اكتئاب ووساوس دينية
السلام عليكم أسرة الأطباء الكرام، أعاني من موجات اكتئابية تستمر كل موجة بين 3 إلى 10 أيام أشعر حينها بالضيق وعدم الرغبة بفعل أي شيء، حتى لو حدث شيء ما يسعدني فيكون ذلك شعور مؤقت، سرعان ما أعود للكآبة من جديد فأكتفي بالترقب والانتظار حتى تزول الحالة بحكم العادة.
أثناء الموجة شهيتي للطعام تكاد تكون معدومة وساعات النوم لا تتجاوز 5 ساعات يوميا، أفضل العزلة والتفكير والتأمل وربما بعض القراءة، وأشعر بالغربة القصة قديمة لكن ما استجد فيها هي الوساوس الدينية التي تراودني، متعلقة بالعقيدة والعدالة الإلهية وبجدوى العبادات وبعض التناقضات و..... و... إلخ بالمحصلة تنجح في تشويشي وإبعادي عن صلاتي على الأقل وهو أمر يخيفني ويشعرني بالذنب، وهي بالمناسبة تتمنطق ولا تبدو أنها قهرية وتمتد لما بعد موجة الاكتئاب.
أنا من سوريا وحاليا في الخليج وربما ما يحدث في سوريا وما تتعرض له الثورة من صعوبات زاد الأمر سوء فأنا في حالة ترقب دائم وخوف على مَن تبقى من أصدقائي وأقاربي هناك وفي حالة تفكير وتأمل في أحوال الدنيا والبشر.
طفولتي باختصار ليست جيدة؛ أب غائب بدواعي السفر والعمل ومشاكل أسرية وتحرشات جنسية عديدة، ربما ظهر الاكتئاب في البداية لسبب عضوي ثم استمر مع غياب المسببات وأخذ اشكالا أخرى (فرضية قد تكون خاطئة)، حيث كان عمري 10 سنوات حين ظهرت أعراض حمى البحر المتوسط (وهو مرض وراثي) هجمات بشكل دوري كل 15 يوم؛ حمى وآلام والتهابات حادة في الأغشية المحيطة بالرئة والقلب تستمر لمدة 3 أيام، كنت أحبط وأقلق وأتمنى الموت عند بدء الهجمة أو توقعها خاصة مع عدم وجود تشخيص وحل لها (ومع أنه وراثي إلا أنني أول حالة في العائلة كلها لهذا بدأ الأمر غريبا)، استمرت الأعراض 10 سنوات قبل أن يتم تشخيص المرض بشكل صحيح..
قبل معرفة المرض ذهبت لطبيب نفسي بدواعي أنه من الممكن أن يكون الألم ذات منشأ نفسي ووصف لي أدوية للقلق والتوتر أذكر منها denaxit ، كان ذلك في السنة الأولى من الجامعة ولم تنفع بشيء سوى أنني صرت أنام وأنام وأنام، وأرسب في امتحانات سنة الأولى (يرجى عدم ذكر الفقرة السابقة الخاصة بحمى البحر المتوسط) بدء من السنة الثانية في الجامعة بدأ الاكتئاب يزداد حدة وتأثيرا على تحصيلي العلمي.
بدأ تفكيري يتغير اتجاه نفسي واتجاه العالم كله صرت أفكر بالخير والشر والمظلومين والفقراء والأديان والتخاذل (كل القضايا التعيسة التي لا حل لها) حاولت استبصار المشكلة لكني لم أصل لسبب مقنع، سوى أن العقلاء هم المجانين والمجانين هم العقلاء وأني أنا الصح رغم تعاستي وباقي العالم يصطفل.
أدركت حاجتي للطبيب النفسي فزرت عيادة أحد الأطباء ووصف لي أدوية للقلق النفسي أيضا لكن دون أي تحسن، بعدها بحوالي 6 شهور زرت طبيب آخر (بكامل التحفظ والتناحة وكأن الموضوع تحدي بيني وبين الطبيب) تم تشخيص الحالة بأنها اكتئاب وقلق، نجح الأمر مع عقار زولوفت ثم سيروكسات وتحسنت بشكل كبير جدا (صرت سوبر مانة في الجامعة وارتفع معدلي بشكل كبير) لكن بعد حوالي سنة من انتهاء العلاج (2010) انتكست الحالة وعدت أسوأ مما كنت، وصرت أستسخف الاكتئاب والحالة كلها ولا أجد أي داع للعلاج وأحيانا أشعر بطاقة كبيرة مهما فعلت من نشاطات لا أستطيع صرفها.
الوضع صامد ومستمر حتى الآن حيث استجدت هذه الوساوس الدينية... إلخ (عودة للأعلى) ملاحظة على الهامش: أنا الآن في إحدى دول الخليج بعد أن التم شمل العائلة واستطعنا الخروج من سوريا والحمد لله، لكن لا أشعر بعائلتي ولا أستطيع الاستمرار بالجلوس معهم لفترات طويلة خاصة أبي وأمي، علاقتي بهم باردة جدا رغم إدراكي لضرورة التواصل معهم بل أشعر بالألم أحيانا لعدم قدرتي على كسر هذا الحاجز.
أما علاقتي بإخوتي جيدة، وبأصدقائي معدومة بسبب انقطاع الاتصالات مع سوريا أما أصدقائي في الإمارات أحترمهم لكن لا أعيرهم أي اهتمام رغم أني ضيعت الفكرة من الرسالة واستنتجت أن مغزاها الفضفضة، لكن هل الحالة تستحق فعلا زيارة طبيب مرة أخرى أم هنالك إرشادات يمكن اتباعها دون الحاجة لدخول عيادات الطب النفسي من جديد (لن أحتمل تجربة جديدة فاشلة) اعذروني على الفلسفة والإطالة.
16/05/2013
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
أعانك الله أختي وعافاك من كل هذا الهم والغم الذي تحملتيه وتتحملينه، إن كل هذه الخبرات السلبية التي مررت بها من المؤكد أنها أثرت على معارفك ومعتقداتك عن نفسك وعن الآخرين وعن الدنيا من حولك.
ما تحتاجينه بالتأكيد معالجة نفسية متعددة التداخلات كما يلي:
1- جلسات علاج معرفي سلوكي تحليلي مع معالج نفسي لتصحيح المعارف والسلوكيات السلبية
2- معالجة دوائية مساعدة، ومن المفيد دراسة إضافة الأدوية المنظمة للمزاج مع مضادات الاكتئاب
3- فحص عضوي شامل وخاصة للهرمونات والفيتامينات ومعادن الجسم والأملاح مع المحافظة على غذاء صحي وبرنامج رياضي يومي لفترة لا تقل عن نصف ساعة.
تابعينا بأخبارك
ويتبع >>>>>>: اكتئاب ووساوس دينية: سورية في الخليج م