هذه مشاركة من الأستاذة هدى الصاوي في مشكلة:
خائفة من العنوسة: زيادة حبتين التي أجاب عليها د.عبد الكريم عطا كريم،
وكانت صاحبة المشكلة قد أمطرتنا بأربعة مشكلات دفعة واحدة
ونشكرها أن أوصلت لنا جيدا إلى أي حد هي (صاحبة المشكلة) تائهة!
31/12/2006
رد المستشار
صديقتنا الفاضلة، آهلا ومرحبًا بكِ.
تعرضين في رسائلك المتتالية تساؤلات عدة نتمنى أن نساعدك حتى تتوصلي لإجابة شافية وتحققين ما تريدين بإذن الله.
يحاكمنا المجتمع بأعمارنا -مهما كانت خبراتنا- ولا شك أن هذا الحكم ظالم على المستويين.. ومابين الإحباط واحتقار الذات يعيش عميق الخبرات وعديمها. لذلك يجب علينا أن نسدد ما بين الفرقين كي لا تهضم حقوقنا أو تنكسر نفوسنا.
الحياة ليست دراسة وعمل وطموح فحسب. الحياة مدرسة. إن لم نتعلم جيدًا دروسها فلن نتمكن من التعايش فيها، والتعايش -مع البشر على اختلافهم- يبدأ من فهم النفس وتقويمها. وبالتالي تهيئة البيئة المناسبة لنجاحها في تحقيق هدفها.
في رسالتك الأولى: تشعرين بإهدار حق نفسك.. تبالغين في مظهرك كما تقولين وتشعرين بالذنب لما يتبع ذلك من تبذير.. حسنًا لماذا؟؟ هل يحدث ذلك لمجرد أنك أنيقة وتحبين الظهور بالمظهر اللائق دومًا؟؟ أم أن حزنًا خفيًا يشوبه اليأس من الحياة/ الزواج.. وبالتالي فأنتِ تصرفين دون حساب، يعاودك الشعور بالذنب لأنكِ تقولين ربما يأتي الزوج.. وكأن شرائك للملابس منفذ مقنع لكِ ولكنه فعل قهري مدفوع من ألمك؟؟ أنتِ فقط من يستطيع تحديد ذلك.
إن كان السبب الأول فالحل في بعض التنظيم. بإمكانك حصر ملابسك، وكتابة ما تحتاجين من ملابس جديدة خلال العام. ولا تزيدي عن حاجتك. ولا بأس من اختيار أوقات التخفيضات الموسمية للشراء فسوف تحصلين على ذات الملابس الراقية بنصف السعر أو أكثر. سوف تساعدك ملابسك في الأعوام القليلة الماضية على توليف أطقم جديدة ولا يخفى ذلك على بارعة مثلك.
وإن كان السبب الثاني. فسلمي أمرك لله يا عزيزتي. لن نأخذ من الحياة إلا ما كتب لنا. فقط علينا أن نقوم بكل واجباتنا على أكمل وجه والأرزاق بيد الله.
هل أنتِ الكبرى بين إخوتك؟ وهل جميعهم متزوجون؟؟
أما عن الطموح.. فقد ذكرتِ أنك تدرسين الماجستير (ربما في تخصصك؟ لم توضحي ذلك!)، والفرنسية.. فهل ثمة ارتباط بينهما؟؟ وهل تهدفين إلى تحسين عملك من خلال دراستك؟ أم لشغفك بالدراسة؟؟ يجب أن يتضح هدفك أمامك حتى تجتازين كل مرحلة بحسابات مدروسة.. واطلبي من الله التوفيق دومًا واستعيني به.
في الرسالة الثانية: سأبدأ من سؤالك الذي أنهيت به القصة.. "هل سقطت من نظره لاتصالي به؟" وبحسب سير القصة.. فهو لم يتركك بعد اتصالك وكأنه استهجن منكِ ذلك.. ولكن أنتِ التي فعلت بعدما أشعرتيه بعدم جديتك في أمر الارتباط به وسوف أشرح لكِ ذلك..
