إنها مشكلة صديق، ولكن في البداية لا أملك إلا أن أتوجه بجزيل العرفان للقائمين على هذا الموقع الرائع، على جهودهم المخلصة للأخذ بيد الحيارى لحل مشاكلهم النفسية والاجتماعية والجنسية، وكذلك على الأبواب المفيدة الأخرى التي تعين المسلم في شئون دينه ودنياه.. لئلا أطيل عليكم، أقول –وبالله التوفيق–:
لي صديق 20 عاما قدم إلى المدينة التي أقيم فيها من مدينة أخرى هي مسقط رأسه ومحل إقامة أسرته وذلك للالتحاق بالجامعة.
هنا يقيم صديقي منذ 8 أشهر مع أختٍ له من أبيه (أرملة) في حوالي الثامنة والثلاثين من العمر، لديها ولدان (19، 14سنة) وبنت بالتبني (سنتان) ولها كذلك خادمة آسيوية.
في البداية، كان صديقي كثيرا ما يعبّر لي عن حب أخته له، وكيف أنّها شملته بعطفها وحنانها وكيف أنّه –بدوره- يحبها ويقدّر لها عنايتها به.
في الآونة الأخيرة، بدأ يردد على مسامعي كلاما أقلقني كثيرا، في كل مرة يحدثني فيها على الهاتف وفي لقاءاتنا يقول لي: لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدون أختي، إنّها كل شيء في حياتي، هي نبضات قلبي، لا أطيق أن تفارقني أو أفارقها ولو للحظة.
إلى هنا ربما يعتبر كلامه عاديا بالنسبة لي على الأقل كشخص غير ملم بعلم النفس، لكن الأمر الذي يقلقني هو أنّه يقول بكل جدية ويردد علي بصفة مستمرة إنّه لن يسمح لكائن من كان أن يطلب أخته للزواج، مع العلم بأنّ والدهما حي يرزق ولا زال يعمل وله إخوة أكبر منه من الأب أيضا.. فهي –كما يقول– له وحده و لن يأخذها منه أيّ شخص وإنه سيذبح من يتزوجها عند عتبة الباب.
يقول: كيف لي أن أتحمل أن يأخذها شخص آخر، ويدخل معها إلى غرفة النوم، سألته مرات عديدة إن كان جادا فيما يقول، وكانت إجابته واحدة: أقسم بالله الذي لا إله إلا هو سأذبح من يتزوجها.. أقول له: يا أخي أنت بعد فترة قليلة ستكمل دراستك وتتشتت خطاك في دروب العمل والزواج والأولاد وتبتلعك المشاغل، وهذه هي سنة الحياة.. لماذا أنت أناني لهذا الحد؟ لماذا –إذا كنت تحبها فعلا– لا تتركها تعيش حياتها كما تريد؟ وإذا كانت لديها الرغبة في الزواج، لماذا تقف حائلا دون ما اختارت لنفسها؟
عندما شعرت بأنّ كلامي معه يذهب أدراج الرياح، قلت له إنني سأبحث له عن علاج نفسي سواء في عيادة طبيب أو المواقع الاستشارية على الإنترنت، وحتى هنا قال لي إنّ أحدا لن يستطيع علاجه أو أن يغير رأيه.
هل صديقي مريض؟؟؟؟؟
آسف على الإطالة، لأنني حقا أصبحت أخشى أن يرتكب حماقة أو أن يحدث له مكروه لا سمح الله.
17/6/2024
رد المستشار
أهلا ومرحبا بك وبصديقك على موقعنا "مجانين.كوم"، وأحمد الله سبحانه وتعالى على أن الشباب يتابعون ويستفيدون من صفحتنا وردودنا على المشاكل.
العلاقات الأسرية أصبحت مشكلة في بلادنا؛ فنحن نسمع كثيرا عن صلة الرحم وأهمية الود والأخوة ونقرأ ونشاهد عن حقوق الوالدين والأقارب والجيران، ولكننا لا نجد من يرشدنا إلى أن العلاقات الأسرية يمكن أن تتحول إلى علاقات غير طبيعية، وأنه علينا أن نلتفت إلى هذا قبل فوات الأوان.
ما يقوله صديقك قد يكون له أكثر من معنى أو قد يشير إلى أكثر من تشخيص للمشكلة، ولكني أتصور أن هناك خللا واضطرابا في هذه العلاقة في كل الأحوال أو هناك جانب مضيء لدى صديقك، لذا سأطرح عليك عدة تصورات لما يحدث..
إذا نظرنا حولنا نجد أن بعض الناس الذين اتسمت حياتهم بالحرمان العاطفي لفترات طويلة يتعلقون بدرجة زائدة عن الحد بشخص ما ممن حولهم، إذا ما وجدوا فيه قدرا من الحنان والاهتمام، وأحيانا يكون بشخص من نفس الجنس أو من الجنس الآخر، قد يكون ذلك الشخص صديقا أو زميلا.
وغالبا ما يشكو الطرف الآخر من هذا التعلق المرضي، وينزعج منه ويحاول التخلص من ذلك العبء العاطفي، وبالتالي فإن تعلق صديقك بأخته -من أبيه- قد يكون نوعا من أنواع هذا التعلق المرضي والذي لا نتوقع أن يصل إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكن ما يحدد هذا الموقف هو علاقة أخته به فهل تبادله هي أيضا ذلك التعلق أم تنزعج منه؟
وقد يكون للمشكلة تشخيص آخر؛ فهذا الحب ليس هو الحب الطبيعي بين الأخ وأخته، بل هناك مشاعر أخرى شاذة وقد يكون هذا هو بداية طريق الانحراف وارتكاب الذنوب، نسأل الله تعالى أن يحفظنا منها جميعا، اطلب منه أن يستمع إلى شرائط ودروس عن حرمة هذه العلاقات، وإذا استطاع أن يسكن بمكان آخر كأن يكون له سكن جامعي، سيكون هذا بداية لحل هذه المشكلة.
من جانب ثالث قد يكون ما بداخل صديقك من أفكار هو وساوس لا يمكن أن يبعدها عن ذهنه أو أفكار تنم عن اضطراب في التفكير، بمعنى أن هذا الشخص مريض ولديه أفكار مرضية وهو في حاجة إلى علاج طبي متخصص.
في كل الأحوال دورك هو أن ترشد صديقك وتدله على أنه لا مانع من استشارة معالج نفساني، وأن الحل قد يكون أبسط مما يتصور، ويمكن أن تخبره عن موقعنا وكيف أن الاستشارة عبر استشارات مجانين يمكن أن تساعده وتأخذ بيده دون ضغط منا عليه، ودون ضرر ودون خوف من فقدان ذلك الحب، وجرب أن تتحدث معه كيف أن مشاعره هذه ليست مشاعر ناضجة، بل تشبه مشاعر المراهقين، فالمراهق يعتقد تماما أن مشاعره هي حب صادق وحقيقي وهي الحب الوحيد في الحياة، وأن فقدان تلك المشاعر سيدمره.. وتمر السنون وتتغير نظرة المراهق للدنيا.
وفي كل الأحوال لا تحمل نفسك فوق طاقتها فكل إنسان مسؤول عن أفعاله، ما عليك سوى المحاولة الجادة لمساعدته.
وفقنا الله وإياك إلى ما يحب ويرضى.
في أمان الله