"... ضع شعبا في السلاسل، جردهم من ملابسهم، سـد أفواههم، لكنهم ما زالوا أحرارا. خذ منهم أعمالهم، وجوازات سفرهم، والموائد التي يأكلون عليها، والأسرة التي ينامون عليها، لكنهم ما زالوا أغنياء. إن الشعب يفتقر ويـستعبد عندما يـسلب اللسان الذي تركه له الأجداد; يضيع إذا للأبد". من قصيدة لغة وحوار, للشاعر الصقلي إجنازيو بوتيتا
صباح السبت 16/4/2005 في طريقي إلى بيت الدكتور محمد عبد الله والد ابن عبد الله حاملا معي استشارات من بين استشارات مجانين ليرد عليها، بينما نحن جلوس في محل عملنا بمستشفيات جامعة الزقازيق، عرض علينا أبو أحمد جريدة تصدر في القاهرة تهتمُّ بأخبار الشباب، وأسرة تحريرها كلها من الشباب الذين يعرفهم كان يسألني وأحمد عن رأينا وأنهم يطلبون منا بعض كتاباتنا، المهم أنني وجدت خطأ إملائيا في عنوان على الصفحة الأولى، وخطأ قرآنيا في نعي أو عزاء في صفحة داخلية، وكثيرا من الهمزات المعكوسة من أمثال "الأسلامية" وغير ذلك كثير أكثر ما آلمني كان سطرهم "واقراء"....... كذا كذا... هذا الخطأ الإملائي الذي كنت أظنه خاصا بأناس أحبهم وأعرف حجم إخلاصهم لكن لهم عذرهم الذي أعرفه وأخفيه، المهم أنني تألمت كثيرا!
ما الذي ألم بمستوانا في لغة القرآن يا أهل مصر؟؟؟
إنني أستطيع بعد أعوامٍ ثلاثة من التعامل أن أقول أسوأ أجيال شبابنا العرب في إحسانهم اللغة العربية المكتوبة على لوحة مفاتيح الكومبيوتر، هم شباب المصريين طبعا باستثناء المتميزين من العاملين بالصحافة والإعلام منهم، وعن الأخطاء التي تصلنا ضمن الاستشارات ونصوص المشاركات التي يستقبلها الموقع على مدار أربعة وعشرين ساعة، عن الأخطاء حدث ولا حرج إما همزات مهملة أو معكوسة أو ألف لينة تستبدل بها الياءات في آخر حرف كحرف في فيكتبونه "فى" أو تاءات تكتب هاءات أو أو..... أخطاء إملائية لا حصر لها...! ولأحسن الظن أقول بعضها أخطاء في استخدام لوحة المفاتيح فهناك مثلا من لا يعرف كيف تكتب الألف "أ" بهمزة أعلاها أو كيف تكتب "إ" بهمزةٍ أدناها أو كيف تكتب "الإ"، ولكن من يريد أن يعرف سيعرف ما دام مهتما والمشكلة الأفدح هي أن كثيرين لا يهتمون، "فالجيل الكافر علمنا ألا شيء يهم!" كما قال شاعر مصري لا أذكر اسمه.
إذن فإن كثيرا من الشباب المصريين يكتبون لنا بالإنجليزية لأنهم ببساطة لا يكتبون على الكومبيوتر بالعربية مع أنه يعيشون بيننا هنا، أتدرون لماذا؟ لأنهم يجدونه أكثر استخداما في محادثاتهم مع كل من يتحادثون معهم على الإنترنت، ونجد أنفسنا في مجانين مضطرين للترجمة إلى العربية، يستسهلون إذن، ولا يضيرنا أن يبحث الشباب عن الأيسر، لكن أن يكونَ الأيسر هو أن تجهل لغتك فهذا ما لا أرضاه ولا يرضاه إنسانٌ يحترم نفسه.
من سوريا تأتينا غالبا لغة عربية سليمة، وتليها السعودية وإن كانت أقل من السوريين، ولا أجد مع الأسف قطرا عربيا آخر يستحق أن يقارن بنصوص إخوتنا في سوريا وعلى اختلاف خلفياتهم الدراسية، أليس في ذلك ما يؤلم؟ ورغم أن العربية السعودية حفظها الله صاحبة فضل على كثيرين في إحياء العلوم الدينية في العقود الأخيرة ورغم أن تعليم العربية التي تعلمتها هناك في صغري جدير بإخراج أجيال بلسان عربي مبين إلا أنني ألحظ عدم اهتمام من كثيرين من إخواننا الذين يكتبون لنا من هناك بإحسان الكتابة بالعربية، وكم يؤلمني ذلك، أما عن بقية أقطارنا المحروسة فحدث ولا حرج.
في مؤسسة إسلام أون لاين قسم يسمى قسم التصحيح اللغوي وليس لدينا في مجانين قدرة على إنشاء مثل ذلك القسم مع الأسف خاصة وأن إيجاد متمكن من اللغة العربية "السليمة" ومن مهارة الكومبيوتر والإنترنت أمرٌ ليس سهلا حتى الآن بل إن من قابلتهم ممن يعملون مصححين لغويين في بعض الجرائد قالوا أنهم اعتادوا التصحيح على الورق وليس على الكومبيوتر أي أننا سنحتاج إلى طبع المادة ثم تصحيحها ثم إعادة التصحيح على الكومبيوتر، أليس من الأفضل والأصلح أن يتعلم الناس لغتهم؟
اقرأ أيضاً:
يوميات مجانين: الاستماع لسورة طـه / الفأر ... والفقر ... وأنا.... ومجانين