خائفة من العنوسة: زيادة حبتين
خائفة من العنوسة م. مستشار
شكرا أختي؛
أنا الكبرى من بين أخواتي، أنا أدرس الماجستير في مجال عملي المحاسبة، وأدرس الفرنسية كمنحة من جهة عملي، أنا لم أخطب من قبل، أي شاب يتقدم لي أعمل استفتاء شعبي وآخذ رأي من أثق في رأيه ومن لا أثق في رأيه دون النظر إلى رأيي الشخصي وفي الآخر أفعل ما يقوله الناس هل ثمة مرض نفسي؟
بالنسبة للشاب اللي تقدم لي وحكيت لك عنه في رسالتي السابقة أود أن أقول ما جعلني أتردد في القبول هو معرفتي أنه في ظرف أسبوع من فسخ خطوبته تقدم للعديد من الفتيات، لم يعطى لنفسه فرصة لإعادة حساباته مع نفسه، ماذا يريد وماذا لا يريد، أحسست أنه كان يريد أن يخطب فقط، لا يهمه أن يتفهم شخصيتي، هل أنا مناسبة ومتوافقة معه أم لا، ولا يريد أن يأتي إلا بعد أن أقنع أهلي بالموضوع برمته، وكأني أعرفه منذ مدة أو مرتبطة بيه، كنت أريد أن أجلس معه في منزلنا ثلاث مرات على الأقل حتى أتأكد من قراري، ولكنه كان يرفض أن يأتي إلى البيت إلا بعد أن أقنع أهلي بالموضوع كاملا كيف، هو في قسم غير قسمي ولا أعرفه ولم أسمع عنه إلا حينما تقدم لي، أعرف أني أخطأت عند ما تأثرت بمن حولي وألغيت شخصيتي، ربنا يوفقه في حياته، ربما أراد الله أن أتعلم على يده درسا حينما أحس بالقبول لا أتردد ولا أحكم عقلي فيكفي القبول الذي طالما حلمت بيه، ولم يحدث هذا إلا مع قلة قليلة فيمن تقدموا لي.
9/2/2007
رد المستشار
صديقتي..
أنتِ شفافة ورقيقة.. ولكن الدنيا تحتاج من الحزم ما يوصلنا لما نريد.. خبرة الألم برغم قسوتها تمنحنا مقدارًا من القوة لنجاح حياتنا يشد من أزرنا كثيرًا..
أشكرك للمتابعة التي وضحت الكثير.. فكونك الكبرى بين أخوتك يعني أنك أول تجربة لعائلتك، لذلك اغفري لهم ما ترين من عدم حكمة في قبول كل طالب وإن كان غير مناسب.. لأنهم لا يدفعهم سوى القلق عليك وتأملهم لاستقرارك.. كما أنهم يثقون في اختيارك.. فلا تجعلي من تصرفهم هذا اعتبارًا لديكِ يرجح كفة الرفض على أي حال.. وهذا حال الدنيا يا صديقتي.. نتعلم من تجاربنا..
من الرائع أنك تدرسين في مجالك.. المهم هو تخطيطك للاستفادة من دراستك في تحسين وضعك العلمي والوظيفي.. وفي أمر عدم خطبتك من قبل.. والاستفتاء الشعبي الذي يقدم للناس من قبلك!! هل يعني هذا أن في كل مرة يقول الناس جميعًا "لا" مع أنك قلتِ من قبل أن أهلك فقط يقولون "نعم" ولا يردون أحدًا.. فهل هي مصادفة اتحاد الناس على الرفض واتحاد أهلك على القبول؟؟ وكما سألتك من قبل أسألك مرة أخرى.. لماذا؟.... تسألين هل ثمة مرض نفسي وأسألك عن سببك قبل أن أضع أمامك بعض الأسباب..
هل هو قلق؟؟ خوف من المجهول؟؟ هل تخافين من الزواج؟ أم تخافين من مجرد تغير حياتك التي تعودتِ؟ لا يظهر أنك مهتمة بالناس حقيقة.. فيبدو من حديثك أن علاقتك بصديقاتك بسيطة.. وربما تفضلين الوحدة والتأمل على الخروج في أي جو صاخب مثلا/ لذلك يصعب القول أن للصديقات تأثير عليك أو أنك تثقين بآرائهم، لأنك تسألين حتى من لا تثقين برأيه أو حتى لا تهتمين به "قد تسألين حارس البناية مثلا!!".. وفي الآخر تفعلين ما يقوله الناس.. ولو قال لكِ الناس "نعم" سيظهر لك ألف سبب ل"لا" كما حدث مع الزميل السابق..