بغض النظر عن شخصيته "في ال35من العمر و"لسا" سوف يدرس و"سوف" .. وكأنك تحاولين أن تحسني من صورته مع عدم اقتناعك الداخلي به "قد تنظرين إلى أنه أقل منكِ علميًا مثلا؟؟" .. زميلك في العمل.. جاء من طرف صديقتك وزوجها وتقابلتم.. ثم خشيتِ أن يكون قد شعر أنك غير موافقة فحصلتِ على رقم هاتفه وتواصلتما!! "لم يتم ذلك من خلال صديقتك وزوجها" .. كان يهمك جدًا ألا يظن أنك غير موافقة.. أنتِ
موافقة إذن، ولكن من الخطأ الشديد أن تبلغيه بذلك قبل أن تدرسي الموضوع من جميع جوانبه وتعلمي عائلتك. فتكون الموافقة المبدأية من خلال أهلك أن يتقدم. وفي خلال فترة التعارف العائلية سوف تتبين لك الكثير من جوانب شخصيته وسوف يخبره أهلك من معاملته معهم ومع غيرهم بسؤالهم عنه. موقفه لا غضاضة فيه.. فمن البديهي أن موافقتك تعني أنك قد أبلغتِ أهلك وبالتالي فهم على استعداد لاستقباله والسؤال عنه. ثم أنهيت الموضوع!! لماذا؟؟ وهل أنهيته بعد استشارة "أهل حكمة" واستخارة الله لطلب الخير أم لعادتك في التسرع والخوف من المجهول؟؟
وبعد تركه.. عدتِ.. لماذا أيضًا؟؟ تقولين أن مشاعرك قد تحركت نحوه بعد أن تركته!! مشاعر الناس ليست بيدنا يا صديقتي.. ولو كنتِ مكانه لشعرتِ بكسرٍ في قلبك لا يعلوه كسر.. لم يكن هناك رد متوقع غير أنه يفكر بالعودة إلى خطيبته السابقة أو ربما العودة لها دون تفكير.. إن الذي حدث هو شيء واحد "لقد فقد أمانه معك" .. لقد تركته فجأة، دون مبررات منطقية، مع أنك كنتِ المبلغة بالموافقة -مما أكسبه الكثير من الاطمئنان- وهاأنتِ تعودين لذكر خطيبته، والزميلات اللواتي رفضنه!! لم تكوني جديرة به فحسب، ولا داع من البحث في جروحه فإنها لن تفيدك، وستؤلمه.
الحادث برمته يا صديقتي يجب أن تضمينه إلى تجاربك التي تستفيدين منها.. لا تسرع بعد اليوم.. يجب أن تكون هناك مرجعية -لخالك أو والدتك- هناك فرق شاسع بين شخص اقتنعت به وأي شخص والسلام.. عززي ثقتك بنفسك ولا تنتظري أن يتصرف الآخرين بدلا عنك فلن يتحمل ذلك رجل.. أنتِ لست غريبة أو متفردة بما يحدث معك بالنسبة لخلفيتك.. ولكنك تشعرين أن هناك خطأ ما في حياتك -وهذا مؤشر جيد- وهو ما سيدفعك إلى التغير والاستفادة من أخطائك بإذن الله..
لم تذكري إن كنتِ قد مررت بتجربة خطوبة من قبل؟؟ ومن هم أصحابك الذين يمارسون عليك سلطة الضغط؟ وما ظروفهم العائلية ومكانتهم منكِ؟ ما أهدافك بالتفصيل الممل وما رؤيتك للوصول إليها؟ عند إجابتك على هذه الأسئلة ستتكشف لكِ الكثير من الأمور؟؟ ففي أحيان كثيرة تكتمنا بعض المشاعر.. ونشعر بالضيق بسبب مشكلة نظن أنها الموت.. وعندما نبدأ في الحديث بصوت أو الفضفضة لورق؟ نكتشف أن ما كان بداخلنا أبسط بكثير من تضخم إحساسنا فنستريح.. حاولي أن تكتبي المزيد.. وسوف تعرفين الكثير عن نفسك.
