السلام عليكم
لا أدري ما إن كان بإمكانكم مساعدتي حقا. أنا الابن الوحيد بين أخواتي، ذكر، ٢٤ عامًا، وقد توفي والدي.
ما زلت أدرس، ولكن في الوقت نفسه، أعمل لتغطية نفقات دراستي الجامعية ومصاريف المنزل. أكاد لا أسمح لنفسي بأي رفاهية - باختياري. لا أخرج، ولا أقضي وقتًا ممتعًا، ولا أستمتع كما يفعل معظم أصدقائي، رغم أن والدتي تُلحّ عليّ دائمًا للخروج والاستمتاع. لكنني أشعر أن مسؤوليات المنزل والحياة تأتي في المقام الأول.
على أي حال، هذه ليست المشكلة الرئيسية.
المشكلة الحقيقية هي أنه منذ وفاة والدي، بدأت الخلافات - بين أعمامي من كلا الجانبين، وبين أخواتي وأزواجهن. لن أقول إنني تمكنت من إصلاح كل شيء، ولكن على الأقل واجهت الأمر وتحملته على كتفي. لقد أثر ذلك سلبًا على دراستي وصحتي النفسية، لدرجة أنني فقدت الاهتمام والشغف بأي شيء تمامًا.
أنا في كلية علمية - واحدة من الكليات المرموقة التي كانت... حلمي - والآن أنا في سنتي الأخيرة، ومشروع تخرجي أمامي، لكني بلا دافع على الإطلاق. لا للدراسة، ولا للمشروع، ولا حتى للالتحاق بالجامعة.
كانت هناك مشكلة مرّت بها أختي، ووقفتُ بجانبها وتحمّلتُ الكثير من أجلها. لكن بعد أن حُلّت المشكلة، أرادت أن تفعل شيئًا اعتقدتُ أنه خاطئ وغير لائق. عندما حاولتُ منعها، قالت لي أشياءً لا يقولها حتى عدوّها - حتى أنها شتمتني، وتمنّت لو أموت وأنا على قيد الحياة.
وفوق كل ذلك، ما زلتُ أعاني من فقدان والدي وأعزّ شخص على قلبي - شخص لم تكن بيني وبينه حواجز، شخص كنتُ أخبره بكل شيء وأستشيره دائمًا.
لكن القدر أخذهما معًا - والدي وذلك الشخص - في نفس العام. منذ ذلك الحين، أشعر باليأس. أصبحت الحياة مظلمة، ولا أجد مخرجًا.
تتراكم المشاكل، وبصراحة لم أعد أستطيع تحمّلها. عندما أنظر عندما أرى أشخاصًا في مثل عمري يخطبون أو يتزوجون،
بينما لا أزال عالقًا في نفس الدائرة التي لا نهاية لها، فإن الأمر يؤلمني حقًا.
18/10/2025
رد المستشار
أهلا وسهلا بحضرتك وإن شاء الله نكون عونا لك
حالتك تعكس صورة نفسية وإنسانية عميقة جدًا، ففيها الكثير من الألم، التحمل، المسؤولية، والضياع بين الواجب والرغبة في الحياة.
وبناءً على وصفك للأعراض والمشاعر، يمكن التفكير في أكثر من احتمال تشخيصي مثل:
1. اضطراب الاكتئاب الجسيم Major Depressive Disorder فلديك فقدان الاهتمام بكل الأنشطة، فقدان التلذذ Anhedonia وشعور باليأس والعجز وضعف الدافع نحو الدراسة والمستقبل والشعور بثقل الحياة وفقدان المعنى بعد الفقد. والإرهاق الذهني والعاطفي المستمر.
2. اضطراب تكيف مع الظروف مصاحب بمزاج حزين Adjustment Disorder with Depressed Mood حيث بدأت الأعراض بعد حدثين ضاغطين شديدين (وفاة الأب وفقدان الشخص المقرب) مع وجود صراع أسري حاد بعد الفقد وتأثير الأعراض على الأداء الأكاديمي والوظيفي.
3. إجهاد نفسي مزمن Chronic Stress Reaction / Burnout لتحملك مسؤوليات أسرية تفوق العمر والتجربة وللتضارب بين الواجب الذاتي (رعاية الأسرة) والرغبات الشخصية مع فقدان الطاقة النفسية والجسدية وهي أعراض تشبه "الاحتراق النفسي".
وأنا أقرب إلى التشخيص الأول
ولو تطرقنا إلى العوامل المسبقة والمهيئة Predisposing & Precipitating Factors سنجد سمات شخصيتك شخصية مسؤولة ومثالية Conscientious / Perfectionistic: تميل لتحمل ما يفوق طاقتها دون طلب المساعدة تميل الى كبت المشاعر خوفًا من الظهور ضعيفًا أمام الآخرين مع اعتمادية وجدانية على الأب ثم فقده المفاجئ خلق فراغًا عاطفيًا عميقًا ووجود ضعف في مهارات التعبير العاطفي نتيجة التنشئة المحافظة.
القيام بدور الأب البديل بعد وفاة الوالد (الابن الوحيد بين أخوات) مما أدى إلى ضغط نفسي ناتج عن الجمع بين الدراسة والعمل ومسؤوليات الأسرة وغياب الدعم العاطفي الكافي بسبب انشغالك بدور "المنقذ" أكثر من كونك شابًا يحتاج دعمًا.
خلافات الأعمام وأخواتك بعد وفاة الأب خلقت بيئة أسرية مضطربة وانقلاب الأدوار الأسرية (من ابن إلى قائد للأسرة) وربما انعدام التقدير أو الامتنان من بعض أفراد العائلة زاد الإحباط وغياب شبكة دعم اجتماعي من الأصدقاء أو الأقارب.
ولو نظرنا إلى العوامل الثقافية والدينية التي تميل إلى تحميل الابن الذكر الأكبر مسؤولية الأسرة بعد وفاة الأب، ما قد يولّد شعورًا بالذنب عند التفكير في الراحة أو الترفيه. مع وجود التزام أخلاقي وديني عالي يدفعك إلى كبت رغباتك الطبيعية (كالاستمتاع أو التسلية) خوفًا من الخطأ أو الأنانية.
التوصيات العامة
1. لا تحاول أن تكون بديلاً عن والدك، كن نفسك فقط.
2. تقبّل أنك تحتاج دعمًا كما يحتاجه الآخرون.
3. استعن بجلسات علاج نفسي منتظم CBT أو Integrative.
4. خصص ساعة أسبوعية لا تفعل فيها شيئًا إلا ما يفرحك.
5. تذكّر أن العطاء الحقيقي يبدأ من الرحمة بالذات.
6. تعديل التفكير السلبي التلقائي.
7. استعادة التوازن بين المسؤولية والاحتياجات الشخصية.
8. تعلم مهارات التعبير الانفعالي وتنظيم المشاعر.
9. لا أستبعد احتياجك لعلاج دوائي بعد مناظرة مع طبيب نفساني لتأكيد التشخيص.
تابعنا