القلق يدمرني
أولا أود أن أشكركم على هذا الموقع الذي أداوم على الاطلاع عليه وتعلمت منه الكثير، أنا فتاة نشأت في أسرة سعيدة والحمد لله ومتزنة لدي 3 أخوان و 4 أخوات وأنا الوسطى أحب أسرتي جدا فلقد تشربنا هذا الحب منذ الصغر، وهذه هي مشكلتي، أنني أحب أسرتي جدا لدرجة التعب. منذ صغري وأنا أخاف جدا من كل شيء وأذكر جيدا حالة الأرق والخوف التي كانت تنتابني وقت النوم... حين يغلق والديّ باب غرفتهما.
المشكلة يا سيدي أنني مازلت أخاف جدا، صحيح أن شكل الخوف تغير لكنني أخاف لدرجة تنغص علي متعة حياتي، خوفي الأكبر أن يموت أحد أفراد أسرتي، أو أن يصيب أحدهم مرض خبيث، أو أن يموت أحدهم لأي سبب من الأسباب، أقلق عليهم جدا جدا على أتفه الأمور، وهذه المشكلة تفاقمت عندي بعدما تعرض والدي لجلطه دماغية، وبعدها أصيب بعدة أمراض.
لكن المرة الأولى التي سقط فيها والدي أثرت على حياتي وهذا حدث منذ 6 سنوات تقريبا، فلقد فجعنا بصراخ أمي أثناء نومنا، بعد هذه الحادثة وإلى الآن وأنا عاجزة تماما عن النوم بعمق إلا نادرا وما زلت أسمع صوت صراخ أمي.
أصبحت أنام وأنا واعية لما يحدث حولي لدرجة أنه إذا وقف أحد عند باب الغرفة دون حراك أفتح عيني وأضغط على أسناني بشدة أثناء النوم، القلق سيدمرني، أحيانا أقلق بدون سبب وتتسارع نبضات قلبي وأشعر بضيق، أتجمد خوفا وقلقا على أشياء بسيطة، وكلما تعلقت بشخص يظل تفكيري منصب أن أفقده وأرتعش خوفا.
الآن أنا مخطوبة وأصبح خطيبي جزء من هوسي وقلقي، أنا مؤمنه بالله وأعرف تماما أن كل شيء مقدر ومكتوب وأحمد الله كثيرا على النعم التي لا تحصى، لكن القلق يكاد يقتلني كل حين.
لا أعلم إذا مد الله في عمري ورزقني بأطفال ماذا سأفعل؟ أيضا أخاف كثيرا من الحريق وأتخيل أنني أسمع صوت انفجار أنبوبة الغاز في منزلي، ومؤخرا أصبحت أتوتر جدا حينما يرن جرس هاتفي ويكون المتصل أحد أفراد أسرتي.
أتمنى أن يتم الرد علي
وجزاكم الله كل خير عني وعن كل من استفاد من هذا الموقع
20/03/2012
رد المستشار
الابنة الفاضلة؛
الحب الأسري، العاطفة، الأرق، الخوف، النوم الخفيف، تسارع دقات القلب، القلق على الأشياء البسيطة وأحيانًا التافهة، التعلق بالأشخاص وحبهم والخوف عليهم، الرعشة، ماذا سأفعل بأطفالي في المستقبل إن شاء الله، الخوف على النفس، هذا هو القلق الذي ينساب إلى مشاعرنا ويفجر في قلوبنا الحب والعطف والحنان والرقة والعذوبة والإحسان إلى الخلق بل حتى على الحيوان والطائر والنبات والجماد، هذا هو القلق الذي يجعلنا نحب الحب، هذا هو القلق الذي يجعل مشاعرنا ومطالبنا وآمالنا متناقضة.
نتمنى الزواج لكي نشعر بالمحبة والألفة والمودة والرحمة ونتزوج ثم تفيض الدموع ويخاف القلب من أن نفقد من نحب بالسفر أو المرض أو الموت. تذوب قلوبنا شوقًا ولهفة لأن يرزقنا الله البنين والبنات ثم يعتصر القلق قلوبنا خوفًا عليهم من الشرفات العالية ومن السيارات في الشوارع ومن قسوة المدرسين عليهم في المدارس ومن المرض ومن أصدقاء السوء، أو من أن يتوهوا في الدنيا ونفقدهم، نشتاق إلى الحدائق والمتنزهات والأراضي الخضراء الممتدة وإلى القرى الحالمة وإلى البحر الواسع وعند العودة يقطع الحنين إلى تلك الأماكن قلوبنا بل ونقلق هل نعود مرة أخرى أم لا.
