سيدي الطبيب.. أنا في مشكلة عجيبة جدًّا، ولكنها مهمة جدًّا؛ لأنها تمثل حياتي كلها فأنا لا أعيش حياتي طبيعية أبدًا بسبب هذه المشكلة...
سيدي الطبيب.. أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري... عندما أدخل في علاقة مع أي أحد أحبه جدًّا، بمعنى أنني إذا تصادقت مع فتاة مثلي وشعرت أنها أحبتني أو أنها طيبة وحنونة أحبها جدًّا وأتعلق بها، ولا أقصد التعلق بمعنى التعلق الشاذ أو كما يقولون السحاق معاذ الله، ولكني عندما أقرأ عن هذا الموضوع في موقعكم من خلال مشاكل المشتركين خشيت على نفسي أن أكون شاذة رغم أن حبي لأي واحدة لا يتعدى مكالمة تلفون كل يوم أو مكالمة على الشات، وسأحكي لك القصة سيدي الطبيب حتى أكون قد أوضحت لك...
كنت منذ صغري أعرف واحدة وأختها وهما أكبر مني ومعرفتي بهما جاءت من معرفة أهلي لأهلهم، أي أننا كنا أصدقاء، فكنا نلعب سويًّا ونمرح عندما كنا صغارًا كأي أصدقاء، وشاء القدر أن يسافرا إلى بلد من البلدان فأنا لم أبالِ؛ لأن علاقتنا لم تكن متينة جدًّا لهذا الحد، وعندما تزوجا وعادا من بلدهم بدأت أمي تدعوهما لبيتنا إكرامًا لوالدتهما التي كانت توصي أمي عليهما جدًّا، ولكن لا تدعوهما بمفردهما طبعًا وإنما تدعوهما إذا كان عندنا مناسبة ما مثل عرس وخلافه...
المهم لم يحدث بيني وبينهما أي كلام، وذلك لأني أخجل جدًّا وهم أيضًا يخجلون، ولكن كان يوجد رغبة في داخلي أن أبني معهما علاقة أخوة؛ وذلك لأنهما وحيدتين في بلد غريب، فعندما علمت أن إحداهما تمتلك جوالاً طلبت أن آخذ رقمها حتى أرسل لها رسائل ونكون على تواصل، وفعلاً أعطتني إياه وعلاقتنا كانت مقتصرة على رنات موبايل ورسائل فقط، وعندما علمت أنني أمتلك بريد إلكتروني طلبته مني، ثم المهم بدأنا نتحدث على الماسنجر، وأيضًا بدأت أتحدث مع أختها على الماسنجر، ثم انتقلت أتحدث مع إحداهما على التلفون الأرضي.
مشكلتي سيدي الطبيب أني أحببتهما جدًّا، وخاصة التي تتحدث معي على الهاتف، وأشعر أنني أحب أن أتحدث معها جدًّا، وخاصة أنني شعرت أنها تحبني جدًّا وتعلقت بي. هذا الموضوع سيدي الطبيب لا يقتصر على هاتين فقط، وإنما على أي أحد تربطني به علاقة. فصديقاتي في المدرسة كنت أحبهم جدًّا، وأحب أن أسأل عنهم، وأكون في تواصل معهم، ولكني أعود وأقول لا أفكر فيهم تفكيرًا شاذًّا مطلقًا. المشكلة سيدي الطبيب أنني أحب أن أتحدث معهم جدًّا وعندما يمر يومًا لا نتحدث أتضايق جدًّا.
حتى الشباب يا سيدي عندما كنت أتحدث إليهم قبل أن يتوب الله عليّ عندما كانوا يحدثونني بنعومة أو حنان كنت أشعر أنهم يحبوني وأتعلق بهم جدًّا، أي أن هذه المشكلة لا تقتصر على الفتيات فقط وإنما على الشباب أيضًا لدرجة أن أحدهم جاء لخطبتي مرة فعندما تحدث إليّ بهدوء شعرت أنه يحبني جدًّا وأحببته على هذا الأساس، ولكنني في الحقيقة لم أعجبه؛ لأنه ذهب ولم يَعُد...
سيدي الطبيب.. هذه المشكلة تجعلني دائمًا أفكر فيمن أحب ويكون هو مسار حديثي كله وأتذكره دائمًا، ولا أستطيع أن أحيا حياتي الطبيعية؛ لأن عقلي يكون دائمًا مشغولاً متى سنتحدث ومتى سنكون على النت لنتحدث... أشعر أن عندي سيلاً من المشاعر لا أستطيع توقيفه فأنا أحب كل الناس، ومن أحبه لا بد أن أسأل عنه دائمًا، وإذا مرض أقلق عليه، وإذا أغضبته مني أتضايق جدًّا من نفسي؛ لأني ضايقته وألوم نفسي على ذلك..
كيف لي سيدي الطبيب أن أحب أي إنسان شاب كان أو فتاة حبًّا طبيعيًّا عاديًّا؟ وأوقف سيل المشاعر حتى لا أتضايق وأضايق أحدًا؛ لأني عندما يكون عندي لهفة على أحد ولا أشعر عنده بنفس اللهفة أصاب بخيبة أمل، ولكني عندما أشعر أنه يحبني أتعلق به أكثر وهذه مشكلة أخرى؟..
