السلام عليكم ورحمة الله
بدأ مرضي منذ كنت في سنٍ صغيرة جداً، حيث كان عمري أربع سنوات فقط، ولم أكن أفهم ما الذي يحدث لي، كل شيء كان غريباً بالنسبة لي، ولم أفهم شيئاً عن مرضي حتى بلغت الخامسة عشرة، عندها عرفت بالصدفة أن ما أعاني منه هو الوسواس القهري، فحاولت الذهاب إلى طبيب نفسي لكن أهلي ضربوني ووبخوني، فهم أسرة متدينة جداً ويعتقدون بأن كل مرضٍ هو من الشيطان، ولا مجال للذهاب إلى الطبيب.
المهم، انتقلنا إلى أكثر من بلد بسبب ظروف معينة، وبدأت أتعرف أكثر على علم النفس سراً وبدون علم أهلي، وتأكد لي أنني كنت مصاباً بفرط الحركة وضعف التركيز عندما كنت طفلاً صغيراً، وعندما أصبحت مراهقاً تطوّرت حالتي النفسية بسب الظروف والتغيرات والصدمات إلى ذهان. ثم سافرت وحدي للدراسة في إحدى الدول الآسيوية، وهناك تمكنت من الذهاب إلى طبيب نفسي قبل ستة أشهر من الآن (وليتني لم أفعل). فبعد جلسة لم يسألني فيها سوى ثلاثة أو أربعة أسئلة فقط، أخبرني بأنني مصاب بالفصام غير المنتظم إلى جانب القلق والاكتئاب، وأعطاني دواء "أولانزبين" خمسة ملليجرام ثم رفعه إلى عشرة ملليجرام، وانتظمت على الدواء ثلاثة أشهر أو أربعة، إلى جانب دواء للاكتئاب لا أعرفه أخذته لمدة شهر ثم توقفت، وكانت النتيجة مرضية نوعاً ما، إذ اختفت الأحاسيس الغريبة في الجسد وكذلك العادة السرية، وقلّت أحلام اليقظة والكثير من الأمور بشكل ملحوظ، لكنني أشعر أنني أكون أفضل عند أخذ الدواء بجرعة أعلى، غير أن المشكلة هو النوم الكثير جداً الذي يسببه الدواء، كما أن وزني قد زاد أكثر من خمسة وعشرين كيلو لذلك توقفت عن تناول الدواء.
وأثناء ذلك كنت أذهب إلى الطبيب بصورة مستمرة، لأنني كنت أحس أن مشكلتي لم تحل، وحينها أدرك الطبيب أن مشكلتي الرئيسية ليست الفصام بل هي الوسواس القهري الشديد والمزمن منذ الطفولة المبكرة، فأعطاني "فلوكستين" عشرين ملليجرام، ثم ارتفعت الجرعة إلى مئة وعشرين ملليجرام يومياً (أقصى جرعة) ولم أشعر بأي تغير مع هذا الدواء. وفي أثناء ذلك، أخبرني أنني لازلت أعاني من بعض آثار فرط الحركة وضعف التركيز، ووصف لي عدة أدوية لكنها كانت بلا فائدة، فانتظمت عليها لعدة أسابيع فقط ثم توقفت عن تناولها. فأخبرني الطبيب بأن مشكلتي الأولى هي الوسواس القهري ثم الفصام ثم فرط الحركة ثم القلق والاكتئاب، إلى جانب borderline personality disorder وأيضا schizotypal personality disorder ثم استقر الرأي على أن ما أعاني منه هو mixed personality disorder ما لم أستطع إيصاله للطبيب...(يرجى عدم مراعاه الترتيب).
أفكر دوماً في الانتحار منذ كنت طفلاً صغيراً، وحاولت الانتحار مرات عديدة ولست خائفاً من الانتحار، آخر محاولة كانت قبل شهر، عندما حاولت الانتحار بأخذ جرعة عالية من مضاد الاكتئاب، لكن النتيجة كانت فاشلة وعندها قررت الحصول على السيانيد لكنني لم أجد من يبيعه لي، غير أنني ما أن أحصل عليه فلن أتردد في إنهاء حياتي البغيضة. كما أنني أعاني من تقلب كبير جداً في التفكير والمزاج بشكل دوري، مما جعل حياتي تدور في حلقة مفرغة، كما أن لدي عقدة الجمال وأحس بأنني قبيح الشكل، وأني أقل من الناس في كل شيء.
