذلك على نص إفادتك المختلف نوعا عن المعتاد ظهوره من إفادات الموسوسين على الصفحة، فالحالة تمثل عرضا من عروض الوسواس القهري لكنه لا يتعلق مباشرة بالتلوث، ولا بالشكِّ، ولا عدم الاكتمال، ولا الذنب، وإنما بقناعة وسواسية خرافية مؤداها أن صفاتٍ طيبة منك تنتقل خلال التعامل أو عبر أشياء إلى آخرين، أو أن صفات مكروهة تنتقل من الآخرين إليك (فكرة وسواسية خرافية)، ثم أن بإمكانك استعادتها أو إبطال مفعولها بشروط معينة (أفعال قهرية خرافية).
يذكرنا هذا بما يصاحب عديدين من مرضى وسواس اللا اكتمال التكرار القهري "و.ل.ت.ق" من القناعات الوسواسية الخرافية المتعلقة بالعد القهري لكن إفادتك تخلو من الإشارة إلى أي أعراض تتعلق بالتكرار بعيدا عن خرافة الانتقال السحري للصفات البشرية وهي محور مشكلاتك، فإن صح عدم وجود أي أعراض أخرى بعد التقييم السريري للحالة فإننا نتكلم عن عرْض وسواس الخرافة التحييد (الإبطال) القهري فهل هو عرض خامس من عروض الوسواس القهري السريرية؟
بعيدا عن كل هذا التوصيف والتنظير، ما يعنيك أنت هو الطريق إلى الخلاص من هذه المعاناة وهو العلاج والحمد لله أنه موجود وناجع في أغلب الحالات، ويتم من خلال مزيج من العمل السلوكي التعرض ومنع الاستجابة والعمل المعرفي، وربما تتم الاستفادة ببعض عقاقير علاج الوسواس.... لكن ذلك يتم بعد استكمال التشخيص مع طبيبك النفساني المعالج.
واقرئي أيضًا:
الخرافة والوسواس القهري ما العلاقة! (1-2)
وسواس العد اللمس التكرار!
وسواس العد القهري والكفر السحري!
وسواس العد في كل شيء!
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.