بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة والأخوات العاملون في الاستشارات في مجانين.كوم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خير الجزاء على المجهودات التي تقومون بها.
اسمحوا لي أن أشارك في التعليق على المشكلة التي أسميتموها: الجنس للبعض أم الزواج للجميع ؟.. خبرة ملتزم وعلى الإجابة للمشكلة: "الجنس للبعض : الانصراف وهم على وهم ... مشاركة"، عندما قرأت الإجابة الأولى لـ د.أحمد عبد الله وجدت فيها عتابا أكثر ما وجدت فيها بحثا عن حل لمشكلة يعاني منها جيل بأكمله.
أخي الدكتور أحمد إني كلما نظرت لحال جيلي (الثلاثينيات) ازددت يقينا أن هذا الجيل لن يحقق أحلام جيل آبائه من تقدم ورد الاعتبار لهذه الأمة، فكيف بالله عليك بشباب يتخوف من الزواج (وعنده الإمكانيات) أو حتى الذي لديه الرغبة وهو غير قادر على أن يجد حلا لمشكلته (ويلقي باللوم على الإمكانيات)؟؟ كيف سيستطيع هؤلاء الشباب تحقيق نصر على الأعداء في الميادين الأخرى، إن فاقد الشيء لا يعطيه!!!
غير أن إجابة د.أحمد عبد الله للمشكلة: "الجنس للبعض : الانصراف وهم على وهم ... مشاركة" وعتابه على الحركة الإسلامية جعلني أدرك مدى بعد النظر للدكتور.
إن ما توصلت إليه منذ فترة (هذا رأيي وقد أكون مخطئا) أن من تحملوا مسؤولية النهوض بهذه الأمة من علماء ومثقفين وحركات إسلامية (وأنا لا أنكر فضلهم ومجهوداتهم القيمة) لم يعيروا الجانب الإنساني للمسلم والمسلمة اهتماما يليق بهما، فلا حلول عملية لمشكل الجنس وظاهرة العادة السرية ولا ظاهرة العنوسة... إلا بعض الدعوات التي هي أمانٍ لا برامج عملية أو القول هذا حرام حرام وكفى.
ويزداد الطين بلة حين أرى أن هذه الحركات قد تجاوزتها الأحداث الأخيرة (الإرهاب العراق أفغانستان)، ولا أرى لهذه الحركات وهؤلاء المثقفين دورا إلا إذا اقتربوا لمشاكل المسلم في معاناته اليومية الاجتماعية.
أيها الإخوة والأخوات الذين تعانون من مشاكل عدة لا تنتظروا المعجزات. الحل بأيديكم، فما حك جلدك مثل ظفرك، حاولوا وحاولوا أن تصنعوا مستقبلكم بأيديكم فلا يعدم المؤمن من حيلة، أعلم أن هذا صعب بعض الشيء لأننا لسنا أحرارا بمعنى الكلمة (مقيدون بتقاليد وأوهام وعادات) فلم نترب على اتخاذ قرارات وتحمل المسؤولية والتعبير برأي مخالف.
لكن ليس أمامنا إلا المحاولة تلو الأخرى أنا مثلكم أعاني ما تعانون وسرد مشكلتي لن يضيف لكم شيئا جديدا، أدرك مسؤولية مجتمعاتنا (آباء، مدارس، علماء) في ما نحن فيه، ولكني ألوم نفسي أكثر لعدم فعلي شيئا لما نحن فيه.
لي رجاءان:
أولا: لكل من عانى من شاب وشابة، علموا أولادكم الحرية فبها سيستطيعون تحمل المسؤولية وصقل شخصياتهم وبها سيقفون لحل مشاكلهم. وأن تحاولوا مرة تلو الأخرى إيجاد حل لمشاكلكم بأيديكم، هذا قدرنا!
ثانيا: أرجو من المستشارين القائمين على صفحة الإرشاد أن يكتبوا ملفا يلخص المشاكل الاجتماعية التي تتفاقم يوما بعد يوم، مثل: (العنوسة، والعزوف عن الزواج، والمشاكل الجنسية، والاعتداء الجنسي على الأطفال، وتشغيل القاصرات في البيوت)، وحبذا لو يدعم هذا الملف بأرقام واقتراح بعض البرامج، ويتم إرسال الملف قدر المستطاع إلى العلماء وحركات إسلامية وهيئات مدنية وتطلب منهم أن يتبنوا برامج على مدى عشر سنوات مثلا للحد من هذه المشاكل.
أنا إن طلبت منكم هذا فلأن عندكم مصداقية، أما إذا أرسلها أي شخص عادي فسيعامل كأنه مختل!! ولعل هذا العمل آنذاك سيبرئ ذمتكم؛ لأني على يقين أن الكثير ممن تحملوا المسؤولية لا يؤمنون بوجود هذه الظواهر، وإن وجدت فهي حالات شاذة و"الشاذ لا حكم له".
أملي أن تتضافر جهود الجميع لحصر هذه المشاكل حتى لا يعرفها أبناؤنا، وإلا فخوفي آنذاك أن نسمع بمشاكل ما كنا نتخيلها (شذوذ، عقوق..) تصبح ظواهر عادية،
اللهم لطفك بنا!!! والسلام عليكم.
