الحــــج موسم عالمي يستفيد منه غير المسلمين**
العلماء يطالبون بإنتاج متطلبات الحجاج في الدول الإسلامية
الحج أعظم مؤتمر في العالم تنفرد به الأمة الإسلامية دون سائر الأمم. ويُعقد هذا المؤتمر بأمر من الله سبحانه وتعالى في زمن ومكان قد تم تحديدهما، وقد حدد القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم محاوره وآلياته التي تحقق الهدف منه وهي تحقيق وحدة المسلمين وتقاربهم وتصفية الخلاف بينهم وتنقية قلوبهم وتعارفهم وتعاونهم..؟ حيث قال تعالى ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) الحج:من الآية 28 .
معسكر إسلامي
ولكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة شافية هو لماذا لا يستفيد المسلمون من هذه الفريضة التي يجتمع لها أكثر من ثلاثة ملايين مسلم في كل عام في زمن ومكان واحد؟ ولماذا لا يتحقق الهدف من الحج ؟!!
0 يقبل الناس بصورة كبيرة على الحج ولكن– للأسف الشديد- لم يستفيدوا منه الاستفادة الكبرى، فالشيخ الغزالي رحمه الله قال في كيفية أن يشهد المسلمون منافع لهم في الحج" هي قيام نوع من التكامل لدي المسلمين فمثلاً مسلمو مصر ينتجون سلعة معينة يسوقون لها في الحج وكذلك مسلمو نيجيريا ويروجون لسلعتهم في الحج وهكذا باقي الدول الإسلامية وبذلك يحدث تكامل بين المسلمين لأنهم اعتمدوا على أنفسهم واستفادوا من الحج".
ورغم مرور السنين وإقبال الناس علي الحج بأعداد كبيرة لم ينتبهوا أفرادا ومؤسسات وحكومات إلى الهدف الأكبر منه وتم حصره في الطواف والسعي والوقوف بعرفة ولكن الأمر أكبر من ذلك كما يقول الدكتور طه حبيش الأستاذ بجامعة الأزهر" إن الحج أشبه بمعسكر كبير للتدريب على أمور محددة في مكان بعينه، محظور على غير المسلمين دخوله، يأتي إليه المسلمون دورياً لإذكاء روح وحرارة الدين في نفوسهم وتحقيق أمور عدة منها ما يتصل بالتربية الخلقية حيث يتعود المسلم على رفع درجة الالتزام بأمور من شأن المسلم أن يلتزم بها في جميع أوقاته وهي أمور يجمعها قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ} البقرة197
"فهو يقوي داخل المسلم نزعة ترك الجدال والفسوق وغير ذلك من الأخلاق التي لا يصح أن تكون في المسلم كما أن هذا المعسكر يقوي عقيدة المسلم من خلال الممارسات التي يقوم بها دون أن يعترض عليها، فهو يُقبل حجراً و يعلم تمام العلم أنه لا ينفع ولا يضر، ويرجم حجراً آخر و يعلم أنه لا يحس ويطوف بين جبلين، والمسلم يفعل كل هذا لأن الله أمر به فينفذ المسلم دون أن يسأل عن سبب أيٍ من هذه المناسك فما دام الله قد أمر فما علينا إلا الطاعة لأن الهدف هو التزود بالتقوى.
فائدة دنيوية
كما أن هناك فائدة دنيوية وهي التبادل التجاري كما يقول الدكتور حبيش" إن المسلمون قد تحرجوا في عصر المبعث من الاتجار في وقت الحج كما تحرجوا من أخذ المال مقابل الخدمة ولو تركهم الإسلام على تحرجهم لتوقفت حركة الاقتصاد واحتاج الحجيج إلى غير المسلمين لتدبير مصالحهم ففتح الله الباب أمام عباده ليكتسبوا من غير احتيال وليحصلوا على أرزاقهم يقول تعالى{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} البقرة 198.
تحقيق الوحدة
ويضيف الدكتور حبيش قائلا لماذا لا نستفيد من هذه الفريضة في تحقيق الوحدة الإسلامية؟!! ولو على أمور معينة تمهيداً لبقية الأمور فتكون للحج لجنة فتوى معينة ومحددة تشارك فيها دول العالم الإسلامي بحيث تتوحد فتواهم بخصوص أمور الحج ولا يحدث التضارب في الفتاوى الذي نشهده كل عام، ولماذا لا تكون هناك لجنة من مسلمي العالم تكون مسئولة عن تبصير الناس بأمور دينهم كما كان يفعل رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث وجدناه في منى وفي عرفات يعرف الناس ويبصرهم بجميع شئونهم الحياتية خاصة ما يتصل بحقوق الإنسان.
سوق اقتصادي
ويري الدكتور محمد عبد الحليم عمر رئيس مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن المسلمين جميعاً الآن يفتقدون الاستفادة الاقتصادية من الحج حيث يجب أن يكون هناك نوعاً من التكامل الاقتصادي يعود بالنفع على المسلمين في جميع أنحاء العالم، فإذا عرفنا أن من مستلزمات هذه الزيارة ما يحدث من بيع وشراء لأشياء محددة وطعام وشراب وغير ذلك مما يحتاج إليه أكثر من عشرة ملايين حاج ومعتمر على مدار العام، فيحتاج الحاج مثلاً إلى لحوم ودواجن وخضروات وفاكهة وغير ذلك وهي أمور لو شاركت الدول الإسلامية في توريدها للملكة العربية السعودية لحققت رواجاً اقتصادياً لهذه الدول وحققت التقارب المنشود بين المسلمين وتحققت الآية"لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ".
كما يحتاج الحاج إلى شراء ملابس إحرام وهدايا مثل المسابح وسجاد الصلاة والجلابيب وغطاء الرأس والحقائب وغير ذلك من هدايا متنوعة للأسف كلها تُصنع في بلاد غير إسلامية، كذلك وسائل النقل وأجهزة الاتصال فلو اقتصر إحضارها من دول إسلامية لتحقق قوله تعالى:" لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ".
0 فهل نرى يوماً يحقق فيه المسلمون من الحج المنفعة المتكاملة لهم سواء كانت منفعة دينية بتوحيدهم في المذاهب والاتحاد فيما بينهم وتوحيد فتواهم، وكذلك تحقيق الفائدة الاقتصادية بالنسبة للعالم الإسلامي ودوله حيث يعتبر الحج أكبر سوق تجاري في العالم كله ولكن المسلمين لا يستفيدون منه الاستفادة الحقيقية لأنهم يستعينون بدول غير إسلامية.
** نشر هذا المقال للمرة الأولى في 15 يناير سنة 2005 ... ورأينا إعادة نشره اليوم لما فيه من فائدة
واقرأ أيضًا :
معنى الحج!! / في يوم وقفة الحجيج / يوميات مجنون: في الحج 2040 / يوميات سحابة: أطرف المواقف في رحلة الحج.