وأيضاً أعاني من عدم استطاعتي تقبل الكثير من الأشياء، مثل الجنس، الزواج، الموت، كما أنني لا أستمر في أي عمل لمدة تزيد عن عشر دقائق، ولدي ضعف في القدرة على الحفظ بشكل كبير، حتى أن الجميع يصفونني "بالمسطول" أو "المحشش". أدخل وأخرج دون هدف، وأفتقد الشعور بالحنان والحماية والعطف، ولدي شعور دائم بالخوف والوحدة، وأنه ليس هناك من يحميني.
أحلم بالفتيات طوال الوقت، وبحنان وعطف المرأة. كما أنني جبان جداً، بل أشد جبناً من الأطفال، فأنا أخاف من كل شيء، الحيوانات، البشر، الكلام، لدرجة أنني أشعر بخوفٍ شديد ورعب إذا صرخ أحدهم بصوت عالٍ. أدرس في كلية الطب وها قد انتهت السنة ولم أفتح كتاباً أو أذهب إلى الجامعة إلا نادراً، وقد اقترب موعد الامتحان ولن أذهب، لأنني لا أعرف شيئاً عن المنهج، ولم أذاكر شيئاً حتى الآن.
أنا لا أستطيع الربط المنطقي بين الأمور، أو التفكير المتسلسل، فمثلاً لو شاهدته فلم لا استطيع حفظ أسماء الشخصيات أو تذكر تسلسل الأحداث أثناء المشاهدة، لا أستطيع التعبير ولا الإبداع ولا الكلام ولا التعبير عن الرأي، وليس لدي صديق واحد، لماذا أعيش إذن؟ وأيضاً لماذا أموت؟ لماذا أنا هنا؟ لماذا أنا إنسان ولست حيواناً أو نباتاً؟ لا أفهم شيئاً، وأحيانا تمر عليّ دقائق أحس فيها بأنني فاقد الوعي، ولا أحس أو أعي ما حولي فأسأل أين أنا؟ ماذا أفعل هنا؟ ما هذا؟ من هؤلاء الناس؟ مع إحساس بالرعب الشديد والخوف والاعتلال الجسدي، وأحس بأنني سوف أسقط على الأرض.
ومن مشكلاتي أنني أعطي الأفكار أهمية أكثر من اللازم، وكذلك عدم القدرة على التعلم أو اكتساب مهارات جديدة، والربط غير المنطقي وغير المبرر، وعدم تذكّر الأشخاص أو الكلام أو المواقف، فمثلاً لو تحدثت إلى أحدهم أجدني بعد قليل لا أذكر شكله أو ملابسه أو ماذا كان الحوار؟ فضعف التركيز لدي فظيع جداً وكذلك النسيان. كما أنني كثير الإنكار الدائم لأي شيء، فأنا أنكر لنفسي أنني مصاب بالفصام، وأنكر أنني مصاب بالوسواس، وأنكر كل شيء. أشعر أنني مسلوب الإرادة تماماً. بالإضافة إلى شدة الإنهاك الفكري لدي، والفهم غير الصحيح للكلام، فعندما أسمع كلمة "أنام" أفهمها بمعنى الخلق أو البشر وليس النوم، فلا أستطيع التمييز بين الكلام، أو فهم مغزاه وكأنني أحد أولئك الأغبياء أو المحششين الذين تتحدث عنهم النكات ويضحك عليهم الناس؛
كما أنني أشكو من الاضطرابات الجوهرية في التفكير فقلّ استيعابي، وقلّ تركيزي لدرجة أنني لم أعد أركّز حتى في الأفلام. وأصبح أي نشاط ذهني من قراءة أو حفظ أو مراجعة يسبب لي ضيقا شديداً، مما يدفعني إلى التوقف بعد الأسطر الأولى. وحينما أحاول مذاكرة موضوع ما، أجد صعوبة في مراجعته على فترات متقاربة، مما يؤدي إلى نسيانه، ويقترب موعد الامتحان دون مراجعة وبالتالي لا أدخل الامتحان.
