((البدون))..
فضيحة العرب تمشي على قدم
نعم.. إنها والله لفضيحة عربية أعرابية تمشي على قدم، بل إنها لا تمشي، إنها تحبو، بل إنها والله أيضًا لا تحبو، فلقد أصابها الشلل، ثم الذبحة الصدرية، ثم السكتة الدماغية، ثم في النهاية صرَّح القواد (بضم القاف لا بفتحها.. ظن خيرًا لا تسلني عن خبر) في ربوع ((الشِّعاب)) العربية بموتها إكلينيكيًّا! ثم صمت الجميع في انتظار إعلان موتها على جميع خلق الله، الذين هم كالعادة في حالة دفاع عنَّا، بما أننا قد افتقدنا الأهلية ووجب علينا الحجر (بسكون الجيم لا بفتحها)!!
لقد قرأت القليل عن تلك المأساة قبل أن أنتقل للعمل في الكويت، تلك الدويلة العائمة على البترول، ثم حين انتقلت إليها، واقتربت أكثر وأكثر، وصاحبت وخرجت، وسمعت و((قرفت))، أيقنت أن كلمة ((مأساة)) لا تناسبها، بل هي بالأحرى ((فضيحة)).
فدولة الكويت(العربية المسلمة)التي تنفق على نصف الجيش الأمريكي، وربع سكان القارة الأرضية.. وتنفق على((البوفيهات)) المفتوحة ما يكفي لجعل شعب كالشعب الصومالي يشتكي التخمة.. لا تستطيع أن تحتوي حوالي (120.000)... ماذا أقول؟؟ مواطن؟ أم إنسان؟ أم ماذا بالله؟! أم أقول مثلهم:((بدون))؟!
إنها والله لكما قال الشاعر ((أحمد مطر))، شفاه الله وسربله بسربال العافية الوسيع:
خذوا آباركم عنِّي
خذوا النار التي متُّم بها
من شدة البرد!!
هل تريد أن تعلم من هو ((البدون)) أولاً سيدي؟
أنا أعرِّف لك ((البدون)) حسب القاموس الاصطلاحي الكويتي العربي السياسي ألاستهبالي الاستنطاعي:
[البدون هو أحد بني آدم (والبني آدم هو كما تعرفون كائن يشبه القرد، مع استقامة القامة، وبعض الاختلافات الطفيفة) يعيش في ربوع بلدنا العظيمة الكويت (التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى طفح ((الكوتة)]، ولكنه لا يُنسب إليها، ولا يُسمح له بالعمل في الأعمال العامَّة (إلا إذا احتجناه في عمل متدنٍ، ثم بعد ذلك نرميه رمية الكلاب!)، ولا يتعلم أولاده في المدارس الحكومية، ولا يمكن منحه رخصة قيادة سيارة يسعى بها على لقمة عيشه، وإذا كانت معه رخصة سابقة (من أين؟! الله أعلم) فحينئذٍ لا تُجدَّد، ولا يمكنه أن يغادر خارج البلاد (إلا إذا عمل فيها مسلمًا وأراد أن يحجَّ، فربما نعطيه وثيقة ليحجَّ، ثم عليه أن يرتد سريعًا خاسئًا وهو حسير)، وإذا مرض فعليه أن يضرب رأسه في الحائط، فلربما يرتاح! أما إذا تهوَّر وقرَّر العلاج، فعليه أن يتحمل المصاريف مثله مثل أي وافد، بل أشد، وإذا أراد أن يلد (نعني الأنثى بالطبع) فلن نمنح وليده شهادة ميلاد، وبالتالي فإذا مات لا يمكننا أن نخرج له شهادة وفاة، (الله يلعنه! كان لابد أن يموت في هذا الوقت؟! ألم يكن يستطيع أن ينتظر حتى نحلَّ تلك المشكلة؟! ونحن بصدد ذلك عمَّا قريب!!)، وإذا رضيت به أية كويتية وتزوجته فلا يظنن أن الليث يبتسم، بمعنى أن أولاده سيأخذون الجنسية (هع! يا خي بُعدك!!)، إلا في حالتين اثنتين لا ثالثة لهما:
الحالة الأولى: أن يذهب في ستين داهية (يعني يموت)!!
الحالة الثانية: أن يُخرب بيته (يعني يطلق)!!
في هاتين الحالتين السعيدتين فقط يمكن لأولاده الحصول على الجنسية!)) ا. هـ من القاموس!!
هل نعيب على دولة إسرائيل التي قامت على العنصرية ما تفعله بإخواننا، ونحن على دربهم سائرون حذو القذة بالقذة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأستصرخ رجالات الأمة وعلماءها.. هل هكذا كرَّم الله الإنسان؟! إلى متى نصرخ ونهتف في مشكلات ومواقف مصنوعة، تصنع وتدس علينا، ونتغاضى عن مشكلات حقيقية يعاني منها بعضنا وتنخر في جسد أمتنا المهزول؟!!
بل والله لأشد من ظلمهم وقع ظلمنا على إخواننا، كما قال الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهنَّد
أناشد علماء الأمة إن كانت فيهم بقية من حياة أن يسعوا في حلِّ تلك المشكلة، ومحو تلك الفضيحة، وأسأل الله ألا يكون سعيهم فيها كسعيهم في حل قضية فلسطين!
أستصرخ كلَّ مسلم علم أن لأخيه عليه حقًّا أن ينشر تلك القضية، وأن يتحدث عنها في كل منتدى يدخل إليه، وأن يساهم برأيه في حلها.
بالمناسبة: عرض لي خاطر ماذا إذا سأل أحد الأمريكان المنثورين في أرض الكويت أحد هؤلاء ((البدون)):
?What is your nationality-
ماذا سيجيبه؟!! هل سيقول:
!!I am without-
أظن أن تلك الإجابة ربما تكون مناسبة إذا كان يسأله: كيف تفضِّل قهوتك؟ فربما يفضِّل تناولها سادة بدون سكر! بالضبط كأوضاع أنظمة شعوبنا العرب [ج] ية (خطأ مطبعي)!!
*اقرأ أيضاً:
العدالة الاجتماعية بين منهجين: خيري وثوري / تأكيد الذات وأثره في نهضة الأمة4 / الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف.