الملاك الحزين والخوف من النبذ م1
قلبى على بنت مثل الملاك الحزين تاعبني
أثارت اهتمامي بنت من ذهب، لم أكن متخصصة في علاج متاعب الناس مثلكم أيها المبدعون ولكن هلا أعطيتم لي الفرصة في أن أشارك في مشكلات الملاك الحزين بقلب أم وليس بعقل المعالج النفسي.
في الحقيقة يا ابنتي أرى أن المشكلة الرئيسية التي ألتمسها من كلماتك هي أنك تفتقدين الحنان والرعاية العاطفية من قبل الأهل الذين أتوقع أن علاقتك بهم كانت عبارة عن أوامر وتعليمات فقط تتجاهل إلى الشكل العاطفي الحاني من حضن دافئ ووعظ بطريقة تتناسب مع عمرك الصغير فوجدت نفسك وحيدة في كل ما تفضلت بعرضه من متاعب ومشكلات، كما أنه يلفت نظري قولك أنك في كل صدمات عمرك كنت وحيدة فتراكم بداخلك الحادث تلو الآخر وبقيت أنت في انتظار الحضن والرعاية والتنفيس عما تعانين منه من قبل الأهل ولكن طال الانتظار ولم يتحقق ذلك وما أن إستمريت في الانتظار الا وتعقب الحادث حادث آخر وأنت ما زلت في انتظار من يشعر بك ويتحدث معك فلم تجدي أحد.
أما ماحدث لك عند قراءتك لخبر اغتصاب فتاة في الطريق العام تزامن الحادث مع مرحلتك العمرية وهي 16 عام تلك المرحلة ما نطلق عليها مرحلة بلوغ الفتيات وسن المراهقة وفيها تبدأ الفتيات في هذا العمر بمحاولة رسم صورة لفارس الأحلام وتبدأ في تلك المرحلة بالشعور بأنوثتها والتغير الجسدي الذي يحدث لها بمعنى آخر كأنها وردة تبدأ في النضج والتفتح ولكن حدثت لك صدمة غير متوقعة صورة مفزعة لرجل قذر خدش حياء فتاة وأهانها بطريقة مبتذلة مما أثار فزعك وكانت تلك الفترة متزامنة مع كثرة الضغوط والأقاويل من قبل الأهل في التخويف والترهيب من المجتمع والناس ويتضح ذلك في عبارتك التي تقولين فيها هنا أيقنت معنى خوف أهلي عليا وأنهم يعرفون عن الدنيا ما كنت أجهله للأسف الشديد يا ابنتي وكأن القدر والظروف والأهل والمجتمع قد تآمروا عليك.
وهذا بالظبط ما تشعرين به ويؤلمك وفي الحقيقة أرى أن ما يعذبك بالفعل أن بداخلك فتاة جميلة رقيقة مهذبة ترغب في أن تهب من داخل تلك الروح التي رسمتها بنفسك بقولك تحولت إلى نمرة شرسة هذه البنت الجميلة التي بداخلك ترغب وبشدة في ان تبدأ حياتها مثل كل الفتيات اللاتي في نفس عمرها ولكن ما يعذبها في داخلها يعرقل طريقها وهذا هو مصدر الألم الحقيقي الذي تعانين منه بالفعل لأنك تريدين البيت السعيد مع إنسان يحبك ويرعاك ولكن ثمة شيء ما يؤلمك ويؤرقك من داخلك هذا الشيء هو فقدانك للحب والاحتواء الحقيقي داخل أسرتك التي تمثل الأمان النفسي داخلك ولكن كثرة التخويف والترهيب جعلتك تتجنبين الحوار والحديث معهم في أمورك الشخصية مثل مضايقة تعرضت لها أو نبذ من قبل أحد وهذا جعلك تخفين كل مشاعرك الداخلية عنهم مما تسبب لك في الفزع النفسي الداخلي المكتوم الذي لم توضحي اي شيء منه باي طريقة حتى ولو كانت صرخة؛
وأقول لك لا يا بنتي لم تكوني نمرة شرسة في الحقيقة بل تصورت أنك كذلك ولكن هذه النمرة الشرسة لم يرها المحيطون بك بدليل أنك محبوبة من قبل الجميع وتقدم لك الكثيرون ولكن هذه النمرة هي من تواجه معدومي الضمير الأخلاق الذين تحدثت عنهم كما أظن أيضا غير ذلك بدليل نصحك للزميل المحترم الذي قلت له حافظ على بيتك ولا تقبل هذا على زوجتك أو بناتك أي أن تلك النمرة لم يكن لها وجود بالفعل ولكنك إنسانة محترمة لا تقبلين بالأوضاع الخاطئة وكل فتاة محترمة مثلك لا تقبل ذلك.
