بداخلي ذكر
منذ أن وعيت نفسي وأنا صغيرة كانت تصرفاتي مختلفة وإحساسي من وقتها غريب. لم أكن أحب ألعاب البنات ولا أحب أن ألعب أني بنت، كنت إذا لعبنا أقول لهم أنا ولد، وكنت أبكي ليشتري لي أبي دراجة هوائية، وكنت ألعب كرة مع أولاد الجيران. كنا نجتمع نحن وبنات الجيران فكنت أتركهن يلعبن ويتكلمن وأنا ساكتة، كن يستغربن مني لأني لا أشاركهن ولا أحب التكلم بالمواضيع التي يحببنها، يعني أغلب الوقت ساكتة ودائماً أفكر إلى متى؟!.
في المدرسة، كنت أحب لبس مريول مخصر لأني أحس أني مختلفة، ولا أحب لبس الذهب أو الخواتم النسائية أو أي اكسسوارات، أي شيء فيه أنوثة أكرهه، حتى الأحذية وقصة الشعر. كنت أستغرب أن جسمي مغطىً بالشعر على عكس بقية البنات، وبنفس الوقت كنت أحس أني سعيدة به ولا أحب إزالته لكني أشعر بالحرج فأضطر لإزالته مما يشعرني بانكسار. لا أحب ارتداء تنانير ولا فساتين وأحب البناطيل، وأحب السيارات والكرة والكمبيوتر وكل الأشياء الإلكترونية، وأكره حضور الحفلات النسائية والتحدث في الأمور التي تخص الإناث، أحسها سخافات.
في الصف الخامس كنت تعبانة جداً لأني لم أقدر على التأقلم مع البنات، حبست نفسي شهرين بالغرفة لا أكلم أحداً ولا أرد على أهلي ولا آكل معهم، لا أسمح لأحد بالنوم معي، أرجع من المدرسة مباشرة للغرفة، كانوا يضعون الطعام على الشباك أحياناً آخذه وأحياناً لا أقبل به، فيترجونني أن آكل.. كان كلامي قليلاً جداً مع بنات فصلي.
في سن المراهقه كنت أطلب من أبي أن يعلمني السواقة، كنت أدعي المرض لأهرب من واقعي، قلت أني مريضة من بطني وظللت فترة لا يعرفون أم ما بي شيء آخر يصعب قوله، وحتى لو قلت فلن يفهموا. فكرت أن أهرب، ألم شديد داخلي، أكثر من مرة فكرت في الهرب أو أن أموّت حالي... كل نومي كوابيس، أصحو من نومي أبكي. أجريت تحاليل أكثر من مرة وكان عندي نسبة هرمون الذكورة مرتفع، أفضّل دائماً الاعتماد على نفسي بكل شيء، ولا أحب الاعتماد على الغير، أحب التعامل مع الرجال أكثر من الحريم. أحس بجراءة أكثر لكن حالتي النفسية تعبانة جداً، لا أستطيع تحمل أحاسيسي ومشاعري الذكرية أكثر، أحس أني رجل، في داخلي الكلام غير مرتب ولا منسق، ولم أكتب كل ما بداخلي من مشاعر وأحداث.
22/02/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نشكرك على تواصلك مع هذا الموقع،
أشرت إلى نفسك بحزين جداً، وأنا أقول لك لا تحزني وأدعوك بكل صدق لقراءة كتاب الدكتور عائض القرني "لا تحزن". اضطراب الهوية الجنسية الذي لديك يمكن علاجه بإذن الله تعالى، وبما أنك أشرت إلى نفسك بأنك متزوجة فإني أعتقد أن ذلك يمثل حلاً كبيراً لمشكلتك، لأن الزواج في حد ذاته إشارة قوية لقبولك لدورك الأنثوي مهما كانت مشاعرك مخالفة لذلك.لا شك أن التنشئة تلعب دوراً كبيراً في الهوية والميول الجنسي، وربما يكون معاناتك التي بدأت مبكراً هي التي جعلتك الآن تنظرين إلى نفسك كإنسان صحيح ولكن في جسد خطأ.
لا شك أننا مهما قدمنا لك من إرشاد قد لا يفي كل المتطلبات العلاجية لتصحيح الهوية الجنسية، والمطلوب هو علاج نفسي مكثف ومباشر، فأرجو أن تتاح لك مثل هذه الفرصة، وإن لم يكن ذلك متاحاً فأنا أقول لك أن التغيير ممكن، وهو إرادة متى ما توفرت يمكن للإنسان أن يتغير، وللوصول إلى ذلك أنت محتاجة لجلسات عميقة مع نفسك من أجل تغيير معرفي داخلي تغرسي من خلاله أفكاراً جديدة وهي أنك نشأت كأنثى وتكوينك الجسدي هو تكوين الأنثى والمجتمع يفرض عليك أن تكوني أنثى، فلماذا لا أقبل بهذا؟. لا بد لعلاقاتك الآن ومسيرة حياتك كلها أن تتماشى مع متطلبات الأنوثة حتى إن لم يتوافق ذلك مع مشاعرك، فالمشاعر يمكن أن نبدلها بالإصرار على تطبيق الأفعال، وهذا مجرب ومعروف ومثبت.
بما أنك الآن تعيشين في بريطانيا، وحتى إن كنت موجودة بدولة عربية يجب عدم التأثر بما تروجه الجماعات التي تعاني من اضطرابات الهوية الجنسية، فأنت كمسلمة ثقافتك مختلفة، ومتى ما تذكرت ذلك ستجدين أن القيم التربوية الإسلامية ستساعدك للقبول بوظيفتك كأنثى. هنالك جانب آخر وفي نظري مهم جداً، وهو أن ارتفاع الهرمون الذكوري لا بد أن يعالج تحت إشراف طبي، والعلاج الدوائي التصحيحي سهل جداً ومتوفر، ولكن لا بد أن يكون تحت إشراف طبي مختص.
ختاماً، أسأل الله لك التوفيق والسداد.