كما أنني لا أستطيع الاستمرار في عمل لأكثر من عشر دقائق حتى وإن كان مشاهدة التلفاز أو الإنترنت. أضف إلى ذلك انخفاض كبير في مستوى الفهم والذكاء والبديهة والتلعثم أثناء الكلام، وكلامي غير مفهوم وغير واضح ولا يتناسب مع الموضوع، فالطفل الصغير أفضل مني في الحديث، ولا أستطيع تقبل أو فهم الكثير من الأمور منها سبب الحياة، ولماذا ندرس؟ ولماذا نتزوج؟ ولماذا نكبر؟ ولماذا نموت؟ ولماذا نعمل؟ لا أفهم الكثير من أساسيات الحياة ومتطلباتها وذلك منذ الصغر. وبالرغم من كثرة المطالعة والسؤال لكن لا فائدة، فهل أنا بليد؟؟ قليل الذكاء؟؟ أم أنني أعاني من تخلف عقلي بسيط؟؟ ليس لدي أي شخصية أو قدرة على اتخاذ قرار أو فكر. فلو طلبت مني شراء بسكويت من السوبر الماركت فلن أستطيع أن أتخذ قراراً بأي نوع سأختار.
وعند تصفحي للإنترنت أتصفح المواقع الإباحية، وأمارس العادة السرية، ثم المواقع الهادفة ثم الإسلامية، ثم مواقع الإلحاد واللادينية والفلسفة، ولك أن ترى مدى الضياع الذي أعيش فيه ولا إرادة لدي. أنا لست مسلماً ولست ملحداً ولست مسيحياً ولست مؤمناً، أنا ضائع بلا عقيدة أو هدف أو غاية أو أي انتماء لأي جماعة من البشر. أنا لست فاسداً أو منحرفاً ولست على خلق. أنا ضائع ولا إرادة لي. أخاف الانتماء أو حمل فكر معين مهما كان نوعه، ولا أرغب في الانتماء إلى بلدي أو أي بلد أخرى. ولا أرغب بالانتماء إلى أي جماعة من البشر.
ليس لدي أية صلات اجتماعية أو أصدقاء فأنا أفعل كل شيء وحيداً، فلم أكلم أسرتي منذ أربعة أشهر، أما أقاربي فأنا منقطع عنهم منذ سنوات. أظن أنني إذا مت لن يعرف أحد بي. وليس لدي القدرة على استيعاب أو فهم أو تقبل التغيير، فمثلاً أنا لا أستطيع استيعاب أنني أصبحت بالغاً أو طالباً جامعياً، أو أنني أصبحت سميناً بعد أن كنت نحيلاً. وأنا لا أستطيع التأقلم مع المتغيرات حتى ولو كانت بسيطة، ولذلك فأنا روتيني جداً، وبالرغم من ذلك فأنا لا أستطيع التكرار أو تقبل هذا الروتين، فأنا وكما ذكرت لكم أشعر بالملل بسرعة. كما أن عندي شعور بالتعب الدائم والكسل الكبير والتثاؤب بصورة مفرطة.
أما ملاحظاتي على تشخيص حالتي فهي كالآتي: أعتقد أنني مصاب بالفصام البسيط وليس المبعثر (غير المنتظم) لأنه بدون أوهام أو أصوات أو صور. وأن نوع الوسواس القهري الذي عندي غير نمطي، فهو لا يتضمن غسلاً متكرراً، أو فتحاً وغلقاً للباب (كان هذا في الماضي) بل هو عبارة عن تفكير واجترار الفكر بشكل فظيع يكاد يدفعني للجنون والصراخ من كثرة التفكير الذي لا يتوقف في كل لحظة حتى النوم.
كما أنني أعاني من اضطراب حاد في الهوية الذاتية والشخصية، وأعتقد أنه اضطراب مختلط. أنا في حالة فعلاً يرثى لها، فلا أمل لي في الحياة، لم أعرف يوماً معنى السعادة أو الضحك. لم يرعني أحد أو يحنو علي. تعرضت في طفولتي لشتى أنواع الإساءة والاعتداءات النفسية والجسدية، وأصبت بأمراض عضوية ونفسية حادة، ولم أذق يوماً طعم السعادة منذ سنوات، وأنا اقرأ يومياً في علم النفس والاستشارات النفسية، وإلى اليوم لم أجد ما يشبهني، ولعل ما أخبرني به الطبيب هو أن حالتي من الحالات النادرة.
كل ما أريده الآن هو الدراسة والمذاكرة الجيدة من أجل الحصول على شهادة وإعالة نفسي. الدراسة الدراسة الدراسة الدراسة الدراسة. الرجاء إخباري ما هي مشكلتي؟ وما هو الدواء المناسب لمثل حالتي؟ ورجاءاً بالتفصيل. وآمل أن يكون الدواء بدون أعراضٍ جانبية، ورخيص الثمن، كما أن العلاج السلوكي مستحيل كونه غالي الثمن وللسكان المحليين في الغالب. هل ما أعاني منه هو اضطراب شخصية يتزامن مع أمراض أخرى؟؟؟؟ لأن الوسواس لا أمل في شفائه.