أيضا أود أيضا أن أوضح من كلماتك بأنك عازفة للناي وكنت تغنين في الحفلات المدرسية كما أنك كنت معدة ومقدمة للبرنامج الإذاعي المدرسي وهذا إن دل فهو يدل على أنك إنسانة مرهفة الحس جدا حاولت التنفيس عن مشاعرك الحزينة بعزفك لنغمات الناي الذي يعبر عن الوجدان بنغمات مليئة بالشجن والحزن كما أن غناءك الذي قلت عنه انه يحرك الوجدان دليل على اختيارك للأغاني المليئة بالطرب وهذا يخرج الصرخة المكتومة بداخلك التي خرجت في كلمات حلوة عذبة.
تحرك الوجدان، أما بعدك عن الناس في بداية الجامعة فهو عبارة عن مرحلة كنت تحتاجين فيها لالتقاط انفاسك بعد ما وصفت لك ما تشعرين ولكن لالتزامك وأدبك وجمالك وأخلاقك العالية هو ما جعل الكثيرين يتصارعون للتعرف عليك والرغبة في الارتباط بك ولكن الوقت بالنسبة لك لم يكن مناسبا وذلك لعدة أسباب منها ما عانيت منه ومنها تصديقك لكل كلام أهلك لك عن الدنيا والناس ومنها أنك كنت بحاجة لمزيد من الوقت كي تشفى جراحك وأوجاعك التي تعرضت لها مما جعل تخطي تلك المرحلة تزداد صعوبة عليك فقد كنت بحاجة لبعض الوقت لكي تنظري إلى الدنيا بعينيك أنت ولا تنظري لها بعيون المحيطين؛
لذلك يا حبيبتي الجميلة أدعوك لالتقاط أنفاسك واهدئي قليلا ثم انظري إلى الدنيا بعين ثاقبة لا تخفى على إنسانة جميلة مثقفة مثلك بعين الباحث الذي خاض الحياة العلمية بأن يتحرى الدقة في بحثه للحصول على أفضل النتائج لذا أيتها الجميلة الحزينة اسمحي لي أن أضم صوتي لصوت الدكتور الفاضل الذي تفضل بالرد على رسائلك حان الآن موعد النهوض مما أنت فيه بيديك وحدك يمكنك تخطي ذلك وسوف تأتي اللحظة المناسبة التي يضع الله أمامك من يقدر مشاعرك الرقيقة ويتفهم كيفية التعامل معها من الزاوية المضيئة التي تريح قلبك فأنت تحتاجين إلى قلب أم وحضن أب قبل أن تحتاجي إلى حضن زوج فإن وجدت هذا الإنسان الذي بإمكانه أن يكون لك كذلك الأم بحنانها والأب بعطفه ورعايته والزوج بحبه وحنانه وحسن معاملته فصدقيني يا ابنتي ستشفى جراحك .
وفي النهاية أوضح لك أن إصرارك على إرسال مشكلتك ومتابعتها من قبل المتخصصين في هذا الموقع الجميل أكبر دليل على روحك العالية في الرغبة في التخلص من مشكلتك وأراها قد تكون على مشارف الحل هذا وبالله التوفيق يا حبيبتي رسالة من أم شعرت أنها بحاجة لأن تعطيك جزءا من حنانها الذي أظنك تفتقدين إياه.
وفي النهاية أود أن أقرأ لك قريبا على مجانين تخلصت من مشكلتى يا أمي الحبيبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
6/2/2014
وصل من المشاركة :
حياتنا دائرة واسعة من الاختيارات
لوم الملاك الحزين للسادة موقع مجانين
رد المستشار
شكراً على مشاركتك الموقع بهذا الطرح الإنساني الاجتماعي.
ما يعجبني في هذه المشاركة هو معالجة الاستشارة من زاوية اجتماعية بحتة واستعمال النموذج الاجتماعي للصحة النفسية. هذا النموذج يبقى من أقوى النماذج في الصحة النفسية ولا يستطيع النموذج الطبي الاستغناء عنه في الممارسة المهنية.
أشكرك نيابة عن الموقع الذي يرحب بكل باحثة اجتماعية.
وفقك الله.
ويتبع >>>>>: الملاك الحزين والخوف من النبذ م2