وبدلا من الاستمتاع بتلك اللحظات الجميلة ينكد القلق علينا تلك المتعة خوفًا من فقدها أو خوفًا على أحبابنا منها (اقعد يا ولد، تعالى هنا يا بنت، خلي بالك من الموج، الأشجار عالية، السيارات مسرعة)، وإذا كان الناس يقولون أن التوتر والقلق أصبح جزءًا من حياتنا وأن أغلب الناس تآلفوا مع التوتر حتى أضحى خارج نطاق وعيهم ونسوا أن التوتر والقلق يتراكم في النفوس ويؤدي إلى أعراض وأحيانًا أمراض جسيمة مؤذية وضارة، فمن منا لا يشعر بتأثير القلق مثل الصداع وآلام الظهر بل وربما ارتفاع الضغط واضطرابات المعدة والقولون.
إننا نشعر بالقلق الهائل المبهم الغامض فننزعج عند مقابلة الآخرين وتتبدل عواطفنا ومزاجنا بالضجر والضيق والانفعال. فإذا وصل القلق إلى هذه الدرجة وأصابنا بالخوف والانشغال والتوتر والعصبية وسرعة الانفعال وصعوبة التركيز والنسيان والسرحان والارتباك والصداع والأرق والأحلام المزعجة والتعب من أقل مجهود والإحساس بالإرهاق وكما قلت أنت نفسك (القلق يكاد يقتلني – القلق سيدمرني – أتجمد قلقًا وخوفًا – أنا عاجزة تمامًا عن النوم – أنا أخاف جدًا) هنا لابد من عرض نفسك على طبيبك النفساني الذي سوف يكتب لك دواءًا ليس بمخدر أو مهدئ ولا يسبب التعود أو الإدمان ولكن سيمنحك فرصة لالتقاط الأنفاس والتفكير والهدوء والنوم، وسوف يعلمك أنه لابد من التخلص من هذا القلق بأن تدربي نفسك على مواجهة الشدائد وتقليل انفعالاتك وردود أفعالك.
دربي نفسك على الاسترخاء وداومي على تدريبات التنفس.
ناقشي مخاوفك غير الواقعية مع نفسك ثم مع طبيبك ثم مع أحبابك المقربين.
لا تقومي بأعمال متعددة في آن واحد، لا تقومي بانجاز أعمالك بأوقات محددة مفروضة، لا تكوني أبدًا أول من ينزل من على الرصيف وأول من يركب الأتوبيس وأول من يدفع فاتورة البقال وأول واحد يذهب إلى الكلية أو العمل.
لا تكوني مثل هذا المندفع الأهوج الذي يكون جاهزًا لتفجير غضبه، تخلصي من الأفكار الباعثة على التوتر دقيقة مثلاً ثم اجعليها دقيقتين ثم ثلاث ثم نصف ساعة ثم ساعة وهكذا.
تخلصي من آفة السرعة في عملك أو شراء حوائج بيتك وفي كل شيء.
لا تجبري نفسك على القيام بأعمال محددة، لا تراقبي عقارب الساعة ولا مرور الوقت وتمتعي بأوقاتك، لا تحاولي أن تكوني الزوجة المثالية أو الموظفة المثالية أو الجارة المثالية أبدًا لأنك إن كنت حقًا مثالية لن تحصلي على التقدير الكامل مهما كنت مثالية، ولذلك لا تكوني مثالية أبدًا على حساب راحتك النفسية حتى لا يصيبك الإحباط...
أجلي انفجارات غضبك دقائق ثم ساعات.. تجنبي الكسل وداومي على النشاط.. احترمي نفسك وذاتك في كل الأوقات فالتوتر هو في واقع الحال صورة من رفضك لنفسك وذاتك.
أما بخصوص قولك (أخاف كثيرا من الحريق وأتخيل أنني اسمع صوت انفجار البوتاجاز في منزلي) وحيرتك ماذا سوف تفعلين بأطفالك. فهذه الأسئلة وغيرها تنم عن أفكار وسواسية، يمكنك قراءة موضوع عالج نفسك بنفسك على الموقع أو موضوع علاج الأفكار الوسواسية، وسوف يساعدك العلاج الذي سوف يكتبه لك طبيبك لعلاج القلق في علاج هذه الوساوس.
ويتبع >>>>> : آه من حواء م
التعليق: أنت محق تماما يا دكتور ..كلامك مؤثر جدا وحقيقي..
أرجو من الله العلي القدير أن يمن علي بالسكينة والطمأنينة ..
أشكر لك روعة أسلوبك ...