أعتقد أنني بحاجة إلى دواءٍ قوي مضادٍ للذهان، وآخر قوي جداً للاكتئاب. ما هو مضاد الاكتئاب؟؟
الفافرين يقولون أنه جيد لكن غالي جداً هنا.. هل risperidone جيد؟؟
11/06/2010
رد المستشار
الأخ الكريم: أهلاً وسهلاً
لنرتب خطوات الحل: التشخيص أولاً مع فهم المشكلة بشكل شامل بحيث نضم كل هذه الأعراض والمشاكل ضمن خيط لاضطراب نفسي واحد، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة المعالجة مع تحديد نوعها وشكلها.
وهي ملخصة بأسئلتك الأخيرة لما كتبت مع التعديل:
((السؤال الأول: الرجاء إخباري ما هي مشكلتي؟ هل ما أعاني منه هو اضطراب شخصية يتزامن مع أمراض أخرى؟؟؟؟))
جواب السؤال الأول: الشق التشخيصي لفهم المشكلة
ذكرت مجموعة من التشاخيص لحالتك مما يدل على عدم فهمك لمشكلتك بدقة وهي حسب ما ذكرت:
الوسواس القهري - فرط الحركة وضعف التركيز - الذهان أو الفصام غير المنتظم إلى جانب القلق والاكتئاب أو الفصام البسيط وليس المبعثر (غير المنتظم) - القلق والاكتئاب - اضطراب الشخصية الحدية borderline personality disorder - اضطراب الشخصية الشبيهة بالفصامي أو الفصامانية schizotypal personality disorder - اضطراب الشخصية المختلطة mixed personality disorder - المزاج الدوري - التخلف العقلي البسيط.
أقول وببساطة وعلى الأرجح (ولكن ليس بدقة بسبب ظروف الاستشارة الإلكترونية وصعوبة التشخيص الدقيق عبر الرسائل) أنك تعاني من سمات الشخصية الحدية، التي تكون مميزة بالسلوك الاندفاعي (تتصرف قبل أن تفكر)، وكذلك سرعة تبدل المزاج ، وصعوبة في علاقاتها مع من حولها، وينتج عن هذه الشخصية المرهقة لصاحبها ولمن حوله كل التأثيرات السلبية المزعجة كالكآبة والقلق والتفكير بالموت، وقد تنتاب هذه الشخصية فترات ذهانية كالسلوك الغريب أو التفكير الغريب أو الإحساسات الغريبة.
ومن المفضل بعد جلسة التقييم عبر المقابلة مع الطبيب، عمل اختبار الشخصية المتعدد الأوجه مانيسوتا MMPI .
ثم....
((السؤال الثاني: ما هو الدواء المناسب لمثل حالتي وبالتفصيل، وآمل أن يكون الدواء بدون أعراض جانبية، ورخيص الثمن كما أن العلاج السلوكي مستحيل كونه غالي الثمن وللسكان المحليين في الغالب - أعتقد أنني بحاجة إلى دواءٍ قوي مضادٍ للذهان، وآخر قوي جداً للاكتئاب؟؟ ما هو مضاد الاكتئاب؟؟ الفارفين يقولون أنه جيد لكن غالي جداً هنا.. هل risperidone جيد؟؟)).
جواب السؤال الثاني: الشق العلاجي:
علاج اضطراب الشخصية الحدية سلوكي بشكل أساسي بجلسات مطوّلة على الأقل سنة.
ومن أهم المبادئ العلاجية السلوكية التي يجب أن تتدرب عليها هي:
مهارات حل المشكلة problem solving techniques
مهارات التعامل مع الضغوط Stress Management
ولذلك إن لم يكن العلاج السلوكي متوفر فابحث عن هذه العناوين في النت أو الكتب
بالنسبة للعلاج الدوائي لحالتك فيفضل الجمع بين مجموعة من الأدوية:
كمنظم للمزاج كاللاموتريجين أو الكاربامازبين، مع مضاد للذهان كالكواياتبين أو الريسبردون، مع مضاد للاكتئاب كالفلوفوكسامين أو الفافيرين، ولكن هذا لا يتم أبداً عبر النت.
واقرأ:
الشخصية الحدية نتيجة عادية!
أشعر أن شيئا يأكل دماغيأتركك في أمان الله وحفظه.