وسأحكيها لك سيدي الطبيب؛ لأنها قد تكون مرتبطة بالمشكلة السابقة... وهي أنني أحب أن أسمع كلمات المدح ممن حولي جدًّا وأسعد بها جدًّا، بمعنى أنني لي بعض الصفات الحميدة كأي أحد، وأحب دائمًا أن يمدحني بها الآخرون، أي أحب دائمًا أن يقولوا عني "أنت طيبة جدًّا وأنت تنحبي جدًّا وأنت كذا وكذا..."، وإذا تحدث أحد على عيوبي أتضايق منه جدًّا، فأنا عصبية بعض الشيء فعندما تقول لي واحدة أنت تغضبين بسرعة، وهذا عيبك أتضايق منها بسرعة رغم أني أعلم جيدًا عيوبي، ولكن أحب أن أسمع المدح ولا أحب أن أسمع الذم أو عيوبي، وعندما أبدأ علاقة صداقة مع صديقة وتقول لي أنت طيبة جدًّا وأنا أحبك جدًّا كأختي أحبها أكثر وأتعلق بها، ولكني إذا أحببتها ولم تحبني هي أو تمدح فيّ أتضايق منها جدًّا، ولكن لا يحدث معي هذا في كل الأحيان.
أي أنني عندما أحب أي أحد يكفيني فقط أن يعبر لي عن حبه فأتعلق به جدًّا، بالإضافة إلى ذلك أنني أحب أني إذا كنت مريضة أو متضايقة أن يسأل عني الآخرون، وإذا كان لدي مشكلة ولو صغيرة عندما أحكيها لأحد أضخمها جدًّا حتى يشفق عليّ ويشعر أنني في تعب شديد، فيحزن من أجلي، وعندما يحزن من أجلي أشعر بانبساط شديد، وفي بعض الأحيان إذا شعرت بألم بسيط وكنت جالسة مع أحد أقول إني أتألم بشدة حتى يقلق عليّ جدًا، وخاصة إذا علمت أنه يحبني جدًا..
وعندما أتحدث إلى صديقة لي وأشعر أنها مبسوطة أتضايق من داخلي لا لأنها مبسوطة، وإنما لأني أحب أن تكون في مشاكل حتى أسأل عنها وتشعر بذلك وتقول لي شكرًا لأنك سألت عني.
سيدي الطبيب.. أشعر أن شخصيتي عجيبة جدًا وغير سوية، فكيف أحب صديقاتي كلهم وفي نفس الوقت أحبهم أن يكونوا في مشاكل؟؟؟ وكيف أتحكم في مشاعري وأحب بقدر؟؟.
اطلب منك سيدي الطبيب أن توضح لي شخصيتي وتهديني للحل؛ لأنه عندما أحب أحد لا أفعل شيئًا سوى أن أفكر به يعني تتعطل حياتي.. وهل الحل إذا خطبت لشاب سأستطيع أن أنقل له هذه المشاكل وأحبه بدلاً من حبي لأي أحد؟
سيدي الطبيب.. أرجوك ساعدني؛ لأنني فعلاً محتاجة استشارتك؛ لأني لا بد أن أعيش حياتي طبيعية جدًّا، وهذه المشكلة تجعلني دائمًا أعيش في حيرة، وأقول لماذا فلانه لا تتحدث معي هل أغضبتها وهكذا...
وشكرًا لك لأنك تحملت قراءة هذه المشكلة.
26/07/2024
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
من الصعب القول بأنك تعانين من اضطراب نفساني يحتاج إلى علاج من قبل استشاري في الطب النفساني أو حتى الدخول في علاج نفساني لكن هناك سمات شخصية تم اكتسابها لسبب أو آخر من خلال البيئة التي ترعرعت فيها. الإنسان دوماً يبحث عن رد فعل لسلوكه بصورة أو بأخرى، وردود الفعل هذه التي أسميها بمثلث المطالب النفسانية هي:
١- انتباه الاخرين اليه واستماعهم.
٢- الحصول على عطف الآخرين عليه.
٣- الحصول على تقدير الآخرين.
هذه المطالب الثلاثة مطالب شرعية نفسانية والإنسان بحاجة إليها لكي تزداد ثقته بنفسه ويصبح أكثر قدرة على تطوير نفسه والشعور بالهناء والسعادة. واحتياج الانسان إلي هذه المطالب الثلاث لا يتغير كثيراً مع تقدم العمر ولكن مع ظروف الحياة والبيئة التي يعيش فيها هناك العديد من التحديات التي تواجه الانسان تتعلق بعمله، دخوله في علاقة عاطفية تلبي احتياجاته الناقصة، تصميمه على تطوير نفسه ثقافيًا ومهنيًا واجتماعيًا. رسالتك لا تتحدث عن ظروفك وإنما تقتصر فقط على مثلث المطالب النفسانية أعلاه.
ما هو جدير بالملاحظة في استشارتك هو ارتفاع درجة بصيرتك حول مثلث المطالب النفسانية التي في هذه المرحلة تقتصر على ما تسميه بالحب والتعلق بالآخرين وفشله في الشعور بالمتعة في الحياة. هناك الحاجة إلى العمل وتطوير نفسك ثقافيًا وعدم الدخول في علاقات صداقة لا تلبي احتياجاتك ولا احتياجات الآخرين.
النضج العاطفي عملية مستمرة لا تتوقف وأنت الآن في طريقك للدخول في مرحلة جديدة مع تطوير نفسك ثقافيًا ومهنيًا.
وفقك الله.