25/6/2024
رد المستشار
الأخ الكريم، شاء الله أن تتأخر إجابتي على رسالتك حتى أذهب إلى بلدك ثم أعود منه، ولو كنت أعرف أنك تحب مقابلتي لأرسلت في طلبك وتقابلنا لنتباحث فيما تثيره هنا من قضايا.
انشغلت الحركات الإصلاحية بما رأته -في حينه- المنكر الأكبر، وهو بحسب توصيفها: "تعطيل شرع الله" فذهبت تجاهد لإقامته كل حسب الأسلوب الذي يعتقد فيه صحته وجدواه؛ ففريق دخل من باب السياسة والحزبية والانتخابات المحلية والبرلمانية، وآخرون اقتصروا على الدعوة -بمعناها العام- في الأوساط المهنية والطلابية، وفريق ثالث ذهب إلى صراع مع السلطات بالقوة لأنه لم يؤمن بجدوى الإصلاح أو العمل السلمي، وفي غمرة العموميات ضاعت الإنسانيات والخصوصيات، وفي معمعة السياسة ضاعت الثقافة والاجتماعيات إلى حد كبير.
ولدى الأغلبية قناعة راسخة -لا أعرف من أين أتوا بها- أن قيام دولة يحكمها الإسلاميون هو الحل التلقائي لكل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المزمنة رغم أن الواقع في النماذج التي قامت على هذا الأساس "الإسلامي" لم تكن كما تتصور هذه الأغلبية المسكينة التي طال انتظارها للمهدي المنتظر، أقصد الدولة المنتظرة – الدولة الإسلامية!!!
وعندي فإنه العمل على المستويات الاجتماعية للسياسة social politics، ومشكلات الحياة اليومية، وآلام الهموم الشخصية والعائلية هي المدخل الصحيح -وربما الوحيد حاليًا- لجذب الناس وإغرائهم بالخروج من الذاتية والأنانية والسلبية إلى الإيجابية والمبادرة وحل المشاكل، وأعتقد أن ظاهرة مثل "الزواج العرفي" المنتشرة في أوساط الشباب الجامعي بمصر هي محاولة في طريق الحل الذاتي لمسألة التأخر في الزواج، وهي محاولة قد نرى فيها جوانب كثيرة تحتاج إلى تعديل ونقاش إلا أنها تبقى مبادرة توفيقية من إبداع الشباب دون انتظار للكبار وحركتهم البطيئة واستجابتهم المتأخرة.
هكذا تحرك الشباب دون انتظار سلطة تساعده أو جهة تسمح له، أو مرجعية تفتي بالشرعية والمشروعية، فهو يتحرك بقوة فرض الأمر الواقع مما يستدعي الانتباه والتفكير والتجاوب السريع؛ لأنني أعتقد أن هذه الظاهرة ستزداد وتنتشر، كما أعتقد أنها خطوة ستتلوها خطوات نحو انفتاح أو حتى انفلات أكبر إذا لم تجد من العقلاء من يستثمر طاقة الحماس والتحرر فيها، ويسعى لتطويرها وتكميلها، وإطلاقها أكثر في اتجاه تغيير الواقع الاجتماعي كله بنضج وتدرج منتظم ومستمر.
حركة الطموح إلى ممارسة الحق الطبيعي في الزواج لقضاء الوطر بالحلال وإقامة أسرة مثل بقية خلق الله، هذه الحركة يمكن أن تكون إمكانية للانعتاق الجماعي مما نحن فيه من تخلف بمعني الكلمة، شريطة أن تدخل هذه الرغبة العارمة في عملية أوسع تشتمل على الإنضاج الشخصي، وفتح المجال العام أمام المساهمات الجادة، واستحداث مبادرات اقتصادية لتوظيف الشباب، وحركة عمرانية جديدة تنتشر بالتعمير وبناء مساكن أكثر ملاءمة وأقل تكلفة فوق الأرض الفارغة إلا من التراب الممتد والريح العقيم.
إذا تكاملت عناصر بيئة زواج مستقر، وتوافرت أطراف قادرة تحث على الجهاد من أجل الاستمرار المسؤول بإصرار على رابطة الزواج المقدسة فإنه هذا وذاك سيضع الحصان أمام العربة، وسيضع المجتمع أمام خيار واحد هو الإذعان لحركة التاريخ.
كم صرخت وأكرر:
نحن على أعتاب ثورة جنسية عارمة، إن لم نكن نعيش فصولها بالفعل، والحرية آتية لا ريب، وهي إما أن تكون انفلاتًا على الطريقة الأمريكية أو نورًا على الطريقة الإسلامية، فليكن كل في المكان الذي يحبه لنفسه، والله الموفق لا رب سواه.
أما اقتراحك بعمل ملفات عن أهم المشكلات وإرسالها إلى القيادات الفكرية، والهيئات المدنية، والحركات الإسلامية فهو اقتراح أغبطك عليه، وأعدك بالنظر فيه ومتابعته ما وسعنا الجهد في ذلك، وفي انتظار رسائلك القادمة.