إذن الأمر لا يعدو أن يكون خوفًا وقد يدفعك -دون شعور- إلى التصرف بحيث ينتهي الأمر برمته وبالتالي ينالك الارتياح أن شيئًا في حياتك لم يتغير.. يجب أن تنظري عميقًا بداخلك وتسألي نفسك: لماذا تأخذين رأي الناس؟ هل تريدين صنع مبرر لعقلك حتى ترتاح نفسك؟ هل هناك ما يؤرقك بخصوص فكرة الزواج؟ هل تشعرين أنك لا تملكين أمرك؟ أو أنك غير قادرة على تحمل مسؤولية نفسك؟؟ هل تحملين الناس نتيجة أخطائك عادة؟؟ ألا تحبين نفسك وتتمنين سعادتها؟؟
أما بالنسبة للشاب وما قلته من سبب جعلك تقلقين منه "وهو معرفتك أنه بعد فسخ خطبته بأسبوع تقدم للكثير من الفتيات"، فهل سألته مباشرة عن صحة هذا الخبر؟ وفي حال صحته بالفعل هل سألتِ عن دوافعه؟؟ هل تحدثتِ معه عن تلك المخاوف ورفض أن يوضح لك؟؟ ألا يمكن أن يكون لديه ما يقوله لك؟ ألا يمكن أن يكون هناك بالفعل سبب واحد يدفعه للاستعجال في الزواج؟ خصوصًا وأنه قد بلغ الخامسة والثلاثين؟؟
ثم من قال أنه لا يهمه أن يتفهم شخصيتك وإنما "يريد أن يخطب فقط؟" ألم يتم التعارف في أول مرة مع زميلة مشتركة وزوجها كما تقتضي العادة؟ فلماذا لم يسأل عن عنوان منزلك ويذهب لمقابلة والدتك فورًا وطلب يدك إلا إذا كان مهتمًا بأن يراكِ أولا ويعرف شخصيتك ويتأكد من موافقتك -كما جرت العادة أيضًا- قبل التقدم الرسمي لأهلك.. في هذه المرحلة.. إن كنتِ مازلتِ لا تشعرين باكتمال القرار وتودين الجلوس معه والتعارف أكثر فهذا يتم أيضًا من خلال -الواسطة- لمرة أو اثنتين كما قلتِ حتى تستطيعين أخذ القرار، بالقبول أو النفور، إن لم يتضح لك ذلك من البداية.
وفي الغالب لجأ المجتمع لهذه الطريقة حفاظًا على الطرفين.. فلا يذهب الفتى لمنزل العروس إلا وهو يعلم أنها موافقة عليه -ولو مبدئيًا- وتتم الوساطة أحيانًا دون مقابلة بين الطرفين، عبر تزكية أحد الأصدقاء أو الأقارب مثلا.
وزميلك.. كان يتصرف على أساس أنكِ قد وافقتِ عليه يا صديقتي فلا تضعي اللوم عليه.. لو كنتِ أبلغتيه في مكالمتك أنك بحاجة إلى مقابلته مرة أخرى حتى تتخذي قرارك لما رفض.. ولكنك أخبرته بموافقتك، وبالتالي من المنطقي أن يفهم أن الخطوة القادمة هي دخول البيت.. وقد كان مستعدًا لذلك بالفعل لولا أنك أفهمته أن "أهلك غير مقتنعين".. وقد يكون مر بظروف مريرة "خصوصًا وأنتِ تعلمين عن ظروفه" فكيف يعرض نفسه للرفض الصريح في أن يتقدم لك وأنتِ قد أعلنتِ له أن عائلتك ترفضه؟؟؟؟ وهل من المنطقي أن يذهب لأناس يرفضونه حتى يسمحون له بالجلوس مع ابنتهم حتى تقتنع به، وهم رافضون؟؟ ضعي نفسك مكانه واحكمي على الموقف الآن من هذه الزاوية وسيتضح لكِ الاختلاف..
والآن.. هل كان أهلك يرفضونه بالفعل على الرغم أنهم لم يرفضوا أحدًا من قبل كما ذكرتِ؟؟ وما سبب رفضهم؟؟ أخشى أنك قد قسوتِ عليه يا صديقتي.. وأن زوبعة القلق التي أحاطتك منذ بدء الموضوع هي التي لم تهدأ إلا بعد أن أنهته تمامًا حتى دون أن تقتنعي أنتِ بما قمتِ به..
"ربنا يوفقه في حياته" ويوفقك أنتِ أيضًا.. لا تحزني.. واجعلي من ألم الماضي زادًا لنجاح المستقبل.. كنزٌ يا أختي أن نكتشف أخطائنا ونستفيد منها.. فليس كل الناس لديهم هذه القدرة في تحويل دفة الحياة من اليأس إلى الأمل.. المهم ألا تنسي.. وألا تركني إلى أقرب مهرب.. الحياة تعب.. ولا تتحصل اللذة إلا بعد تعب.. فإنا كنا نريد صنع السعادة فما أهون أن نتعب من أجلها.. أليس كذلك؟؟
سيأتي القبول بإذن الله، وسيعوضك الله بأفضل من كل أمنياتك، واجعلي لزميلك نصيبًا من دعائك، تابعينا بأخبارك ولا شكر على واجب، وفقك الله وكتب لكِ السعادة في الدارين، آمين.
يتبع: خائفة من العنوسة زيادة حبتين م1