في البدء.. أود أن أشيد بالجهد المقدر الذي تبذلونه في جميع أقسام موقع مجانين سائلا المولى عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتكم وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.
أنا شاب سوداني عمري 25 عاما وأعمل مهندسا في شركة بترولية رائدة في السودان... منذ سنوات وأنا على علاقة ببنت عمى التي يبلغ عمرها 21 عاما، ونحن على درجة عالية من التفاهم والتوافق الفكري والاحترام المتبادل والحب، وقد اتفقنا أن أتقدم لخطبتها من أهلها في منتصف العام القادم إن شاء الله عقب انتهائها من دراستها الجامعية.
مع العلم بأنني أعيش ظرفا ماديا جيدا والحمد لله وبإمكاني إتمام مراسم الزواج بأقرب فرصة، المشكلة التي تقابلنا هي أن العلاقة بين والدي ووالدها وهو عمي الشقيق الأصغر لوالدي ليست على ما يرام؛ فهما في حالة اختلاف متكرر في الأفكار والتصرفات، مما أثر على العلاقة الأخوية بينهما، حيث آثر كل منهما الابتعاد عن الآخر لتجنب التناوش وتعكير الأجواء؛ فلم يعد بينهما إلا اتصالات تليفونية مرة كل عدة أشهر وزيارات مقتضبة قد تتباعد لسنة كاملة.
هذا الشيء بالتأكيد أثر على العلاقة بين العائلتين فأصبحت علاقة أمي بزوجة عمي على نفس الصورة وكذلك علاقتي وإخواني بأبناء عمنا، لدرجة أنني لم أقابل بنت عمى التي أنا على علاقة بها الآن -قبل بداية علاقتنا- إلا أربع أو خمس مرات خلال 20 سنة من عمرها.. لذلك فإننا في بداية علاقتنا التي بدأت كصداقة كنا نتعرف على بعضنا البعض كشخصين غريبين جمعتهما زمالة عمل أو دراسة.
ولم تؤثر العلاقة غير المنتظمة بين الأسرتين على علاقتي ببنت عمى؛ فنحن متفقان في انه ليس هنالك سبب منطقي لاختلاف الإخوة وإنه علينا ألا نتأثر باختلاف والدينا، لذلك فقد سارت العلاقة بيننا على أحسن وجه ووصلنا إلى درجة ممتازة من الارتباط والتفاهم والتصارح... ثم إنني أتواصل معها عبر الهاتف والإنترنت سرا لأن أهلي وأهلها لن يتفهموا أن تكون هنالك علاقة جيدة بين شخصين من أسرتين شبه متقاطعتين.
المشكلة التي أرجو أن تساهموا معي في حسمها هي أننا الآن نتخوف من حدوث أحد سيناريوهين عندما أتقدم لخطبتها في العام القادم إن شاء الله، السيناريو الأول: هو أن ترفض أسرتي وأسرتها الفكرة بالكلية لسوء العلاقة بين العائلتين وتجنبا لفتح باب المشاكل بين الأسرتين، و بالتالي نواجه صدمة الحرمان من العلاقة التي وجدنا فيها التفاهم والحب ويضيع المجهود الذي بذل في بناء هذه العلاقة وتقويتها لعدة سنوات هباء منثورا.
أما السيناريو الثاني: فهو أن تتقبل أسرتينا فكرة ارتباطنا وبعد الزواج نصبح أنا وبنت عمى تحت وطأة الاختلاف بين العائلتين مكونين نافذة للتصادم والتجاذب بين العائلتين؛ مما سيؤثر على استقرار علاقتنا وحياتنا الزوجية.
وهل هنالك سيناريو آخر يتوقع حدوثه سواء كان سلبا أو إيجابا؟
ملاحظات قد تكون مفيدة: كل أفراد أسرتي لهم تقدير خاص وحب لبنت عمي هذه من دون جميع أفراد أسرتها وذلك لطيب أخلاقها وتعاملها بالحياد مع كل الناس.
وأخيرا محاولة إصلاح العلاقة بين أبي وعمي تعد ضربا من ضروب الخيال لأنه ليس هنالك نقطة معينة يختلفان فيها بحيث يمكن مناقشتها أو تسويتها، كما أن هذا الخلاف قديم ومن قبل أن نولد أنا وبنت عمي، قد تعلل أسرتانا رفضهما لفكرة ارتباطنا بأن زواج الأقارب يؤدي إلى تركيز الأمراض الوراثية مع العلم بأنه لا يوجد زواج أقارب في عائلتينا لستة أو سبعة أجيال سابقة.
27/6/2024
رد المستشار
هل أفهم من رسالتك يا أخي الكريم أنك ستتردد في التقدم لابنة عمك، وأن سؤالك هو: هل أتقدم أم لا؟ أم إن مسألة التقدم هذه محسومة أيا كانت العواقب، ويصبح سؤالك عندئذ هو: كيف أتكيف وأتأقلم مع هذه العواقب؟
إن كان ما فهمته صحيحا فإن سؤالك هو (الثاني) وليس (الأول)، وإن تقدمك للفتاة هو قرار أكيد، ولا صراع بداخلك من ناحيته، وأن المطلوب هو: كيف أخوض هذا التحدي؟؟
والإجابة –هنا- تنقسم إلى مراحل:
المرحلة الأولى: هي التقدم لوالد الفتاة مع اللجوء إلى وسيط حكيم مؤثر يشجع الوالدين على الموافقة ثم يسعى لتيسير إجراءات واتفاقات إتمام الزواج.
المرحلة الثانية: هي الصبر الجميل حتى يوافق الطرفان عن طيب خاطر دون وجود رواسب نفسية، وذلك يتحقق بمواقف الرجولة والكرم وحسن الخلق التي ترفع من رصيدك لدى والد الفتاة ووالدك أيضا.
المرحلة الثالثة: وهي بعد الزواج، حيث تتفق أنت والفتاة على بعض الضوابط والقواعد في إدارة الأزمات التي يمكن أن تنشب نتيجة لهذا الزواج، أو محاولة تجنبها قدر المستطاع، وأن يكون هذا الارتباط "نافذة" للتقارب بين الأسرتين أو على الأقل "عدم التصادم" كما ذكرت.
هذه هي المراحل الثلاثة التي أدعو الله أن يوفقك فيها بإذنه تعالى.
ولكن يبقى الاحتمال الآخر قائما، وهو أنه رغم كل المحاولات لا يتم الزواج، عندئذ تجد نفسك مضطرا لمواجهة "صدمة الحرمان" التي تحدثت عنها، والتي ستؤلمك ربما لفترة غير قصيرة، ولكن لعلك تتعلم من هذا الألم ألا تكرر الخطأ ثانية وتندفع وراء مشاعرك وتبذل جهدا لبناء وتقوية علاقة سرية غير مضمونة، وتجتهد في الفرصة التالية أن يكون هذا البناء بعد دخول البيت من باب الأهل أتمنى ألا يتحقق هذا الاحتمال المؤلم، وأدعو الله تعالى أن يتمم عليك الزواج ببنت عمك، وأن يذلل لك العقبات، ويلين قلوب أهلك وأهلها بإذنه تعالى.