أما في الرسالة الثالثة: فتقولين أنكِ لا تؤمنين بالارتباط قبل الزواج؟ ما مفهوم الارتباط لديكِ؟ وهل ما حكيته عن زميلك الذي حادثك من خلال صديقتك وزوجها يعتبر تقدم رسمي؟؟ هناك في عرفنا يا صديقتي هذه الخطوة التعارف التي تتم بين الأهل أو الأصدقاء، هي الخطوة التي تسبق "التقدم الرسمي".. وقبولك لهذا الباب لا يعطي معنى لأسطرك السابقة عن الارتباط.. إلا إن كان للارتباط لديكِ معنى آخر لا يهدف إلى الزواج مثلا.. أو بسبب تجنبك التعامل مع الطرف الآخر لخوف أو لشبهة هذا التفكير.. مخافة أن يحدث "ارتباط" دون أن تشعري!! .. ثم تقولين أن هذا الشرط حتى تقومين بدراسة الموضوع من جميع جوانبه من تكافؤ وغيره -وهذا رائع- ولكنك لم تقومي بتطبيقه بالفعل في أرض الواقع مع الزميل الذي تقدم وغيره.. بل آثرتِ التأثر بآراء الأصدقاء -أو الناس جميعًا حسب تعبيرك- فكيف يا صديقتي؟؟ وهل تظنين أن في العمر أمثال ما ذهب ليضيع في جدال مع الأهل لأنهم لا يرفضون أحدًا؟؟؟
ولماذا يرفضون وقد توليتِ أنتِ هذه المهمة؟
صدقيني.. الحياة لا نواجهها بشهاداتنا المعلقة على الحائط أو بأموالنا المحفوظة في المصارف.. لن ينفعنا هذا ولا ذاك إن لم نكن مسلحين بعلم حقيقي وإيمان وإدراك لما حولنا.. أنقذي نفسك وحددي ما ترغبين في الوصول إليه واعملي لذلك.. لا تستشيري إلا صاحب حكمة، واستخيري الله واعملي ما يرتضيه عقلك برضى ربك واطمئنان قلبك..
لن ينفعك الناس والوحدة تزيد من تطويقها عالمك الخيالي.. ولا الخوف الذي يدفعك للهروب من كل تجربة-ولن يتركك إن لم تتركيه.. وليس ثمة عيب أو خطأ أن تفكري في موضوع الزواج أو تتمنين فارس الجواد الأبيض لحلمك، ولكن الخطأ في إنكار هذا الشعور، لأنه الفطرة.. ويجب أن يحتل جزءًا من تفكيرك سواءًا تعمدتِ ذلك أم لم تفعلي.. لذلك لا تنكري قلقك وتفكيرك وإلا لما عنونتِ لمشكلتك ب"العنوسة" مع أن هناك فتيات أكبر من عمرك بكثير ويحملون الأمل.. أما عن موضوع الرومانسية والكتمان!! فهل من العادة أن تبث الفتاة إعجابها ورغبتها في الارتباط بشخص ما مواجهة؟؟
لا أظن ذلك من اللائق يا عزيزتي وإن كن هناك من يفعلنه.. وليس البديل عن الزواج هو الانحراف.. فالفتاة المسلمة دائمًا في رداء الفضيلة.. تزوجت أو لم يقدر لها.. أسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكِ وبنات المسلمين من كل شر.. اعذرينا على تأخر الرد، وتابعينا بأخبارك..
واقرأ أيضا
بعض حياتنا هاجس العنوسة والإشارات الحمراء