هل تعرضت لموقف سألت فيه نفسك هذا السؤال؟
حين يبالغ بعض الناس في إعطاء الأولوية لإرضاء الآخرين على حساب أنفسهم ورغباتهم فيسعون لتنفيذ كل ما يُطلب منهم مهما كلفهم ذلك من مشقة ووقت، يصل الأمر بهم في وقت ما إلى حالة من عدم الرضا بل الغضب الشديد من أنفسهم أولاً لقبولهم لهذا الوضع، وكذلك من الآخرين الذين استطاعوا إحراجهم واستغلالهم لتحقيق ما يريدونه. وقتها يتمنون لو أنهم رفضوا الأمر برمته من البداية واستخدموا هذه الكلمة السحرية "لا!"
وعلى الرغم من أن هؤلاء الأشخاص يتحاملون على أنفسهم لينالوا رضا واحترام من حولهم إلا أن ذلك حتى لو تحقق في أول الأمر فسرعان ما يتبدد ليحل محله شعور بالشك وعدم الثقة في هذا الشخص الذي يوافق على كل شيء وأي شيء يطلب منه وبهذا يخسر مصداقيته والاحترام الذي سعى جاهداً للوصول إليه و يكون بذلك خاسراً على طول الخط.
ويرى علماء النفس أن هذا السلوك يبدأ في الطفولة، ففي العام الثاني أو الثالث من حياة الطفل يبدأ تدريجياً في الشعور بقدرته على الاختلاف مع والديه فيميل تلقائياً إلى معارضتهم ورفض ما يطلبونه منه. ومن ناحية أخرى يخالط الطفل شعور بالخوف خاصة حين يستخدم والداه أسلوب التهديد أو الابتزاز العاطفي فيشعر أنه قد يفقد حبهم وحمايتهم بسبب اعتراضه على أوامرهم ولا يجد أمامه سوى حلاً واحداً:
أن يجعل نفسه دائماً موضع رضا وقبول والديه ويصبح كائناً مطيعاً إلى الأبد!
ولو توقف الأمر عند طاعة الوالدين لكان سلوكاً محموداً لكن المشكلة تظهر حين يمارس المجتمع- متمثلاً في المدرس ثم المدير- نفس الدور مع هذا الشخص فيعتاد الرضوخ والاستسلام للآخرين خشية أن يغضبهم بتعبيره عن آرائه فيقف ذلك حائلاً دون انطلاقه في الحياة وظهور شخصيته وميوله الحقيقية.
ولمن يعاني من هذا السلوك يقدم علماء النفس عدة نصائح منها:
- تعلم أن تنصت لنفسك كما تنصت للآخرين حتى تحدد بدقة ما تحب وما تكره.
- حين يطلب أحد الناس شيئاً منك لا تسارع بالإجابة ولكن أعط نفسك وقتاً كافياً للتفكير واختيار ما يناسبك فتشعر بذلك أنك سيد الموقف ولست لعبة في يد من حولك.
- وتأكد أنك حين ترفض طلباً لأحد المحيطين بك فإن هذا لا يقلل من شأنه ولا يضر بعلاقتك به ولا يؤثر على رأيه فيك كشخص بأي حال من الأحوال، فالموقف سوف ينتهي ويُنسى بمرور الوقت.
والأمر يحتاج لمساعدة الآخرين الذين يجب أن يعينوا هذا الشخص على التأكد من دوافعه للموافقة على أي شيء وأن يوضحوا له الأمور بجوانبها المختلفة، وهكذا يصبحون هم مرآته وصوت إرادته الذي يصعب عليه في كثير من الأحيان أن يصغي إليه.
نقلاً من موقع www.psychologies.com
يتقدم موقع مجانين بالشكر والترحيب بالأخت الزميلة دكتور صيدلي: مروة الذؤيبي التي وعدتنا بترجمة الكثير عن المواقع النفسية الفرنسية والتي تمثل توجها غربيا مختلفا عن التوجه الأمريكي السائد، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها أو كما قال سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام.
واقرأ عن توكيد الذات من على استشارات مجانين:
فن العلاقات: وعي غائب، وفريضة ضائعة مشاركة/ مجتمعاتٌ ضد توكيد الذات/ كثرةُ البكاء أم نقص التوكيدية ؟/ فتور في المشاعر أم نقص في توكيد الذات؟